الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36 / عقد وكالة استثمار فندق - طبيعة القانونية - تصنيفه الصحيح - عقد مسمى أو غير مسمس - الحق في إبرام أعمال قانونية وأعمال مادية من أجل إدارة الفنادق - العقد ليس عقد وكالة ، بل عقد غير مسمى - عدم تطبيق المادة 189 مكرر - عدم وجوب الالتزام بشكليات محددة - عدم بطلان العقود

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    876

التفاصيل طباعة نسخ

(غرفة التجارة الدولية – حكم تحكيمي نهائي صادر في سبتمبر2011 في القـضية رقـم (16266 إن المدعية هي شركة متخصصة في الادارة الفندقية، وقد عهد اليها استثمار عدد معين من الفنادق في تونس تعود ملكيتها الى المدعى عليها . وبعد مضي ثلاث سنوات على توقيع العقـود، بدأت العلاقة بين الطرفين تتدهور، مما أدى أخيراً الى قيام المالك بفسخ العقود زاعماً حـصول مخالفة جوهرية من قبل الشركة الموكولة إليها الادارة . أثارت هذه الاخيرة اعتراضات ورفعـت دعوى تحكيمية بغية المطالبة بتسديد الفواتير المتأخرة، بالإضافة الى العطل والـضرر . بعـد أن أثبتت المحكمة التحكيمية الطبيعة الدولية للتحكيم، قامت بدراسة أساس النزاع محددةً فـي المقـام الاول طبيعة العقود بين الطرفين. قررت المحكمة أن هذه العقود تدخل ضمن فئة العقـود غيـر المسماة الخاضعة لقانون العقود العام وهي ليست خاضعة لقواعد خاصة بنوع معين من العقـود، فهي بالتالي تكون قد أُبرمت بشكل صحيح . اعتبرت المحكمة التحكيمية أن الأخطاء الادارية التي يزعم بأن المدعية قد اقترفتها، لا تبر ر فسخ المالك للعقود، كما حددت قيمـة العطـل والـضرر المستحق للمدعية في ما يتعلق بالربح الفائت الذي كان من المتوقع الحصول عليه خلال الفتـرة المتبقية من العقود حتى تاريخ حلول أجلها وهي فترة تُقدر بعشر سنوات. .......... […] ث- تصنيف وصحة العقود: 141 -تثير المدعى عليها اعتراضاً يتعلّق ببطلان العقود بشكل أساسي . يجب القيـام بتـصنيف العقود بدايةً لحلّ هذه المسألة، (هل هي عقد وكالة أو عقد مركّب من نـوع خـاص sui generis) (1 ،(للانتقال من بعدها الى تحديد القواعد التي ترعى صـحة هـذه العقـود (القانون العام أو القانون التجاري) (2 .( […] 149 -في البداية، ينبغي العودة الى بنود العقود . لأول وهلة، تحيل العقود بحرفيتها الـى عقـد الوكالة، وذلك بسبب اختيار الطرفين عنوان "عقود توكيل بالإدارة". في المادة الثالثة مـن العقود التي هي بعنوان "طبيعة العقد"، استخدم الطرفان عبارة وكالة. المادة 3 :طبيعة العقد: [...] يوكل المالك الى المدير سلطة إدارة الفندق بالنيابة عنه ولحسابه(المالك). تخـضع شروط هذه الوكالة لأحكام العقد الحاضر وللأحكام القانونية من القانون التونسي المعمول بها في هذا المجال. يقوم المدير بإدارة الفندق وفقاً لأحكام وشروط الوكالة الحاضـرة نيابـة عـن ولحـساب المالك.