الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48 / تحكـيم - تمثيـل أحـد الفـرقـاء بوكيـل - صحة التمثيـل لا تعتبر مسألة متعلقة بالنظـام الـعـام - الوكالة الخاصة المطلوبة في صحة التمثيـل بـإبرام عقد تحكيمي ليست ضرورية في إطار التمثيل في المحاكمة التحكيمية - وكالة عادية تكفـي - عدم ذكر إسم الوكيل في القرار التحكيمي ليس من أسباب الإبطال – ألبند التحكيمي كيان خاص ومـواز لكيـان العقـد الـذي تـضمنه - ألبنـد التحكيمـي يقتضي إعماله كلما ثار نزاع في شأن العـقـد المنبثـق منه – إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي من رئيس محكمة خارج نطاق المحكمة التي صـدر في منطقتهـا القـرار التحكيمي - مخالفة لا تفضي إلى البطلان - الأمر يتعلـق بـقـرار تـوزيـع الأعمـال وليس بالإختصاص

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    470

التفاصيل طباعة نسخ

(محكمة الإستئناف في جبل لبنان، الغرفة الأولى المدنية، القرار رقم 2016/109 تـاريخ

 

2(2016/6/27 نستهل تعليقنا على الحكم الصادر عن محكمة استئناف جبل لبنان بعرض موجز للوقائع يتبعه إشارة لحكم التحكيم، ثم أوجه الطعن بالبطلان عليه ثم نعرض لحكم محكمة البطلان وتردف بخاتمة ننني فيها على ذلك الحكم العاكس لإستقلال القضاء اللبناني الشامخ والذي يهتم بالمحافظة على حكم التحكيم، وذلك على التفصيل التالي:

 

الوقائع:

 

تتلخص وقائع النزاع أن السيد الياس خليل الشماس زوج المطلوب الإبطال بوجهها إشترى خلال عام 1992 الشقة موضوع النزاع الكائنة في بناء كان في ذلك الحين قيد الإنجاز، إسـتلمها عام 1994 وأجرها من طالب الإبطال خلال عام 2001 بموجب عقد إيجار خطي تـضمن فـي المادة 4 منه بندا تحكيميا.

 

وأنه خلال عام 2002، وعقب معاملة الإفراز في البناء الواقعة في الشقة المؤجرة والمسجلة في السجل العقاري على إسم زوجته المطلوب الإبطال بوجهها، ومع استمرار الإجازة، إسـتمر الزوج المؤجر الأساسي بالتعامل مع المستأجر طالب الإبطال بقبض بسدلات الإيجـار وبتجديـد الإجارة سنة فسنة نيابة عن المالكة المطلوب الإبطال بوجهها. إنه بتاريخ 2011/3/2 وجه طالب الإبطال إلى المطلوب الإيطال بوجههـا كتابـا أعلمهـا بموجبه بأنه ما زال يشغل المأجور بعد إنقضاء مدة العقد، وبأنه غير راغب في تجديد هذا العقد، وبأنه يرغب في إخلاء المأجور نهائياً قبل تاريخ 2011/6/30، وتعهد بالنتيجة بإخلاء المـأجور

 

وبتسليمه إليها شاعرا وبحالة جيدة في مهلة أقصاها 2011/6/30، وبأن يدفع لها خلال شهر آذار

 

من سنة 2011 مبلغ 3000 دولار أميركي وإلا كان ملزماً بالإخلاء قبل حلول الأجل دون حاجة

 

إلى إنذار أو إلى مراجعة قضائية.

 

إنه بتاريخ 2011/11/18 وبسبب إستمرار طالب الإبطال في إشغال المأجور وتمنعه عـن دفع البدلات تقدمت المطلوب الإيطال بوجهها ممثلة بوكيلها القانوني الأستاذ إيلي جورج سلامة المستمدة وكالته من وكالة نظمتها لوكيلها المدني زوجها الياس شماس، بإستدعاء تحكيمي بوجـه

 

طالب الإيطال يرمي إلى:1- إعلان العقد منفسخاً حكماً على مسؤولية طالب الإبطال وإلزامه بالإخلاء فـوراً بعـدما أصبح إشغاله للمأجور بدون مسوغ شـرعي، وعلـى سبيل الغـصـب بـدءاً مـن 2011/3/30

 

2- وفي مطلق الأحوال إعلان إنتهاء مدة العقد في 2011/6/30 وإعتبار إشغال طـالـب الإبطال للمأجور بعد هذا التاريخ هو إشغال غير مشروع وإلزامه تكرارا بـالإخلاء الفوري وبدون مهلة تحت طائلة غرامة إكراهية عن كل يوم تأخير في كلا الحالتين. 3- الزام طالب الإيطال بأن يدفع لها رصيد البدلات المتراكمـة بذمتـه حتـى تـاريخ -2011/11/30

 

وبالنتيجة فقد قرار المحكم: - إعلان إختصاصه لبت النزاع عملا بمبدأ حرية التعاقد وإلزامية العقود لأطرافها، وفـي ضوء مضمون البند التحكيمي الصريح الوارد في عقد الإيجار موضوع الدعوى الـذي خول بموجبه الطرفين المحكم بت أي نزاع أو خلاف يمكن أن ينشأ عن تنفيذ العقـد أو تفسير أو تطبيق الإتفاقية أو أحد بنودها.

