حيث إن وظيفة القضاء، خاصا كان أم عاماً، إنما تتمثل في إقامة العدل وإعطاء كل ذي حق حقه. وحيث إن توصل القاضي إلى إيصال الحقوق إلى أربابها يبقى رهين اطلاعه على مقولات الخصوم وما لكل واحد منهم من وسائل المدافعة والبرهنة، وإن ذلك يقتضي بالضرورة احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم وتمكين كل واحد منهم من الاطلاع على ما قدمه خصمه من وسائل إثبات للرد عليها ودحضها عند الإقتضاء، وهذه المبادئ استقر عليها العمل القضائي منذ رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى | الأشعري، حتى التشاريع الحديثة، ومنها مجلة المرافعات المدنية والتجارية، ومجلة التحكيم في فصلها الثالث عشر الذي اقتضى في فقرته الأخيرة أنه أيا كان صنف التحكيم سواء كان طبق القانون أم طبق قواعد العدل والإنصاف، فإن المحكم ملزم باحترام القواعد الأساسية للإجراءات وخاصة منها المتعلقة باحترام حقوق الدفاع. وحيث إن احترام حق الدفاع هو الشرط الأساسي والحتمي الذي في غيابه لا يمكن للمحكم أن يتوصل إلى الحل العادل والمنصف، وهو ما كرسه المشرع التونسي في الفصل 13 المذكور كما استقرت عليه اجتهادات الفقه والقضاء في مختلف الأمصار، حيث أن فقه القضاء التونسي، ورغم تعامله بليونة ومرونة مع التحكيم الدولي قد اعتبر أن مبدأ احترام حقوق الدفاع يهم «النظام العام الدولي، ومن ثمة يتجه إلى إبطال القرار التحكيمي الذي لم يحترمه) ولو كان القرار صادرا عن المحكمين مصالحين).
وحيث يتفرع عن مبدأ احترام حقوق الدفاع أمران:
- الأول هو لزوم احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم أثناء سير الخصومة.
- الثاني هو لزوم احترام هيئة التحكيم للمبدأ المذكور عند إصدارها القراراها حيث يجب عليها أن تعلل قرارها وأن ترد على جميع النقاط الهامة وذات التأثير على وجه الفصل، التي يثيرها كل واحد من الطرفين...
كما واصلت محكمة الإستئناف بتونس السير على نفس النهج، فجاء في قرارها عدد 4۲ الصادر بتاريخ 6 جويلية ۱۹۹۹(۳) ما يلي:
ا... إن المحكم المصالح يعفى من تطبيق أحكام القانون المتعلقة بالأصل، بخلاف الجوانب الشكلية والإجرائية، والتي يبقى بالنسبة لها ملزما إحترام أحكام التشريع الداخلي الجاري به العمل وخاصة منها تلك المتعلقة بالإجراءات والمسائل الشكلية الجوهرية طبق ما نص عليه الفصل ۹۲ من مجلة التحكيم...
وحيث إنه وفي ما يتصل بالمطعن المؤسس على خرق هيئة التحكيم المبدأ المواجهة بين الخصوم فإنه يتضح من محتوى القرار التحكيمي ذاته أن هيئة التحكيم قررت في آخر مراحل سير القضية إجراء توجه على عين مكان التزاع وإجراء إختبار بواسطة إثنين من أعضائها لاستجلاء حقيقة الأمر، وحصل ذلك فعلا وتم تحرير تقرير في التوجه وتقرير إختبار إلا أن هيئة التحكيم لم تمكن أيا من الطرفين من الإطلاع على ذينك التقريرين بتعلة أن الإطلاع عليهما يمكن من الإطلاع على أسرار المفاوضة.
وحيث إقتضى الفصل ۱۳ من مجلة التحكيم في فقرته الأخيرة أنه اوفي جميع الصور تراعي المبادئ الأساسية للمرافعات المدنية والتجارية وخاصة منها المتعلقة بحق الدفاع». .
وحيث يتضح من ذلك أن المشرع إختار التأكيد بوجه صريح على أحد المبادئ الأساسية للإجراءات الواجب إحترامها من قبل جميع المحكمين أيا كان صنف التحكيم، معتبرا أن المبدأ المذكور هو المبدأ الجوهري من ضمن المبادئ الأساسية للإجراءات، وهو مبدأ إحترام حقوق الدفاع.
