الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 28 / محكـم - تعيينه وزيـرا - مهمـة التحكيم ليست وظيفة عامة - المحكم يعمل باستقلال ولا ينوب عـن أحد - يشغل مركزه الإجرائي مستندا في الأساس الى إتـفـاق أطـراف التحكيم – المحكـم ليـسـت لـه صـفة القاضي ولا يمارس نشاطه التحكيمي بإسم الدولة - ممارسة التحكيم لا تندرج ضمن الأعمال أو الحـرف التجارية، ولو تكررت - عمله في جوهره عمل عقلـي ذهني - بموجب قانون حظر تعارض المصالح، يتعين أن لا يكون مسلك المسؤول في الدولة المحكم) أدى الى إخلال بالوظيفة أو المصلحة العامة - يساءل وظيفيا ما لم يتسم عملـه بفساد أو اقترن بجريمـة - عناصـر واقعية أو قانونية - القضاء لا يحـل نـفـسـه محـل هيئة التحكيم ورقابته لا تمتد الى ذلك - عدم تنفيـذ التـزام بحجة حصول حريق - عدم تعويل حكم التحكيم على سبب الحريق وعدم تعرضه للمسؤولية الجنائية - عدم وقف هيئة التحكيم الإجراءات التحكيمية - الإجراء غير باطل - نطاق قضية التحكيم يتحـدد بالطلبات الأصلية والعارضة المقدمة اثناء نظر الدعوى التحكيمية طالما يشملها شرط التحكيم.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 28
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    485

التفاصيل طباعة نسخ

إن المهمة التحكيمية – بالمفاهيم الدولية المستقرة- ليست وظيفة عامة أو عملا عامـاً أو فرعا لأيهما، والمحكم في أداء مهمته التحكيمية "العقلية" يحتفظ بحريته ويعمل باستقلال دون توجيه من أحد أو جهة، كما أنه لا ينوب عن أحد. دور المحكم في خصومة التحكيم- وفقا للقانون- يعد دورا قانونيا عارضاً موقوتا بالمهمة التحكيمية التي يتولاها.

 

المحكم ليس بقاض ولا يقوم بوظيفة قضائية أو عمل قضائي، ولأنه ليس قاضيا فلا تكون له صفته- ولو كان من قضاة المحاكم بالفعل وهو لا يمارس عمله أو نشاطه التحكيمي بإسم الدولة، وإنما بسلطة القانون وداخل نطاقه، ووفقا للوازمه التي لا يجوز مخالفتها. ممارسة المحكم للتحكيم لا تندرج ضمن الأعمال أو الحرف التجارية، رغم ما قـد يـدره التحكيم عليه من عائد أو ربح وحتى لو مارس المهمات التحكيمية، على سبيل التكرار.

 

يتعين ألا يكون مسلك المسؤول في الدولة (المحكم) خلال مهمته التحكيمية قد أدى بالفعل إلى إخلال بوظيفته أو بمصلحة عامة مرعية. هذه الأحوال بذاتها قد لا يترتب عليهـا سـوى مساءلة صاحب المنصب العام أو المسؤول الحكومي وظيفيا، إلا إذا انـسم عملـه التحكيمـي بالفساد أو اقترن بجريمة.

 

الإختصاص التشريعي المقرر لمحكمة البطلان لا يجيز للقضاء أن يحل نفسه محـل هيئـة التحكيم ليقول هو كلمته في شأن العناصر الواقعية أو القانونية للنزاع التحكيمـي، فرقابتـه لا تمتد إلى ذلك، ولا تشمل جميع العيوب التي قد تشوب حكم التحكيم. بسبب أن حكم التحكيم المطعون فيه لم يعول في عماد ما حكم به – بحسب الظاهر - على سبب الحريق، كما أنه لم يتعرض للمسؤولية الجنائية عنه، فإن عدم قيام هيئة التحكيم بوقـف الإجراءات التحكيمية لحين الفصل جنائيا في مسألة الحريق- وهو الأمر الذي لا يدخل فـي ولايتها- ليس فيه مصادمة أو إهدار لقاعدة اجرائية أساسية، ومن ثم لا ينطوي الحكم على أي بطلان أثر في نتيجته، ولا يصح بالتالي النعي عليه بأنه بني على إجراء باطل. ان نطاق القضية التحكيمية يتحدد بحسب الأصل بالطلبات الأصلية التي تبدأ بها الدعوى التحكيمية وبالطلبات العارضة التي تقدم من المحتكم أو المحتكم ضده أثنـاء نظـر الـدعوى التحكيمية طالما كانت هذه الطلبات يشملها شرط التحكيم أو تندرج تحته أو حصل الإنفاق فـي شأنها خلال الإجراءات التحكيمية أو عدم اعتراض الطرف الآخر على طرح الطلب أمام هيئـة

 

التحكيم

 

(محكمة استئناف القاهرة، الدائرة 7 تجاري، الدعوى رقم 37 لسنة 131 قضائية تحكـيم

 

جلسة 2015/3/4)

 

الوقائع:

 

مجمل الوقائع:

 