لا يجوز لأي جزء من هذا العقدأن يشكّل أو أن يفسر على أنه عقد شراكة أو أنه تنتج منه شراكة ما، كذلك الأمر، لا يجوز لأي جزء من هذا العقد أن يشكّل أو أن يفـسر على أنه شركة محاصة أو أنه عبارة عن علاقة مالك/ مـستأجر قائمـة بـين المالـك والمدير. ونظراً لطبيعة هذه الوكالة، تعتبر جميع التكاليف، الديون ، الالتزامات أو التعهـدات التـي يوافق عليها ال مدير في اطار قيامه بواجباته، كأنها تمت بالنيابة عن المالك ولحـسابه ولا يمكن اعتبار ال مدير بأي حال من الأحوال مسؤولاً عن تسديد هـذه التكـاليف، الـديون ، الالتزامات وغيرها من التعهدات. بيد أنه، في حال سدد المدير هذه التكاليف، الديون أو الالتزامات، يحق له اسـترجاع مـا دفعه دون تأخير من المالك . (الكلمات المطبوعة بحرف أسـود مـضافة مـن المحكمـة للتوكيد). 150- غير أنّه من الضروري إظهار الفروقات الدقيقة بالنسبة للمـصطلحات المـستخدمة فـي العقود، فالتصنيف الذي يختاره الطرفان غير ملزم بالنـسبة للقاضـي بموجـب القـانون التونسي. في حال اعتبر القاضي، بعد انتهائه من دراسة الأحكام التعاقدية، أن التـصنيف الذي اختاره الطرفان هو مغلوط، بالتالي، لا يكون ملزماً بهذا الخيـار وبإمكانـه إعـادة تصنيف العقد. كرست محكمة التعقيب التونسية هذا المبدأ بالعبارات التالية : "إن تـصنيف الأطراف للعقد لا يلزم القضاة الّذين يتوجب عليهم إعطاء العقد تصنيفه القانوني المناسب". 151- القانون التونسي يعرف الوكالة على أنّها ع" قد يكلِّف به شخص شخصاً آخر بإجراء عمـل جائز في حق المنوب" (المادة 1104 من مجلة الالتزامات والعقود). 152- اختلفت وجهات نظر الطرفين حول مسألة كيفية فهم كلمة"عمل"، هل يجب فهمها بـشكل ضيق، كما لو كانت تشير فقط الى مفهوم العمل القانوني أو يجب فهمها بشكل أوسع لتشمل في الوقت عينه الأعمال القانونية والأعمال المادية. 153- بصورة عامة، في القانون التونسي، تهدف الوكالة الى اتمام الوكيل أعمالاً قانونية بالنيابـة عن الموكل ولحساب هذا الأخير، باستثناء الأعمال المادية . وهذا بالفعل ما يؤكـده الفقـه التونسي، بشكل خاص، البروفسور محمد الملكي (المذكور من قبل الخبير القانوني المعين من المدعية) الذي يعتبر "العمل" المشار اليه في المادة 1104 من مجلة الالتزامات والعقود يهدف الى اتمام "الأعمال القانونية"، مما يؤدي الى اعتبار "الوكالة عقد يهدف حصرياً الى اجراء الأ عمال القانونية". وهو أيضاً موقف البروفسور احمد بن طالب الذي أكد في سياق  دراسة قام بها حول انتقال أموال الغير، أن مصطلح "انتقال" يـشير الـى مفهـوم "الإدارة القانونية" على النقيض من مفهوم "الواقعة القانونية"، ما يدلّ إذاً على أن الوكالة تنحـصر بإجراء الأعمال القانونية. 154 -كذلك الأمر، كرست محكمة التمييز الفرنسية هذا المبدأ، معتبرة أنّه تكون "هنالـك وكالـة عندما يقوم أشخاص بتكليف شخص آخر بإجراءٍ لحسابهم، عملاً قانونيـاً ولـيس أعمـالاً مادية، من دون أن يكون لدى هذا الشخص سلطة تمثيلهم، وإلاّ فهي عناصر يتّسم بها عقد التزام المشاريع (entreprise’d contrat ."(إذاً ينشئ القانون الفرنسي تمييزاً واضحاً بين إجراء الأعمال القانونية الذي يتعلق بالوكالة، واجراء الأعمال المادية الذي يتعلـق بعقـد التزام المشاريع. بالتالي، حسب الصياغة المعتمدة في الفقه، "تتضمن الوكالة إجراء عمـل قانوني: عموماً، وعلى وجه الحصر لا يكون الممثل وكيلاً في حال أجرىأعمالاً قانونيـة لحساب الغير . في المقابل، يقوم بتنفيذ عقد التزام مشاريع عندما يجري أعمالاً مادية؛ على سبيل المثال، عندما ينصب على صياغة عقد . كذلك الأمر بالنسبة الى وكالة السفر التي لا تُعتبر بمثابـة وكيـل عنـدما تقـوم بتنظـيم الـسفرة، بـل تعتبـر ملتزمـة مـشروع (entrepreneur .