وحيث إن إحترام حق الدفاع حق كل خصم في الإطلاع على جميع أوراق التنازلة بما فيها تلك المدلى بها من قبل خصمه وتلك التي تتوصل إليها هيئة التحكيم من خلال الأعمال الإسفرائية والإستقصائية التي تجريها إنما مباشرة (كالتوجهات والتحريرات) أو بواسطة الغير (كالإختبارات).
وحيث إن ثقة المتقاضي في العدالة، خاصة كانت أم عامة، لا يمكن أن تقوم إلا إذا وقع تمكينه من الدفاع عن نفسه، ومن ثمة فإنه لا يجوز السماح بخرق المبدأ المذكور بأية تعلة كانت، وإن عمل المحاكم درج على تمكين الأطراف من الإطلاع على نتائج أعمال التوجه دون أن يعتبر ذلك مساسا بمبدأ سرية المفاوضة وكذلك الشأن في خصوص الإختبارات، وإن لا شيء يؤكد أن هيئة التحكيم سوف تقضي حتما طبق إستنتاجات الإختبار ولو كان جرى من قبل بعض أعضائها إذ أن رأي الخبير لا يقيد هيئة التحكيم، وعلى كل حال فقد كان بإمكان هيئة التحكيم تلافي هذه المعضلة بتعيين خبراء من غير أعضائها والإكتفاء بالتوجه، وإن عدم إتباعها لهذا السبيل ليس عذرا مبرا لخرق مبدأ المواجهة.
وحيث إن خرق هيئة التحكيم المبدأ المواجهة بين الخصوم وحقوق الدفاع لا يمكن إلا أن يورث قرارها البطلان مهما كانت سلامة المنطق الذي قام عليه ...)
أما احترام إرادة الأطراف، فهو بدوره من المبادئ التي تهم النظام العام الدولي، وذلك باعتبار أن أهم ما يميز التحكيم عن القضاء الرسمي هو هيمنة إرادة الأطراف على مختلف جوانبه، بدءا من مبدأ اللجوء إلى القضاء الخاص ذاته، مرورا بحرية اختيار المحكمين ومكان التحكيم ولغته والقواعد المنطبقة على إجراءاته وعلى أصل النزاع.
وبالنسبة إلى حكم التحكيم، يقتضي الفصل ۳۰ من مجلة التحكيم الوارد في باب التحكيم الداخلي أن: الصدر هيئة التحكيم حكمها بأغلبية الآراء بعد المفاوضة. ويشتمل الحكم على جميع البيانات التي أوجبها الفصل ۱۲۳ من مجلة المرافعات المدنية والتجارية مع مراعاة أحكام الفصل 14 من مجلة التحكيم المتعلقة بالمحكمين المصالحين
كما يجب أن يقع الإمضاء عليه من طرف المحكمين وإذا رفض واحد منهم أو أكثر الإمضاء، أو كان عاجزا عنه، ينص بالحكم على ذلك.
ويكون الحكم صحيحا إذا وقع الإمضاء عليه من طرف أغلبيتهم.
وإذا لم تتكون الأغلبية فإن رئيس هيئة التحكيم ينص على ذلك ويصدر الحكم طبق رأيه. ويكتفي في هذه الصورة بإمضائه على الحكم).