(1) بتاريخ 1999/7/5 أبرمت المدعية – شركة الإسكندرية للبترول، إحدى شركات القطاع العام المصري - والمدعى عليها - شركة ميدور للكهرباء "ميداليك - عقـدا التزمت بموجبه الأخيرة توريد الطاقة الكهربائية التي تولدها الى مصانع الأولى بالمنطقة الحرة العامة بناحية العامرية بالإسكندرية- حسب احتياجاتها- وذلك لفترة زمنية مستمرة مدتها خمسة عشر عاما، على أن يتم حساب سعر ما يتم توريده علـى تحـو منتظم للمدعية من طاقة عن طرق نظام يعرف Take or Pay (الأخذ أو الـدفع) أي علـي أساس وجود حد أدنى للإستهلاك - وليس حسب الإستهلاك الفعلي - عندما لا يصل ما يتم تزويد مصانع المدعية به من الطاقة الكهربائية الى هذا الحد الأدنى، بحيث يصبح المشتري ملزما بدفع مقابل نقدي أدنى حتى ولو لم يتسلم كمية من الطاقة تعـادل هـذا المقابل النقدي

 

(2) في 16 أكتوبر 2011 نشب حريق بإحدى وحدات مصانع الشركة المشترية للطاقة التي نفت أن يكون لها يد في حصوله، بل اعتبرته - بالنظر الى تقارير فنية- "قوة قاهرة ترتب عليه توقف التشغيل الكلي لمصانعها (توقف جزئي مؤقت) وبالتـالي انخفاض استهلاكها من كهرباء "ميداليك" عن متوسط الاستهلاك العادي بنسبة نحو 50%، وعلى ذلك فهي غير ملزمة – من وجهة نظرها- بالدفع بنظام الـ Take or Pay، بل تلتزم فقط بالدفع طبقا للإستهلاك الواقعي، أي التوريد الفعلي طبقا لقراءة العدادات.(3) وعلى أثر ذلك، توقفت المدعية (مشتري الكهرباء) عن الدفع بنظام الحد الأدنى، وطلبت من ميداليك (البائع المورد للكهرباء) أن يتم حساب المقابل (الثمن) على أساس كميـات الطاقة الكهربائية التي تم توريدها بالفعل، وذلك لحين الإنتهاء من اعادة التشغيل الكلـي للوحدات المتوقفة بسبب الحريق، وهو ما لم ترتضه البائعة للكهرباء (الشركة المـدعي عليها) بل تمسكت بتقاضي الحد الأدنى أي بأن يتم دفع ثمن الكهربـاء حـسـب شـرط الـ Take Or Pay المتفق عليه بين الطرفين، وعلى النحو المحدد في العقد. (4) وإزاء اعتصام كل طرف بموقفه، وفشل المساعي الودية، وتبعا لشرط تحكيمي تضمنه عقد النزاع التجأت "ميداليك" الى التحكيم في إطار مركز القاهرة الإقليمـي للتحكـيم التجاري الدولي، وقيدت الدعوى التحكيمية بالمركز برقم 858 لسنة 2012 ضد شركة الإسكندرية للبترول بغية الزام الأخيرة بسداد كافة المبالغ المتأخرة عليها على أسـاس السعر الإنفاقي (المحاسبة على أساس نظـام الــ Take Or Pay الحـد الأدنـى للإستهلاك").

 

(5) تشكلت هيئة تحكيم ثلاثية، نظرت الدعوى التحكيمية، وحكمت بتـاريخ 2014/2/19 - بإجماع آراء المحكمين - باستمرار المحتكم ضدها بسداد قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية حسب نظام الـ Take Or Pay وفوائد تأخيرية بواقع 5% عن المبالغ المستحقة عـن سعر الحد الأدنى مع الزام المحتكم ضدها بإنهاء العقد (عقد توريد الكهرباء) بانتهـاء مدته الإتفاقية في 2014/7/4.

 

(6) لم يصادف حكم التحكيم السالف الذكر قبولا لدى المحتكم ضدها "المدعية فطعنت فيـه بتاريخ 2014/6/1 بالدعوى الماثلة طالبة القضاء ببطلانه وبصفة عاجلة بوقف تنفيذه. وتداول نظر الدعوى بالإبطال على النحو الثابت في محاضر الجلسات الى أن قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

 

أسانيد دعوى البطلان:

 

حسيما يبين من صحيفة دعوى البطلان والمذكرات اللاحقة ومحاضر الجلسات، فقد استندت المدعية في دعواها إلى أسباب أربعة تتصل جميعها بحالات بطلان أحكام التحكيم الواردة فـي

 

المادة 53 من قانون التحكيم.(7) السبب الأول - بطلان تشكيل هيئة التحكيم (مخالفة المادة 1/53 "هـ") (8) فهيئة التحكيم الثلاثية تشكلت برئاسة المستشار (سابقا) / محمد أمين المهدي، ولم يكن يشغل حينئذ أية مناصب حكومية، وبتاريخ 2013/7/16 وأثنـاء نظـر الـدعوي التحكيمية عين وزيرا للعدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في حكومة الدكتور حـازم الببلاوي، وأيضاً استمر وزيراً في الحكومة التي تلتها التي ترأسها رئيس مجلـس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، وبالرغم من ذلك لم يتنح المستشار المهـدي، بل استمر في موقعه رئيسا لهيئة التحكيم حتى أصدرت الحكم المطعون فيه. (9) وفقاً للمدعية، فمسألة جمع المحكم المرجح (الرئيس) بين منصبه الحكومي كوزير ومهمته التحكيمية يتعارض والقرار بقانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن حظر تعارض مصالح المسؤولين في الدولة، الذي يلزم المسؤول الحكومي الذي يزاول نشاطاً مهنياً بمفرده أو بالمشاركة مع الغير قبل تعيينه في منصبه أو وظيفته أن يتخذ فور تعيينه في منصبه الإجراءات اللازمة لوقف أو تصفية نشاطه، كما يحظر القانون ذاته علـى المسؤول الحكومي تقديم الخدمات الإستشارية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعـة الإلزام الوارد في مواد هذا القانون لا يجوز لأطراف التحكيم الإتفاق على مخالفته أو النزول عنه. (10) السبب الثاني: تجاوز هيئة التحكيم مهمتها وفصلها في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم (مخالفة المادة 1/53 "و"). (11) فالمحتكمة "ميداليك" (ميدور للكهرباء) كانت قد طالبت في دعواها التحكيمية بفسخ عقد النزاع وتعويضها، وهما موضوعان (الفسخ والتعويض) لم يشملهما الشرط التحكيمي الوارد في العقد، الذي اقتصر على عرض المنازعات التي تنشأ بصدد تفسير أو تنفيذ العقد على التحكيم، ومع ذلك تعرض حكم التحكيم لمسألة إنهاء عقد النـزاع، وبذلك تكون هيئة التحكيم قد تجاوزت مهمتها.

