الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / المسئولية المهنية للمحكم / الكتب / بطلان القرار التحكيمي التجاري الدولي الأسباب والنتائج /  المسوليه المهنيه للمحكم

  • الاسم

    د. ممدوح عبدالعزيز العنزي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    440
  • رقم الصفحة

    293

التفاصيل طباعة نسخ

 المسوليه المهنيه للمحكم 

 

 ١- المسئولية بصفة عامة

 إن المتتبع لأحكام القضاء يجدها تتحدث عن المسئولية كجزاء يوقع على من ارتكب خطأ ما ينشأ عنه بعض الآثار السيئة التي لم يكن من المرغوب فيه تحققها أو التي كان من المتعین تجنبها ببذل عناية الرجل المعتاد، أي أن المسئولية في وصف التطبيقات القضائية تعبر عن الأثر القانوني المترتب على مخالفة نصوص القانون ، وهذه المسئولية تختلف وتتنوع تبعا لاختلاف و تنوع فروع القانون التي تم مخالفة نص ينتمي إليها ، فهي مسئولية مدنية حال مخالفة نصوص القانون المدني ، وهي مسئولية جنائية حال مخالفة نصوص قانون العقوبات ، وهي مسئولية إدارية حال مخالفة نصوص القانون الإداري.

 مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي

مما سبق يتضح لنا أن كتابات الفقه الإسلامي عرفت مضمون فكرة المسئولية بصفة عامة و مدلول فكرة المسئولية المدنية التي هي ش اغل الباب الثاني من هذه الرسالة ولكن هذه الكتابات خلت تقريبا - في ضوء ما أجريته من بحث - من استعمال مصطلح المسئولية ، و حتى في المواضع التي ورد فيها لفظ المسئولية في كتب الفقه الإسلامي فقد كان المقصود معناه اللغوي والذي يدور حول المؤاخذة والمحاسبة كأن يقال أن المتلف يسأل عن الضمان أو أن يقال بتحمل المخطىء المسئولية عما اقترفت يداه.

أما الأمر في القانون الوضعي فقد اختلف بعض الشيء حيث أخذ اصطلاح المسئولية مدلولا أكثر تحديدا ، فقد استقرت الأسس الضابطة والمنظمة لفكرة المسئولية من حيث تحديد شروطها وأركانها وآثارها ، بل إن هذه الفكرة تجد تطبيقا لها في معظم النصوص القانونية وفي كثير من التطبيقات القضائية كما تولت شروح فقهاء القانون تحديد النظام القانوني لها تفصيلا في شتى فروع القانون.

ولكن هذا لا يعني تفوق الفكر القانوني على الفكر الشرعي في هذا الخصوص ، ذلك أن هذا الفكر الأخير قد أورد اصطلاحا آخر يرادف أو يقابل اصطلاح المسئولية وهو اصطلاح الضمان ، ذلك أن الضمان في معنى له يشتمل على مدلول اصطلاح المسئولية كما عرفه الفكر القانوني ، و قد تولى فقهاء المسلمين وضع تنظيم شرعي متكامل له ، وهو ما يعني أن الفكر الشرعي عرف فكرة المسئولية مضمونا لا اصطلاحا.

أما في خصوص فكرة المسئولية الإجرائية على وجه التحديد فقد خلت الكتابات الشرعية من الإشارة إليه بصورة صريحة كما لم يلق لها الفكر القانوني بالا ، وهو ما يعني وجود تماثل بين موقف كل من الفكرين القانوني والشرعي في هذا الشأن وهو ما يحتم ضرورة تحري مدى إمكان الاستدلال على هذه الفكرة بصورة ضمنية في كتابات الفقه الإسلامي و نظم القانون الوضعي وتطبيقاته وشروحه.

