الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48 / إرادة الأطـراف هي التي يرتكز عليهـا التحكيم - بتخلف الاتفاق يمنع القول بقيام التحكيم - لا عبرة بالإرادة التي لم تتجه لإحداث أثر قانوني - توقيـع عـقـد بصفة شـاهد لا يــؤدي الى انصراف إرادة الالتـزام بالتحكيم ولا يمتد شرط التحكيم إليه.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    519

التفاصيل طباعة نسخ

الاختصاص، ويرفض دعوى المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثاني، وفي الدعوى المقابلـة بـالزام المطعون ضدها الأولى أداء مبلغ 25,000,000 جنيه للطاعنة تعويضاً عن الضرر المـادي ومبلغ مماثل تعويضا عن الضرر الأدبي، وفائدة مقدارها 5% سنويا من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد، وبإلزام المطعون ضده الثاني أداء مبلغ خمسة وعشرين مليون جنيه تعويضا للطاعنة عن الضرر المادي، ومبلغ مماثل تعويضاً عن الضرر الأدبي، وفائدة مقدراها 4% سنويا من تـاريخ الحكم وحتى تمام السداد، ويرفض ما عدا ذلك من طلبات، أقام المطعون ضده الثاني الـدعويين رقمي 11 و 14 لسنة 132 قي تحكيم استئناف القاهرة طالبا الحكم ببطلان حكم التحكيم، كما أقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 12 لسنة 132 ق بذات الطلب، وبتاريخ 2016/1/6 وبعـد أن ضمت المحكمة الدعويين الأخيرتين للأولى قضت في الدعاوى المذكورة بطلان حكـم التحكيم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بـالطعون ذات الأرقام 2698 و 3100 و 3299 لسنة 86 ق، وقدم محامي المطعون ضده الثاني مذكرة – في الميعاد - دفع فيهـا بعـدم قبول الطعن لسبق تنازل الطاعنة عن حقها في الطعن بالنقض وبعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، وأودعت النيابة مذكرة في كل طعن أيدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيـه وبعرض الطعون الثلاثة على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأت أنها جديرة بالنظر، وقررت ضم الطعنين الثاني والثالث إلى الأول للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وبالجلسة المحـددة

 

التزمت النيابة رأيها.

 

وحيث إن مبنى الدفع الأول المبدى من المطعون ضده الثاني بعدم جواز الطعن لسبق تنازل الشركة الطاعنة عن حقها في الطعن بالنقض، طبقا للثابت من شرط التحكيم الذي اتفق فيه علـى أن يكون حكم المحكمة التي تنظر دعوى البطلان نهائيا وملزما، وليس محلا لأي طعن، ويترتب على ذلك أن يكون الحكم الصادر من محكمة الإستئناف التي نظرت دعوى البطلان غيـر قـابـل للطعن بطريق النقض.

 