 

(12) السبب الثالث: بطلان اجراءات التحكيم بما أثر في الحكم ذاته (مخالفة المادة 1/53 "ز"). (13) المستفاد من نص المادة 46 من قانون التحكيم أنه إذا عرضت خلال اجراءات التحكيم مسألة تخرج عن ولاية هيئة التحكيم ورأت لزومها للفصل في موضوع النزاع التحكيمي، فعليها أن توقف الإجراءات التحكيمية حتى يصدر حكم نهـائـي فـي تـلـك المسألة، وارتات المدعية أن هيئة التحكيم أهدرت مقتضى هذا النص، وفي ذلك نقول إنها كانت قد دفعت الدعوى التحكيمية بتحقق إحدى حالات القوة القاهرة التي تمثلـت في نشوب الحريق سبب النزاع (الحريق الحاصل في الوحدة 2000 بمجمع الزيوت التابع لمصانع المذعية في 16 أكتوبر 2011) وأن تحديد المسؤول عن نشوء هـذا الحريق تعد مسألة أولية لازمة للفصل في موضوع النزاع التحكيمي، وهذه المسؤولية الجنائية لا تدخل بطبيعة الحال في نطاق اتفاق التحكيم، بل لا يصح التحكيم فيها، ومع ذلك، فهيئة التحكيم لم توقف الإجراءات حتى يتم الفصل في المسؤولية الجنائية عـن فعل الحريق، وهو عيب اجرائي أثر على الحكم التحكيمي، وببطله.

 

(14) كما ذكرت المدعية أن الحكم عول فيما انتهى اليه من نتيجة على مجرد تقرير فحص فني مبدئي عن أسباب الحريق، على الرغم من أن النيابة العامة كانت قد استبعدت الشبهة الجنائية، ونفت أن يكون سببها قد نشأ عن عمد أو خطأ من جانبهـا (جانـب المدعية)، ولذلك أمرت النيابة العامة بقيد وحفـظ أوراق الحريـق بـدفتر الشكاوي الإدارية بالنظر الى ذلك – حسب إدعاء المدعية- فكان على هيئة التحكيم التزام حجية هذا الأمر الجنائي، ولكنها خالفت مضمونه عند تدليلها على نفي ثبوت القوة القاهرة عن ظروف حادث الحريق الذي تسبب بتوقف مصانعها عن التشغيل الكلي، وأكـدت المدعية على اعتبار أن الحريق بعد قوة قاهرة وسببا أجنبياً يجعلها غير مسؤولة عـن الدفع بنظام الحد الأدنى للإستهلاك وببـرر فـي الوقت نفسه محاسبتها فقـط عن الاستهلاك الفعلي لكميات الطاقة الموردة الى مصانعها لحين استكمال التشغيل الكلي.

 

(15) السبب الرابع: بطلان حكم التحكيم لمخالفته قاعدة أساسية من قواعد النظـام العـام

 

المصري (مخالفة المادة 2/53) (16) تمسكت المدعية بحجة مفادها أن تنفيذ الحكم التحكيمي بإلزامها سداد ثمن الطاقة، وفقاً لنظام الحد الأدنى بعد مخالفا للنظام العام، ذلك أنه بتاريخ 2014/9/2 صـدر حـكـم جنائي في الجنايـة رقم 132 لسنة 2011 أموال عامـة الإسكندرية (قدمت صورته) يتضمن بطلان عقد توريد الطاقة الكهربائية محل النزاع بما في ذلك شـرط الـ Take Or Pay لانطواء العقد بحسب الظروف التي شابت تكوينه علـى فـسـاد اداري "حكومي"، وأن التعاقد مثل في نهاية الأمر جريمة الإضرار بالمال العام (أموال

 

الشركة المدعية إحدى شركات الهيئة المصرية العامة للبترول). (17) واستطردت المدعية أن شروط التعاقد كانت تعسفية غير مألوفة (ذات بواعث وغايات اذعانية واحتكارية) تصب بوضوح وتعنت في مصلحة الشركة المحتكمة، بالنظر الى مؤسسها ورئيس مجلس ادارتها/ حسين كمال الدين سالم، أحد أصحاب النفوذ في عهد نظام الرئيس مبارك، وأنه مدان (وآخرين) في الجناية السالفة الذكر بتهمة الإضـرار العمدي بأموال الدولة، ومطارد أيضا في العديد من القضايا المتعلقة بالفساد المـالي والسياسي، بل أن عددا من شركاته اضطلعت بمهمة توريد الغاز الى دولة اسرائيل.