 

- إلزام طالب الإبطال، من جهة أولى بإخلاء المأجور موضوع الدعوى فـورا دون سهلـة لعلة إنتهاء إيجارته بإنقضاء الأجل المتفق عليه سندا للمادة 590/م.ع. بحيث بات إشغاله للمأجور دون مسوغ شرعي، ومن جهة ثانية، بأن يسدد للمطلوب الإبطال بوجهها مبلـغ 55400، بمثل بدلات الإيجار المرتبة في ذمته حتى 2011/11/30 وذلك عن أشهر 4 حتى 12 من عام 2011 البالغة في مجموعها 2700$ كون منازعة طالب الإبطال حول تسديده بعض بدلات الإيجار بقيت مجردة من أي دليل. وحيث أن المحتكم هذه المدعى عليه لم يرضخ لحكم التحكيم بل بادر لطلب بطلانه متمسكاً بعدة أسباب ستعرض لها لاحقا ولكن محكمة الإستئناف مصدرة الحكم محـل التعليـق فـررت بالإجماع

 

1 - قبول طلب الإبطال شكلا ورده موضوعا.

 

2 - رد كل ما زاد أو خالف ذلك.

 

3 - مصادرة التأمين وتضمين طالب الإبطال النفقات والرسوم كافة.وسنتولي التعليق على الحكم من خلال المحاور التالية: المحور الأول - الحضور الشخصي والحضور التمثيلي أمام هيئات التحكيم، المحور الثاني - النفس في بيانات الحكم. المحور الثالث - مبدأ استقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. المحور الرابع - محكمة البطلان ليست محكمة موضوع.

 

المحور الأول - الحضور الشخصي والحضور التمثيلي أمام هيئات التحكيم : لما كان طالب الإبطال قد أدلى بأن القرار المطعون فيه قد خالف نص المادتين 778 و 779 م.ع، لعدم تثبته من وكالة زوج المطعون بوجهها التي تخوله طلب التحكيم بـدلا مـن زوجتـه المطلوب الإبطال بوجهها، ولا وكالة من وكيلي الخصمين ولا مما إذا كانت هذه الوكالة تجيز له تمثيل موكله أمام المحكمة ولا سيما أن حق التحكيم وتعيين المحكمين يتطلب توكيلاً خاصاً يذكر فيه هذا الحق، الأمر غير المتوافر في هذه القضية كون زوج المطلوب الإيطال بوجهها تجـاوز الحدود المعينة له بموجب وكالته المدنية التي ليس من ضمنها طلب التحكيم، مما يجعـل البنـد التحكيمي باطلا لصدوره عن شخص لا يتمتع بالسلطة التي تخوله طلبه أو حتى القيام به.

 

وقد ردت المحكمة على هذه الدفوع بأنه للأفرقاء في المحاكمة التحكيمية، فضلاً عن إمكانية مثولهم فيها بالذات، أن يتمثلوا بواسطة وكيل يحوز وكالة تخوله ذلك، وإن صحة التمثيل هـذه لا تعتبر مسألة متعلقة بالنظام العام، إذ ليس للمحكم إثارتها من تلقاء ذاته، بل أن الفريق المستفيد من هذه القاعدة الموضوعية لحمايته والمتضرر من تمثيله الخاطئ في حال توافره، يعود لـه وحـده إثارتها وليس الفريق الخصم.

 

الوكالة الخاصة المطلوبة من أجل صحة التمثيل في إبرام العقد التحكيمي أو إبرام عقـد يتضمن بندأ تحكيميا، لا تبقى ضرورية في إطار التمثيل في المحاكمة التحكيمية طالما أنه متساح مثول الخصوم بالذات دون حاجة إلى حضور وكيل عنهم مدنيا كان أو قانونيا، إذ يكفي في هـذه الحالة توافر وكالة عادية صحيحة صادرة عن الموكل لصالح الوكيل تحوله تمثيله أصـولا فـي المحاكمة التحكيمية.

 

ونحن من جانبنا نؤيد المحكمة مصدرة الحكم موضوع التعليق في هذا التعليل الذي ذهبـت

 

إليه حينما ردت هذا السبب من أسباب البطلان لأن الحضور في خصومة التحكيم يتحقق في عدةصور: منها ما يسمى بالحضور الشخصي كان يحضر الخصم بنفسه الجلسة ليتولى الدفاع عـن نفسه إذا كان قادراً على ذلك، وهناك ما يسمى بالحضور التمثيلي، أي عن طريق شخص يمثـل

 

الخصم في الجلس

 

ونظراً لإختلاف التحكيم عن القضاء من هذه الناحية، أي ناحية الإجراءات، فـإن الوكالـة يمكن أن تكون خاصة ولكن في ذات الوقت يمكن أن تكون عامة تتضمن صلاحية التحكيمة.والسؤال الآن، هل يشترط في الوكيل أن يكون محاميا؟ وللجواب على هذا السؤال يمكن القول: ذهب العديد من فقهاء القانون إلى القول أنه يحق لغير المحامي الحـضور أمـام هيئـات التحكيم، منهم الأستاذ الدكتور العميد أحمد أبو الوفا الذي كتب أنه يجوز توكيل غير المحـامين، لأن المحكم في القانون الجديد (أي قانون التحكيم المصري رقم 27 لعام 1994) غير مقيد بقواعد المرافعات، وهذا على خلاف ما كان عليه الحال في ظل نصوص التحكيم الواردة فـي قـانون المرافعات؟.كذلك ذهب الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة أن الأصل أن يكون حضور الأطراف بأنفسهم أمام هيئة التحكيم حيث هم أعلم بأمور قضيتهم، ومقطع النزاع فيها وسائر أسرارها وخباياها، إلا أنه يكفي حضور ممثليهم أو وكلائهم أو مستشاريهم، وللهيئة أن تستوثق من صحة التمثيـل أو

