الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / مخالفة النظام العام / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 23 / التحكيم ولا تتدخل محكمة البطلان في هذا الخصوص إذا أهمل الحكم قاعدة جوهرية تتعلق بالنظام يكون مخالفا للنظام العام وهو ما يبرر القضاء ببطلانه

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 23
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    534

التفاصيل طباعة نسخ

إن مجرد الإتفاق على التحكيم يعني رغبة اطرافه في البعد عن قضاء الدولة وتحقيق عدالة تحكيمية مرنة، باعتبار أن هذا الأمر أكثر ملاءمة لمصالحهم وبالنظر الى هذه الخصوصية المرتبطة بالتحكيم وهو نظام قانوني مستقل عن القضاء، لا يتفرع عنه، وليس استثناء منه - فإن المشرع لم يعامل حكم التحكيم المعاملة التي يعامل بها الحكم القضائي، لأن الحكم الذي يصدره المحكم هو حكم تحكيمي خالص له خصائصه الذاتية، وإن اشتبه بالحكم القضائي، فهما غير متساويين. ولئن كان حكم التحكيم لا يتمتع بكافة الخصائص الذاتية لحكم القضاء ولا يصدر من محاكم الدولة ولا بإسمها، فإن المشرع يمنحه الحجية مباشرة وبمجرد صدوره ويجعله حجة على الخصوم مفترضاً صحة ما انتهى اليه من قبول أو رفض المادة 55 من قانون التحكيم). وتستند هذه الحجية في الأساس إلى إرادة الأطراف ذلك أن مجرد اتفاق هؤلاء على التحكيم يعني صراحة منحهم هيئة التحكيم ولاية نظر نزاعهم وسلطة إصدار حكم تحكيمي ملزم لهم. لا تعتبر دعوى البطلان امتداداً للخصومة التي كانت مطروحة أمام التحكيم، كما أنها لاتهدف إلى تقويم المعوج من أحكام التحكيم وابرام الصحيح منها. إن تفسير العقود واعطاء الوصف القانوني لآثارها وبيان نص القانون الذي يحكمها، من داخل النظام القانوني واجب التطبيق، هو من سلطة المحكم بحسب مفهوم نظام التحكيم ذاته، وخطأ حكم التحكيم في كل هذه الأمور لا يمثل بحال انتهاكاً للقانون المختار، ولا يمكن أن يشكل في ذاته، استبعاداً له، بل يظل مجرد خطأ في تطبيق القانون، لا سلطة لمحكمة البطلان في التعقيب عليه. قد يصير حكم التحكيم عرضة للبطلان، وذلك إذا تبين بصورة صارخة ملموسة أن الحكم قائم على أسباب غامضة مبهمة ليس لها أي أصل في الأوراق أو كانت أسبابه عبثية لا تستبين معالمها، أو يتضح بجلاء أن الأسباب المبني عليها الحكم تنبئ عن جهل فاضح بالقانون واجب التطبيق، وتكون هذه الأسباب قد أثرت في الحل الوارد في المنطوق. يمكن قبول دعوى البطلان بسبب خطأ المحكم في تطبيق القانون (الواجب تطبيقه) إلى درجة مسخه. والمسخ يعني في أحد وجوهه تجريد القاعدة القانونية الواضحة الدلالة والمستعصية على الجدل والتي لا مهرب منها من مضمونها وإفراغها من محتواها بإعمال ما يناقضها أو التحلل منها ومحو كل تأثير لها أو طمسها وتجريدها من كل قيمة. إذا اقتضى الفصل في موضوع النزاع المطروح على التحكيم ضرورة التعرض لتطبيق قاعدة قانونية تتعلق بالنظام العام، فليس معنى ذلك أن ينقض المُحكّم يده كلية ويفرض تلك القاعدة قسراً، وكأنها أمر محتوم، بل عليه تحديد ما يدخل في نطاق تطبيقها وما يخرج عن هذا النطاق.