من الامور الاساسية في الاجراءات التحكيمية، احترام وضمان حتى الدفاع لكل طرف من اطراف النزاع وبحرية تامة. وضرورة معاملة اطراف النزاع معاملة متساوية دون تمييز او تفريق .
وحق الدفاع، يعني اعطاء الفرصة الكاملة، لكل من الطرفين بأن يقدم ما لديه من ادلة واقوال وشهود، وهذا يعني ايضا اعطاء وقت كاف لجلب الشهود او لتبادل اللوائح او لاستدعاء الخبراء والى غير ذلك من الامور التي تجعل كل طرف في وضع يستطيع فيه ان يدافع عن ادعائه وبكافة الوسائل التي يمكن ان يقدمها الى هيئة قضائية، فيما لو كان النزاع قد عرض على القضاء، كذلك من الضروري أن تتم التبليغات بشكل اصولي بحيث يتمكن كل طرف في النزاع من التعرف على ما لدى الخصم من ادعاءات وادلة وبيانات لكي يستطيع مناقشتها وتقديم ما لديه من ادلة ودفوع.
هذا هو المبدأ، وأي خرق له من قبل المحكمين، يعرض قرار التحكيم للطعن وقد يؤدي ذلك الى ابطال القرار اذا ثبت ان حق الخصم في الدفاع لم يحترم او ان التبليغات لم تتم بشكل صحيح.
ولأهمية هذا الموضوع اشارت الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم الى هذا المبدأ . حيث نصت اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ في الفقرة (ب) من المادة الثانية، على رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم اذا تبين للقاضي ان الطرف الذي صدر الحكم ضده لم يبلغ خلال وقت ملائم باجراءات التحكيم لكي يتمكن من تقديم دفاعه.
That the party against whom it is sought to use the award was not given notice of the arbitration proceedings in sufficient time to enable hime to present his case.
وكذلك نصت كل من اتفاقية نيويورك لعام ۱۹٥٨ في المادة الخامسة الفقرة (ب) والاتفاقية الأوروبية لعام ۱۹٦١ في المادة التاسعة الفقرة (۱/أ) على جواز عدم الاعتراف وعدم تنفيذ حكم التحكيم في حالة عدم احترام حق الدفاع للطرف الذي صدر الحكم ضده، وأوردت امثلة على ذلك مثل عدم معرفته بتعيين المحكم او عدم ابلاغه بالاجراءات او عدم اجراء التبليغات بشكل اصولي او ان من صدر الحكم ضده لم يتمكن من تقديم ادلته.
وهذه الامثلة لم ترد على سبيل الحصر فكل ما يمس حق الدفاع والمساواة بين اطراف النزاع يشكل سببا للطعن في حكم التحكيم.
كما نجد نصوصا مماثلة في اتفاقية موسكو لعامي ۱۹۷۲ الخاصة بالتحكيم بين دول الكوميكون المادة ٥) فقرة (ب) وفي اتفاقية تسوية الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الاخرى (المادة ٢٤ فقرة (٤).
ونجد ايضا الاشارة الى المبدأ المذكور في بعض النصوص الدولية الخاصة بالتحكيم فقد جاء في القواعد التي وضعتها لجنة القانون التجاري الدولي التابعة للامم المتحدة وفي مادتها الخامسة عشرة مع مراعاة احكام هذه القواعد لهيئة التحكيم ممارسة التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة شريطة أن تعامل الطرفين على قدم المساواة وان تهيئ لكل منهما في جميع مراحل الاجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته». كذلك نصت المادة (۱۸) من القانون النموذجي للتحكيم الذي اعدته اللجنة المذكورة، على وجوب معاملة الطرفين على قدم المساواة وان تهيئ لكل منهما الفرصة كاملة لعرض قضيته.
ونشير ايضا الى ما جاء في قواعد التحكيم التي اصدرتها اللجنة الاقتصادية الاوروبية عام ١٩٦٦ المادة (۲۲) وقواعد التحكيم التي اصدرتها اللجنة الاقتصادية لآسيا والشرق الاقصى عام ١٩٦٦ (المادة ٦).
ويلاحظ ان الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري لعام ١٩٨٧ لم تشر الى هذا المبدأ بشكل صريح او ضمني وانما سكتت عن الاشارة اليه واذا رجعنا الى الاسباب التي يمكن بموجبها طلب ابطال قرار التحكيم والتي عددتها المادة (٣٤) من الاتفاقية، فلا نجد مكانا لمبدأ احترام حق الدفاع والمساواة بين الاطراف في اجراءات التحكيم. ولكننا مع هذا نرى ان روح النصوص في الاتفاقية العربية لا يمكن ان تبتعد عن الاخذ بالمبدأ المذكور حيث انه مبدأ معروف ومستقر في مجال التحكيم الدولي ولا يمكن نكرانه بعدم النص عليه.
يظهر مما تقدم ان مبدأ احترام حق الدفاع لكل طرف من اطراف النزاع، ومعاملة كل واحد منهم على قدم المساواة مبدأ معترف به دوليا، وفي حالة عدم الاخذ به يمكن ان يكون سببا لابطال حكم التحكيم، ولهذا فعلى المحكمين مراعاة المبدأ المذكور عند السير في اجراءات التحكيم ذلك لان هذا المبدأ يضمن لاطراف النزاع الحرية الكاملة بتقديم كل ما تستطيع تقديمه من ادلة ومستندات وشرح كامل لوجهة نظرها في ادعاءات خصمهم، ويدل كذلك على قيام المحكم بممارسة عمله بشكل مخلص وعادل.
ونضيف ان مبدأ المساواة بين اطراف النزاع لا يعني وجوب احـتـرامـه من قبل المحكمين فقط.