إن هناك فارقا كبيرا في الأسباب بين القانون الذي اتفق الطرفان علـى تطبيقـه علـى موضوع النزاع المنصوص عليها في المادة (4/1/49) من قانون التحكيم المتعلقة بمراعاة هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد موضوع النزاع. يشترط أن يستبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه أي لا تتوافر هذه الحالة إذا طبق الحكم هذا القانون ولكنه خالف قاعدة قانونية فيه أو أخطأ في إختيار القاعدة الصحيحة واجبة التطبيق فيه أو اختيار القاعدة القانونية واجبة التطبيق ولكنه أخطأ في تطبيقها أو في تأويلها .
ان عدم تطبيق هذه الشروط (شروط العقد) لا يعتبر استبعادا للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه ولا يؤدي ذلك إلى بطلان الحكم وفقا للمادة (4/1/49) من قانون التحكيم. شروط العقد لا تعني قانونا إتفاق الأطراف على تطبيقه أي قانون دولة معينـة أو نظامـاً قانونيا معينا وإنما قصد بها قواعد قانونية، خاصة معينة اتفق الأطراف علـى إخـضاع العقـد لحكمها إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة. ان المشرع لم ينص على أن مخالفة هيئة التحكيم لشروط العقد كحالة من حالات البطلان المنصوص عليها في المادة (1/1/49) من قانون التحكيم في حين نص على عدم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه من ضمن هذه الحالات ولو أراد المشرع اعتبار مخالفة شروط
العقد من ضمن هذه الحالات لصرح بذلك . ان الوكالة التي تحول الوكيل المثول في الدعوى التحكيمية تخوله الاتفاق على الشروط المرجعية والقواعد الإجرائية بإعتبارها من توابع تلك الدعوى ولا يحتاج الإنفـاق علـى هـذه الشروط والقواعد إلى توكيل خاص.
(محكمة التمييز بصفتها الحقوقية، رقم القضية 2020/3043، تاريخ 2020/9/2)
بعد التدقيق والمداولة نجد أن واقعة الطلب تتلخص أن الجهة المستدعية كانـت بتـاريخ 2007/8/7 قد طرحت العطاء المركزي رقم (2007/112) الخاص بتنفيذ جسر مدخل الكـرك بحيث تكون أعمال وأشغال العطاء هي إنشاء وصيانة جسر بطول تقريبي (177م) فوق وادي الثنية مع رفع مستوى الطريق القائم وتغيير مساره ليصبح أربعة مسارب منفصلة ولتصبح بطول (1850م) وعرض (3.6م) لكل مسرب بالإضافة لإنشاء ممرين سفليين لـربط جميـع الطـرق الفرعية القائمة بالطريق الجديد كما تشمل أعمال المشروع إنشاء عتـارات صندوقية وأنبوبيـة
وأرصفة أينما يلزم وجدران إستنادية بطول تقريبي (700م) وحمايات مجموع أطوالها (1314م) وقد شاركت المستدعى ضدها بتاريخ 2008/2/6 مناقصا فـي العطاء المذكور، ويتـاريخ 2008/4/9 صدر عن لجنة العطـاءات المركزيــة فـرارا بإحالـة العطـاء المركزي رقـم (2007/112) عليها بقيمة إجمالية تعادل (8.311,484) دينارا و(500) فلس. ولما نشب الخلاف بين الطرفين ولوجود شرط التحكيم لجأت المستدعى ضدها للتحكيم بحيث سمت محكما من طرفها وعندما تبلغته الجهة المستدعية سمت هي الأخرى محكما من طرفهـا وإتفق المحكمان على تعيين محكما ثالثاً رئيساً لهيئة التحكيم، وبعد تشكيل هيئة التحكيم وفق أحكام القانون باشرت بإجراءات التحكيم وفق ما ورد في محاضرها وبعد تداول اللوائح والمذكرات والبيئات والمرافعات أصدرت هيئة التحكيم حكمهـا المنهـي للخـصومة بتاريخ 2020/6/10
ويتضمن:
أولاً- إلزام المحتكم ضدها/ صاحب العمل وزارة الأشغال العامة والإسكان بدفع مبلـغ (1055990.308) دينارا فقط لا غير للمحتكمة/ المقاول/ شركة مروان الكردي وشركاه وذلـك قيمة التعويضات عن ارتفاع أسعار المحروقات. ثانيا - الزام المحتكم ضدها صاحب العمل وزارة الأشغال العامة والإسكان بدفع مبلـغ
(345463) دينارا فقط لا غير للمحتكمة/ المقاول/ شركة مروان الكردي وشركاه وذلـك قيمـة
الفائدة القانونية بواقع (9%) سنوياً على المبلغ (940036.308) ديناراً من تاريخ 2014/11/30
ولغاية 2018/12/31.