وحيث إن الدفع غير سديد، ذلك أن النص في المادة 248 من قانون المرافعات المدنيـة والتجارية على أنه اللخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة مـن مـحـاكم الإستئناف في الأحوال الآتية: (1) إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله. (2) إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فـي الحـكـم" مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض في الحـالات التـي حددتها هذه المادة، على سبيل الحصر، جائز كأصل عام في الأحكـام الـصادرة مـن مـحـاكم الاستئناف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة استئناف القاهرة، فإن الطعن فيـه بطريق النقص استنادا الى أي من الحالات يكون جائزا، ولا وجه للاستناد في هذا الخصوص الى المادة 219 (2) من قانون المرافعات التي أجازت للخصوم الاتفاق ولو قبل رفع الدعوى على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولى انتهائيا، إذ إن تطبيقها مقصور – وفقا لصريح الـنص -علـى النزول عن الطعن بطريق الاستئناف في الأحكام الابتدائية، دون أن يمتد هذا الاستثناء الى الطعن بطريق النقص في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، وترتيبا على ذلك فلا يجوز النـزول مقدما عن الحق في الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فـي الـدعاوى المقامة بشأن بطلان أحكام التحكيم قبل صدور الحكم فيها، وطالما لم يرد في قانون المرافعات أو في قانون التحكيم أي نص يمنع من الطعن فيها بطريق النقض، فإنها تظل خاضعة للأصل العام الوارد في المادة 248 من قانون المرافعات آنفة البيان، ويكون الطعن فيها بطريق النقض جائزاء وحيث إن مبنى الدفع الثاني المتار من المطعون ضده الثاني بعدم قبول الطعن لرفعـه مـن غير ذي صفة، هو أن الطاعنة المحكوم لصالحها في القضية التحكيمية، والتي سبق لها التعاقد مع المطعون ضدها الأولى، هي شركة المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعيـة (مركـز تلفزيـون العاصمة CBC ش.م.م.)"، في حين أن الشركة التي شرعت في الحصول على الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم وباشرت الإجراءات في دعوى البطلان أمام محكمة استئناف القاهرة وأقامـت الطعون الثلاثة المائلة هي شركة أخرى اسمها "شركة مجموعة قنوات مصر ش.م.م."، وقد سبق له التمسك بهذا الدفع أثناء نظر دعوى البطلان، موضحا استغلال الشركة للتشابه في الاسم بين الشركتين، ولذلك فقد صدر الحكم المطعون فيه في مواجهة الشركة المتعاقدة المحكوم لصالحها دون الشركة الأخرى المشابهة لها في الاسم.

 

وحيث إن الدفع في غير محله، ذلك أن الثابت من المستندات المرفقة بـالطعن أن رئـيس مجلس إدارة شركة المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعية (مجموعة قنوات مصر) قد أصدر توكيلا رسميا عاما في القضايا برقم 714 (ج) لسنة 2014 مكتب توثيق نقابة المحامين بالجيزة بتـاريخ 2014/11/27، للمحامين المدافعين عن الشركة، بموجب السجل التجاري رقـم 52268 لسنة 2011 استثمار القاهرة. وكان الثابت من الاطلاع على السجل التجاري المذكور أن مـدة هـذه الشركة عشرين سنة تبدأ من 2011/6/9، وأن الغرض من تأسيسها هو إطـلاق عـدة قنـوات فضائية وتحمل أول قناة فيها اسم (مركز تلفزيون العاصمة CBC)، ومن ثم فلا تكـون هنـاك شركتان، وإنما شركة واحدة، ولا يكون ثمة ما يشكك في حقيقة اسمها أو صـحة اتصالها بالخصومة في الطعن من واقع ما هو ثابت يحكم التحكيم وبالحكم المطعون فيه، فيضحي الـدفع

 

على غير أساس, وحيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.

 

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقـه وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه ببطلان حكم التحكيم على ما قاله من أن هيئة التحكيم لم تبين عناصر الضرر الواقعية التي طرحتها الشركة الطاعنة، والتـي يترتب علـى ثبوتهـا الحكـم بالتعويض، مع أن دعوى البطلان لا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع، مما يعيـب الحكـم ويتوجب نقضه.

 

