الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 25 / قطاع عام - القانون تضمن نمطاً خاصا للتحكيم في منازعات القطاع العام - تحكيم إجباري - هيئة التحكيم الإجباري ليس لها ولاية قضائية - مقتضيات بطلان حكم التحكيم الإجباري تحسمه نصوص قانون التحكيم رقم 97لسنة 1983- محاكمة الدولة النظامية تمتنع عن نظر الدعوى في التحكيم الاجباري - هيئة التحكيم الاجباري لا تعتبر من الهيئات ذات الإختصاص القضائي ولو كانت مشكلة من قضاة موظفين يخضعون للنظام القضائي - التحكيم الإجباري يخضع من الناحية الإجرائية لقانون تحكيم القطاع العام وغير مسموح للمحكم أو الخصوم إستبعادها أو مخالفتها لتعلقها بمصلحة عليا - جزاء عدم إستيفاء الدعوى لشروط رفعها هو عدم القبول وصدور الحكم بخلاف ذلك يقع باطلا مطلقاً- المدعى صاحب المصلحة في التحكيم لا يجبر على حماية حقوقه، وإن كان من أشختاص القانون العام والمسألة وثيقة الصلة بالحريات وصون الحقوق على إختلافها

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 25
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    543

التفاصيل طباعة نسخ

إن القانون رقم 97 لسنة 1983 تضمن نصوصاً تقنّن، نظاماً أو نمطاً خاصاً للتحكيم فـي منازعات القطاع العام، وهو تحكيم إجباري (دون رضا أو إتفاق خاص) يفرضه المشرع قسراً. هيئة التحكيم الإجباري هذه ليست بمح كمة أو هيئة أو جهة قـضائية، وإن إشـترك فـي عضويتها قضاة من أعضاء السلطة القضائية، وهي لا تفصل في خصومة قضائية، إذ ليس لها أي ولاية قضائية، وإن كان القانون قد منحها سلطة الحكم في النزاع التحكيمي في النطاق الذي حدده القانون. دعوى الطعن على حكم التحكيم هي طعن مت ميز أوجده ذلك القانون الخاص بالتحكيم، وهي تمتد إلى أحكام التحكيم الإجباري الذي قنّنه المشرع ورسم حدوده في القانون 97 لسنة 1983 . يترتب على التحكيم – إتفاقياً كان أم جبرياً – إلتزام كل من طرفيه بعـدم الإلتجـاء إلـى القضاء لنظر المنازعة موضوع التحكيم، كما تلتز م محاكم الدولة النظامية بالإمتناع دائماً عـن نظر النزاع التحكيمي طالما كان المشرع قد نزع الإختصاص به عن محاكم الدولة، فإذا رفعـت أمام القضاء دعوى تختص بها هيئات التحكيم الإجباري، فعليه أن يقضي بعدم قبـول الـدعوى من تلقاء نفسه، ولو لم يدفع أمامه بالتحكيم . فليس لمحاكم الدولة أية سلطة تقديرية في هـذا الشأن ما دامت قد تحققت من خضوع النزاع المعروض عليها للتحكيم الإجباري. لا تعتبر هيئة التحكيم من الهيئات ذات الإختصاص القضائي ولو كانت مشكّلة طبقاً لقانون القطاع العام أو مكونة من قضاة يشغلون بالفعل وظيفة القضاء في التن ظيم القـضائي للدولـة . وعلى خلاف القاضي غير مسموح للمحكّم أو الخصوم إسـتبعاد أو مخالفـة تلـك الأوضـاع الإجرائية بسبب تعلق نظام التحكيم الإجباري بمصلحة عليا تستند إلى علة مؤداها أن منازعات القطاع العام لا تعتبر منازعات حقيقية بين مصالح متعارضة وإنما يعود الأمر في النهائية إلـى أن الدولة – وجهاتها