ثالثا- إلزام المحتكم ضدها/ صاحب العمل وزارة الأشغال العامة والإسكان بدفع الفائدة القانونية بواقع (9%) سنويا على المبلغ (940036,308) دينارا للمحتكمـة المقـاول/ شركة مروان الكردي وشركاه من تاريخ 2019/1/1 ولغاية تاريخ السداد التام. رابعا- إلزام المحتكم ضدها/ صاحب العمل وزارة الأشغال العامة والإسكان بدفع مبلـغ (26574) دينارا فقط لا غير للمحتكمة/ المقاول/ شركة مروان الكردي وشركاه وذلـك قيمـة الفوائد القانونية بواقع (9%) سنويا على تعويضات المحروقات المستحقة شهريا مـن تـاريخ إستحقاقها وحتى تاريخ 2018/12/31 وذلك قيمة الفوائد المترتبة على الأعمال الإضافية المنفذة بعد تاريخ 2014/12/1. خامساً- إلزام المحتكم ضدها/ صاحب العمل وزارة الأشغال والإسكان بسدفع للمحتكمـة المقاول/ شركة مروان الكردي وشركاه الفائدة القانونية بواقع (9%) سنويا على مبلغ (115954) دينارا من تاريخ 2019/1/1 وحتى تاريخ السداد التام، سادسا - إلزام المحتكم ضدها صاحب العمل وزارة الأشغال العامة والإسكان بدفع مبلـغ (36790) دينارا فقط للمحتكمة المقاول/ شركة مروان الكردي وشركاه وذلك كإسترداد لقيمـة أتعاب ومصاريف التحكيم المدفوعة من قبل المحتكمة. سابعاً - عدم الحكم لأي من الفريقين ببدل أتعاب المحاماة ناسنا - رد ما دون ذلك من طلبات للفريقين. لم تقبل المستدعية بحكم التحكيم المشار إلى منطوقه أعلاه فتقدمت بهذا الطلـب للأسباب الواردة فيه للمطالبة ببطلان هذا الحكم.
من حيث الشكل:
نجد أن حكم التحكيم صدر تاريخ 2020/6/10 وان المستدعي تقدم بطلب بطلان الحكـم بتاريخ 2020/7/9 ضمن المدة القانونية والمنصوص عليها في المادة (50) من قانون التحكيم رقم 31 لسنة 2001 وتعديلاته أي أن الطلب مقبول شكلا . تبلغ وكيل المستدعي ضدها لائحة الطلب بتاريخ 2020/7/14 وتقدم بلائحة جوابية بتاريخ
2020/8/11 ضمن المهلة القانونية.
ومن حيث الموضوع وردا على أسباب البطلان:
وعن السبب الأول الذي ينعى فيه المستدعي على هيئة التحكيم بمخالفة نص المادة (9) من قانون التحكيم والتي لا تجيز التحكيم إلا للشخص الذي يملك التصرف في حقوقه. وفي ذلك نجد أن قضاء هذه المحكمة قد جرى منذ صدور حكم الهيئـة العامـة رقـم (2015/2425) تاريخ 2016/1/26 على أن المال المتنازع عليه موضوع هذا الطلب ليس مـن الأموال العامة بالمعنى الذي يمنع الجهة المستدعية من التصرف فيه وإن المادة (9) من قـانون التحكيم رقم لسنة 2001 وتعديلاته لا تمنع التحكيم في هذه المسائل تبعا لذلك، وإن المـادة 163) من القانون المدني أجازت لأشخاص القانون العام التصرف بها وفقا للقواعد القانونية التي تحددها القوانين والأنظمة ومن ثم فإن التصرف بهذه الأموال وفق ما تم في حكم التحكيم يعتبـر صحيحا الأمر الذي يتعين معه رد هذا السبب.