 

مستند الوكالة".وقد نصت المادة السادسة والعشرون من قواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس ICC الصادرة في 2012 على أن يمثل الأطراف إبنا شخصياً أو عن طريق ممثلين مفوضين على وجه صحيح، كما يمكنهم الاستعانة بمستشارين، أي يستفاد أنه لا يشترط أن يمثل الأطراف عن طريق

 

محام تمثيل الأطراف بواسطة أشخاص من اختيارهم دون اعتبار لجنسياتهم أو مؤهلاتهم المهنية، على أن براعي كل طرف أن من يمثله لديه الوقت الكافي للقيام بمهامه في التحكيم حتى يتسلى بدء إجراءات التحكيم دون تأخير. ونظراً لاختلاف التحكيم عن القضاء من هذه الناحية، أي ناحية الإجراءات، فـإن الوكيـل يمكن أن يكون محامياً أو مهندساً أو مدقق حسابات أو تاجراً أو غير ذلك كما يمكن أن يكـون من أي جنسية أخرى غير جنسية الدولة التي يجري التحكيم على أراضيها، وهو المتبع عمليا في التحكيم الحديث، وخاصة الدولي لكن الواقع في الحياة العملية أنه غالبا ما يكون الوكيل محاميـاء يحسن الدفاع عن موكله، لأن الأصيل قد يحضر ويعجز عن الدفاع عن حقوقه، أو قد يسيء الدفاع في الوقت الذي يحسب أنه يحسن فيه صنعا. الدين علم الدين، 2014 من 7. 7- بتاريخ 2014/2/13 قضت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 1595 لسنة 81 في الآتي: "اتفاق طرفي التحكهم على خضوع إجراءاته الواحد غرفة التجارة الدولية بباريس التي خلت من التراط أن يكون وكلاء المحتكمين من بين المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصرية. عدم العلق تلك القواعد بالنظام العام، مؤداه، المي على الحكم بالبطلان لهذا السبب. لا أساس له .

 

كذلك نصت المادة الثامنة عشرة من قواعد التحكيم بمحكمة لندن للتحكـيم الـدولي LCIA الصادرة في 2014 على أنه يجوز لأي من طرفي التحكيم المثول أمام هيئة التحكيم بواسـطة ممثل قانوني أو أكثر. كما ان المحلق الخاص بالأمور التي يتعين علـى الممثـل القـانوني أن براعيها والوارد في خاتمة القواعد لم يشترط أن يكون الممثل القانوني محاميا. كما أن المادة السابعة من قواعد التحكيم لدى مركز دبي للتحكيم الدولي نصت على جـواز

 

والوكالة بالخصومة تحول الوكيل القيام بالإجراءات والحضور ومباشرة الدفاع وإعـلان الحكم الصادر في الخصومة، ولكنها لا تحوله الإقرار عن الموكل بالحق المدعى به أو التـازل عنه أو الصلح أو توجيه اليمين الحاسمة أو قبولها أو ردها كما لا تجيز له تـرك الخصومة أوالتنازل عن الحكم أو عن أي طريق من طرق الطعن أو القيام بأي تصرف آخر يوجب له القانون

 

تفويضاً خاصاً. ويترتب على الوكالة بالخصومة أن يصبح موطن الوكيل، بقوة القانون، موطنـاً مختـار

 

الإعلان أوراق الخصومة. وفي اجتهاد لمحكمة التمييز الأردنية، القرار رقم 1995/704 (هيئة خماسية) تـاريخ 1995/5/23 منشورات مركز عدالة حول الخصومة، جاء فيه ما يأتي: الا يوجب قانون نقابة المحامين على المتداعين أن يمثلوا أمام المحكمين بواسطة محامين كما لا يوجب عليهم أخذ توقيع أحد المحامين على اللوائح التي تقدم الى المحكم حسبما تنص عليـه المادة 41 من قانون نقابة المحامين

 

والذي نريد التركيز عليه أن تقييد حرية الأطراف في اختيار من يمثلونهم يتعارض وفكـرة اللجوء إلى التحكيم كوسيلة غير تقليدية لتسوية المنازعات، إذا أن المشرع قد ترك الحريـة للأطراف في اختيار كافة الإجراءات والمسائل المتعلقة بكيفية سير إجـراءات التحكــم بـدءا بصياغة اتفاق التحكيم واللغة المستخدمة في المرافعة أو المذكرات والحكـم والقانون واجـب التطبيق ومدة التحكيم ومكان التحكيم وغيرها من المسائل التي تتم على أن غاية المشرع هـي اطلاق حرية الأطراف في الاتفاق على كل ما هو متعلق بتسوية منازعـاتهم بمـا لا يتعـارض والنظام العام. إضافة إلى أن قانون التحكيم ذاته – وهو الذي ينظم العملية التحكيمية فـي حالـة غياب اتفاق الأطراف – لم يشترط أية اشتراطات أو يضع قيودا على حرية الأطراف في اختيار من يمثلهم أي من يرونه جديرا بعرض دعواهم والدفاع عنهم، ما دام أن هيئة التحكيم اسـتوثقت من صحة التمثيل بموجب سند وكالة صحيح يبيح ذلك ما لم يرد تعديل تشريعي ينص بوضـوح على ضرورة توافر شروط معينة في شخص من يقوم بتمثيل الأطراف أمام هيئة التحكيم. وحيث أن مدعي البطلان كان قد تمسك بأن القرار المطعون فيه قد خالف النظـام العـام عبر عدم التثبت من صفة ممثلي المتداعين ومن صحة التمثيـل بـدليل عـدم ذكـر وكيلهمـا الأمر الذي يشكل عيوبا موضوعية بمفهوم المادة 60/أ.م. م تؤدي إلى بطلان الإجراء الفضا