(أو بالنسبة لوكيل الاعلانات الذي لا يعد وكيلاً عندما لا يقوم بعمليات Ph. Malaurie, L. Aynès, P.Y. Gautier, Les )" عميلـه لحساب عقود إبرام أو بيع Contrats Spéciaux, 521 p. 272, Ed. Desfrénois, 4 ème éd.) 155 -في العقود، مما لا شك فيه أن مهمة الوك يل تشمل إبرام الأعمال القانونية. فهو في الواقع يتمتّع بسلطة مناقشة وتوقيع العقود مع الغير، مثل موردي الفنادق أو مـستأجري المحـال التجارية. 156 -على سبيل التوضيح، تعدد المادة2.9 من العقود بطريقة مفصلة جداً أنواع العقود التـي يحق للمدير "مناقشتها وتوقيعها لحساب المالك "، تحديداً، "جميع عقـود التـسويق، البيـع والاستثمار الضرورية للفندق، بصورة خاصة، العقـود المرتبطـة بتخـصيص وتوزيـع حصص لمنظمي الرحلات السياحية، أو للإعلانات والعمليـات الترويجيـة، لاسـتئجار الغرف وغيرها من الخدمات المقترحة في الفنـدق، عقـود شـراء التجهيـزات ومـواد الاستثمار، الاشتراكات وعقود التزويد بالطاقة وبإمدادات الاتصالات السلكية واللاسـلكية، كما عقود التنظيف، مكافحة الحشرات، صيانة المصاعد وأنظمة التدفئـة أو التكييـف أو ب غيرها من العقود التي تتناول خدمة تُعتبر ضرورية بنظر المدير[...]". تتضمن المـواد 3.9 ،4.9 و 2.12 من العقود، نفس نوع الأحكام لإبرام عقود الاعلانات الترويجية، عقود مع أصحاب الامتيازات وعقود التأمين . بالإضافة الى ذلك، تسمح المادة 6.9 من العقـود للمدير، مباشرة الملاحقات القضائية لحساب المالك. 157- غير أن العقود لا تحصر مهمة[المدعية] بإبرام الأعمال القانونية. في الواقع، تذهب مهمة المدعية الى ما هو أبعد كونها تشمل جميع الأنشطة الضرورية لإدارة الفنادق . تتضمن هذه الادارة حتماً إجراء أعمال مادية منصوص عليها في العقود، كما استخدام العلامة التجارية [C ،[وضع سياسة تخص العاملين، تحديد استراتيجية للإعلانات ، التصريح عن الضرائب ودفعها، تنفيذ أعمال الصيانة والاصلاحات المدرجة على اللائحة والتي وضع لها المـدير بياناً تقديرياً، إعلام المالك بانتظام، وضع الميزانية السنوية ومسك وتقديم الحسابات المالية. 158 -لدى كلّ هذه الالتزامات سمة مشتركة وهي أنّها عبارة عن أعمال مادية أُجريت بطريقـة مستقلّة من قبل المدعية، بهدف وحيد وهو ادارة الفنادق بشكل جيد . بالتـالي، تبـدو ادارة الفنادق في صلب العقود. إن مبرر وجود هذه العقود هو في الواقع لتنظيم ادارة المدعيـة للمنشآت. على هذا النحو، تشكّل مهمة الادارة الهدف الأول الذي يسعى ا ليـه الطرفـان؛ فإبرام الأعمال القانونية ليس إلاّ وسيلة لتحقيق هذا الهدف . لهذا السبب فـإن عقـد الادارة الفندقية "ينص عموماً على وكالة خاصة ممنوحة لشركة الاستثمار تسمح لها من خلالهـا بإبرام جميع العقود التجارية المطلوبة للإدارة اليومية للفندق وبإجراء جميـع المعـاملات المالية المتعلقة بهذه الإدارة". 