 

موقف الشركة المدعى عليها:

 

(18) من جهتها، اعتصمت المدعي عليها بطلب القضاء برفض الدعوى الحاضـرة وردت على الأسباب التي أثارتها المدعية للقول ببطلان حكم التحكيم على النحو التالي: (19) بالنسبة للسبب المتعلق بالمحكم الثالث واستمراره في مهمته التحكيمية رغم استوزاره، قالت المدعى عليها إن المحتكم ضدها (المدعية بالإبطال) لم تتمسك بهذا السبب أمـام هيئة التحكيم، ورغم علمها اثناء الإجراءات التحكيمية بتولي رئيس الهيئة التحكيمية العمل الوزاري، فإنها لم تمانع في توليه المهمة التحكيمية، وبعد سكوتها عـن هـذه المخالفة – إن صحت- نزولا من جانبها عن الحق في الاعتراض، فلا تستطيع اثارة المخالفة ذاتها أمام قاضي البطلان (المادة 8 من قانون التحكيم). (20) إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن تعـارض المصالح منح المخاطبين بأحكامه مهلة ستة أشهر من تاريخ العمل به لتوفيق أوضاعهم علـى هداه، وأن هذه المهلة تبدأ من تاريخ العمل بالقانون (2013/12/13) وقد صدر الحكم خلالها (بتاريخ 2014/2/19)، علاوة أن المستشار المهدي قبل مهمته التحكيمية في ديسمبر 2012، وبدأ بسماع المرافعات بجلسات التحكيم، وكانت الدعوى التحكيمية في مراحلها الأخيرة عند تعيينه وزيرا للمرة الأولى في وزارة حازم الببلاوي، كمـا أن تعيينه وزيرا لشؤون مجلس النواب والعدالة الإنتقالية في وزارة ابراهيم محلب (التعيين الثاني) حصل بتاريخ 2014/3/1 أي بعد صدور حكم التحكيم.21) في رد المدعى عليها على السبب المتعلق بنطاق الدعوى التحكيمية أوضحت أن فسخ العقد أو انهاءه، إنما بنور بسبب تفسير العقد أو تنفيذه، والمحتكم ضدها (المدعية) لـم تجادل أمام هيئة التحكيم في خصوص طلب المحتكمة إنهاء العقـد بانتهـاء مـدتـه الإتفاقية.

 

(22) فضلاً عن ذلك، أضافت المدعى عليها أن حكم التحكيم لم يتعرض للمسؤولية الجنائية

 

عن حادث الحريق أو المتسبب به، ولكنه تعرض فقط لما إذا كان ذلك الحريق بمثـل حالة من حالات القوة القاهرة أو الظروف الطارئة أو السبب الأجنبي من عدمه، وأن المحتكم ضدها فشلت في اثبات توافر أي من هذه الحالات، ومن ثم تم الزامها بتنفيـذ الإتفاق العقدي أي بالسداد على أساس نظام الـ Take Or Pay (23) وأشارت المدعى عليها الى أن التعاقد بنظام Take Or Pay بعد نظاماً قانونياً رضائياً معمولا به عالمياً ومحليا بحسبانه نظاما تأمينيا لبائع أو مورد الطاقة، يسمح به قسم التشريع في مجلس الدولة في الكثير من العقود المشابهة الخاصة بتوريد الطاقـة أو الغاز طويلة الأجل بالنسبة للشركات التابعة للحكومة المصرية، وغالبا ما تتمسك بـه

 

الشركات الموردة (بائع الوقود "بأنواعه صاحب الإستثمارات المالية الضخمة). (24) واعتبرت المدعى عليها أن استناد المدعية الى الحكم في الجنايـة رقـم 132 لسنة 2011 أموال عامة الإسكندرية لا أساس له في القانون، فالحكم الجنائي إنما صدر تاليا لصدور حكم التحكيم وهو مطعون فيه بطريق النقض، فلا حجية له لأنه لم يصبح باتا بعد. علاوة على ذلك فهيئة التحكيم لم تتعرض في حكمها سوى لمسائل مدنية تعاقدية كانت محلا للنزاع فيما بين المتعاقدين، وأنه ولئن كان الحكم الجنائي قـد أورد في أسبابه أن عقد النزاع شابته عند انعقاده مخالفات للوائح والقوانين المعمول بها لدى شركات القطاع العام وعقودها، فإن الحكم لم يقرر صراحة بطلان العقد أو بطلان بند الدفع بنظام الـ Take Or Pay

 

المحكمة

 

(25) وحيث إنه وبحسب الطبيعة الخاصة للتحكيم، فإن المهمة التحكيمية بالمفاهيم الدولية المستقرة- ليست وظيفة عامة أو عملا عاما أو فرعا لأيهما، والمحكم في أداء مهمته التحكيمية "العقلية" يحتفظ بحريته ويعمل باستقلال دون توجيه من أحد أو جهة، كما أنه

 

لا ينوب عن أحد، هو مجرد فرد عادي محل ثقة أنيط به – وفقاً للقانون - نظر وحسم نزاع بين أطراف اتفاق التحكيم في خصومة نشبت بينهم. (26) لذلك، لا يشغل المحكم في خصومة التحكيم وظيفة عامة ولا يؤدي خدمة عامة حتـى لو كان التحكيم يجري في نطاق أو تحت مظلة لائحة مركز تحكيم له صـفـة الـدوام "مجازا" أي من خلال التحكيم المؤسسي، في صورة التحكيم المؤسسي الذي يتمتـع بقواعده الإجرائية الخاصة لا تقوم بين طرفي التحكيم والمحكم علاقة مباشرة، بـل يؤدي المحكم مهمة الفصل في النزاع المثار بين الطرفين بواسطة وتحـت إشـراف مركز التحكيم الذي عينه الطرفان لرعاية التحكيم الخاص بهما، مجرد إشراف تنظيمي لمركز التحكيم، غير تبعي وغير رقابي.