المركزية أو المحلية – هي في واقع الحـال صـاحبة جميـع الهيئـات والمؤسسات العامة، وأيضاً هي المالكة لشركات القطاع العام. ذلك فإن إجراءات طرح النزاع على التحكيم لا يكون قد حصل حسب الطريق الذي رسـمه القانون، لأن بدء الدعوى التحكيمية في نطاق سريان مواد قانون التحكيم الإجباري مـشروط – وفق ما تقدم ذكره – بتقديم طلب بالتحكيم من صاحب المصلحة للسيد وزير العدل، وجزاء عدم إستيفاء الدعوى – كل دعوى – لشروط رفعها هو عدم القبول، وإذا صدر الحكم في الـدعوى رغم ذلك وقع باطلاً مطلقاً.  صاحب الم صلحة في التحكيم، وإن كان من أشخاص القطاع العام لا يجبـر علـى حماية حقوقه أو مراكزه القانونية ولو كانت منازعاتها تخضع لتحكيم وزارة العدل، وهذه مسألة وثيقة الصلة بالحريات وصون الحقوق على إختلافها. (محكمة إستئناف القاهرة، الدائرة السابعة التجارية، الدعوى رقم23 لسنة 130 قـضائية تحكيم تجاري، جلسة 3 يوليو 2014 ( ........ ........ 1 -عام 1984 صدر قرار من السيد محافظ القاهرة برقم 107 لسنة 1984 بتخـصيص قطعـة أرض بطريق القطامية (180000 متر مربع ) إلى شركة الغازات البترولية "بترو جاس" دون مقابل لإقامة مجمع غاز سائل وطبيعي لخ دمة جمهور المستهلكين (مركز توزيع اسـطوانات البوتجاز). ولاحقاً أصدرت محافظة القاهرة قراراً آخر برقم 10 لسنة 1996 بتعديل القـرار السابق بجعل تلك الأرض بمقابل(بثمن)، فطعنت الشركة في هذا القرار الأخير أمام محكمة القضاء الإداري الذي قضى بعدم إختصاصه بنظر النزاع وأحالته إلى التحكـيم "الإجبـاري" بوزارة العدل تبعاً للقانون رقم 97 لسنة 1983 الخاص بهيئات القطاع العـام وشـركاته لأن المدعية من شركات القطاع العام والمحافظة المدعى عليها من الجهات الإدارية للدولة، وقيد كدعوى تحكيمية برقم 4 لسنة 2009 .وفي الوقت ذاته أقامت الشر كة "بترو جـاس" دعـوى أخرى أمام القضاء الإداري ضد المحافظة "القاهرة" ببراءة ذمتها من مطالبات مالية خاصـة بذات قطعة الأرض المخصصة لها تطالبها المحافظة بسدادها (عبـارة عـن ثمـن الأرض ومقابل إنتفاع الشركة بها وغرامات تأخير )، فحكم القضاء الإداري كذلك بعـدم إختـصاصه وإحالة الدعوى القضائية إلى تحكيم وزارة العدل، وقيدت تحت رقم 1 لسنة 2012 .وبعد ضم التحكيمين ونظرهما معاً أصدرت هيئة التحكيم بتاريخ31/3/2013 حكمها الذي تضمن عدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 10 لسنة 1996 وإلزام الشركة المحتكمة "بترو جاس" أن تؤدي للجهة الإدارية ا لمحتكم ضدها مقابل إنتفاع من أرض النـزاع إعتبـاراً مـن 13/2/2001 ، ورفض طلب الشركة الخاص ببطلان مطالبة المحافظة لها بسداد قيمة أرض النزاع. 2 -وإذ لم يصادف حكم التحكيم السالف الذكر قبولاً لدى الشركة المدعية"المحتكمة بترو جاس" طعنت فيه أمام هذه المحكمة بالدعوى الح اضرة بتاريخ 10/4/2013 طالبة القضاء ببطلانه وبصفة مؤقتة بوقف تنفيذه. وإستهلت المدعية دعواها بالقول أنه كان يجـب علـى هيئـة التحكيم أن توقف الدعوى التحكيمية (الدعويين) لحين الفصل في التحكيم رقم 1 لسنة 2001 وزارة العدل (الذي ما زال منظوراً) لأن الفصل فيه ضروري للفصل في النزاع المحكـوم فيه، لتضمنّه طعناً بإلغاء قرار المحافظ رقم10 لسنة 1966 أساس النزاعات المثارة عـن أرض النزاع، وصحة أو عدم صحة هذا القرار يعد مسألة أولية للحكـم فـي التحكيمـين الصادر فيهما الحكم التحكيمي الطعين. 