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كان القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد أجاز الطعن بدعوى البطلان في حكم المحكمين، إلا أنه قصر البطلان على أحوال معينة بينتها المادة 53 منه، على سبيل الحصر، وليس لقاضـي دعـوى الـبطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوي في ذلك أن يكـون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد أو تقديرهم للتعويض، لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال حكمهم باعتبار أن دعوى الـبطلان تختلـف عـن الطعن بطريق الاستئناف، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن قدم لقضائه بقبوله: إن دعوى إيطال حكم التحكيم لا شأن لها بالنتيجة التي خلص إليها الحكم أو بصحة تطبيق المحكـم للقواعد القانونية التي تحكم المنازعة من ناحية الموضوع، وأن أخطاء حكـم التحكيم المتعلقـة بعيوب التقدير بالنسبة للواقع أو بمخالفة القانون لا يجعله موصوما بالبطلان، عـاد ليقـرر: "أن رقابة القضاء على تسبيب حكم التحكيم ولئن كانت لا تقتضي فحصاً أو تمحيصاً موضوعيا فإنها الشكل الظاهري، فيتحقق سبب البطلان إذا تبين عند قراءة حكم التحكيم "بدقـة" وجود مخالفة ملموسة بارزة في أسبابه كانت حيوية وحاسمة فيما انتهى إليه من نتيجة. ثم أشـار الحكم إلى أنه، وعلى الرغم من أن المحتكمة طرحت في دعوى التحكيم وعلى نحو مفصل أوجه الضرر الذي لحقها، مستندة في ذلك الى تقرير خبرة فنية أعده محاسبها القانوني "مكتب ارنست اند يانج"، إلا أن هيئة التحكيم لم تتحر" توافر عناصر الضرر الواقعية التـي طرحتهـا الـشركة المحتكمة في حال ثبوتها للحكم بالتعويض، بل ذكرت صراحة عبارة "أنها لم تنقيد بها"، فتكـون هيئة التحكيم قد استبعدت وأسقطت أوجه الضرر التي كانت مطروحة من جانب المحتكمـة وقدرت مباشرة مبالغ التعويض المحكوم به على نحو اجمالي دون أن تكشف أو تذكر شيئا ثبوتياً أو نفيا عن الضرر الذي تم التعويض عنه، وأثر ذلك في الحكم، وبذلك يكون حكم التحكـم قـد أغفل مسألة جوهرية تتعلق بالأضرار المؤدية للتعويض وتركها بغير تسبب أو تدليل أو مواجهة اكتفاء بتناول ركن الخطأ ومظاهره باستفاضة، مع أن حكم التحكيم لا يقوم مع غياب الأسباب المتعلقة بوقائع الضرر، إذ هي عماد الحكم وقوامه، وبذلك يكون قد تحقق للمحكمة سبب بطـلان حكم التحكيم". وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ليس من بين حالات البطلان التـي أوردتها المادة 53 من قانون التحكيم، على سبيل الحصر، ذلك أن استخلاص توافر ركن الخطـا وتقدير التعويض عنه من سلطة هيئة التحكيم ويتعلق بفهم الواقع في النزاع المطروح عليهـا وكان المشرع لم يجعل من خطأ حكم المحكمين في استخلاص وقائع النزاع أو قضائه بالتعويض جملة دون بيان عناصر الضرر أو مبالغته في تقدير التعويض من الأسباب التـي تجــر طـلـب إيطال الحكم، إذ هي من مسائل الواقع questions of fact التي تدخل في نطـاق السلطة التقديرية لهيئة التحكيم وليست من حالات بطلان حكم التحكيم، ولا يتسع لها نطاق هذه الدعوى حسبما تقدم بيانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم فإنـه

 

يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه وحيث إن موضوع دعوى بطلان حكم التحكيم رقم 12 لسلة 132 ق استئناف القاهرة المقامة من المطعون ضدها الأولى (منتجة البرنامج) صالح للفصل فيه. ولما كانت الشركة المطعون ضدها الأولى تستند في دعواها، وعلى ما هو ثابت بمـدونات الحكم المنقوص (ص 9-10) الى سببين فقط، أولهما، المغالاة غير المسبوقة في تقدير التعويض المحكوم به على نحو جزافي تحكمي. وثانيهما، أن حكم التحكيم أغفل استظهار ركن الضرر رغم أهمية ذلك وتأثيره في دعاوى التعويض عموما. وإذ كانت هذه الأسباب، وعلى ما سلف بيانه، لا تعد من الأسباب التي يجوز التعرض لها في دعوى البطلان، وهذه هي أبرز عيـوب نظـام التحكيم؛ فلا تستطيع محكمة النقض، في مقام احترامها للقانون، وأيا كان وجه الرأي في كيفيـة تقدير التعويض من جانب هيئة التحكيم، إلا إحترام هذا الحكم، ولا يحق لها المساس به، ومن ثم

 

فلا تملك إلا أن تقضي برفض دعوى البطلان المرفوعة من المطعون ضدها الأولى. وحيث إن دعوبي بطلان حكم التحكيم رقمي 11 و14 لسنة 132 ق استئناف القاهرة

 

المقامتين من المطعون ضده الثاني (مقدم البرنامج) صالحتان للفصل فيهما.

