ومن ثم يتمتع الحكم بطبيعة مزدوجة، تبدأ تعاقدية وتنتهي قضائية عندما يصدر الأمر بتنفيذ الحكم. ويترتب على الأخذ بهذه الوجهة من النظر عدم الاعتراف بحجية حكم التحكيم إلا بعد صدور الأمر.
ويرى البعض أن التحكيم يبدو كأنه نوع من الحلول التي تقيم التوازن بين متناقضين هما احترام سلطان الإرادة.
فالأصل المزدوج السلطات المحكم متمثلاً في إرادة القانون، ثم إرادة الأطراف، وهذا يضفي على مهمة المحكم بعض الخصوصية التي تنعكس على ممارسته لمهمته، فإن التحليل القانوني يجب ألا يقف عند القول بأنه ذو طبيعة مختلفة، أو أنه خليط غير متجانس.
وكما يرى أن العنصر الإرادي هو السائد في المرحلة الأولي من التحكيم، وهي مرحلة الاتفاق على التحكيم كأسلوب لحل المنازعات، ثم يبدأ العنصر الإرادي في الأول تدريجيا تاركا الغلبة منذ بدء مرحلة التداعي للخصائص التي يتسم بها العمل القضائي.
توثيق هذا الباحث
طبقا لهذه النظرية، نرى أن التحكيم يتمتع بطبيعة مزدوجة، فهو يبدأ تعاقدياً باتفاق الخصوم على اللجوء الى التحكيم واختيار المحكم وتحديد سلطته، وكذلك اختيارهم القانون الواجب التطبيق على الإجراءات وعلى موضوع النزاع، ثم يمر بمرحلة إجراءات وينتهي بقضاء في ضوء القرار الصادر الحاسم للنزاع عندما يصدر الأمر بتنفيذه من قضاء الدولة.
وهكذا تقف هذه النظرية موقف توفيقياً أو وسطياً، وترى أنه لا ينبغ إضفاء تكييف واحد على عملية التحكيم. فالتحكيم في الحقيقة نظام مختلط أو مركب يبدأ تعاقديا.