الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طبيعة الحكم الصادر في دعوى البطلان وطرق الطعن عليه / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / نطاق دعوى البطلان

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    419

التفاصيل طباعة نسخ

نطاق دعوى البطلان

  تتولى المحكمة المختصة نظر دعوى البطلان باعتبارها دعوى جديدة غير تلك التي فصل فيها حكم التحكيم محل دعوى البطلان فهي لا تعيد النظر في موضوع النزاع الذي فصل فيه حكم التحكيم ولا تملك بالنسبة للنزاع ما كان لهيئة التحكيم من صلاحيات فلا تتعرض لما تم طرحة من أدلة إثبات أو دفاع أو دفوع تتعلق بالموضوع، وكذلك لا تبحث في موضوع النزاع وليس لها البحث عن أوجه الخطأ في التكييف القانوني أو في تفسير القانون أو في التقدير الفاسد لوقائع الدعوى.

  تنظر المحكمة في جميع عناصر النزاع من حيث الواقع والقانون وذلك في الأحوال التي يقتضي فيها الفصل التحقق من توافر حالة من حالات البطلان التي يدعيها المدعي مثل صدور الحكم دون اتفاق تحكيم متجاوزا نطاقه أو عدم قابلية النزاع للتحكيم أو الإخلال بحق الدفاع وتعمل على تفسير اتفاق التحكيم وتبحث ما قدمه الخصوم من مذكرات أو مستندات أمام هيئة التحكيم بما يلزم للتأكد من توافر العيب المنسوب إلى الحكم من عدمه وكل ذلك تقوم به المحكمة بصرف النظر عن تعبير هيئة التحكيم لاتفاق التحكيم أو فهمها للوقائع أو تقديرها لها. ليس لمحكمة البطلان أن تحقق في موضوع النزاع من جديد وليس لها أن تسمح للأطراف بتقديم أدلة إثبات جديدة أو أوجه دفاع أو دفوع تتعلق بالموضوع، فليس لمحكمة البطلان أن تعيد النظر في موضوع النزاع فلا تستطيع تقدير ملاءمة الحكم أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكونوا قد أصابوا أو أخطئوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للنزاع لأنهم ولو أخطئوا فإن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال الحكم، لأن دعوى البطلان تختلف عن الطعن بالاستئناف فمحكمة البطلان محظور عليها التحقيق في موضوع الدعوى أو مراقبة موضوع النزاع.

 تطبيقا لذلك قضت محكمة استئناف القاهرة بأن محكمة البطلان لا تتمتع بالاختصاص للنظر في أساس الحكم التحكيمي أو نظر النزاع موضوع التحكيم فنظام البطلان يهدف إلى حماية الإجراءات التحكيمية التي تمت لا نتيجة هذه الإجراءات والقول بتحديد أيا من الطرفين يملك حجة أفضل فلا تملك المحاكم في نطاق دعوى البطلان التعرض لما أثارته الطاعنة .

   عند ممارسة القاضي لدور الرقابة عند الطعن في حكم التحكيم للقول بصحته أو بطلانه فإنه لا يراقب حكما قضائيا بل حكما تحكيميا له طبيعته الخاصة وغير صادر من قاضي وإنما من فرد عادي قد لا يكون من ذو المؤهلات القانونية، وإذا كان القاضي في إصدار الحكم القضائي لا يراعي فقط مقتضيات صحته كعمل إجرائي بل أنه بهذا الحكم يطبق إرادة القانون في القضية التي أصدر حكمه فيها، فإذا أخطأ في هذا، فإن الخطأ قد يشكل مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله ويجيز قانون الإجراءات المدنية الطعن في الحكم القضائي لمثل هذه الأسباب، ويختلف الأمر في نطاق التحكيم إذ لا تقبل إدعاءات بطلان حكم التحكيم المؤسسة على خطأ الحكم التحكيمي في التقدير أو للخطأ في تطبيق القانون أو تأويله بالمعنى ذاته المطبق في شأن الأحكام القضائية كما لا تعد دعوى البطلان مناسبة لطرح أوجه دفاع جديدة بشأن النزاع التحكيمي، الأسباب التي ذكرها المشرع التي تقبل دعوى البطلان على حكم التحكيم تتعلق جميعا وبحسب الأساس بالشكل والإجراءات دون خوض في موضوع النزاع.

    قضت محكمة استئناف القاهرة أن سلطة المحكمة القضائية لا تمتد إلى مراجعة الحكم التحكيمي وتقرير ملائمته أو مراجعة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطأ اجتهادهم في فهم الوقائع وتكييفها ومدى سلامة تطبيقهم للقانون أو كفاية أسباب حكم التحكيم لحمله أو قصورها عن ذلك فهذه المسائل لا تملك محكمة البطلان بحثها أو النظر فيها لأنها ليست محكمة استئنافية بالنسبة لحكم التحكيم وقد حظر القانون الطعن فيه بكافة طرق الطعن على أحكام التحكيم إلا بدعوى البطلان لأسباب حددتها على سبيل الحصر .