 

(27) دور المحكم في خصومة التحكيم – وفقاً للقانون- يعد دوراً قانونياً عرضياً موقوتاً بالمهمة التحكيمية التي يتولاها، وتتحدد ميماته ويشغل مركزه الإجرائي في الخصومة التحكيمية، مستندا في الأساس الى اتفاق أطراف التحكيم، دون أن تربطـه بـهـم أو بالمركز التحكيمي أي تبعية قانونية، فهو لا يخضع لأي مـلـهم فـي أدائـه عمـلـه التحكيمي، فبصفته محكما فإنه لا يؤدي عملا لصالح الأطراف أو لحساب من عينه أو اختاره

 

(28) هذا وإن كانت المهمة التي يقوم بها المحكم بحسب طبيعتها وقوامها تشبه – مع وجود الفوارق - المهمة القضائية، فإن التحكيم غير القضاء، لذلك فالمحكم ليس بقـاض ولا يقوم بوظيفة قضائية أو عمل قضائي، ولأنه ليس قاضيا فلا تكون له صفته – ولو كان من قضاة المحاكم بالفعل - وهو لا يمارس عمله او نشاطه التحكيمي بإسـم الدولـة وإنما بسلطة القانون وداخل نطاقه، ووفقا للوازمه التي لا تجوز مخالفتها. (29) والمحكم وإن كان يتلقى أجراً أو أتعاباً عن مهماته التحكيمية – لأنه لا يقوم بها فـي الأعم الأغلب تفضلاً أو تطوعا- فإنه ليس طرفا في اتفاق التحكيم، ولا يمثل طرفيه أو يمثل أحد منهما. وعلى ذلك لا يمكن للمحكم أن يتصرف على أساس أنـه قـاض او موظف أو مستخدم أو عامل أو وكيلاً لأحد، فخلال مباشرته الخصومة التحكيمية لا بعد المحكم واحدا من هولاء.30) مهمة المحكم هي مهمة تحكيمية متميزة (ذات نوع خاص)، والعلاقة بين المحكـم وأطراف التحكيم لا تتدرج وبكافة المعايير التقليدية تحت مفهوم عقد الوكالة أو عقد العمل أو الإستخدام. كذلك لا تنطوي مهمة المحكم على نشاط تقديم خدمات استشارية من أي نوع للأطراف في التحكيم، لأن المحكم مكلف بالفصل في نزاعهم وتأمين حقوقهم الإجرائية من أجل الحصول على محاكمة تحكيمية عادلة، هذا الأمر يقتضيه مركزه الواقعي والقانوني "مركزه الإجرائي في خصومة التحكيم". (31) على الرغم من أن المحكم يعمل لحسابه الخاص، فـإن طبيعة المهمـة التحكيميـة تستوجب على عاتقه – المحكم المفرد أو الرئيس بوجه خاص - أداء محايدا مستقلا عن الأطراف دون توجيه من أحد، وتفرض عليه أن يتعالي بحريته وحياده ونزاهتـه فوق المصالح المادية أو المعنوية الخاصة للأطراف المتنازعة. فلا يمكن اعتبـار المحكم صاحب عمل أو تاجراً عند مباشرته مهماته وواجباته التحكيمية. (32) ممارسة المحكم للتحكيم لا تندرج ضمن الأعمال أو الحرف التجارية رغم ما قد يدره التحكيم عليه من عائد أو ريح، وحتى لو مارس المهمـات التحكيميـة علـى سـبيل التكرار، فالعمل أو النشاط التحكيمي هو في جوهره عمل عقلـي أو ذهنـي" مفـرد بالنسبة للمحكم، عمل يرتكن إلى القانون وضماناته وضوابطه ومحاذيره، وغيـر معصوم من الخضوع للرقابة التي يباشرها القضاء على الشأن التحكيمي بشكل عام. (33) لا يمكن معاملة مهمة المحكم، كما لو أنه مساو لموظف أو مستخدم أو عامل أو وكيل أو تاجر أو مهني أو استشاري بحسب المعاني القانونية والمعايير المقصودة بتعريـف كل من هؤلاء، فالمحكم وإن شارك هؤلاء في بعض الخصائص أو القواسم المشتركة فهو لا يخضع للأنظمة القانونية الخاصة بكل منهم، إذ تبقـى هنـاك فروق دقيقـة واعتبارات لازمة ترتبط بمفهوم نظام التحكيم وخصوصياته، هذه الفروق تجعل مـن

 

عمل المحكم عملا أو نشاطاً ذهنياً متميزاً، ونتاجاً خاصاً من نتاج فكرة التحكيم. (34) لكل ما تقدم، وقد بان أنه لا يمكن تصنيف النشاط التحكيمي الذي يمارسه المحكم على أنه نشاط مهني أو أن ممارسته لعمله التحكيمي هو بمثابة تقديم خدمات استشارية لذلك فإن عمل المحكم الوزير" لا يتدرج بحسب الأصل تحت حكم المادة العاشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون 106 لسنة 2013 - في شأن حظر تعارض مصالح المسؤولين في الدولة - التي تلزم المسؤول الحكومي أن يتخذ فور تعيينه الإجـراءات اللازمة لوقف أو تصفية نشاطه المهني، ولا يكون مندرجاً أيضاً تحت المادة الحاديـة عشرة التي تحظر على الوزير - المسؤول الحكومي - تقديم الخدمات الإستشارية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة

 

(35) قانون تعارض المصالح لا ينصرف في مجال تطبيقه، وبحسب الأصل، الى شخص المسؤول في الدولة اذا مارس مهمته التحكيمية، وذلك بشرط ألا تنطوي مهمة المحكم المسؤول على ضرر محقق او محتمل للمصلحة العامة أو للأعراض التي يقتضيها منصبه أو تتطلبها وظيفته، تلك التي لا يجوز التفريط فيها، فالضرورة تقدر بقدرها (علة التعارض في المصالح).