 

وحيث إنه من المقرر أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونيـة معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي يرتكز عليها التحكيم، وتحدد نطاقه مـن حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجـراءات التحكيم وغيرها، وعلى ذلك فمتى تخلف الاتفاق امتنع القول بقيام التحكيم، وهو ما يستتبع نسبية أثره فلا يحتج به، إلا في مواجهة الطرف الذي ارتضاه وقبل خصومته، وكـان مـن الأصـول المقررة أن العقد يصدق على كل اتفاق يراد به إحداث أثر قانوني، وإسباغ وصف المتعاقد إلمـا ينصرف إلى من يفصح عن إرادة متطابقة مع إرادة أخرى على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو زواله في خصوص موضوع معين يحدد العقد نطاقه، دون أن يعتبر - بإطلاق – كل من يـرد ذكره بالعقد أنه أحد أطرافه، طالما لم يكن له صلة في شأن ترتيب الأثر القانوني الذي يدور حوله النزاع الناشئ بسبب العقد. وفي التحكيم، يجب أن يكون التوقيع منصبا على إرادة إبرام اتفـاق التحكيم. وكان اتفاق التحكيم، شرطا كان أو مشارطة، هو عقد حقيقي له سائر شـروط وأركـان العقود عموماً، والتراضي Consent ركن لا يقوم بدونه اتفاق التحكيم، وجوهره تقابل ارادتين متطابقتين للطرفين الراغبين في اتخاذ التحكيم سبيلا لتسوية منازعاتهما، بعيدا عن قضاء الدولـة صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات، أيا كان نوعها وأيا كان أطرافها، فإذا عبر أحـد الطرفين ايجابا Offer عن رغبته في تسوية النزاع عن طريق التحكيم، فيلزم أن يكـون قبـول acceptance الطرف الآخر باتا ومنتجا في إحداث آثاره، حتى يمكن القول بوجود تطابق حقيقي بين ايجاب وقبول طرفي التحكيم Consensus ad idem/meeting of the minds على نحو لا يتطرق إليه أي شك أو احتمال أو جدل، ويتحقق التراضي على شرط التحكيم، بالمفاوضـات التي تدور بين الطرفين حول بنود العقد الأصلي وشروطه ومن بينها شرط التحكيم بإعتبـاره عقداً مستقلاً داخل العقد الأصلي - واثبات التراضي على ذلك كتابة والتوقيع عليه منهما، وهو ما أوجبته المادة 12 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية من أن يكـون اتفـاق التحكـيم مكتوباً، وإلا كان باطلاً، وهو كذلك ما استلزمته، من قبل، المادة 2(2) من اتفاقية نيويورك لعـام 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبـة وتنفيذها 1958 New York Convention والتي انضمت إليها مصر ودخلت حيز النفاذ في 7 يونيه 1959، فأضحت بعد نشرها في الجريدة الرسمية جزءا لا يتجزأ من النظام القانوني المصري، من أنه "يشمل مصطلح "اتفـاق مكتـوب "agreement in writing أي شرط تحكيم يرد في عقد أو أي اتفاق تحكيم موقع من الطرفين signed by the parties أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة. وعلة استلزام الكتابة، سـواء لوجود اتفاق التحكيم أو لإثباته، مرجعها أن التحكيم والاتفاق عليه من التصرفات القانونيـة ذات الخطر، لما في ذلك من نزع الاختصاص بنظر النزاع بين طرفي الاتفاق من قضاء الدولة، الذي يتعين الامتناع عن الفصل في أي دعوى يتمسك فيها الخصم بوجود اتفاق تحكيم ويعتـرض منكرا أي حق لخصمه في الالتجاء إلى القضاء، ولما يقتضيه اتفاق التحكيم من مخاطرة الطرفين ببعض أو كل حقوقهم، لانعدام الفرصة في الطعن على حكم هيئة التحكيم بأي طريق من طـرق الطعن العادية أو غير العادية، ومن ثم يتعين التيقن من أن إرادة الأطراف اتجهت إلى إبرام اتفاق التحكيم عن إرادة واضحة ويقين قاطع، ولا عبرة هنا بالإرادة التي لم تتجه لإحداث أثر قانوني وأخيرا، لما في اتفاق التحكيم من احتمال ترتيب أثر في حق الغير، حينما يمتد اتفاق التحكيم الى أطراف آخرين وعقود أخرى تتصل بالعقد الأصلي، كما هي الحال بالنسبة لإمكان امتداده فـي حالة مجموعة الشركات group of companies أو مجموعة العقـود Group of contracts أو امتداده الى الخلف العام universal successor كالوارث والموصى له بجزء غير معين من التركة، أو امتداده للشركة الدامجة merging company باعتبارها خلفاً عاماً للشركة المندمجة merged company، وكذلك امتداده في حالة حوالة الحق assignment of a right، إذ ينتقل الحق المحال حوالة صحيحة، والوارد في عقد يتضمن شرطاً تحكيمياً، من المحيل assignor الى المحال إليه assignee مقيدا بشرط التحكيم.