required by article 123 of the Code of Civil and Commercial Procedure, with the exception of the provisions of Article 14 of the artritration code, regarding the power to settle the dispute as an amable compositeur Moreover, the award must be signed by the arbitrators A refusal or incapacity of one or several arbitrators to sign the award shall be mentioned in the award The award is valid if signed by the majority of the arbitrators. Should there be no majonty of votes, the president of the arbitral tribunal, after mentioning it, shall render the award under his own authority. In that case, the signature of the president shall be sufficient A1 75 «1- La sentence arbitrale est rendue par écrit et signée par l'arbitre ou les arbitres. En cas de pluralité d'arbitres, les signatures de la majorité des membres du tribunal arbitral suffisent pourvu que solt mentionnée la raison de l'omission des autres 2. la sentence arbitrale doit être motivée, sauf si les parties en conviennent nutremont, ou s'il s'ngit d'une sentence fondue par accord des parties conformément à l'article 15 du présent code. 3-La sentence doit mentionner la date à laquelle elle est renduo, ainsi que le lieu de l'arbitrage déterminé conformément a l'article 66 du présent code. La sentence arbitrale est réputéo avoir été rendue audit lleu. 4. Une copie de la sentence rendue, signée par le ou les arbitres conformément au paragraphe 1 du prósent article, est fornise chacune des parties. Article 75 a 1. The award shall be made in writing and shall be signed by the arbitrator of arbitrators. In arbitral proceedings with more than one arbitrator, the signatures of the majority of all members of the arbitral tribunal shall suffice, provided that the reason for any omitted signature is stated. 2. The award shall mention the reasons upon which it is based, unless the parties have agreed that no reasons are to be given or the award is an award on agreed terms under Article 15 of the present Code. 3. The award shall state its date and the place of arbitration as determined in accordance with Article 65 of the prosent Code. The award shall be deemed to have been made at that place. 4. After the award is made, a copy signed by the arbitrator or arbitrators in accordance with paragraph (1) of this article shall be delivered to each party.
صراحة على أن حكم ولا يتصور في هذا العصر أن يصدر المحكم حكمة تحكيميا شفاهية. وقد اختارت بعض القوانين والإتفاقيات ونظم التحكيم التنصيص التشريعي.
أما في القانون عليه في النص التحكيم يجب أن يكون كتابية، في حين اعتبرت قوانين أخرى أن هذا الشرط بدهي ولا حاجة إلى التنصيص التونسي، فان التنصهم في الفصل ۳۰ من مجلة التحكيم على أن حكم التحكيم يجب أن يكون ممضي من قبل المحكمين، كافي للدلالة على وجوب الكتابة وحده بالبيان أنه في عصر تطورت فيه استعمالات الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت)، ظهر ما پستي بالتحكيم على الخط على الإنترنت online arbitration/ arbitration on the Internet، وأصبح من الممكن أن يكون حكم التحكيم في شكل وثيقة إلكترونية، وهذا ما لا يتنافى مع أحكام القانون التونسي، مقالات باعتبار أنه منذ تعديل مجلة الإلتزامات والعقود في شهر حزيران - جوان ۲۰۰۰ أصبح الكتب الإلكتروني معتمدة بنفس قيمة الكتب الخطى. أنظر من
'admission de l'écrit électronique en tant que moyen de preuve, In Actes du Séminaire sur: La télécompensation, organisé par l'Institut de la Banque Centrale de Tunisio, Tunis 9 janvier 2003.
جرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان في موقعة صفين، حيث أبرمت اتفاقية التحکیم کارت تشير على سبيل المثال إلى التحكيم الذي حكم التحكيم شفاهة، بما سمح لأحد المحكمين (وهو عمرو بن العاص) بأن يغالط صاحبه (وهو أبو موسى الأشعري)، فتوی مقتل عثمان بن عفان على أيدي جماعة من أهل الأمصار، حيث ولى أهل المدينة عليا بن أبي طالب الخلافة، لكن معاوية أي أن يعترف ورفقی میانه بدعوى أنه ممن حرصوا على قتل عثمان وأنه عمي القتلة، فخرج علي بن أبي طالب إليه لردعه، والنفي الجمعان فی بیان سال حوالي سة ۱۰ هجرية، ولما رأى معاوية أن جيشه تضعضع وأن الهزيمة أنية لا محالة، استشار عمرو بن العاص، فأشار عليه بأن ہر متوقعا أن يؤدي ذلك إلى ربح الوقت في أسوأ الأحوال، وأن يحدث الشقاق بين أصحاب علي، وفعلا، خرج عند معاوية رافعين السماء ودعوا إلى التحكيم عم بتعاليم القرآن، وراى على أن يواصل الحرب حتى يجهز عليهم، لكن شفا من أصحابه لم يروا رأيه ووجدوا في موا الدعوى إلى التحكيم مخالفة لروح الشرع، قائلين: أقاتلناهم لله، وندع قتالهم لله، والقسم أصحاب علي بن رافض ومؤيد، و كانوا يقتلون، أن بعض التحكيم على علي، رافعين المصاحف على أسنة الرماح،