يتعرض القاضي الوطني عند نظر نزاع يتضمن عنصراً أجنبياً إلى مسألة تحديـد القانون الواجب التطبيق وتضع التشريعات من الضوابط والمعايير ما يرشده لتحديده أو ييسر له ذلك (وتنص المادة 1/20 من القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً فإن اختلفا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد ، هذا ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك). ويواجه المحكم ذات المسألة لأن الغرض الغالب هو وجود عنصر أجنبي في النزاع، وقد حرصت التشريعات الوطنية والمؤسسية على منح المحكم سلطة احتياطية في تحديد القانون عندما لا يتفق عليه أطراف الخصومة فالمادة 1/17) من نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية ICC النافذة اعتباراً من 1998/1/1 منحت المحكم سلطة احتياطية في تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق في حالة غياب اتفاق الأطراف عليها ، د. الأحدب، الجزء الثاني، (دت) ص553) فيتصدى المحكم لتحديده وفقاً لمعايير موضوعية لسد الفراغ القانوني الذي خلفه الأطراف بعدم اختيار القانون الواجب التطبيق، وقد نصت المادة 36/ب تحكيم أردني على أنه إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع، كما نصت المادة 1496 من قانون المرافعات الفرنسي على أنه عند عدم اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق يحسم المحكم النزاع بالقواعد التي يراها ملائمة ( د. الأحدب، الجزء الثاني، (دت) ، ص451 ، وهو ما نص عليه المشرع المصري أيضاً في المادة (2/39) تحكيم مصري).
ومن ثم يتضح أن سلطة المحكم في اختيار القانون الواجب التطبيق سلطة احتياطية، لا يمارسها إلا عند تخلف اتفاق الخصوم، ويمتنع عليه استبدال اختيار الأطراف، ويتقيد في ممارسة هذه السلطة بأية قيود يتفق عليها الأطراف في الحدود التي لا تتعارض مع النظام القانوني الواجب التطبيق . ورغم حرية الطرفين في الاتفاق على الإجراءات، إلا أن الواقع أن هذه الحرية لا يمكن أن تمتد إلى المبادئ الأساسية في مجال الإجراءات، كمبدأ المساواة بين الخصوم ومبدأ المواجهة ومبدأ ضمان حق الدفاع، فهذه المبادئ تعتبر من النظام العام على نحو لا يجوز معه للطرفين المساس بها باتفاق بينهما ، فهي تطبق وأن وجـد مـا يخالفها .