 

(36) وحسب المادة 19 من قانون حظر تعارض المصالح، فعلى جميع الخاضعين لأحكامه توفيق أوضاعهم (إزالة التعارض) خلال ستة أشهر من تاريخ العمـل بـه، ووفقاً للإجراءات والضوابط المبينة به، ويعني هذا أن المشرع قرن أعمال فحوى الحظـر الخاص بتعارض مصالح المسؤولين في الدولة بقيد صريح، هو عدم توفيق المسؤول لأوضاعه خلال فترة حددها، وهو قيد زمني لا يمكن تجاهله لأنه يعد جزءا لا يتجزأ من قواعد الحظر المعتبرة من قواعد النظام العام ومندمجا فيها، فتوفيق الأوضاع غير مستقل أو منفصل في مضمونه عن تعارض المصالح.

 

(37) وحيث إنه متى كان ما تقدم، وبافتراض أن مهمة الوزير المحكم حسب سياق الظروف والملابسات قد داخلتها مظنة الحظر المتقدم، فإن مقتضى المادة 19 السالفة الذكر يعني أن قيام المحكم الوزير بإنهاء مهمته التحكيمية – ولو بصدور الحكم المنهي للتحكـيم - قبل اكتمال مدة الستة أشهر المذكورة بعد توفيقا منه لأوضاعه، وازالة منه للمخالفة إن كانت. فلا يمتد اليه جزاء الحظر ولا يلحق جزاء البطلان مهمته التحكيمية، ولا يبطل

 

حكم التحكيم لهذا السبب. (38) وحيث أن الثابت من الأوراق أن المستشار / محمد أمين المهدي ترأس هيئة التحكيم، ولم يكن وقت اختياره هذا مسؤولاً حكومياً أو موظفاً أو قاضياً، وأنه لم يتنح عن أداء مهمته في التحكيم ولم يستشعر الحرج – استيفاء لمظهر ودواعي المنصب العام بعـد تعيينه وزيرا، بل استمر - مع استوزاره ولاعتبارات قدرها - في اجراءات التحكيم حتى شارك في إصدار الحكم المنهي للدعوى التحكيمية بتاريخ 2014/2/19، أي أنه أنهى مهماته في التحكيم قبل اكتمال فترة الستة أشهر الممنوحة للمسؤول الحكـومي لتوفيق أوضاعه (يونيه 2014).

 

(39) لذلك يضحي نشاط رئيس هيئة التحكيم في اطار الدعوى التحكيميـة المطعـون فـي حكمها بمنجاة عن الحظر الذي تضمنه القرار بقانون رقم 106 لسنة 2013 في شـان حظر تعارض المصالح، وتبقى مهمته التحكيمية على الأصل المقرر لها. ومن ثم فلا محل لركون المدعية في الدعوى الراهنة إلى محـاذير القانون المذكور ونواهيـه وزواجره للقول بتوافر عيب في تشكيل هيئة التحكيم، ومن ثم حكمها. (40) خارج مفترضات صحة تشكيل هيئة التحكيم أو صـلاحية المحكـم لنظـر الـدعوي التحكيمية، فبصفة عامة وصونا للمنصب العام، فعندما يباشر المسؤول في الدولة مهمة المحكم، فإن مهمته التحكيمية تكون محملة بالضرورة القيود التي تتطلبهـا وظيفتـه العامة أو منصبه الحكومي من اعتبارات ومقاصد وتبعات، داخل هذه الدائرة (الوظيفة العامة والمجال المحدد لها أصلا) يتعين ألا يكون مسلك المسؤول في الدولـة خـلال مهمته التحكيمية قد أدى بالفعل إلى الإخلال بوظيفته أو بمصلحة عامة مرعية. هذه أحوال بداتها قد لا يترتب عليها سوى مساءلة صاحب المنصب العـام أو المسؤول الحكومي وظيفياً إلا اذا اتسم عمله التحكيمي بالفساد أو اقترن بحريمة، فيصبح الأمـر مختلفا، وبالتالي تختلف المسؤولية وسلطة توقيع الجزاء، وأيضا طبيعة وجـنـس هـذا الجزاء

 

(41) وحيث إن الأصل في تنفيذ العقد أي الإلتزامات الناشئة عنه أن يكون "يعين" ما التزمـه المدين وبالشروط التي نشأ بها التزامه (المادة 1/199 و 1/203 مدني)، فـإذا أمكـن" التنفيذ العيني – وطلبه الدائن - أجبر المدين عليه، وللدائن أن يستصدر بحقه حكما بذلك، أكان الحكم قضائياً أو تحكيميا، هنا لا تقوم المسؤولية العقدية، بل تكون فقط في نطـاق التنفيذ العيني للإلتزام العقدي، خاصة إذا كان محل الإلتزام العقدي مبلغا مـن النقـود فالعقد هو شريعة المتعاقدين، ويجب تنفيذه طبقا لما اشتمل عليه (المادة 1/147 مدني). (42) وتقضي القواعد العامة بأنه اذا استحال تنفيذ الإلتزام العقدي فيصار الى عوضـه، أي تعويض الضرر الناجم عن إخلال أحد العاقدين بالتزاماته العقدية (المسؤولية العقديـة التي هي جزاء الإخلال بالعقد). ووفقاً للمادة 215 فإنه اذا "استحال" على المدين تنفيذ