 

برمت

 

ونحن من جانبنا نقول أنه لا يمكن القول بأن تمثيل الشخص المدني لأي طرف من أطراف التداعي أمام هيئات التحكيم فيه مخالفة للنظام العام بمعناه الوارد اعلاه، إذ اننا نتفق والرأي القائله.بجواز تمثيل الشخص المدني أمام هيئات التحكيم سواء أكان تحكيماً محلياً أم دولياً، بسبب أن مثل هذا التمثيل لا يمكن أن تصور أن يؤثر تأثيرا سلبيا على المصلحة العامة للأفراد والمجتمع لا من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، مع الأخذ في الاعتبار أن النظام العام هو إعـلاء مصلحة المجتمع وليس مصلحة الفرد، وبالتالي فإذا ما أضير الفرد من جراء اختيار تقع مضاره عليه وحده أو على الكيان الذي يمثله، ولا يتعين أن يؤثر ذلك على المجتمع ككل".

 

المحور الثاني- النقص في بيانات الحكم:

 

لما كان طالب الابطال قد تمسك ببطلان الحكم لعدم ذكر اسم الوكيلين فـي مــن القـرار التحكيمي ولكن المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق ردت هذا السبب من أسباب البطلان معللـة ذلك أن عدم ذكر اسم الوكيلين في متن القرار التحكيمي ليس من أسباب البطلان، وذلك لخـروج كل تلك المسائل بحسب ماهيتها وطبيعتها عن احكام المادة 800 أ.م.م.، ولعدم انطوائها تحديـدا

 

على ما يشكل مخالفة للنظام العام.ونحن نؤيد المحكمة في هذه النتيجة التي انتهت إليها حين ردت هذا السبب من أسباب البطلان لأن الضوابط القانونية التي يدور التحكيم في فلكها، إنما تستمد من فكرة التحكيم بحسبانه وسيلة اتفاقية لفض المنازعات ذات خصائص ومعايير متميزة عن القضاء وهو ما يستتبع تميـز هذه الضوابط عن مثيلتها التي تحكم العمل القضائي. ذلك أن للتحكيم ضوابطه وقناعاتـه التـي تتسق مع أهدافه ومناخه والمبادئ اللصيقة به، لذلك فإن للتحكيم معاييره التي تمليها الأسس التي يقوم عليها، والتي تكون مختلفة ولو قليلا في دلالاتها ومعانيها عن تلك المطبقة في مجال الدعوى

 

القضائية. وكما هو واضح فإن حكم التحكيم قد شابه نقص في أسماء وكلاء الخصوم وبناء على ذلـك فقد أسس طالب الابطال على هذا الإغفال سببا لإبطال القرار، وقد أجابت عنه محكمة الاستئناف مصدرة القرار محل التعليق بصورة مقتضبة بأنه مردود. حيث أن خلو الحكم الطعين من ذكر أسماء وكلاء الخصمين وهذا من البيانات التي أوجبهـا القانون كأسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وصفاتهم فإن هـذا السبب من أسباب البطلان في محله، لأنه من المقرر قانوناً أن النقص في أسماء الخصوم وصفاتهم والـذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى لا يترتب عليه

 

بطلان الحكم، وإن كل ما قصده المشرع في هذا الصدد التعريف بأسماء وصفات مـن تـرددت

 

بينهم الخصومة ما دام هذا التعريف بالأشخاص نافيا للجهالة مانعا من الليس.

 

ونحن من جانبنا نقول: من المقرر أنه يمكن تكملة بيانات الحكم من أوراق أخرى طالما كانت هذه الأوراق سـابقة على الحكم ويشير إليها الحكم صراحة. وصحيح انه يجب أن يشتمل حكم التحكيم على بعض البيانات كأسماء الخـصوم وأقـوالهم ومستنداتهم، إذ جرى النص على أنه: "يجب أن يشتمل حكم التحكـم علـى أسماء الخـصوم وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقـوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجبا" لكـن ذلـك لا يعني على الإطلاق أن الجزاء المترتب على جميع المخالفات هو البطلان.ويضاف إلى ذلك أن أنه لا يطلان بدون ضرر وحيث ان اغفال اسم وكلاء الخصمين لا يترتب عليه ضرر لطالب البطلان لأن دعوى البطلان ليست هدفها في ذاتها بل لا بد من وجود الضرر والمصلحة الجدية، ولأن المخالفات والعيوب التي ترتكب في نطاق التحقيق أو المحاكمة لا توثر في صحة القرار التحكيمي، إلا إذا أصاب المدعي ضرر من جرائهـا وأن يكـون هـذا الضرر قد أثر في نتيجة حكم التحكيم.