159 -فضلاً عن ذلك، تؤكد دراسة الالتزاما ت الموضوعة على عاتق المالك أن العقود لا تدخل حصرياً ضمن فئة "عقد الوكالة ". في الواقع، بعض هـذه الالتزامـات مجهولـة بالنـسبة لالتزامات الموكل (أخذ المخاطر المالية على عاتقه) وهي خاصة بمجال الادارة الفندقيـة، ولا سيما تقيد الفنادق بمعايير العلامة التجارية [C ، [ضمان الاستحصال على التـصاريح والتراخيص لإدارة الفنادق، أو أكثر من ذلك، توفير غرف مجاناً لأعضاء الادارة العامـة التنفيذية. 160 -في ضوء هذه العناصر، اعتبرت المحكمة التحكيمية أن هذه العقود ليست عقود وكالة لأن الغرض منها لا ينحصر بإجراء الأعمال القانونية لحساب المدعى عليها . إن طبيعة مهـام  المدعية هي في الواقع أكثر شمولية، فهي تشمل إدارة الفنادق الموضوعة تحـت إدارتهـا وتتطلّب لأجل ذلك، بالإضافة الى إبرام الأعمال القانونية، إجراء ال عديـد مـن الأعمـال المادية. بالتالي، تكون العقود عقوداً مركّبة تتضمن عناصر مرتبطة بالوكالـة وعناصـر خاصة بالإدارة الفندقية. 161 -كيف نصنّف هذه العقود المركّبة؟ المرحلة الأولى من التحليل تقتصر على التحقـق مـن وجود، في القانون التونسي، إطار قانوني محدد لهذا ا لنوع من العقود. في الواقـع، فـي غياب وجود نظام قانوني محدد، يعتبر العقد الناجم عن الممارسة عقداً غير مسمى خاضعاً للأحكام التعاقدية ولقانون العقود العام . هذه هي الحال مثلاً بالنسبة لعقد الصناعة الفندقية، المعروف على أنّه عقد من نوع خاص generis sui .في بعض الحالات، يحقّ للمـشرع تنظيم هذا النوع من العقود، التي تصبح حينها عقداً من العقود المسماة . إنها الحال، علـى سبيل المثال، بالنسبة لعقد وكالة-إدارة في القانون الفرنسي، الذي في الأصل هو عقد غير مسمى ناجم عن الممارسة، مكرس في القانون الصادر بتاريخ2 أغسطس 2005 والـذي يخضع، من الآن فصاعداً، للمادة 146-L من القانون التجاري الفرنسي. 162 -بيد أن المشرع التونسي لم يقم بهذا الخيار . فهو لم يضع نظاماً قانونيـاً محـدداً للعقـود موضوع الخلاف . إذاً في غياب مثل هذا النظام، ينبغي تصنيف العقود بعقود غير مـسماة أو من نوع خاص generis sui خاضعة للأحكام التعاقدية ولقانون العقود العام. 163 -في الحقيقة، إن عقود الادارة الفندقية كتلك التي تشكّل موضوع هذا التحكيم، هي مستخدمة بشكل واسع في القطاع عندما "تقوم شركات متخصصة باستثمار الفنادق [...] في حـين تظل المباني في أيدي المالكين، وذلك دون أي ارتباط من أي نوع كان مـع المجموعـة الفندقية المسؤولة عن التنظيم العملي للفندق ". نستنتج إذاً أن" مهنة الفندقية قد ولّـدت، مـذ ذاك، خلال فترة تطورها عقداً مـن النـوع الخـاص generis sui يـسمى عقـد إدارة ."فندق) gestion ou management d’hôtel) 164 -بالنسبة للفسخ، تطبق المادة 1.21 من العقود، لأن الطرفين قد قاما بتسوية هـذه المـسألة فيكونان بذلك قد أخرجاها من إطار قانون العقود العام. [……..]  (خضوع العقود غير المسماة لقانون العقود العام الذي يحيل الى مبدأ التراضي من أجـل صحة العقود: 184 -بعد دراسة الموجبات ال تي تميز العقود، توصلت المحكمة التحكيمية أعلاه الى اعتبار أنّها عقود غير مسماة ناجمة عن الممارسة الفندقية . لذلك، عليها الآن تحليل ما إذا كانت مثـل هذه العقود خاضعة لشكليات المادة 189 مكرر من القانون التجاري (i (وعند الاقتـضاء، إن كان يجب اعتبارها باطلة( 185 -تُعرف العقود غير المسماة بأنّها"تلك التي ليست منظّمة في القـانون تحـت تـسمية خاصة بها، بل هي تتعلّق قبل كل شيء بقانون العقود العام ". يرتبط وجودها بتصاعد وتيرة التعقيد في المعاملات وبإرادة الطرفين التحرر من القيود الموجودة فـي إطـار قانوني صارم، بهدف تلبية خصائص معاملاتهم هذه بشكل أفضل . إذاً، تكـرس هـذه العقود الحرية التعاقدية، لأن الطرفين بنفسهما حددا النظام المطبق . حسب تعبير كاتب فرنسي، "تشكّل إرادة الطرفين القاعدة الاولى في العقد غير المسمى "، في حين يكـون قانون العقود العام تكميلياً ويحلّ محلّ إرادة الطرفين عندما يغفلان عن معالجة نقطـة معينة. 186 -في الحالة الحاضرة، لم ينص الطرفان على أحكام خاصة في العقود تنظّم مسألة صـحة العقود. بالتالي، تطبق قواعد القانون العام . في قانون العقود العام، القاعدة هـي أن العقـد يكون صحيحاً بمجرد اجتماع إرادة الطرفين (مبدأ التراضي )، من دون الحاجـة الـى أي شكل من أجل إتمام تشكيله. 187 -في قانون العقود التونسي، المادتان 2 و26 من مجلة الالتزامات والعقـود كرسـتا مبـدأ التراضي: المادة 2 : الأركان الضرورية لصحة الموجبات التي تترتب على تصريح الرضاء، هي: أولاً: أهلية الالتزام والإلزام، ثانياً: تصريح بالرضاء صحيح يشمل الأركان الضرورية للموجب؛ ثالثاً م : وضوع معين يجوز التعاقد عليه،  رابعاً : سبب مباح. [...] المادة 26 : لا تعتبر الاتفاقية تامة إلاّ باتفاق المتعاقدين على الأركان الأساسية للموجب، بالإضافة الى غيرها من الشروط المشروعة التي يعتبرها المتعاقدون أساسية. 188 -تشير المحكمة التحكيمية الى أن أياً من الطرفين لم يرجع عن موافقته على العقود، ولـم يثر أي اعتراض متعلّق بعيب محتمل من عيوب الرضا . نتيجة لذلك، ينبغي اعتبار العقود من حيث المبدأ كأنها تشكّلت بصورة صحيحة. 189 -لما كان الأمر كذلك، فإنّه صحيح ما نص عليه المشرع عندما قال أنه اسـتثنائياً هنالـك بعض العقود المسماة عقوداً شكلية (solennel (تتطلّب أمناً إضافياً وتشترط بالإضافة الى اتفاق المشيئتين، إتمام بعض الشكليات. تؤكد المدعى عليها أن هذه هي الحال الحاضـرة، فالمادة 189 مكرر من القانون التجاري تُخضع صحة"العقد المتعلق بالمؤسسة التجاريـة " لاحترام بعض الشكليات. 190- تحتوي المادة 189 مكرر من القانون التجاري على ما يأتي: لا تطبق المادة 189 مكرر سوى على العقود المذكورة في الفصلII من الكتاب الثاني من القانون التجاري التونسي بعنوان "في المؤسسة التجارية " (عقود بيـع وايجـار المؤسـسة التجارية) باستثناء أنواع أخرى من العقود تتناول المؤسسة التجارية. يجب تحرير جميع العقود المتعلقة بالمؤسسة التجارية من قبل محـامين ممارسـين غيـر متدرجين، باستثناء العقود التي تبرمها الدولة، الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الاداري، كذلك الأمر بالنسبة للعقود التي يفرض القانون إبرامها بواسـطة صـك رسمي. وتعتبر الأعمال المحررة من غير الّذين ذكروا أعلاه باطلة بطلاناً مطلقاً. يجب على كلّ محرر عمل متعلّق بمؤسسة تجارية أن يضمنه البيانات الآتية: اسم محرر العقد، لقبه، رقم بطاقة تعريفه الوطنية، توقيعه وختمه. ذكر أنه اطلع على