رأي الباحث في تقسيمات المسئولية

بعد هذا العرض الموجز لتقسيمات المسئولية  أود - على استحياء - إبداء ملحوظتين أساسيتين هما: 

أولا : يقسم معظم فقهاء القانون المسئولية القانونية إلى مدنية وجنائية في حين أن المنطق القانوني يقتضي أن يضاف إلى هذين النوعين نوعا ثالثا وهو المسئولية الإدارية ، فمن المقرر أن المسئولية المدنية تنشأ حال مخالفة قواعد القانون المدني ، وأن المسئولية الجنائية تتوافر حال مخالفة قواعد القانون الجنائي ، ومن المقرر أيضا وجود فرع مستقل من فروع القانون وأن مخالفة أحكامه تستتبع قيام المسئولية الإدارية.

 ثانيا : يتجاهل معظم فقهاء القانون - في تقسيمهم للمسئولية - فكرة المسئولية الإجرائية وذلك بالرغم من أن هؤلاء الفقهاء لا ينكرون وجود شانون إجرائي - يستقل عن القانون الموضوعين وإذا سلمنا بوجود قانون إجرائي مستقل في طبيعته عن القانون الموضوعي - ولما كانت المسئولية تعكس صبغة القانون التي نشأت بسبب مخالفة أحكامه - فإن المنطق السديد يقودنا إلى القول بوجود مسئولية إجرائية تقابل المسئولية الموضوعية قبل تقسيم هذه الأخيرة إلى مسئولية جنائية وأخرى المدنية وثالثة إدارية.

- فالقانون ينقسم إلى قانون موضوعي و آخر إجرائي ، والقانون الموضوعي ينقسم إلى قانون مدني ، والذي يترتب على مخالفة أحكامه نشوء مسئولية مدنية تستتبع توقيع جزاء مدني ، وآخر جنائي ، وهو ما يترتب على مخالفة أحكامه نشوء مسئولية جنائية تستتبع توقيع جزاء جنائي ، و ثالث إداري يترتب على مخالفة أحكامه نشوء مسئولية إدارية تستتبع توقيع جزاء إداري ، و كما يترتب على مخالفة القانون الموضوعي نشوء مسئولية موضوعية ، تستتبع توقيع جزاء موضوعي ، فإنه - و تمشيا مع ذات المنطق - يترتب على مخالفة أحكام القانون | الإجرائي نشوء مسئولية إجرائية تستتبع توقيع جزاء إجرائي.

مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي :

 مما سبق يتضح لنا رقي فكر الشريعة الإسلامية في خصوص تقسیمات المسئولية و بلوغه ما يقطع بسموهذا الفكر وعجز نظم القانون الوضعي عن بلوغ سمائه ، و يتبين لنا ذلك من خلال تقسيم الفقه الإسلامي المسئولية إلى مسئولية دنيوية وأخروية ومسئولية تتعلق بحقوق العباد و أخرى تتعلق بحقوق الله سبحانه وتعالى وهو ما يعني أن التقسيمات المسئولية في الفقه الإسلامي بعدا نفسيا لم تهت به بذات الدرجة نظم القانون الوضعي.

ولعل ذلك ينبع من اعتماد فقه المعاملات في الفقه الإسلامي على فكرة الوازع الديني والتواصل مع الشعور والعاطفة والوجدان لدى المخاطبين بمبادئه وأحكامه وهو ما لم تصل نظم القانون الوضعي إليه و عجزت فلسفته عن بلوغه.

ولكن هذا لا يعني خلو الفكر القانوني كلية من الاهتمام بهذا الجانب النفسي ، دلك ان تقسيم المسئولية في الفكر القانوني إلى مسئولية قانونية و أخرى أدبية أو اخلاقية يعد دربا من دروب ذاك الاهتمام ، ولكن يبقى أساس التقسيم في كلا

النظامين الشرعي والوضعي و نطاقه شاهدا على رقي حس فقه الشريعة - الإسلامية و سمو مبادئ هذا الشرع الحنيف على كل تنظيم وضعي ، وعمق فلسفته عن كل فلسفة بشرية. .