 

ونحن نتفق مع المحكمة ونؤيدها حينما قررت رد هذا السبب من أسباب البطلان لأنه ولسنن كان قانون التحكيم قد حدد صراحة بيانات حكم التحكيم – من ناحية شكله الخارجي أي بوصفه العمل الإجرائي الخارجي للخصومة التحكيمية – وألزم أن يذكر في الحكـم أسماء الخـصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم إلا أنه لم يتطلب أن ترد هذه البيانات بترتيب معين أو على شكل ما وعلى كل حال فإن المشرع لم يرتب البطلان صراحة " بلفظـه " على تخلف أي من البيانات المتقدمة أو الخطأ فيها.

 

إن هذا النهج الذي قررته المحكمة يؤكد أنه ليس بالضرورة لأي خلل يحـصـل فـي ذكـر البيانات سوف يؤدي إلى البطلان، كما أن أسباب البطلان قد حددت على سبيل الحـصر، ولأن اغفال أو نقص البيانات أو الخطأ فيها كلها أو بعضها لا يرتب في ذاته البطلان حسب القواعـد العامة في العمل الإجرائي – وذلك طالما أمكن تكملة النقص أو تصحيح الخطأ الذي شابها مـن باقي أوراق الدعوى الصادر فيها الحكم. كما أنه من المقرر في القانون أن البيان الـذي يـؤدي تخلفه إلى البطلان هو الذي لا يمكن أن تتحقق الغاية منه إذا ما تخلف .

 

المحور الثالث - مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي": بموجب السبب الثاني فقد أدلى طالب الابطال بعدم صلاحية المحكم للنظر في النزاع بسبب انتهاء عقد الايجار بين الفريقين كون العقد المذكور انتهى في 2004/10/20 كما هو ثابت مـن نص المادة 11 منه على أن كل تساهل او تسامح في شروط العقد مهما تكرر ومهما كانت مدتـه لا يعطي الفريق الثاني أي حق ولا يمكن ان يعتبر بأي حال من الأحوال تغييـراً أو تجديـداً أو الغاء للشروط المذكورة وبالتالي فإن انتهاء مفاعيل العقد أدى إلى زوال الشروط الخصوصية بما في ذلك البند التحكيمي الذي قضى بتعيين الاستاذ سمير ثابت محكما، وأن الطاعن سبق وأن أدلى أمام المحكم بعدم صلاحيته، إلا أن الأخير وخلافاً لنص المادة 785/أ.م.م. اكتفـى بـإعلان صلاحيته مستندا إلى نص المادة 1/762 م. م. دون البحث في المسألة القانونية المذكورة التـي آثارها الطاعن امامه ودون الاشارة حتى إلى استمرار العقد بمفاعليه.

 

وقد ردت المحكمة على هذا السبب من أسباب البطلان بقولها أنه للمحكم سلطة النظر فـي اختصاصه وصلاحياته، بحيث يرد كل ما يدلي به طالب الابطال لهذه الجهة، يبقى من المجـدي الإشارة إلى أن الادلاء بسقوط الاتفاق التحكيمي، هو بدوره مستوجب الـرد لاستقلالية البنـد التحكيمي الذي يشكل بذاته كيانا خاصا مستقلا وكيانا موازيا للعقد المتضمن هذا البنـد، والـذي يقتضي إعماله واللجوء إليه في كل مرة بثار نزاع بشأن ذلك العقد مندكما نوهت المحكمة اضافة إلى ذلك أنه لا محل للقول بسقوط البند التحكيمي تبعـا للقـول استباقا بانتهاء عقد الايجار سواء بانقضاء مدته، أم بمقتضى ما صرح به طالـب الابطـال فـي الكتاب الصادر عنه، ذلك أن انتهاء عقد الايجار لا يكون في الحالة النزاعية القائمة، وفي ظـل استمرار طالب الابطال بإشغال المأجور وتمتعه عن دفع أية بدلات متوجية بدمته، إلا بمقتضى حكم يقر انهاءه ويرتب على ذلك المفاعيل القانونية الملائمة ويحدد الحقوق والواجبات العائدة إلى كل من طرفيه انطلاقا من فحوى بنوده،

 

ونحن نؤيد المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق في هذا التعليل وفي هذه النتيجة التي انت

 

إليها حين تصدت إلى هذا السبب من أسباب البطلان لأنه كثيرا ما يحدث في خصومة التحكيم أن يتمسك أحد الأطراف باتعدام ولاية هيئة التحكيم استنادا إلى بطلان العقد الأصلي بطلانا يستتبع معه بطلان اتفاق التحكيم ذاته، أو بسقوط اتفاق التحكيم وزوال أثره تبعا لإلغاء العقد الأصلي أو فسخه. ومن الواضح أن القول بارتباط اتفاق التحكيم بالعقد الأصلي وجـوداً أو عـدما، يـؤدي بالضرورة إلى عدم إمكانية السير في إجراءات التحكيم حتى يفصل القضاء في المنازعـات المتعلقة بولاية هيئة التحكيم. وللخروج من هذه الحالة فقد أخذت معظـم التشريعات المتعلقـة بالتحكيم بمبدأ استقلال اتفاق التحكي

 

ومع تقرير هذا المبدأ فإن هيئة التحكيم تظل مختصة للنظر في صحة أو انتهاء أو فسخ الع

 

الأصلي رغم تمسك أحد الأطراف بمثل تلك الدفوع، وبمعنى آخر تبقى هيئة التحكيم مختـ

 

لتقرير ولايتها على النزاع المحكم فيه وتقدير حدود هذه الولاي

 

ونحن نتفق مع المحكمة في هذا التعليل الذي ذهبت إليه في معرض الرد على هذا الس

 