السجل التجاري والدفتر العمومي لرهون المؤسسات التجارية وعلى ما ورد فيهما من بيانات في ما خص المؤسسة التجارية موضوع العملية. ذكر أنه أبلغ الأطراف بالحالة القانونية للمؤسسة الت جارية موضوع العملية وبعدم وجود أي مانع قانوني لتحرير العقد. البيانات الضرورية ل تحرير العمل بناء على المعطيات الواردة في السجل التجاري و فـي الدفتر العمومي لرهون المؤسسات التجارية. بيان الإجراءات الشكلية التي يتوجب على الأطراف القيام بها لتسجيل العمليـة موضـوع العقد في السجل التجاري وفي الدفتر العمومي لرهون المؤسسات التجارية. ]…[ يتحمل محرر العمل مسؤوليته تجاه الأطراف عن كل مخالفة لأحكام هذه المادة. كل شرط مخالف يعتبر باطلاً. ولكل شخص تضررت حقوقه بسبب مخالفة الأحكام الواردة في هذه المادة الحق في المطالبة بتعويض من محرر العمل. 191- اختلف الطرفان حول معنى المصطلحات "عقود متعلّقة بالمؤسسة التجارية"، وبالتالي حول نطاق تطبيق المادة 189 مكرر. تعتبر المدعية أن المادة 189 مكرر تحيل الـى العقـود المذكورة في الفصل اللاحق من القانون التجاري، في حين ترى المدعى عليها العكس، بأن المادة 189 مكرر تشمل كلّ أنواع العقود التي تتناول المؤسسة التجارية. 192- هناك عدة عناصر تدفع المحكمة الى الاعتقاد أن المادة189 مكرر لا تطبق على العقود. أولاً، إن التحليل الحرفي للمادة 189 مكرر يشير الى أن هذه الاخيرة لا تطبق سوى على العقود المذكورة في الفصل الذي يلحق المادة 189 مكرر. بيد أن وكالة ادارة المؤسسة التجارية لا تدخل ضمن هذه اللائحة . هذا الاغفال يبدو منطقياً لأن الموضوع يتعلق بعقود غير مسماة لا تدخل ضمن أي فئة محددة في القانون. 193 -ثم ،إن القراءة المشتركة للمـادة 189 مكـرر التـي تتنـاول"كـلّ العقـود المتعلقـة بالمؤسسة التجارية "، والفصل II المعنون "فـي العقـود المتعلقـة بالمؤسـسة التجاريـة " تكشف عن تشابه واضح في التعـابير المختـارة مـن قبـل المـشرع بالنـسبة لهـذين الحكمين. إضافة الى التشابه في المصطلحات، إن تتابع وتسلسل الأ حكام يدلّ على أن المـادة190 جاءت توضح وتشرح القواعد المبينة في المادة 189 مكرر. بعبارات أخرى، يكشف نص وتركيب المادتين 189 مكرر و190 أن أحكام المادة 189 مكرر ليست مخصصة سـوى لأن تُطبق على العقود المدرجة في اللائحة الواردة في الفصلII ،أي علـى عقـد بيـع، ايجار، ورهن المؤسسة التجارية، باستثناء أي نوع آخر من العقود. 194 -إن هذه القراءة ثابتة من خلال التسلسل الزمني لإعداد هذين الحكمين والذي يكشف عـن النية الصريحة في استخدام مصطلحات متطابقة في المادة 189 مكرر، وفي المادة 190 . إن الشرح الذي قدمه الخبير ]2 ]في هذا الصدد خلال الجلسة هو شرح مقنع: عندما أدخل المشرع هذه المادة 189 مكرر في القانون التجاري أي في العام 2003 ،غير عندها عنوان الفصل II .(...) .