وعن الأسباب الثاني والثالث والخامس التي تدور حول تخطئة هيئة التحكيم بمخالفة البندين 4 و6 من الفقرة (أ) من السادة (49) من قانون التحكيم عندما خالفت نص المادة (8/13/هـ) من عقد الفيديك والذي يعتبر قانونا خاصا بين طرفي العقد وإن حكم هيئة التحكيم تجاوز نص المادة (8/13/هـ) من عقد الفيديك ومن ثم عدم مراعاة شروط العقد موضوع النزاع ولـم تأخـذ الفصل في موضوع النزاع شروط العقد موضوع النزاع ففي الحالة الأولى: يشترط أن يكون الأطراف قد اتفقوا صراحة على تطبيق قانون معـين على موضوع النزاع بمعنى لا تتوافر هذه الحالة إذا لم يوجد إتفاق صريح بين الطرفين علـى تطبيق قانون معين كما يشترط أن يستبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي إتفق الأطراف علـى تطبيقه أي لا تتوافر هذه الحالة إذا طبق الحكم هذا القانون ولكنه خالف قاعدة قانونية فيه أو أخطأ في إختيار القاعدة الصحيحة واجبة التطبيق فيه أو إختيار القاعدة القانونية واجبة التطبيق ولكنـه أخطأ في تطبيقها أو في تأويلها، وفي الحالة الثانية: المتعلقة بعدم تطبيق شروط العقد فإن عدم تطبيق هذه الشروط لا يعتبر إستبعادا للقانون الذي إتفق الأطراف على تطبيقه ولا يؤدي ذلك إلى بطلان الحكم وفقـا للمـادة (4/1/49) من قانون التحكيم ذلك أن المادة (36/ج) من القانون ذاته تنص على أنه (... يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد موضوع النزاع...) و شـروط العقد" لا تعلي قانونا إتفاق الأطراف على تطبيقها أي قانون دولة معينة أو نظاماً قانونيـا معينـا وإنما قصد بها قواعد قانونية خاصة معينة إتفق الأطراف على إخضاع العقد لحكمها إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة.
بالإعتبار الإعراف الجارية في نوع المعاملة والعادات المتبعة. وفي ذلك نجد أن هذه الأسباب في غير محلها ذلك أن هناك فارقا كبيرا بين القانون الـذي اتفق الطرفان على تطبيقه على موضوع النزاع المنصوص عليها في المادة (4/1/49) من قانون التحكيم كحالة من حالات دعوى البطلان وبين المادة (4/1/36) من قانون التحكيم كحالـة مـن حالات دعوي البطلان وبين المادة (36/ج) من قانون التحكيم المتعلقة بمراعاة هيئة التحكيم عند ويتضح ذلك بشكل بين بمقارنة نص الفقرة (ج) من المادة (36) من قانون التحكيم بنص الفقرة الأولى منه حيث نصت الفقرة الأولى على أن "تطبق هيئة التحكـم علـى موضـوع النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان وإذا إتفقا على تطبيق قانون دولـة معينـة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين "فالمقصود بـ (القواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان) لا بد أن يختلف عن المقصود بـ (شروط العقـد) التـي توجب الفقرة (ج) على هيئة التحكيم أن تراعيها وإلا كان النص يحتوي على تكرار ينزه عنه المشرع.
ويعزز ذلك أيضاً أن المشرع لم ينص على أن مخالفة هيئة التحكيم لشروط العقد كحالة من حالات البطلان المنصوص عليها في المادة (1/49) من قانون التحكيم في حين نص علـى عـدم تطبيق القانون الذي أتفق الأطراف على تطبيقه من ضمن هذه الحالات ولو أراد المشرع إعتبار مخالفة شروط العقد من ضمن هذه الحالات لصرح بذلك، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، نجد أن دعوى البطلان لا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وليس لمحكمتنا مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطـا إجتهادهم في فهم الواقع وتكييفه أو تفسير القانون وتطبيقه وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة مما يستتبع رد هذه الأسباب.
وعن السبب الرابع الذي يعزو فيه مخالفة هيئة التحكيم للمبادئ الأساسية للتقاضـي بـشكل
جوهري سواء الواردة في قانون البيئات أو في قانون أصول المحاكمات المدنية ومخالفة الشروط
المرجعية والقواعد الإجرائية.