 

الإلتزام "عين" حكم عليه بالتعويض، إلا إذا قام هو (المدين) بإثبات أن عدم التنفيـذ يرجع الى سبب أجنبي (كحادث فجائي أو قوة قاهرة) لا يد له فيه. (43) في هذا النطاق، يتعين لاعتبار الحادث الفجائي (أو القوة القاهرة) سيبا أجنبيـا ينفـي المسؤولية العقدية ألا يكون متوقعا ويستحيل دفعه، أي لا يمكن دروه أو درء نتائجـه فإذا كان الحادث الفجائي (أو القوة القاهرة) يؤدي فقط الى جعل تنفيذ الإلتزام مرهقـا للمدين به، فلا يعد هذا سببا أجنبيا يرفع بذاته المسؤولية العقدية. فالتاجر يكسب ويخسر والعقود يجب تنفيذها بحسن نية.

 

(44) وتنص المادة 373 على أن "ينقضي الإلتزام إذا أثبت المـدين أن الوفـاء بـه أصـبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه". في هذا الفرض يلزم كذلك أن يصبح تنفيـذ الإلتزام - بعد نشونه – "مستحيلا" إستحالة فعلية أو قانونية بسبب أجنبي لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه كالحادث الفجائي أو القوة القاهرة، أما إذا طرأت حوادث جعلـت تنفيـذ

 

الإلتزام - عقديا أو غير عقدي – مرهقا فقط مع بقائه ممكنا، فلا ينقضي الإلتزام. (45) مسألة إستحالة تنفيذ الإلتزام لوجود السبب الأجنبي الذي لا يد للمدين فيه تعتبر في كل الأحوال من مسائل الواقع التي يقدرها القاضي ويقع عبء إثباته على عاتق المـدين بالوفاء بالإلتزام. تقدير موضوعي يملكه ويختص به قاضي الموضـوع حـسـب مـا يستخلصه من الأدلة المقدمة وظروف الحال المطروح، وبالتالي تملكه - بالقدر ذاته - هيئة التحكيم، ولا يجوز لمحكمة البطلان أن تنازعها فيه.

 

(46) وحيث أن البادي بجلاء من حكم التحكيم – موضوع دعوى الإبطـال - أن الشركة المحتكم ضدها كانت قد دفعت الدعوى التحكيمية بدفاع أساسي مفاده أنها تعتصم بعدم تنفيذ التزامها بسداد قيمة الحد الأدنى (ثمن شراء الطاقـة حـسب شـرط أو بنـد Take or Pay) وذلك بسبب حريق نشب في إحدى وحدات مصنعها (حريـق 16 أكتوبر 2010) وهو "حادث مفاجئ مجهول السبب، وهو لذلك سبب أجنبي عنها، لا يد لها فيه وغير متصل بأي خطأ من جانبها" يعفيها من شرط الحد الأدني. (47) من قراءة حيثيات حكم التحكيم يتضح أن هيئة التحكيم ناقشت مسألة توافر القـوة

 

القاهرة والسبب الأجنبي وانتهت، بالنظر إلى تكييف الواقع المطروح وطبيعته، إلى أن حادث الحريق الذي نشب في جزء من مصنع المحتكم ضدها لا يتغير به شيء مـن التزاماتها العقدية ولا يعفيها منها، لأن ذلك الحريق لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو السبب الأجنبي، وبالتالي خلصت هيئة التحكيم إلى الاعتداد بالشرط

 

العقدي الخاص بالحد الأدنى لسعر أو ثمن الطاقة وإلزام المحتكم ضدها بالوفاء به. (48) خطأ حكم التحكيم في كل ما تقدم من مسائل قانونية – إن كان – لا يعدو أن يكـون مجرد خطأ في تطبيق القانون أو تأويله أو تفسيره، لا سلطة لمحكمـة الـبطلان فـي التعقيب عليه، لأنه يندرج في مجال هيئة التحكيم الذي كفله لها المشرع التحكيمي. كما أن الخطأ في فهم الواقع أو في تقدير الأدلة المقدمة لا يعيب حكم التحكيم، ولا يعيبـه أيضا القصور في التسبيب، الإختصاص التشريعي المقرر لمحكمة البطلان لا يجيـز للقضاء أن يحل نفسه محل هيئة التحكيم ليقول هو كلمته في شأن العناصر الواقعية أو القانونية للنزاع التحكيمي، فرقابته لا تمتد إلى ذلك، ولا تشمل جميع العيوب التي قد تشوب حكم التحكيم.

 

(49) وكالحال في الحكم القضائي، لا ينال من حكم التحكيم أن ترد في حيثياته أسباب زائدة أو خاطئة، لأنها تعد إستطرادا زائدا عن الحاجة لا تأثير لها في النتيجة التي انتهـى إليها الحكم في منطوقه، لذلك لا يعيب الحكم المطعون فيه إشارته في مجال نفيه ثبوت القوة القاهرة إلى دلالة ما جاء في تقرير فني أولي صادر حزره خبراء الهيئة العامـة للبترول بشأن الحريق، أو ما أورده الحكم من أن "المحتكم ضدها لم تقدم دليلا قاطعا بعدم مسؤوليتها عما تسب من حريق..". فهذه مجرد أسباب زائدة عن حاجة الدعوى (غير ضرورية) ساقها الحكم دعما للأسس الرئيسة التي بني عليها نتيجته. (50) فطالما أن هيئة التحكيم خلصت واقتنعت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن الحريق - أيـاً كان سببه - لم يجعل تنفيذ المحتكم ضدها لالتزامها العقدي مستحيلا"، بمعنى أن سبب الحريق – ما دام أنه لم ينشأ عن فعل أو خطأ الدائن - ما كان يضيف جديدا ولا تأثير له

