القاعدة عبء الإثبات على عاتق المدعي ، ولكنها قد تختلف هنا لكون موضوع دعوى الأمر بالتنفيذ هو الحكم الأجنبي ، وليس النزاع الذي فصل فيه هذا الحكم . أما عند إعمال شرط المعاملة بالمثل من قبل المحكمة التي تنظر دعوى الأمر بالتنفيذ ، قد يفتح المجال أمامها لفحص الوقائع التي بني عليها الحكم .
أولاً : إعمال شرط المعاملة بالمثل :
بموجب هذا الشرط قد تتصدى المحكمة التي تنظر في دعوى الأمر بالتنفيذ للوقائع التي فصل فيها الحكم الأجنبي ، وذلك وفقاً لما تتلقاه أحكام التحكيم الإماراتية عند تنفيذها في الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم الأجنبي ، وذلك في حال تصدي المحكمة الأجنبية للوقائع التي فصل فيها الحكم التحكيمي الإماراتي المطلوب الأمر بتنفيذه فيها .
ثانياً : إثبات شروط التنفيذ :
وكان الغالب من الفقه يلقي العبء على القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ للتأكد من توافر الشروط اللازمة لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي من تلقاء نفسه .
وفي خضم تباين آراء الفقه حول من يقع عليه عبء الاثبات ، سعينا للبحث في نصوص اتفاقية نيويورك لربما نجد حلاً يضع حداً لهذا الخلاف . ومن خلال البحث في نصوصها ، وجدنا أن الاتفاقية قد نظمت عملية الإثبات بين المنفذ ضده والمحكمة التي تنظر دعوى الأمر بالتنفيذ . ويتضح ذلك جلياً من نص المادة (5/1) والمادة (5/2) من الاتفاقية .
فالمادة (5/1) تنص على " 1- لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه ، بناء على طلب الطرف المحتج ضده بهذا القرار ، إلا إذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف والتنفيذ ما يثبت : ....". والمادة (5/2) نص على " 2- يجوز كذلك الاعتراف بقرار التحكيم ورفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة في البلد الذي يطلب فيه الاعتراف بالقرار وتنفيذه . أ - ...، أوب - ...".
فموقف اتفاقية نيويورك من إثبات توافر الشروط الأساسية اللازمة لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي ، يتضح من خلال تحويلها لهذة الشروط حالات رفض تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، وتصنفها إلى نوعين : الأولى حالات يتمسك بها المحكوم عليه وأقام الدليل على توافرها ، وهي تتمحور حول عيوب تلحق بالأهلية ، الاتفاق، الإعلان ، هيئة التحكيم ، حكم التحكيم .
ويتضح أيضاً موقف اتفاقية نيويورك في مجال إثبات شروط الأمر بالتنفيذ ، بأنها لم تتطلب من المدعي – طالب التنفيذ – إثبات أي منها ، في هذه الحاله تقلب الاتفاقية عبء الإثبات على المنفذ ضده عند منازعته لمنع تنفيذ الحكم ، وذلك من خلال تقديمه للدليل على توافر إحدى حالات الرفض المنصوص عليها في المادة (5/1) .
وهذا ما يجب أن يسير عليه القضاء الإماراتي في مجال إثبات شروط التنفيذ ، وذلك عند تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في دولة الإمارات العربيةالمتحدة . وعلى أن لا تتعارض معها في المجال الذي ترتب فيه الاتفاقية أثر .
من حيث مضمون الحكم في دعوى الآمر بالتنفيذ :
فدعوى الأمر بالتنفيذ ليست دعوى مبتدأه . فسلطة محكمة الأمر بالتنفيذ لا تخرج عن أحد أمرين لا ثالث لهما ، إما أن تأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي ، أو أن ترفضه .
فتطبق القاعدة القانونية المختصة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة ـ وفقاً للمواءمة ـ فينحصر مجال اختصاصها في إصدار الأمر بالتنفيذ أو رفض الطلب ، وماذا عن إذا كان جزء من الحكم تتوافر فيه شروط التنفيذ والجزء الآخر مخالف لشروط التنفيذ ؟