 

لما كان ذلك، وكان مدعي البطلان - المطعون ضده الثاني - قد تمسك أمام هيئة التحكيم، وفي دعوى البطلان المائلة، بالدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في الطلبـات الموجهـة إليه باعتبار ه ليس طرفا في شرط التحكيم وبعدم توافر حالة من حالات امتداد هـذا الـشرط إليه. وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن مجرد توقيعه العقد المؤرخ 2012/7/25 المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى بوصفه شاهدا (بند 3) ومصادقا وضامنا لتنفيذ التزاماته هـو لا يمكن أن يؤدي الى توافر رضاه وإنصراف إرادته إلى الالتزام بشرط التحكيم صـراحة أو ضمنا، أو امتداد شرط التحكيم إليه، فالواضح بجلاء من العقود التي وقع عليها، على النحو آنف البيان، أنه عندما وقع كطرف في عقد 2012/7/1 مع المطعون ضدها الأولى اتفق معها علـى حسم خلافاتهما عن طريق اللجوء إلى محكمة الجيزة بعيدا عن التحكيم، وأنـه عنـدما وضـع توقيعه على صفحات عقد 2012/7/25 المبرم بين طرفين - فقط همـا الطاعنـة والمطعـون ضدها الأولى، كان جليا أن اسمه لم يرد في ديباجة هذا العقد كأحد أطرافه، كما أن هذا العقد لـم يكسبه أي حق من الحقوق، وإنما وقعه بصفته شاهدا (بند 3) ومصادقا وضامنا لتنفيذ التزاماتـه هو، والتوقيع بهذه الصفة يقطع بإتجاه إرادته الى توقيع بعض بنود العقد - وهي تلك المتعلقة بتنفيذ التزاماته هو - دون غيرها من البنود الأخرى، فضلاً عـن أن القـول بـضمانة لتنفيـذ التزاماته المنصوص عليها في العقد الأول المؤرخ 2012/7/1 هو - في واقـع الأمـر - ذكـر لمفهوم وتحصيل لحاصل، كما اقتصر تحرير هذا العقد، 2012/7/25، على نسختين اصـليتين فقط لطرفيه الحقيقيين، وكل ذلك يفستر سبب تراضي الأطراف في مجلس العقد على عدم وضـع اسمه في ديباجة العقد كطرف ثالث، وعدم توقيعه الصفحة الأخيرة من العقـد تـحـت عبـارة "الطرف الثالث". ويؤكد ذلك أيضا أنه عندما وضع اسمه لاحقا في ديباجـة الإتفـاق التكميلـي المؤرخ 2012/12/9 كطرف ثالث ووقعه بهذه الصفة، فإن هذا الإتفاق لم يتضمن الإشارة الـي شرط التحكيم، حتى يمكن القول بإنصراف ارادته الى التقيد به متلاقية في هذا الخصوص مـع إرادة الطرفين الآخرين، وإنما جاء هذا الملحق مقصورا على تقرير مسؤوليته القانونيـة وحـده دون غيره عن محتوى الحلقات التي يقدمها مع اخلاء الطاعنة والمطعون ضدها الأولى من هـذه المسؤولية، بما يقطع بأنه كان يستخدم إرادته عند توقيع العقود عن بصر وبصيرة، فقـد وقـع کطرف على عقد 2012/7/1 وعقد 2012/12/9 حينما اتجهت إرادته إلى أن يكون طرفا فـي كل من العقدين، في حين أنه وقع كشاهد (بند 3) ومصادق وضامن لإلتزاماته هـو الشخـصية عقد 2012/7/25 بغير أن يكون طرفا فيه، حينما أراد ذلك. وجاء الاتفاق التكميلـي المـؤرخ 2013/2/24 المتعلق بتوسيع نطاق الحق الحصري لعدة مرات عرض البرنامج والنطـاق الجغرافي