من المقرر إنه ولئن كان لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على استبعاد نظرية الحوادث الاستثنائية، فإن مسألة توافر شرائطها والقول بتحققها أو عدم تحققها يخضع لتقدير هيئة التحكيم من سلطة قاضي الموضوع)، لا يستطيع قضاء البطلان أن ينازعها فيه لأن هذا التقدير يندرج في المجال الحيوي الذي كفله لها المشرع. إن الأخذ بدليل أو دفاع) معين ليس حقاً للأطراف يتحتم إجابتهم إليه في كل حال، بل هو أمر متروك لهيئة التحكيم، تجيبه أو ترفض إجابته، ولا تتدخل محكمة البطلان في هذا الخصوص، وإلا كان موقفها هذا افتئاتاً على ولاية هيئة التحكيم وصلاحياتها التي خولها لها القانون.على قاضي البطلان مراجعة الحكم في عناصر الواقع والقانون التي كانت معروضة على التحكيم بالقدر الذي يسمح له بتقدير توافر عيب إخلال الحكم بالقاعدة الجوهرية المتصلة بالنظام العام من عدمه، وإذا ما تثبت قاضي البطلان من أن الحكم أهمل هذه القاعدة وترك العمل بها أو جردها من كل قيمة رغم أهميتها في الحل النهائي للنزاع، هنا قد يكون الحكم مخالفاً النظام العام، وهو ما يبرر القضاء ببطلانه إعمالا لنص الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون التحكيم.(محكمة استئناف القاهرة، الدائرة السابعة التجارية، الدعوى رقم 48 لسنة 130 قضائية، تحكيم تجاري جلسة 2 يونيو (2014)(17) وحيث إن التحكيم، كوسيلة اتفاقية لحسم المنازعات، يملك خصوصياته التي من أبرزها أنه يستنكف من الخضوع للقضاء، ذلك أن مجرد الاتفاق على التحكيم يعني رغبة أطرافه في البعد عن قضاء الدولة وتحقيق عدالة تحكيمية مرئة، باعتبار أن هذا الأمر أكثر ملاءمة لمصالحهم. وبالنظر إلى هذه الخصوصية المرتبطة بالتحكيم - وهو نظام قانوني مستقل عن القضاء، لا يتفرع عنه، وليس استثناء منه فإن المشرع لم يعامل حكم التحكيم المعاملة التي يعامل بها الحكم القضائي، لأن الحكم الذي يصدره المحكم هو حكم تحكيمي خالص له خصائصه الذاتية، وإن اشتبه بالحكم القضائي، فهما غير متساويين.(18) هذا ولئن كان حكم التحكيم لا يتمتع بكافة الخصائص الذاتية لحكم القضاء ولا يصدر من محاكم الدولة ولا باسمها، فإن المشرع يمنحه الحجية مباشرة وبمجرد صدوره ويجعله حجة على الخصوم مفترضاً صحة ما انتهى إليه من قبول أو رفض (المادة 55 من قانون التحكيم). وتستند هذه الحجية في الأساس إلى إرادة الأطراف، ذلك أن مجرد اتفاق هؤلاء على التحكيم يعني صراحة منحهم هيئة التحكيم ولاية نظر نزاعهم وسلطة إصدار حكم تحكيمي ملزم لهم. هذا الحكم لا يصدر في دعوى أو قضية قضائية، بل في دعوى أو خصومة تحكيمية وعن هيئة تحكيم اختارها الأطراف من غير القضاة. وبالتالي فإن المشرع لا يعرف سوى طريق وحيدة للطعن في أحكام التحكيم هي دعوى البطلان، أو الطعن ببطلان حكم التحكيم بطريق الدعوى المبتدأة، وقد سن قانون التحكيم لهذه الدعوى نظاماً خاصاً مستقلاً ومتميزاً عن صور الطعن في أحكام القضاء. وحتى لا يهدر المشرع متطلبات التحكيم والغاية المقصودة منه، فقد قصر نطاق دعوى الإبطال على أسباب محدّدة. بحيث لا تقبل هذه الدعوى إلا استناداً الى هذه الأسباب أو اتصالاً بها. (19) قيود وضوابط ضيقة فرضها المشرع على دعوى الطعن في أحكام التحكيم بقصد كفالة الضمانات القانونية الأساسية الأطراف التحكيم، وبما يحول في الوقت نفسه دون تدخل