3 -وأسست المدعية دعواها بالإبطال على أسبابتتحصل في مخالفة الحكم للمادة 176 مـن قانون المرافعات، فهيئة التحكيم حكمت بما لم يطلبه الخصوم ذلك أن المحافظة لم تطلـب إلزامها (الشركة) بمقابل إنتفاع أو أي مبالغ مالية والحكم قضى لها بذلك، وأيضاً لم تعمـل هيئة التحكيم صحيح أحكام القانون المدني في شأن إحتساب ال تقادم الساري على الحقـوق الدورية، ونعت المدعية ببطلان الحكم لتناقض أسبابه مع ما ورد بالمنطوق، كمـا ان هـذا المنطوق لم يشتمل على حق محقق الوجود ومعين المقدار ومن ثم لا يصلح ليكـون سـنداً تنفيذياً. 4 -وخلال نظر الدعوى (دعوى البطلان) قدم محامي هيئة قضايا الدولة الحاضر عن المدعى عليهم مذكرة دفاع، ذكر فيها أن حكم التحكيم المطعون فيه تتـضمن مقتـضيات صـحته وتوافرت فيه أركان صحته كحكم "قضائي" لذلك لا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصـلية، وإنتهى الدفاع إلى طلب الحكم برفض الدعوى وتأييد حكم التحكـيم . وبجلـسة 7/4/2014 قدمت المدعية مذكرة أوضحت فيها قيام المحافظة بتوقيع حجز إداري على أموالها من أجل تنفيذ الحكم التحكيمي وتمسكت بأسباب طعنها وطلباتها الواردة في صحيفة دعواها، وقررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم. 5 -وحيث أن القانون رقم 97 لسنة 1983 تضمن نصوصاً تقنّن نظاماً أو نمطاً خاصاً للتح كيم في منازعات القطاع العام، وهو تحكيم إجباري(دون رضا أو إتفـاق خـاص ) يفرضـه المشرع قسراً. وحددت المادة 56 من ذلك القانون الدعاوى التي تنظرها هيئـات التحكـيم الإجباري، وهي على نوعين: -أ الدعاوى بين شركات القطاع العام، ب - الدعاوى المثارة بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام  أو مؤسسة عامة. وهيئة التحكيم الإجباري هذه ليست بمحكمة أو هيئة أو جهـة قـضائية وإن إشترك في عضويتها قضاة من أعضاء السلطة القضائية، وهي لا تفصل في خصومة قضائية إذ ليس لها أي ولاية قضائية وإن كان القانون قد منحها سلطة الحكم في النـزاع التحكيمي في النطاق الذي حدده القانون. 6 -لذلك فإن أحكام التحكيم الصادرة عن هيئات التحكيم الإجباري للقطاع العام تقبل الطعن فيها وفقاً للقواعد العامة المقررة في قانون التحكيم الإتفاقي في المواد المدنية والتجارية (رقم 27 لسنة 1994 (ما لم يرد به نص خاص، ودعوى الطعن على حكم التحكيم هي طعن متميز أوجده ذلك القانون الخاص بالتحكيم، وهي تمتد إلى أحكام التحكيم الإجبـاري الـذي قنّنـه المشرع ورسم حدوده في القانون 97 لسنة 1983 ،وعلى ذلك، فإن مقتضيات بطلان أحكام التحكيم – ولو كان تحكيماً إجبارياً – تحسمه وحدها نصوص قانون التحكيم الذي يعد بمثابة قانون المرافعات بالنسبة لشؤون التحكيم عامة "قانون الإجراءات التحكيمية". 