من المُسَلَّم به، كما أشرنا، أن المحكم يجب أن يلتزم بالقانون واجب التطبيق علي النزاع فلا يملك العدول عنه أو الالتفاف عليه، فعدم التزام المحكم بالقانون الذي اتفق عليه الأطراف يُبطل حكم التحكيم وفقاً لنص المادة 1/53/د من قانون التحكيم الذي يعتبر تزيداً من قانون التحكيم المصري لم يرد في اتفاقية نيويورك أو القانون النموذجي،علي أنه يشترط لإعمال هذا الشرط أن يتفق الأطراف صراحة علي تطبيق قانون معين علي موضوع النزاع، وأن يستبعد المحكم القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه استبعاداً تاماً، أما إذا استبعد بعض قواعد هذا القانون أو أخطأ في اختيار القاعدة الصحيحة، فلا يتوافر أسباب البطلان لان ذلك لا يعد من أسباب البطلان .
إلا انه كثيراً ما يحدث أن تكون النصوص القانونية التي يتمسك بها الخصوم في اتفاق التحكيم لا تنطبق علي الوقائع المثارة بسبب النزاع أو يكون القانون واجب التطبيق خالياً من نص يُمَكِّنه من تطبيقه علي النزاع المطروح، فما سلطة المحكم حيال ذلك؟
أولاً، يجب أن نوضح أن المحكم ليس آله مصمتة بل هو أداة فاعلة يمسك بدفة التحكيم ليصل بها إلي ما يبتغيه الأطراف من حكم عادل، وعلي هذا الأساس فالمحكم لن يقف مكتوف الأيدي، ففي هذا الوضع يقوم بقبول طلب التحكيم والتنبيه علي الأطراف بأنه سوف يتولى تطبيق قاعدة لم يتم الاتفاق عليها بينهم، وذلك احتراماً لحق الدفاع، فإذا كان القانون واجب التطبيق، كله غير قابل للتطبيق فعلي المحكم استبعاد ذلك القانون وتطبيق
قانون آخر مع إتاحة الفرصة أمام الأطراف في اختيار قانون آخر.
وعلي المحكم في كل الأحوال أن يحترم القواعد الآمرة، ويضعها نصب عينيه، فإذا تبين له وجود نصوص في القانون واجب التطبيق يمكن أن تصطدم بالنصوص الآمرة، فعليه استبعاد تلك القواعد وتطبيق قواعد أخرى ملائمة لطبيعة النزاع، حتى لا يُضْحِي حكمه عرضة للبطلان.