وفي ذلك نجد أن هذا السبب مرجوح ذلك أن البنـد الحـادي عـشـر مـن الـشروط المرجعية والقواعد الإجرائية المتفق عليها بين الطرفين تعني هيئة التحكـم مـن التقيـد بقواعد الإجراءات المعمول بها في المحاكم إلا ما كان منها متعلقا بالنظام العام كمـا تعنـي الهيئة من التقيد بحرفية قانون البيئات وقانون أصول المحاكمات المدنية دون المساس بجوهر الإثبات والدفاع وإتفق الطرفان على تطبيق قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 وتعديلاته.
وحيث لا يوجد في حكم التحكيم ما يشير إلى مخالفته للنظام العام أو لما تم الإتفاق عليه بين
الطرفين فإن ما يبنى على ذلك أن حكم التحكيم لا يشويه عيب من هذه الناحية ومن ناحية أخرى يجب على الجهة التي تطالب ببطلان حكم التحكيم - المستدعية أن تبين وجه مخالفة هيئة التحكيم للمبادئ الأساسية في التقاضي وموقعهـا مـن الـحـكـم وأثرهـا فيـه حتى تستطيع محكمتنا من بسط رقابتها عليه وإلا كان هذا السبب مجهلا ومؤدي ذلـك رد هـذا
السبب .
وعن السبب السادس ومفاده تخطئة هيئة التحكيم حيث إن حكمها مستوجب البطلان لعـدم
صحة الخصومة لأن وكالة وكيل المستدعى ضدها لا تخوله الإتفاق على الشروط المرجعية
والقواعد الإجرائية.
وفي ذلك نجد ووفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة إن ما جـاء بهـذا السبب لا يستند إلى صحيح القانون إذ أن الوكالة التي تحول الوكيل المثول عنها في الدعوى التحكيمية تخوله الإتفاق على الشروط المرجعية والقواعد الإجرائية بإعتبارها من توابع تلك الدعوى ولا يحتاج الإتفاق على هذه الشروط والقواعد إلى توكيل خاص مما يستوجب رد هـذا السبب .
وعن السبب السابع وحاصله النعي على حكم هيئة التحكيم بالبطلان كون من مقسل وزارة
الأشغال العامة والإسكان لا يملك إنتدابا خاصاً من مجلس إدارة قضايا الدولة في الخلاف المتعلق
بالعطاء المركزي رقم (2007/112). وفي ذلك نجد أن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة (4/د) من قانون إدارة قضايا الدولة نصت على إنه "يجوز للمجلس بناء على طلب أي دائرة من دوائر الدولة أن ينتدب موظفـا أو أكثر من الموظفين الحقوقيين العاملين في تلك الدائرة لتمثيل الدائرة فـي دعـوى أو دعاوی متعلقة بتلك الدائرة لدى أي من المحاكم ودوائر التنفيذ وهيئات التحكـيم أو تـولي إجـراءات ليها".
إن المستفاد من هذا النص أنه أجاز إنتداب موظف أو أكثر من الموظفين الحقوقيين لتمثيـل الدائرة ولم يستخدم المشرع عبارة "إنتداب خاص" كما جاء في عبارات هذا السبب، وحيث إن الثابت من محضر اجتماع مجلس إدارة قضايا الدولة رقم (70) لعام 2018 تاريخ 2018/9/17 أنه تم تفويض كل من السادة محمد اللوزي وعادل العويمر وبهاء السعايدة بتمثيل وزارة الأشغال العامة والإسكان فإن مقتضى ذلك أن هذا التمثيل يتفق وصحيح القانون ممـا يقتضي رد هـذا باب الاجتهادات العربية: الاجتهاد القضائي الأردني
لهذا وتأسيساً على ما تقدم تقرر رد طلب بطلان حكم التحكيم المقدم من الجهة المستدعية والأمر بتنفيذه وتضمينها الرسوم والمصاريف ومبلغ مئتي دينار بدل أتعاب محاماة.
قراراً صدر بتاريخ 14 محرم سنة 1442 هـ الموافق 2020/9/2م.
القاضي المترنس د. فؤاد الدرادكة
غصبي المعايطة
محمد البدور
عضـو
خالد القطاونة
حابس العبداللات