القضاء في أعمال هيئة التحكيم ومزاحمتها في ممارسة ولايتها التحكيمية. وبالتالي لا تعتبر دعوى البطلان امتداداً للخصومة التي كانت مطروحة أمام التحكيم، كما أنها لا تهدف إلى تقويم المعوج من أحكام التحكيم وإبرام الصحيح منها حدود دعوى البطلان تنحصر فقط في المجال الهيكلي الجامع المحدد لها في قانون التحكيم، وبالتالي فلا يجوز لأي من الخصوم أن يبدي من الطلبات أو الدفوع أو أوجه دفاع ما يكون من شأنه توسيع هذا النطاق التشريعي، فهم لا يملكون في خصومة البطلان الحقوق والمزايا التي كانت مقررة لهم أمام التحكيم.(20) من أجل تفعيل التحكيم وكفالة احترام أحكامه، فإن نطاق دعوى بطلان حكم التحكيم يحول دون إعادة إثارة عناصر النزاع الذي فصل فيه المحكّم أو المساس بالحقوق والمراكز القانونية التي تناولها ولا تملك محكمة البطلان في إطار الحدود أو الدائرة التي رسمها لها المشرع - مراقبة مدى صحة تطبيق المحكّم للقانون بما في ذلك مخالفته أو تأويله أو تقويم ما قد يتردى فيه حكم التحكيم في هذا الشأن. كما لا تقبل الدعوى بالبطلان ادعاءات البطلان المؤسسة على خطأ حكم التحكيم في التقدير أو في وزن الأدلة أو بحجة الفساد في الاستدلال، أي في فهم الواقع وتقدير الأدلة والترجيح بينها واستنباط الحقيقة المتعلقة بالروابط القانونية المطروحة.(21) وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المادة رقم 1/53 بند (د) من قانون التحكيم تجيز التمسك بالبطلان في حالة استبعاد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع، فمن المتفق عليه أن هذه الحالة لا تتوافر إذا ما طبق المحكم ذلك القانون المتفق على تطبيقه ولكن شابت حكمه مخالفة لقواعده أو أخطأ في تطبيقها أو تأويلها. وعلى ذلك فإن تفسير العقود وإعطاء الوصف القانوني لآثارها وبيان نص القانون الذي يحكمها، من داخل النظام القانوني واجب التطبيق هو من سلطة المحكم بحسب مفهوم نظام التحكيم ذاته، وخطأ حكم التحكيم في كل هذه الأمور لا يمثل بحال انتهاكاً للقانون المختار، ولا يمكن أن يُشكل في ذانه استبعاداً له، بل يظل مجرد خطأ في تطبيق القانون،لا سلطة لمحكمة البطلان في التعقيب عليه. (22) وحيث إن الثابت من ظاهر حيثيات الحكم المطعون فيه أن هيئة التحكيم أنزلت أحكــام القانون المصري على وقائع الدعوى التحكيمية، ومن ثم تكون قد أعملت القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وأياً كان الحال، فإن مسألة صحة تطبيق المحكم أو عدم تطبيقه النص القانوني أياً كانت أهميته على مفترضات النزاع التحكيمي ولو تجاوزت هيئة التحكيم حدود ذلك النص، لا يحاج بها في دعوى البطلان، إذ لا يملك القضاء سلطة التعرض أو مناقشة حكم التحكيم في هذا الشأن.(23) في مجال دعوى البطلان ليس للقضاء أن يتدخل في عدالة المحكم أو حريته في الاقتناع، ولو أخطأ في ذلك، طالما كان استخلاصه للوقائع يستند بشكل ظاهر - إلى مصادر لها وجود فعلي، وكان حكمه مبنياً على أقيسة منطقية غير متناقضة، والمقصود بالتناقض المفسد لحكم التحكيم والمؤدي إلى إبطاله هو الذي تتماحى به أسباب الحكم أو أن تكون النتيجة التي انتهى إليها المحكم تعاكس ما ساقه في حكمه من مقدمات، كما قد يصير حكم التحكيم عرضة للبطلان، وذلك إذا تبين بصورة صارخة ملموسة أن الحكم قائم على أسباب غامضة مبهمة ليس لها أي أصل في الأوراق أو كانت أسبابه عبثية لا تستبان معالمها، أو يتضح بجلاء أن الأسباب المبني عليها الحكم تنبئ عن جهل فاضح بالقانون واجب التطبيق، وتكون هذه الأسباب قد أثرت في الحل الوارد في المنطوق.