لم ينظم المشرع المصري حق المحكم في تقدير أتعابه، إلا أنه من الثابت أن المحكم متى أتم عمله له أن يطالب بمصاريف نفقات سفره و إقامته و انتقاله و أتعابه عما بذله من عناء عند نظر النزاع علي أساس مدة التحكيم و الصعوبات التي واجهته وقيمة الدعوى و مركز المحكم الاجتماعي و المالي، و الاعتداد بالعُرفُ الجاري إذا كان هناك عرف في هذا الصدد.
والمحكم لا يستحق أتعاباً إذا أبطل الحكم بسبب يرجع إلي إهماله وخطئه، أما إذا كان السبب خارجاً عن إرادته فيستحق الأتعاب، ولا يستحق المحكم أتعاباً إذا انقضى التحكيم - لأي سبب كان - طالما لم تنظر الخصومة، اللهم إلا إذا كان طرح عليه موضوع النزاع مقدماً لدراسته و استنفذ جهداً ووقتا في هذا الشأن.
كما يجوز للأطراف تفويض المحكم في تقدير أتعابه، وفي تحديد نصيب كل طرف من الخصوم، ويخضع ذلك في كل الأحوال لرقابة المحكمة المختصة بنظر النزاع أصلا، و لا يملك المحكم حجز مستندات الخصوم حتى يستوفي أتعابه، و يذهب جانب من الفقه إلى أن المحكم لا يملك تقدير أتعابه في حالة عدم تخويل الأطراف له ذلك .
وتجدر الإشارة إلي أن وجود سلطة تعيين للمحكم توجب عليه الرجوع إليها ، إذا طلب إليه أحد الخصوم تقدير أتعابه. وتطبيقاً لذلك فإنه إذا تم تعيين محكم من قبل مركز تحكيم فلا يجوز لهذا المحكم الاتفاق مع الخصوم علي تعديل أتعابه أو عقد اتفاق جديد بشأنها، إلا بعد الرجوع لهذا المركز .
ب - مدى سلطة المحكم في تقدير مصروفات الدعوى:
يُقصد بمصروفات الدعوى، أتعاب المحامين و الخبراء ومقابل انتقال الشهود و غيرها من المصاريف التي تكبدها الخصم، والأصل أن تحكم هيئة التحكيم - من تلقاء نفسها - أو بناءً علي طلب الخصم بالمصروفات علي من يخسر الدعوى.
ونظراً لأن المشرع المصري لم ينظم هذه المسألة في التحكيم، فإنه من الثابت أن القرار النهائي - هيئة التحكيم - هو الذي يحدد تقدير تلك المصروفات ؟ ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، إذ أن تلك المصروفات تدخل ضمن مصروفات الدعوى
ج - مدى سلطة المحكم في إصدار أوامر الأداء:
يقصد بأوامر الأداء، تلك المتعلقة بالوفاء بالديون سواء كان محلها نقوداً أو منقولات مثلية أو معينة بالذات ثابتة بالكتابة، إذ أن الدائن يعمد إلي استصدار أمر أداء استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوي عملا بالمادة 201 مرافعات.
ونظراً لأن المشرع المصري لم يخول المحكم تلك السلطة، ونظراً لأن المحكم لا يملك سلطة إصدار أمر الأداء - علي عكس القاضي - و بما أن سلطة المحكم في إصدار الأوامر الوقتية جاءت علي سبيل الاستثناء، فلا يقاس عليها، فالذي يملك تلك السلطة - فقط - هو القاضي، وفقاً للتنظيم الإجرائي للمادة السالفة الذكر.