7 -في السياق ذاته، تشير إلى أن دعوى بطلان حكم التحكيم مقررة تشريعياً، لا كإستثناء تمليه إعتبارات الملاءمة كالحال في دعوى بطلان الأحكام ا لقضائية، وإنما كأصل عـام تمليـه الطبيعة المتميزة للتحكيم، بمعنى أن حكم التحكيم لا يخضع لنظام دعـوى بطـلان الحكـم القضائي، إنما يخضع لنظام دعوى بطلانه هو، المحددة . وهناك العديد من الإختلافات بين الدعويين، دعوى بطلان الحكم القضائي ودعوى بطلان الحكم التحكيمـي، وتتم يـز تلـك الأخيرة بتفردها، إذ لا يوجد طريق للطعن ضد أحكام القضاء يمكن ردها إليها بشكل آلي، فالطعن على حكم التحكيم – بحسبانه حكماً تحكيمياً خالصاً – هو طعن مختلف عن طـرق الطعن المعروفة والموجودة في قانون المرافعات القضائية والخاصة بالأحكـام القـضائية . فالتحكيم حسب جوهره ومتطلباته يخضع في سلامته لضوابط ومعـايير عينهـا المـشرع التحكيمي تميزه عن قواعد الشأن القضائي الواردة في قانون الإجراءات القضائية،ذلك أن الإلتجاء إلى التحكيم قصد به في الأصل تفادي تلك القواعد، إلاّ ما إتصل منها بالضمانات الأساسية لفكرة العدالة التي لا غنى عنها في فض كل خـصومة، منظـوراً إلـى هـذه الضمانات من زاوية تتبع خصوصية التحكيم. 8 -ويترتب على التحكيم – إتفاقياً كان أم جبرياً – إلتزام كل من طرفيه بعدم الإلتجـاء إلـى القضاء لنظر المنازعة موضوع التحكيم، كما تلتزم محاكم الدولة النظامية الإمتنـاع دائمـاً عن نظر النزاع التحكيمي طالما كان المشرع قد نزع الإختصاص به عن محاكم الدولـة، فإذا رفعت أمام القضاء دعوى تختص بها هيئات التحكيم الإجباري، فعليه أن يقضي بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسه ولو لم يدفع أمامه بالتحكيم . فليس لمحاكم الدولة أية سـلطة تقديرية في هذا الشأن ما دامت قد تحققت من خضوع النزاع المعروض عليهـا للتحكـيم الإجباري. هنا إذا قضت المحكمة بعدم القبول فإنها لا تملك أن تحيل النزاع إلى التحكـيم ولو كان الطرفان قد إتفقا على ذلك . والإحالة – بوجه عام – لا تكون في حالات القـضاء بعدم القبول. 9 -هذا، ولئن كانت المادة 110 من قانون المرافعات توجب على المحكمة إذا قـضت بعـدم إختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى القضائية بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عـدم الإختصاص متعلقاً بالولاية، فغني عن البيان أن هذه الإحالة مقصورة فقط علـى المحـاكم النظامية التابعة للدولة، فلا يجوز إحالة الدعوى إ لى جهة التحكيم، لأنها ليست محكمة مـن محاكم الدولة، فالمقصود بالإحالة بسبب الإختصاص الوارد في متن المادة المـذكورة هـو توزيع القضايا على المحاكم التابعة لجهة القضاء، والتحكيم ليس قضاء حتى يمكن الحديث عن إختصاصه القضائي، بمفهوم المخالفة فإن مناط الإحالة هو أن ت كون الجهة المحال إليها محكمة من محاكم القضاء. ويترتب على الإحالة من القضاء إلى التحكـيم إعتبـار هـذه الإحالة كأن لم تكن، فتزول وتزول معها الآثار التي تترتب عليها. 