(24) في الحالات المتقدم ذكرها، لا نكون بصدد خطأ في تطبيق قاعدة قانونية أو مخالفتها، إنمانكون بصدد حالة عدم وجود قانون بالمرة، بحيث يصح رفع دعوى بطلان الحكم بسبب خروج المحكم عن حدود مهمته، أو بسبب عيب "المسخ"، وهو عيب يدخل في مفهوم البند (د) السالف الذكر، فيمكن قبول دعوى البطلان بسبب خطأ المحكم في تطبيق القانون الواجب تطبيقه إلى درجة مسخه. والمسخ يعني في أحد وجوهه تجريد القاعدة القانونية - الواضحة والمستعصية على الجدل والتي لا مهرب منها من مضمونها وإفراغها من محتواها بإعمال ما يناقضها أو التحلل منها ومحو كل تأثير لها أو طمسها وتجريدها من كل قيمة. الدلالة (25) وبقراءة الأسباب الواردة في الحكم المطعون فيه يبين أنها تكشف بوضوح عن الطريق الذي اتبعته هيئة التحكيم لتكوين رأيها، حسب مفترضات واقعية كانت محل نقاش من الأطراف، وقد جاءت صياغة الحكم دالة واضحة غير قابلة لأي لبس ومن غير تناقض أو مسخ أو غموض فالفهم الذي استخلصته هيئة التحكيم أياً كان ليس وهمياً، بل له وجود ظاهري واقعي ومسألة فهم الواقع واستنباط حقيقته هي مسألة لا تمتد إليها سلطة محكمة البطلان، لأن أخطاء حكم التحكيم المتعلقة بعيوب في التقدير بالنسبة للواقع المطروح وإن اختلط بالقانون - تخرج عن رقابة البطلان ففي كل خصومة تطرح على المحكم أو القاضي) لا يمكن تصور الواقع موضوع التداعي إلا مختلطاً بالقانون، فهما لا ينفصلان.(26) وإذا اقتضى الفصل في موضوع النزاع المطروح على التحكيم ضرورة التعرض لتطبيق قاعدة قانونية تتعلق بالنظام العام، فليس معنى ذلك أن ينفض المُحكّم يده كلية ويفرض تلك القاعدة قسراً وكأنها أمر محتوم ، بل عليه تحديد ما يدخل في نطاق تطبيقها وما يخرج عن هذا النطاق، فمن واجبه أن يتحقق من مدى مطابقة القاعدة القانونية (المثارة والمؤثرة فــــي الحل التحكيمي) للتكييف الذي أجراه على الواقع المطروح لينزل حكمها أو ليقرر أن تلك القاعدة حسب مضامينها ومداها منفكة عن جوانب ذلك الواقع. فتطبيق القاعدة القانونية - ولو كانت وثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة - لا بد من أن تسبقه بشكل مبدئي عملية تفسير لهذه القاعدة وفروض إعمالها، وأيضاً عملية تحصيل وتكييف لعناصر النزاع المعروض،بعبارات أخرى، فإن النص القانوني ليس له قيمة مجردة في ذاتها، ولا يتصور أن يعمل في فراغ أو يطبق نفسه بنفسه، إنما يتم تطبيقه وإنفاذه عن طريق المحكم أو القاضي، فإنطباق النص القانوني أو عدم انطباقه، هو بحث أولي واجب على المحكم أو القاضي أن يجريه في كل دعوى حسب عناصر الواقع الذي اقتنع به.