المحكم وهيئة التحكيم / موقف الأنظمة القضائية المقارنة من مسئولية المحكم المدنية / الكتب / مسؤولية المحكم المدنية / موقف الأنظمة القضائية المقارنة من مسئولية المحكم المدنية
موقف الأنظمة القضائية المقارنة من مسئولية المحكم المدنية
أما بالنسبة للقضاء الأمريكي فقد أتيح له فرص كثيرة للإدلاء برأيه في شأن مسئولية المحكمين، وبالرجوع إلى الأحكام الصادرة عن هذا القضاء تلمس بوضوح أن المحاكم الأمريكية فضلت مبكراً منح المحكم الحصانة التي يتمتع بها القاضي.
أما بالنسبة للقضاء الإنجليزي فهو كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية له تاريخ طويل في مد الحصانة القضائية إلى المحكمين.
وإن من الواجب أن تكون لديهم القدرة لصنع قراراتهم بشكل مستقل دون الخوف من دعاوي المسئولية المدنية التي ترفع ضدهم من المتقاضين الخاسرين.
ولا يخفي ما لهذا المسلك من أثر سلبي في عملية التحكيم، فهو من ناحية يحول دون رفع مستوى مهنة التحكيم وإدراك منتسبيها أهمية دورهم في تحقيق العدالة، كما أن هذا المسلك يحول دون القضاء على بوادر الإهمال واللامبالاة التي قد يتصف بها بعض المحكمين.
ولعل في الأخذ بهذا الاتجاه أيضاً ما يدفع المؤسسات التحكيمية إلى عدم بذل العناية والحذر المعقولين في إدارتها للعملية التحكيمية على نحو يضر بالعدالة وبمستقبل التحكيم.
ومن الأسباب التي تدفعنا أيضاً إلى انتقاد الحصانة المطلقة للمحكمين عدم إجازة معظم التشريعات الطعن بحكم التحكيم في الاستئناف الإصلاح الخطأ الذي قد يرتكبه المحكم كما أنه وفي ظل التشريعات التي تجيز رفع دعوى بطلان مبتدأه على حكم التحكيم لا تذكر من أسباب البطلان خطأ المحكم في تقدير الوقائع أو في تطبيق القانون. فماذا لو ارتكب المحكم خطأ جسيما في هذا الشأن وترتب عليه ضياع حق من كان كل الحق في جانبه غير دعوى المسئولية؟
توثيق هذا الكاتب
تقديرنا لموقف القانون والقضاء من مسئولية المحكم المدنية
رأينا أن هناك تباين في مواقف القوانين الوطنية بشأن مسئولية المحكم، فبعضها لم يعالج مطلقاً مسئولية المحكم الناشئة عن أخطائه التحكيمية، وهناك طائفة من القوانين الوطنية عالجت مسئولية المحكم الناشئة عن التحكيم فقط.
كذلك نرى أن السير بهذا المسلك من قبل القضاء الأنجلو أمريكي له أثر سلبي في عملية التحكيم، فهو من ناحية يحول دون رفع مستوى مهنة التحكيم وإدراك منتسبيها أهمية دورهم في تحقيق العدالة، كما أن هذا المسلك يحول دون القضاء على بوادر الإهمال واللامبالاة التي قد يتصف بها بعض المحكمين.
كذلك نرى أن تقرير الحصانة المطلقة للمحكمين من شأنها أن تؤدي إلى إحجام الأفراد عن اللجوء إلى التحكيم بوصفه أسلوبا بديلا لحل منازعاتهم.
ولعل في الأخذ بهذا الاتجاه أيضا برأينا يدفع المؤسسات التحكيمية إلى عدم بذل العناية والحذر المعقولين في إدارتها للعملية التحكيمية على نحو يضر بالعدالة وبمستقبل التحكيم، بل وبمستقل مؤسسات التحكيم ذاتها. فإذا كانت التشريعات الحديثة تعترف للمحكم بالحصانة، فلا أقل من مساءلة مؤسسات التحكيم.
ونرى من البواعث التي تدفعنا أيضاً إلى انتقاد الحصانة المطلقة للمحكمين عدم إجازة معظم التشريعات الطعن بحكم التحكيم في الاستئناف الإصلاح الخطأ الذي قد يرتكبه المحكم كما أنه وفي ظل التشريعات التي تجيز رفع دعوى بطلان مبتدأه على حكم التحكيم لا تذكر من أسباب البطلان خطأ المحكم في تقدير الوقائع أو في تطبيق القانون.