10 -فالتحكيم كأداة لفض منازعات بعينها خارج نطاق محاكم الدولة وبحسب موقعه من البنيـان القانوني في الدولة، ليس قضاء أو نوعاً من القضاء،بل هو – ولو كان إجبارياً – طريـق أو نمط أو أسلوب أو نظام مختلف عن القضاء في مصدره ووظيفته وطبيعته، وكذلك في غايته وبنائه الداخلي. فالتحكيم – وإن إشتبه بالعمل القضائي – ليس قـضاء خاصـاً، أو قضاء مخصوصاً، بل هو، بحسب طبيعته، ن ظام قانوني مستقل عن القـضاء، لا يتفـرع عنه، وليس إستثناء منه، لذلك لا يندرج في التنظيم القضائي ولا يتبع أي جهة قـضائية في الدولة. 11 -والمحكّم، وإن كان يفصل في المنازعة المعروضة عليه، فهو ليس بقاضٍ ولا يقوم بوظيفة قضائية، فعمله ليس بالعمل القضائي، لذلك لا تعتبـر هيئـة التحكـيم مـن الهيئـات ذات الإختصاص القضائي ولو كانت مشكلة طبقاً لقانون القطاع العام أو مكونـة مـن قـضاة يشغلون بالفعل وظيفة القضاء في التنظيم القضائي للدولة . وعلى خلاف القاضي المحكّـم عندما يمارس مهمته التحكيمية، فإن القاضي الرسمي إنما يمارس وظيفته القـضائي ة بإسـم الدولة في نطاق إجراءات قضائية محددة. 12 -لما تقدم، وكان التحكيم المطلوب بطلان حكمه بالدعوى المطروحة هـو تحكـيم إجبـاري يخضع من الناحية الإجرائية للتنظيم الإجرائي الذي رسم حدوده وحدد نطاقه المشرع فـي قانون تحكيم القطاع العام رقم 97 لسنة 1983 ،الذي تضمن قواعد مفصلة واجبة الإتبـاع تحدد وتضبط بدء الخصومة في التحكيم الذي يجري في نطاقـه، وهـو يوجـب أن تبـدأ الإجراءات التحكيمية بطلب كتابي بالتحكيم من الخصم صاحب الشأن والمصلحة إلى مكتب التحكيم بوزارة العدل يرفق به المستندات المؤيدة لطلبه، و.. (المادة 59 من القانون). 13 -هذه القواعد الموحدة الخاصة ببدء الخصومة التحكيمية ليست آمرة في قانون التحكيم27 لسنة 1994 ،ولكنها ملزمة وتعد من الأشكال الجوهرية التـي لا يجـوز مخالفتهـا فـي خصوص تحكيم هيئات القطاع العام وشركاته(وجهات نظر ،) فغير مـسموح للمحكّـم أو الخصوم إستبعاد أو مخالفة تلك الأوضاع الإجرائية بسبب تعلق نظام التحكـيم الإجبـاري بمصلحة عليا تستند إلى علة مؤداها أن منازعات القطاع العام لا تعتبر منازعات حقيقيـة بين مصالح متعارضة وإنما يعود الأمر في النهاية إلى أن الدولة– وجهاتها المركزية أو المحلية – هي في واقع الحال صاحبة جميع الهيئا ت والمؤسسات العامـة وأيـضاً هـي المالكة لشركات القطاع العام. 14 -وحيث إن البين من الأوراق المعروضة أن محكمة القضاء الإداري كانت قد قـضت فـي الدعوى 5770 لسنة 60 ق بتاريخ 27/1/2008 بعدم إختصاصها ولائياً بنظر دعوى بترو جاس ضد محافظة القاهرة وإحالتها بحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العـدل، كمـا أنـه بتاريخ 22/6/2008 قضى القضاء الإداري بعدم إختصاصه بنظر الدعوى رقـم24444 لسنة 60 ق بين الطرفين نفسيهما وإحالتها أيضاً إلى تحكيم وزارة العدل، وتبعاً لتلك الإحالة في الدعويين القضائيين تم قيدهما مباشرة بإدارة التحكيم