(27) والبين من الحكم المطعون فيه، على نحو ما سلف من بيان ودون تجاوز ظاهر الأوراق إنه تصدى لنظرية الظروف الطارئة، كما أوردها القانون المدني المصري، وانتهى إلى عدم أحقية المحتكمة في المطالبة بتطبيق أحكام هذه النظرية على الحالة المعروضة وأفصح الحكم في أسبابه عن أن الصعوبات التي شابت تنفيذ التعاقد بحسب الدلائل المطروحة كانت في حسابات المتعاقدين وقت التعاقد، كما أن ارتفاع سعر توريد الغاز على نحو ما جاء في قرارات حكومية لا يرقى إلى مستوى الحوادث الطارئة التي تختل معها اقتصاديات عقدي النزاع اختلالاً جسيماً وأياً كان وجه الرأي في مدى صحة ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص، فإنه من المقرر أنه ولئن كان لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على استبعاد نظرية الحوادث الاستثنائية، فإن مسألة توافر شرائطها والقول بتحققيا أو عدم تحققها يخضع لتقدير هيئة التحكيم (من) سلطة قاضي الموضوع، لا يستطيع قضاء البطلان أن ينازعها فيه، لأن هذا التقدير يندرج في المجال الحيوي الذي كفله لها المشرع.(28) وباستعراض التعليلات الواردة في الحكم دون تعمق - تجد المحكمة أن هيئة التحكيم تصدت كذلك لمسألة مدى تطابق أو عدم تطابق الوقائع مع مفترضات التسعير الرسمي الذي قد يكون من مصالح الدولة الحيوية، وارتكنت في هذا الخصوص إلى فهمها للواقع حسب ما استنبطته من أدلة حقيقية كانت مطروحة في الدعوى التحكيمية، وانتهت - وفق قناعة عقلية - إلى نتيجة مؤداها أن فئات سعر توريد الغاز في عقدي التداعي بالنظر إلـــى طبيعة التعاقد والظروف الملابسة غير مخاطبة بأحكام القرارات الحكومية التي تتضمن قيوداً سعرية خاصة في مجال الطاقة على ما يظهر من حكم التحكيم فهي قرارات متميعة غير منضبطة وتفتقد إلى خاصية الوضوح، وإن هناك بنوداً عقدية وضوابط اتفاقية هي الحاكمة للسعر المتنازع فيه ، بوضوح أكد الحكم أن السعر الاتفاقي في العقدين محل النزاع يخرج عن نطاق تطبيق القرارات الحكومية المحددة لأسعار توريد الغاز، وذلك بمراعاة الطبيعة الذاتية للعلاقة العقدية المطروحة.

(29) في مجال الفصل في موضوع النزاع، فإن هيئة التحكيم دون غيرها هي التي تتصدى لاستخلاص وتقدير الدليل الذي تقيم عليه حكمها، وبحث مفترضات القاعدة القانونية واجبة التطبيق ومدى توافر شروط انطباق النص القانوني لتتولى إعمال آثاره مع الأخذ في الحسبان أن الأخذ بدليل (أو دفاع) معيَّن ليس حقاً للأطراف يتحتم إجابتهم إليه في كل حال، بل هو أمر متروك لهيئة التحكيم، تجيبه أو ترفض إجابته، ولا تتدخل محكمة البطلان في هذا الخصوص، وإلا كان موقفها هذا افتئاتاً على ولاية هيئة التحكيم وصلاحياتها التـ خولها لها القانون

(30) والذي تريد المحكمة إبرازه إنه ولتن كانت سلطة المحكّم تمتد (كالحال بالنسبة لقاضي الموضوع بحيث يمكنه النظر في المنازعات الخاضعة لأحكام القواعد الحمائية المتعلقة بالنظام العام واجبة التطبيق بصرف النظر عن إرادة المتعاقدين مع التزامه في الوقت ذاته احترامها وعدم خرقها، فإن دور قاضي البطلان فيما يتعلق بمراقبة مسألة مخالفة أحكام التحكيم قاعدة من قواعد النظام العام الحمائي (أو الموضوعي) ليس واحداً، وفي خصوص ما أثير في الدعوى الماثلة بشأن مخالفة حكم التحكيم لقواعد النظام العام يتعين التمييز بين فرضين. (31) الفرض الأول: إذا كان الحكم قد رفض إعمال آثار القاعدة ضرورة التطبيق لانتفاء متطلبات تطبيقها على عناصر الواقع والمراكز القانونية المطروحة، في هذه الحالة لا يكون الحكم قد ترك أو تخلى