تعتمد الأطراف المتخاصمة على المحكم أو هيئة التحكيم في حل قضاياها المهمة والمعقدة والتي غالبًا ما تكون ذات قيمة مالية كبيرة.
وإزاء هذه المسئولية المهمة والكبيرة التي يتحملها المحكم أو هيئة التحكيم كان لا بد له أن يتمتع باختصاصات وسلطات واسعة تمكنه من الفصل في الموضوع والتوصل إلى حكم ينهي النزاع، ويستمد المحكم اختصاصاته الواسعة من اتفاق الأطراف الذين قد يحددون اختصاصاته في صلب اتفاقهم أو يحيلون الأمر إلى نظام تحكيم، سواء أكان مركزًا أو هيئة، أو على قانون التحكيم في دولة معينة. ويمارس المحكم اختصاصات واسعة تبدأ من تحديد ووضع النظام الإجرائي للتحكيم والفصل في الدفوع بعدم الاختصاص أو عدم وجود اتفاق التحكيم أو صحته، وتحديد المهل والمواعيد وتبليغها للأطراف، وإدارة الجلسات وتنظيمها، إلى تحديد مكان التحكيم ولغته، مرورًا بالمرافعات واتخاذ كافة إجراءات الإثبات المختلفة، وانتهاء بإصدار حكم التحكيم وتصحيحه وتفسيره أو الحكم بما لم يشمله حكم التحكيم من طلبات قدمها الأطراف أثناء سير الدعوى وأغفلها حكم التحكيم. واختصاصات المحكم تضيق وتتسع حسب اتفاق الأطراف، فتضيق عندما تحدد الأطراف الاختصاصات التي ينبغي على المحكم القيام بها أو عدم مباشرتها، وتتسع عندما تسكت الأطراف عنه فيكون للمحكم سلطة تقديرية في القيام بها من عدمه مراعيًا في ذلك حال وظروف الأطراف والعادات والأعراف التجارية في كل حاله على حدة.
واختصاصات المحكم محددة بإرادة الأطراف ودور المحكم هو دور تكميلي في حالة عدم اتفاق الأطراف، وهي مقيدة وليست مطلقة فهناك بعض الاختصاصات التي لا يمكن للمحكم القيام بها لأن القانون يمنعه من مباشرتها لكونها تخرج عن نطاق اختصاصه. فمثلا لا يختص المحكم بالغرامات التهديدية أو بالحبس أو بتوقيع عقوبة من العقوبات المقررة على من يخل بسير الجلسات كما لا يختص بإحضار الشهود قهرًا في حالة عدم حضورهم ذلك لأن القانون قد جعل كل هذه الأمور من اختصاص القضاء الذي يملك سلطة القهر والإجبار... الأمر الذي لا يملكه المحكم.
ولأن للتحكيم نظام غير نظام القضاء فإن المحكم لا يختص بالفصل في كل القضايا التي تعرض عليه، بل يمتنع عليه الفصل في القضايا التي تخرج عن نطاق اختصاصه مثل قضايا الحدود وقضايا القصاص، وكما يقال في القانون "ما لا يجوز الصلح فيه لا يجوز التحكيم فيه".
وعلي المحكم أن يتقيد، وهو يمارس اختصاصاته المتعلقة بدعوى التحكيم،اتفق الأطراف وعدم الخروج عما حددوه للمحكم في هذا الاتفاق. وهذا ما نص عليه قانون التحكيم اليمني حيث نصت المادة (٢٩) منه "على لجنة التحكيم الالتزام باتفاق التحكيم، ولا يجوز لها أن تحكم بما لم يشمله الاتفاق أو بما لم يطلبه طرفا تحكيم". وعليه أيضا أن يحترم المبادئ الأساسية في التقاضي مثل المساواة بين الأطراف وضمان حق الدفاع، وعليه أن يتقيد باحترام القواعد الآمرة وهي التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.