كان العنوان القديم لهذا الفصل : "العقود التي موضـوعها يتناول المؤسسة التجارية". وقد عدل في اليوم نفسه الذي أُ دخلت فيه المادة 189 مكـرر. إذاً، أصبحنا من بعد ذلك، نستخدم المصطلحات: "العقود المتعلقة بالمؤسسة التجارية". بالتالي، يكون المشرع قد تدخّل في الوقت عينه ليطرح هذا الشرط الـشكلي مـن خـلال استخدامه المصطلحات التالية "العقود المتعلقة بالمؤسسة التجارية ". بعدها مباشـرة، غيـر المشرع عنوان الفصل II محدداً أن هذا الفصل سوف يكون من الآن فـصاعداً بعنـوان "العقود المتعلقة بالمؤسسة التجارية ". من بعدها، نجد لائحة بالعقود . مما يثبت أنّه في ذهن المشرع هنالك تطابق بين نطاق تطبيق المادة 189 مكرر والعقود المذكورة في الفصل II . (...) 195 -وما عزز أكثر تفسير المحكمة هو المقارنة التي قامت بها مع القانون التجاري الفرنـسي الذي يحصر التمسك بالشكليات المطلوبة بشأن المؤسسة التجارية ببعض العقود المحـددة، وهي إما البيع، الرهن وعقد الادارة الحرة لمؤسسة تجارية، عقد الايجار التجاري، وعقـد وكالة-ادارة. في الواقع، يتضمن الباب الرابع من الكتاب بعنوان "في المؤسسة التجاريـة " ستة فصول تتعلق بكلّ من العقود الخاصة المذكورة، بما في ذلك عقد وكالة -ادارة، الـذي حظي في القانون الفرنسي بإطار قانوني محدد. 196 -فضلاً عن ذلك، يجب تفسير مخالفة القانون العام بشكل ضيق، بحيث أنّه لا يعود بالإمكان إعطاء معنى واسع للقواعد الشكلية المخصصة للعقود الشكلية . إذاً، يجب حصر التمـسك بالشكليات المنصوص عليها في المادة 189 مكرر من القانون التجاري بالعقود"المتعلقـة بالمؤسسة التجارية "، كما عرفها المشرع في المادة 190 ،وعدم مد هذا التمسك بالشكليات  الى كلّ أنواع العقود التي تتناول من قريب أو من بعيد المؤسسة التجارية . في هذا السياق، اعتبر مؤلف تونسي أنّه "عندما تُفرض الشكليات، ينبغي تطبيقها بشكل ضيق. لا يجب مـد نطاقها على فرضيات أخرى. وينبغي استبعاد التشابه . وفي حال كان هنالك عدم وضـوح يستلزم التفسير، يجب أن يتم ذلك مع الاخذ بعين الاعتبار الهدف نفسه : الحد مـن نطـاق Mohamed Mahfoudh ", Formalisme et theorie generale du ) "تطبيقهـا .(contrat , " Revue tunisienne du droit, 2005 .p, 162-164 197 -في الختام، اعتبرت المحكمة أ ن المادة 189 مكرر من القانون التجاري التونسي لا تطبق على العقود. بالتالي، تكون العقود قد أُبرمت بشكل صحيح والطلب المقابل المقدم والهادف الى إعلان ابطال العقود بطلاناً مطلقاً واجب رده. i (في جميع الأحوال وبشكل استطرادي، تنازلت المدعى عليها عن حقّها في رفـع دعـوى إبطال ("دعوى فسخ" في القانون التونسي): 198- على سبيل الاستطراد، وعلى الرغم من اعتبار أن المادة189 مكرر تُطبق (وهي ليـست الحال وفقاً للمحكمة)، يعتبر التنفيذ الطوعي للعقود من قبل المدعى عليها من حين إبرامها في يناير 2006 لحين فسخها في 2 أبريل 2009 من دون إثـارة الـدفع بعـدم التمـسك بالشكليات، بمثابة تنازل عن الحق في رفع دعوى إبطال بموجب المادة 338 مـن مجلـة الالتزامات والعقود. تنص هذه المادة على أنّه "في حال عدم اقرار العقد أو التصديق عليه بشكل صريح، يكفي أن ينفّذ الموجب القابل للفسخ طوعاً، بكامله أو ببعض أجزائه، من قبل من هو على علم بعيوبه، وذلك بعد انقضاء الفترة التي كان بالإمكان خلالها إقرار الموجب بشكل صحيح أو التصديق عليه . إن الإقرار، الاعتراف أو التنفيذ الطوعي، بالشكل المحدد وقتها في القانون، يفيد التنازل عن الوسائل والاستثناءات التي كان بالإمكان ا لاحتجاج بها ضد الموجب القابل للفسخ