  قضت محكمة التمييز الأردنية بأن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء الحكم فيه كما أنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطأ اجتهادهم في فهم الواقع وتكييف أو تفسير القانون وتطبيقه ذلك أن الرقابة المنصوص عليها في المادة (49) من قانون التحكيم الأردني لها صيغة شكلية بحيث لا تنفذ إلى أصل النزاع ولا تسلط المحكمة رقابة على كيفية تأويل هيئة التحكيم للقانون وكيفية تطبيقه إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون هناك خرق لقواعد النظام العام.

   في ذات الاتجاه قضت محكمة استئناف عمان بأن الخطأ في التقدير لا يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم وبالتالي لا يجوز رفع دعوى لبطلانه ذلك أن دعوى البطلان لا تقبل إلا في الحالات التي ينص عليها القانون والواردة في المادة (49) من قانون التحكيم على سبيل الحصر .

  كذلك محكمة البداية المدنية في دمشق قضت أن سلطة المحكمة المختصة تنحصر في تدقيق استكمال الشروط الشكلية كدخول الحكم في ولاية المحكمين ودعوة الطرفين والاستماع لأقوالهما وتوقيع الحكم وتضمينه تاريخ صدوره وكافة البيانات المنصوص عليها في المادة (527) أصول محاكمات وعدم تجاوز المحكمين لمهمتهم والتحقق من كون الموضوع غير مخالف للنظام العام .

  أيضا محكمة التمييز دبي قضت بأنه لا يجوز للمحكمة عند نظر دعوى البطلان أن تتعرض لحكم التحكيم من الناحية الموضوعية ومدى مطابقته للقانون أو الواقع ولذلك فإن

كل منازعة يثيرها أحد الخصوم طعنا في الحكم وتكون متعلقة بتقدير المحكم للنزاع أو عدم صحة أو كفاية أسبابه التي أقام عليها حكمه تكون غير مقبولة ذات المحكمة قضت بأن مفاد نص المادة (216) من قانون الإجراءات المدنية وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى بطلان حكم المحكم إنما توجه إلى حكم المحكم بوصفه عملا قانونيا وتنصب على خطأ في الإجراءات دون الخطأ في التقدير وأن العيوب التي يجوز لمدعي البطلان التمسك بها أوردتها المادة المشار إليها على وجه الحصر بحيث لا يقاس عليها وهي تتعلق إما بالاتفاق على التحكيم أو بخصومة التحكيم وكل منازعة يثيرها أحد طرفي التحكيم طعنا في الحكم الصادر من المحكم وتكون غير متعلقة بالحالات السابقة أو تكون متعلقة بتقدير المحكم للنزاع أو عدم صحة أو كفاية أسباب حكمه تكون غير مقبولة.

  في لبنان قضت محكمة التمييز بأن محكمة الاستئناف لا تراقب سوى وجود الأسباب دون صحتها إذ أن أمر صحتها ومناقشته يدخل في أسباب الاستئناف أي أسباب مخالفة القانون بوجه عام ذات المحكمة قضت بأن المحكمة الحاضرة الناظرة بالإبطال لا يسعها تقدير صحة الأسباب التي اعتمدها القرار التحكيم ولا سيما ترجيحه دليلا على أخر أو أخذه بخبرة دون الآخر بل يكفي التثبت من أن القرار المذكور يستند إلى تعليل ملائم ويخلو من التناقض في أسبابه إضافة إلى مراعاة حقوق الدفاع والنصوص المتعلقة بالنظام العام .

   قضت في تونس محكمة التعقيب بأن محكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف عندما تنتصبان للنظر في دعوى إبطال قرار تحكيمي فإن كلاهما محكمة مراقبة لكن مع اختلاف النوعية والطبيعة والمجال المحدد لتلك الرقابة فإذا كان مجال نظر محكمة التعقيب ومناط اختصاصها محدد بالحالات والأسباب الوارد تعدادها حصرا بأحكام الفصل (175) من مجلة التحكيم التونسية فإن محكمة الاستئناف بوصفها محكمة إبطال مقيد دورها بمراقبة صور الإبطال الواردة على سبيل الحصر صلب الفصل (78) من مجلة التحكيم .

  ذات المحكمة قضت أن المحاكم القضائية لا يحق لها أن تفحص المعطيات والدفوع لإعادة تقييم الوقائع ومراجعة النزاع وطبيعته وطريقة فصله وإنما يقتصر نظرها على التثبت من احترام ما أوجب القانون احترامه ورتب عن الإخلال به بطلان القرار التحكيمي وهى صورة محددة بالنص ولا يجوز التوسع فيها .