له، والموقع عليه من طرفيه وحدهما؛ حاسماً في أنه لم يكن طرفا معهمـا فـي عقـد 2012/7/25 وملحقه، وإنما كان وجوده في هذا العقد وملحقه لتأكيد التزاماته تجـاه المطعـون ضدها الأولى باعتبارها المتعاقد الوحيد معه في عقد 2012/7/1، ثم لتأكيد مسؤوليته القانونيـة وحده عن محتوى البرنامج في عقد 2012/12/9، إذ لو كان طرفا حقيقيا في عقد 2012/7/25 لوجب حتما توقيعه العقد المؤرخ 2013/2/24 كذلك، وإذ لجأت المطعون ضدها الأولـى الـي التحكيم إعمالا لشرط التحكيم فلم يكن مدعيا معها في القضية التحكيميـة، وعندما اختـصمته الطاعنة هو والمطعون ضدها الأولى في التحكيم المقابل دفع من أول وهلـة بعـدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع بالنسبة له باعتبار أنه ليس طرفا في شرط التحكيم وأن توقيعه كشاهد (بند 3) وضامن لتنفيذ التزاماته هو لا يشير من قريب أو بعيد إلى إنصراف إرادته إلى الإلتـزام بشرط التحكيم، إذ يقتصر هذا الالتزام على طرفي العقد فقط، عملا بنسبية أثر شـرط التحكـيم privity of arbitration agreement، ولم ينفك عن التمسك بهذا الدفع في سائر المراحـل انتهاء بالطعن بالنقض. وكان لا محل لما تقوله الطاعنة من أن عدم الـرد مـن جـانـب الحـكـم المطعون فيه على دفوع المطعون ضده الثاني ومن بينها الدفع بعدم اختصاص هيئـة التحكـيم بالفصل في خصومة هو طرف فيها – يعد قضاء ضمنيا حائزا قوة الأمر المقضي برفض هـذه الدفوع، إذ إن ذلك شرطه ألا يكون قد قضى ابتداء لصالح المطعون ضده الثاني بموجب الحكـم المطعون فيه. هذا الى أنه لا يصح الاحتجاج عليه بأنه لم يقدم طعنا في الحكم المذكور لقـصوره في الرد على دفوعه، لأن مثل هذا الطعن كان مصيره الحتسي هو القضاء بعدم جوازه لإنعـدام المصلحة منه.

 

% ٢٤

 

لما كان ما تقدم، فإن الدفع المبدي من المطعون ضده الثاني بعدم اختصاص هيئة التحك بالفصل الطلبات الموجهة إليه باعتبار أنه ليس طرفا في شرط التحكيم، وبعدم توافر حالة من حالات امتداد هذا الشرط إليه، يكون قد جاء على سند صحيح من الواقع والقانون، وهو ما تقضي

 

معه المحكمة ببطلان حكم التحكيم بالنسبة له وحده. لذلـك

 

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومـانتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع دعوى البطلان رقم 12 لسنة 132 في استئناف القاهرة برفضها وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة. وحكمت في موضوع الدعويين رقمي 11 و14 لسنة 132 ق استئناف القاهرة ببطلان حكم التحكيم بالنسبة الى المطعون ضده الثاني وحده وألزمت الطاعنة مصروفات الدعويين ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

رئيس النيابية أمين السر خالد وجيه معتز عطاوية محمد الشبابي د. محمد رجا أحمد الغرب مصطفی سالمان

 

العضو العضو

 

ثانيا رئيس المحكمة برئاسة نائب رئيس المحكمة القاضي نبيل عمران