من أسباب البطلان الذي تمسكت به الشركة مدعية البطلان وذلك لأن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي يعد من المبادئ المستقرة حاليا سواء في إطار القوانين الوضعية أو المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم. إذ تستمد هذه الاستقلالية من الموضوع المختلف لكل من العقدين: العقـد الأصلي والاتفاق على التحكيم، فالإتفاق على التحكيم" هو مجرد عقد يرد على الإجراءات ولا يهدف إلى تحديد حقوق التزامات الأطراف الموضوعية ولكن ينصب مجمله على الفـصـل فـي

 

المنازعات الناشئة من الشروط الموضوعية التي يتضمنها العقد الأصلي. ويترتب على الملحوظة السابقة أن الاتفاق على التحكيم ليس مجرد شرط وارد فـي العقـد الأصلي (وهو هنا عقد الإيجار)، بل هو عبارة عن عقد آخر من طبيعة مختلفة، فهو عقد ثان وان كان مندمجاً من الناحية المادية في عقد الايجار. ويعتبر مبدأ استقلال اتفاق التحكيم فـي علاقتـه بالعقد الأصلي من المبادئ المستقرة في بعض القوانين الوضعية بشأن التحكيم الدولي، ولقد كرس هذا المبدأ إما عن طريق أحكام القضاء أو بنصوص تشريعية12ويرتبط مبدأ استقلال الشرط التحكيمي (الإتفاق على التحكيم) بشكل كبير بمبدأ آخر يكملـه وهو مستقر في المحيط القانوني ومؤداه أن هيئة التحكيم تختص بالفصل في اختصاصها، والمحكم هو الذي يملك بصفة ميدنية – وتحت رقابة القضاء اللاحقة – سلطة النظر في مسألة اختصاصه، بحيث يكون لهيئة التحكيم سلطة البت في اختصاصها بما في ذلك الفصل في كل اعتراضـات أو دفوع تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو مسحته أو نطاقه او سقوطه، فمتى دفع احد طرفي التحكـيم أمام هيئة التحكيم بعدم اختصاصها وارثات رفض الدفع أو الدفوع المتعلقة بذلك فعليها الاستمرار في أداء مهمتها والفصل في موضوع النزاع التحكيمي. ويثور في هذا المقام السؤال الآتي:

 

ما هي علاقة مبدأ الإختصاص بالاختصاص بمبدأ استقلالية اتفاق التحكي

 

وللإجابة على هذا السؤال يمكن القو

 

13 إن مبدأ الإختصاص بإختصاص يرتبط بميدا إستقلالية اتفاق التحكيم بروابط وثيقـة دفعت البعض للقول بأن مبدأ الاختصاص بإختصاص مرتبط من حيث وجوده بمبدأ الإستقلالية والأخـذ به، وفي ذلك يقول الدكتور عبد الحميد الأحدب : "... بالطبع لولا إستقلالية إتفاقية التحكيم لمـا كان بإمكان المحكم أن يكون له الإختصاص للنظر بإختصاصه فيفضل قاعدة الإستقلالية فـإن العيوب المنسوبة إلى العقد الأساسي تفقد كل أثر مباشـر لـهـا علـى إتفاقيـة التحكيم التـي تبقى صحيحة وتعطي بالتالي للمحكم اختصاص النظر بالنزاع، ولا تعود هناك أي حجـة عـن عدم اختصاص المحكم قائمة بنتيجة الدفوع بعيـوب العقـد الأصـلي المتفـرع عـن البـد التحكيمي 14ل:م؟وبالرغم من إنبثاق مبدأ الاختصاص بالاختصاص عن مبدأ الإستقلالية فإن هذا الفقـه لا يرى الإستغناء عن مبدأ الإختصاص، بإعتماد قاعدة الإستقلالية، إذ لكل منهما وظيفته المستقلة فإذا كانت قاعدة الاستقلالية تجيز للمحكم عدم الوقوف عند الإعتراض المتمثل بوجود عيـوب في العقد الأساسي، وإن وجد أن هذه العيوب صحيحة، وبالتالي متابعة إجراءات التحكيم، إلا أن المسألة تكون على العكس من ذلك عندما يكون الاعتراض مرتكزا على عيب فـي اتفـاق التحكيم. فالإستقلالية بمفهومها الذي رأيناه، ليست قادرة على مواجهة مثل هـذا الإعتـراض الأمر الذي يقتضي معه توافر قاعدة أخرى قادرة على مواجهته وقد تمثلت هذه القاعدة بمبـدأ الإختصاص بالإختصاص الذي يبقي للمحكم إختصاصه، على الرغم مـن الطـعـن بإتفـاق التحكيم، بالنظر بمثل هذه الدفوع وأن يبت فيها ويصدر قراره في ضوء النتائج التي يتوصـل 15

 

إليها .

 

ما تقدم يجد أساسه في اختلاف طبيعة الميداين عن بعضهما، لجهة طبيعة ونطاق الوظيفـة التي يقومان بها. ذلك أن مبدأ الاختصاص بالاختصاص يعد مسألة إجرائية يعكس مبدأ الإستقلالية الذي يعد مسألة تتعلق بالأساس" ثم إنه بالرغم من التمايز في النطاق الوظيفي لمبدأ الاختصاص بالاختصاص عن مبدأ الاستقلالية، فإن المبدأ الأول يبقى بمثابة النتيجة المنطقية للأخذ بالثاني". هذا الواقع الذي جعل من مبدأ الإختصاص بالإختصاص مرتبطا بمبدأ الإستقلالية دون أن يكـون مندمجا فيه 18.