  قضت محكمة استئناف باريس بأنه لا يعود للمحكمة الاستئنافية مراقبة كيفية تطبيق المحكم للقواعد القانونية على أسباب النزاع، فإدلاء طالب المراجعة بإبطال الحكم التحكيمي لأن المحكمين خالفوا قرار القاضي التشيكي المتعلق بفسخ الإيجار، هذا الطلب يفضي لأن تراقب محكمة الاستئناف تسبيب المحكمين والأساس الذي إعتدوه في حكمهم هذا الإجراء لا علاقة له بقاضي الإبطال لأن هذا الطلب يفضي إلى التعرض لأساس النزاع .

نطاق الرقابة على عدم تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق :

  نطاق الرقابة القضائية بشأن تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق على النزاع لا يجرى على وتيرة واحدة فهناك اتجاه قضائي يذهب إلى أن تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع يجب أن يكون فعليا وليس ظاهريا وذلك من خلال فحص وقائع الدعوى والبيانات المقدمة فيها والتأكد من تطبيق المحكمين للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على تلك الوقائع ومثال لهذا الاتجاه القضاء الأردني فقد قضت محكمة التمييز الأردنية بأن الجهة المدعية - المميز ضدها - قد ساقت الأسباب لإبطال قرار التحكيم ومنها أن المحكمين استبعدوا في قرارهم تطبيق القانون الأردني المتفق على تطبيقه، فإن ذلك يتطلب من محكمة الاستئناف الوقوف على مدى تطبيق النصوص الواردة في القانون المدني الخاصة بعقد المقاولة على الوقائع الثابتة في الدعوى ويتأتى ذلك من خلال فحص الوقائع والبيانات الواردة وما هو مستخلص وصولا إلى الجهة المسئولة عن ضمان العيوب اللاحقة المشار إليها في أحكام المواد (785 788، 789) من القانون المدني الأردني، وحيث أن محكمة الاستئناف قد خلصت إلى أن هيئة التحكيم مصدرة القرار وإن اتبعت ظاهريا نصوص القانون المدني الأردني الخاصة بعقد المقاولة إلا أنها من ناحية عملية استبعدت تلك النصوص على ضوء الوقائع التي استخلصتها والمستقاة من الملف التي تشير إلى مسؤولية الجهة المميزة مع الجهة المصممة والمشرفة على تصميم السد (19) وما خلصت إليه محكمة الاستئناف له ما يبرره في ملف الدعوى فيكون ما ذهبت إليه لا يشكل خروجا عن أحكام المادة (449) من قانون التحكيم رقم (31) لسنة2001.

  يذهب اتجاه قضائي آخر إلى ضرورة التفرقة بين عدم تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق بما يعني عدم احترام إرادة الأطراف وبين أخطأ التطبيق ومثال لذلك الاتجاه ما قضت محكمة استئناف القاهرة بأنه في كل الأحوال يتعين التمييز بين عدم تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق بما يشكل عدم احترام الإرادة الأطراف وبين الأخطاء التي ترد على هذا التطبيق، فلا يعيب حكم التحكيم في نطاق دعوى البطلان قصوره في أسبابه القانونية أو الخطأ في تفسير أو تأويل القواعد القانونية التي طبقها طالما أنه ذكر الأسباب التي بني عليها وكانت هذه الأسباب غير متناقضة وتسمح لمن يطلع أن يحدد أن منطق هيئة التحكيم ملائم فيما يتعلق بالواقع أو القانون .

   الخطأ في تطبيق القانون قد يكون من تطبيق قاعدة قانونية غير منطبقة على واقع الدعوى أو قد يكون ناتجا من التفسير أو التأويل الخاطئ للنص القانوني الواجب التطبيق ومنطق القضاء المصري يسير ويتسق مع ما يذهب إليه بصورة دائمة بشأن نطاق البطلان من أنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطأ اجتهادهم في فهم الواقع وتكييف أو تفسير القانون وتطبيقه.

 قضاء محكمة التمييز الأردنية بشأن نطاق دعوى بطلان حكم التحكيم في القانون الواجب التطبيق على النزاع بحث في وقائع النزاع وحسن تقديرات المحكمين من عدمه ولعل استبعاد النص الواجب التطبيق بالاستعاضة عنه بنص آخر من ذات القانون الواجب التطبيق لا يعتبر عدم تطبيق للقانون الواجب التطبيق كما ذهبت محكمة النقض الأردنية وإنما هو خطئا في تطبيق القانون والفرق واضح بين عدم تطبيق المحكم للقانون الواجب التطبيق بما يشكل عدم احترام لإرادة الأطراف وبين الأخطاء التي ترد على هذا التطبيق وهذا ما عالجته تماما محكمة استئناف القاهرة في حكمها أعلاه.

نطاق رقابة البطلان على حكم هيئة التحكيم في الاختصاص:

   يجب على قاضي الإبطال أن يراقب قرار الهيئة التحكيمية الصادر في الاختصاص من خلال البحث في كل العناصر المتعلقة بالقانون وبالوقائع كما تنشأ من الملف الذي يسمح بتقدير نطاق اتفاقية التحكيم واستنتاج النتائج حول احترام المهمة الموكلة إلى المحكمين .

107