 

في هذا الشأن، وهو ما يعني أن المسؤولية الجنائية عن الحريق وعدم مساهمة المحـتكم

 

ضدها في إحداثه لم تكن مسألة ضرورية للفصل في موضوع الدعوى التحكيميـة، فـلا

 

يلزم المجادلة فيها، لذلك فلا تثريب على هيئة التحكيم إن هي لم تلتزم حجية أمر النيابـة

 

العامة بحفظ أوراق الحريق بدفتر الشكاوي الإدارية لأنه لا يقيدها في شيء.51) ويسبب أن حكم التحكيم المطعون فيه لم يعول في عماد مـا حكـم بـه - بحسب الظاهر - على سبب الحريق، كما أنه لم يتعرض للمسؤولية الجنائية عنه، فإن عـدم قيام هيئة التحكيم بوقف الإجراءات التحكيمية لحين الفصل جنائيا في مسألة الحريق - وهو الأمر الذي لا يدخل في ولايتها – ليس فيه مصادمة أو إهدار لقاعـدة إجرائيـة أساسية، ومن ثم لا ينطوي الحكم على أي بطلان أثر في نتيجته، لا يصح بالتـالي النعي عليه بأنه بني على إجراء باطل،

 

(52) هيئة التحكيم إنما فصلت في حقوق مالية تعاقدية صالحة لأن تكون محلا للتحكـيم فإلتزام أو عدم التزام المحتكم ضدها الوفاء بنظـام الـ – Take or Pay - وهو موضوع الدعوى التحكيمية - لا يمس النظام العام، كما لا شأن للنظام العام بالإنـذار بالآثار التي خلفها الحكم التحكيمي، ولم يتصد الحكم كذلك لصحة أو بطـلان عقد النزاع، بل إقتصر على بحث الحقوق والإلتزامات المالية المترتبة على تنفيذه، وعلـى كل حال، تنص المادة 142/ مدلي على أنه في حالة بطلان العقد يعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد (فيسترد كل ما أعطاه)، فإذا كان هذا مستحيلا جـاز

 

الحكم بتعويض معادل

 

(53) وحيث إنه وفقا للقواعد القانونية العامة، فيلزم لكي تنقيد هيئة التحكيم بحجيـة الحـكـم الجنائي - بإفتراض وجود أساس مشترك بين الدعويين الجنائية والتحكيمية - أن يكون حكما باتا وسابقا في صدوره على وقـت الفـصـل فـي الـدعوى التحكيميـة المطروحة، والظاهر أن الحكم في الجناية رقم 132 لسنة 2011 السالفة الذكر - ودون حاجة إلى التعرض لما تضمنه – لم يصبح باتا، لأنه لم يستنفد بعـد طـريـق الطعن فيه أمام محكمة النقض، ما زال تحت رقابتها.

 

(54) ومن ناحية أخرى، فالحكم الجنائي كان لاحقاً في صدوره على حكم التحكـيـم ولـيس سابقا عليه، ومن غير المقبول النعي على حكم مخالفته حكما لم يكـن قائمـا وقـت صدوره، وبذلك فإن تمسك المدعية بحجية الحكم الجنائي للقول ببطلان حكم التحكـيم لمخالفته قواعد تعتبر من النظام العام يكون هابط الأثر، إذ لا يظاهره واقع الحال. (55) ومن حيث إن نطاق القضية التحكيمية يتحدد بحسب الأصل بالطلبات الأصلية التـي تبدأ بها الدعوى التحكيمية وبالطلبات العارضة التي تقدم من المحتكم أو المحتكم ضده أثناء نظر الدعوى التحكيمية، طالما كانت هذه الطلبات يشملها شرط التحكيم أو تندرج تحته أو حصل الإتفاق بشأنها خلال الإجراءات التحكيمية أو عدم إعتراض الطـرف الآخر على طرح الطلب أمام هيئة التحكيم.

 

(56) والواضح من حكم التحكيم أن طلب إنهاء العقد محل النزاع بإنتهاء مدته الإتفاقية كان معروضا من المحكمة، والأصل أن العقد يظل قائما للمدة التي إتفق على بقائه فيهـا وهو الأمر الذي لم تجادل المحتكم ضدها فيه، وعلى ذلك، فإن ما تنعـاه بـأن حـكـم التحكيم فصل في مسألة لم يشملها إتفاق التحكيم يكون على غير أساس، كمـا تنتفـي مصلحتها في إثارته أمام محكمة البطلان. (57) لما تقدم جميعه، تكون الدعوى المطروحة بغير سند من القانون، ويتعين على المحكمة

 

أن تقضي برفضها، ومن ثم إلزام الشركة المدعية المصروفات القضائية ومقابل اتعاب

 

المحاماة (58) ولأن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ حكم التحكيم فرع من أصل النزاع حول صحة أو بطلان الحكم أي أنه طلبا تبعيا لهذا الأصل. وإذ قضت المحكمة في أصــل النـزاع - على ما تقدم من أسباب – فإن مباشرة المحكمة إختصاص القضاء فـي الطلـب المستعجل يكون قد صار غير ذي موضوع.

 

فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة: برفض الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائة جنيـه

 

مقابل أتعاب المحاماة.

 

صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الأربعاء الموافق 2015/3/4.

 

العضو المستشار مدحت شرف

 

العضو المستشار

 

رئيس المحكمة اسماعيل الزيادي

 

سمير عبد المجيد

 

أمين السر

 

رجب عبد المقصود