 

وفي سياق هذه المقارنة فإن الفقيه E. Gaillard يرى أن إظهـار مبـدأ الإختصاص بالإختصاص ومن أنه بمثابة المبدأ الملازم لمبدأ استقلالية إتفاق التحكيم فهو من المسائل التـي تستحق المناقشة، فإذا تم وضع الإعتبارات ذات الطابع التكتيكي التي دفعت ببعض المدعين فـي القضايا إلى ربط هذا المبدأ الذي من الحساسية بمكان تبريره وهـو مبـدأ اختصاص المحكـم بإختصاصه، بمبدأ مستقر وهو مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم، فإنه وإن كان من الممكن الإعتـراف بأن هذين المبدأين بينهما علاقة وطيدة ويتنافسان في تحقيق ذات الهدف، إلا أنهما مـع ذلـك لا يلتقيان إلا بشكل جزئي

 

وبمعنى أن استقلال إتفاق التحكيم بعد دون شك الركيزة الأولى في المنطلق الـذي يسمح للمحكم الفصل في مسألة إختصاصه، فهو يلغي أي تأثير مباشر على اتفاق التحكيم، وبالتالي على إختصاص المحكم، يستند على العقد الأصلي لحقه عيب أيا ما كان السبب. كذلك فإن هذا المبـدأ يسمح بالفصل في مسألة إنكار اختصاص المحكم المستند إلى عدم فعالية العقد محل المنازعة. فقي هذه الفروض المذكورة، يلتقي مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم مع مبدأ إختصاص المحك

 

بالفصل في مسألة إختصاصه(

 

ويضيف الفقيه E. Gaillard حيث يرى أنه على الرغم من أن مبدأ إختصاص المحك

 

بالفصل في مسألة إختصاصه قد تواري في فترة من الزمن تحت مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم فإن هذا المبدأ الأول يتعين تمييزه بعناية فائقة عن هذا المبدأ الأخير 2. ومن جانبنا نرى: أن مبدأ الإستقلالية يؤدي إلى توسيع سلطات المحكم على إعتبار أن مسالة الاختصاص بالإختصاص مسألة إجرائية، في حين أن مسألة إستقلالية إتفـاق التحكـيم تتعلـق بالأساس في الحالة التي ينازع فيها الأطراف بـصحة أو وجـود العقد الأساسي، وأن مبـ

 

الاختصاص بالإختصاص يستدعي أن يكون المحكم مختصا للبت في مسألة صحة اتفاق التحكـيم ولا يكون له أن بيت بالنتائج المترتبة على ذلك في موضوع النزاع. وهذا يعني أن المحكم إذا اعتبر أن العقد باطل، فإن مبدأ الإستقلالية وحـده يسمح لـه بالذهاب بعيدا وترتيب النتائج على هذا البطلان، وأن غياب الإعتراف بمثـل هـذه الإستقلالية يفضي إلى أن بطلان العقد يؤدي إلى سقوط اتفاقية التحكيم، ويكون المحكم ملزم برفع يده عـن النزا

 

والخلاصة من كل ذلك أن الفائدة من التمييز بين مبدأ الإستقلالية ومبـدأ الإختصاص بالاختصاص تكمن في أن مبدأ الاستقلالية يسمح للمحكم بالقضاء بالبطلان، وترتيب النتائج عليهع.دأـم2.ـممن موجب الرد وإلى التعويض عن العطـل والـضرر"، فـي حـين أن مبـدأ الإختصاص بالاختصاص يسمح للمحكم التحقق من صحة ولايته، بحيث إذا تحقق من بطلان إتفـاق التحكـيم

 

فإن عليه أن يرفع يده عن النزاع ويعلن عدم إختصاصه. والذي تريد التأكيد عليه أن محكمة التحكيم تظل مختصة للفصل في الدفوع المتعلقة بعـدم إختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق على التحكيم أو سقوطه أو بطلانه، ثم إن مبدأ استقلال إنفاق التحكيم عن العقد الأصلي أضحى اليوم من المبادئ المستقرة بشأن التحكيم التجاري الدولي، إلى درجة أن البعض يذهب إلى القول بوجود قاعدة موضـوعية عبـر دولية مؤداها استقلال اتفاق التحكيم بالنسبة للعقد الأصلي. حيث صرحت معظـم التشريعات الوطنية والدولية بشأن التحكيم على النص صراحة على مبدأ استقلالية إتفاق التحكيم في علاقتـه بالعقد الأصلي وذلك بهدف مساعدة الأطراف للوصول إلى حل سريع لخلافاتهم.