بوزارة العدل برقم 4 لسنة 2009 بالنسبة للحكم الأول (في الدعوى 5770 (ورقم 1 لسنة 2012 بالنسبة للحكم الثـاني (فـي الدعوى 24444 (وبعد ذلك طالبت الإدارة العامة لشؤون التحكيم بالوزارة مـن الـشركة المدعية في التحكيمين بموافاتها بإسم محكّمها وسداد الرسوم المطلوبـة وتقـديم مـذكراتها  ومستنداتها. ولئن كان ذلك فإن إجراءات طرح النزاع على التحكيم لا يكـون قـد حـصل حسب الطريق الذي رسمه القانون لأن بدء الدعوى التحكيمية في نطاق سـريان مـواد قانون التحكيم الإجباري مشروط – وفق ما تقدم ذكره – بتقديم طلب بالتحكيم من صاحب المصلحة للسيد وزير العدل، وجزاء عدم إستيفاء الدعوى – كل دعوى – لشروط رفعهـا هو عدم القبول، وإذا صدر الحكم في الدعوى رغم ذلك وقع باطلاً مطلقاً. 15 -بعبارات أخرى، فإن الثابت للمحكمة أن إجراءات بدء الخصومة التحكيمية– أي إجراءات المطالبة التحكيمية – قد تمت على خلاف قانون تحكيم القطاع العام، فالـدعوى التحكيميـة (الدعويين المرتبطتين) قد إتصلت بهيئة التحكيم الإجباري إتصالاً غير مطابق لقواعد آمرة في القانون رقم 97 لسنة 1983 تتعلق بالنظام العام لا يرد عليها إجازة ولا يصح النـزول عنها. فالتحكيم المطعون في حكمه لم يبدأ بالشكل الإجرائي الوجوبي الذي إستلزم ه القانون المذكور، أي بطلب من الشركة المحتكمة تبدي فيه رغبتها في التحكيم(الإجباري) تحدد فيه موضوع النزاع أي طلب الحكم لصالحها في إدعاءات تحكيمية معينة تحـدد بهـا أسـاس الخصومة التحكيمية، وإنما بدأت وتحركت المطالبة التحكيمية في الواقع المطروح بأمر من المحكمة أو وزير العدل – أياً كان – وتكون لذلك غير مقبولة ولا تُرتّب آثاراً،ولا تكـون الخصومة التحكيمية قد إنعقدت. والمدعي صاحب المصلحة في التحكـيم وإن كـان مـن أشخاص القطاع العام لا يجبر على حماية حقوقه أو مراكزه القانونية ولو كانت منازعاتها تخضع لتحكيم وزارة العدل، وهذه مسألة وثيقة الصلة بالحريات وصون الحقـوق علـى إختلافها. 16 -على ما سلف بيانه، يصير الحكم المطعون فيه باطلاً لا يرتّب أو ينتج أثراً، وهو ما تقضي المحكمة من تلقاء نفسها، وذلك إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 53 من قـانون التحكـيم 27 لسنة 1994 التي تنص على: "تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفـسها ببطلان حكم التحكيم إذا ما تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مـصر العربيـة ". ولأن المدعى عليها محافظة القاهرة هي الخاسـ ـرة للدعــوى، فتلـزم بالمـصروفات القضائية.  فلهذه الأسباب حكمت المحكمة ببطلان حكم التحكيم المطعون فيه – الصادر في التحكيمين المقيدين بوزارة العدل تحت رقم 4 لسنة 2009 ورقم 1 لسنة 2012" تحكيم هيئات القطـاع العـام وشـركاته –" وألزمت محافظ القاهرة بصفته المصاريف ومئة جنيه مقابل أتعاب المحاماة. القاضي إسماعيل الزيادي – رئيس الدائرة، القاضي أشرف عطوة– عـضو يمـين الـدائرة، القاضي عمرو ريان – عضو يسار الدائرة - أمين السر الأستاذ رجب عبد المقصود