عن القاعدة المقيدة له، ولكنه لم ينزل حكمها بسبب أن الواقع المطروح لا يرتبط بها أو لا يتطابق ومفترضاتها، فعدم إعمال القاعدة هنا يندرج في نطاق تحصيل المحكم وفهمه للواقع، فهذا الواقع بعد طرحه أمام التحكيم لا بد من أن يختلط بالقانون، ومن ضمنه قواعده المتصلة بالنظام العام. في هذا الفرض يكون المحكم قد أخذ قاعدة النظام العام بعين الاعتبار، ومن ثم لا تتطرق رقابة البطلان إلى التعرض لصحة تطبيق المحكم لتلك القاعدة، كما لا تمتد هذه الرقابة إلى بحث في ما إذا كانت النتيجة التـي انتهى إليها المحكم في حكمه صحيحة أم لا.. (32) ومع ذلك، فقد يخضع حكم التحكيم في هذا الفرض (الأول) لرقابة المسخ وهو عيب يندرج تحت البند (د) من المادة 1/53 والخاصة بحالة استبعاد المُحكّم تطبيق القانون الموضوعي الذي اتفق الأطراف على تطبيقه بشأن موضوع النزاع هذه الرقابة كما أسلفنا- رقابة ظاهرية، لا تقتضي فحصاً أو تمحيصاً ، بحيث يتحقق سبب البطلان إذا تبين بمجرد قراءة حكم التحكيم وجود مخالفة ملموسة وصارخة لقاعدة النظام العام التي أخذها المُحكّم فـــي الاعتبار. هنا يكون المُحكّم قد تجاوز صلاحياته بشكل واضح وخرج عن التزامه تطبيق القانون المتفق عليه، وخالف في الوقت ذاته النظام العام.(33) الفرض الثاني، وهو الذي يستبعد أو يتجاهل فيه المحكم مضمون قاعدة النظام العام ويهدر الحماية التي تكفلها أو عندما لا يعتد المحكم عنتاً بالآثار التي ربها المشرع على تلك القاعدة. في هذا الفرض يكون على قاضي البطلان مراجعة الحكم في عناصر الواقــــع والقانون التي كانت معروضة على التحكيم بالقدر الذي يسمح له بتقدير توافر عيب إخلال الحكم بالقاعدة الجوهرية المتصلة بالنظام العام من عدمه، وإذا ما تثبت قاضي البطلان من أن الحكم أهمل هذه القاعدة وترك العمل بها أو جردها من كل قيمة رغم أهميتها في الحل النهائي للنزاع، هنا قد يكون الحكم مخالفاً النظام العام، وهو ما يبرر القضاء ببطلانه إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون التحكيم.) على كل حال، وبالنظر إلى كل ما تقدم، فإن حكم التحكيم محل الدعوى الراهنة لم يتضمن أي إنتهاك ملموس أو مخالفة صارخة لقاعدة قانونية جوهرية من القواعد المتعلقة بالنظام العام ، كما ثبت للمحكمة أن هيئة التحكيم طبقت فعلاً القانون المصري الذي يقع على عاتقها تطبيقه واحترامه بما في ذلك قواعده الموضوعية المتعلقة بالنظام العام دون أن تغفلها أو تجردها من قيمتها بأن رفضت تطبيقها وإنزال حكمها بعد أن بحثت في مدى توافر شروط تطبيقها بالنظر إلى الواقع المطروح وتكييفه في ضوء الأدلة المقدمة. لكل ما تقدم ونتيجة له يتعين رفض دعوى البطلان، وإلزام المدعية الطاعنة (الشركة المصرية للغازات الطبيعية "جاسكو" المصروفات القضائية.

                 لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها وألزمت الشركة المدعية

المصروفات ومئة جنية مقابل أتعاب المحاماة

رئيس الدائرة المستشار / إسماعيل الزيادي عضو يمين الدائرة المستشار / خالد القاضي عضو يسار الدائرة المستشار / عمرو ريان أمين سر الجلسة الأستاذ / رجب عبد المقصود

صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة الاثنين الموافق 2014/6/2