 

المحور الرابع - محكمة البطلان ليست محكمة موضوع: لا بد من أن تشير بادئ ذي بدء، إلى أن القضاء بشكل عـام أدرك طبيعـة وحـدود دوره الرقابي على أحكام التحكيم، معتبراً أن التحكيم كالقضاء يسعى لتحقيق الهـدف ذاتـه، ألا وهـو تحقيق العدالة، فدعوى البطلان لا تجيز إعادة طرح موضوع النزاع أمام القضاء الوطني، إذ إن في ذلك مساس بنهائية حكم التحكيم وبحجيته المعترف بها في القانون اللبناني، بيد أن التحقق من توافر هذه الحالات من عدمه قد يؤدي إلى جعل القاضي الوطني يدخل في الموضوع، الأمر الذي لا تجيزه النصوص، والأمر الذي لم يقصده المشرع اللبناني أيضا، هناك خط رفيع بين التعرض للموضوع وبين ممارسة مجرد دور رقابي، وعلى القاضي الوطني، مهما بلغت الحجج القانونيـة المثارة أمامه من الطرف خاسر الدعوى التحكيمية طالب البطلان، ألا يتعرض لموضوع النزاع،

 

وأن يتقيد بدوره الرقابي على أحكام المحكمين. .... وبما أنه من المسلم به أن محكمة الاستئناف عند نظرها في الطعن بطريق الإيطـال لا تبحث أبدا في ما يمكن أن يشكل أسباباً استئنافية عادية لا مجال لبحثها إلا في إطـار استئناف التحكيمي، دون امكانية التوسع فيها أو استنباط أسباب غير واردة فيها تأويلاً أم قياساً. ونحن نتفق مع المحكمة في هذا النهج التي قررته لأن القول بخلاف ذلك يخرج الأمر مـن نطاق دعوى البطلان إلى نطاق دعوى الاستئناف (الطعن) ولما كانت دعوى بطلان حكم التحكيم لا تسمح بحكم طبيعتها وبمقتضى القانون – ليس لمحكمة البطلان مراقبة التقدير الموضـوعي للوقائع وتفسير النصوص وإنزال حكمها على هذه الوقائع كما لا يملك قاضي البطلان الحق فـي صحة الحكم أو عدالته 2.

 

القرار التحكيمي، وبالتالي لا يكون لها في معرض نظر مثل هذا الطعن مراقبة كيفية تفسير المحكم للقانون أو كيفية تطبيقه للقاعدة القانونية أو كيفية تفسير المستندات والعقود واستخراج النتائج عليها، بل يقتصر دور محكمة الاستئناف في الحالة المعروضة على مراقبة مدى تقيد المحكم ببنود المادة 800/ أ.م.م. حصراً والتي تشكل مخالفتهـا سـبباً لإبطـال القـرار

 

ولهذا فالرقابة المنصوص عليها بالماد 800/أ.م.م. لها صبغة شكلية لا تنفـذ إلـى أصـل النزاع ولا تسلط المحكمة رقابتها على كيفية تطبيق هيئة التحكيم للقانون، وتقتصر على التأكد من احترام بعض الشروط التي وردت في المادة المذكورة على سبيل الحصر، وهو الإتجـاه الـذي استقر عليه الفقه الذي يقر بأن رقاية قاضي الإبطال على القرارات التحكيمية، إنما هـي رقابـة شكلية لا تلج إلى أصل النزاع، إلا في حدود ما تقتضيه مراقبة النظام العام متى وجد مـا يقيـد

 

احتمال خرقه ثم إن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعناً بالإستئناف، فلا تتسع لإعـادة النظـر فـي موضوع النزاع وتعييب قضاء الحكم فيه، كما أنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعـة حكـم التحكيم لتقدير صحنه أو مراقبة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطأ اجتهادهم في فهم الواقع وتكييفه أو تفسير القانون وتطبيقه، ذلك أن رقابة محكمة البطلان على حكم التحكيم لهـا صـبغة شكلية بحيث لا تنفذ إلى أصل النزاع، إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون هناك خرق لقواعد النظام

 

العام".

 

ثم إن محكمة البطلان لا تملك مراقبة مدى صحة تطبيق المحكم للقانون بما في ذلك مخالفته

 

أو الخطأ في تأويله.

 

وهذه القاعدة مقررة في أحكام عديدة أصدرها القضاء اللبناني، وهي محل اجماع فقهـي لا

 

مراء فيه". والقضاء العربي يلتزم بهذه القاعدة وعلى سبيل المثال فقد أقرت محكمة الإستئناف بتونس بوضوح أن الطعن ببطلان القـرار التحكيمي ليس طعنا بالاستئناف، وبالتالي لا يمكن للمحكمة إعادة النظـر فـي أصـل النـزاع ومناقشته، وجاء في حيثية الحكم : "حيث أن ما نسبته الطاعنة من مخالفة القرار التحكيمي للقانون وقضاءها بطلبات دون سند قانوني إنما يهدف في الحقيقة إلى مناقشة أصل النزاع المعروض أمام الهيئة التحكيمية ولا يجوز لهذه المحكمة مناقشته وإعادة النظر فيه طالما أن مراقبتهـا مناطهـا أوجه البطلان الواردة حصرا في صلب الفصل 42 من مجلة التحكيم فلا يجوز لهـذه المحكمـة مراجعة النزاع التحكيمي من حيث الموضوع أو من الناحية القانونية."

 

فالرقابة المنصوص عليها بالفصل 42 من محلة التحكيم لها صبغة شكلية لا تنفذ إلى أصـل النزاع ولا تسلط المحكمة رقابتها على كيفية تطبيق هيئة التحكيم للقانون، وتقتصر على التأكد من إحترام بعض الشروط التي وردت في الفصل المذكور على سبيل الحصر، وهو الاتجـاه الـذي استقر عليه الفقه* وفقه القضاء التونسي الذي يقر بأن رقابة قاضي الإبطال علـى القـرارات التحكيمية، إنما هي رقابة شكلية لا تلج إلى أصل النزاع، إلا في حدود ما تقتضيه مراقبة النظـام العام متى وجد ما يفيد احتمال خرقه كذلك".