الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / الإلتزام بالقواعد المتعلقة بالنظام العام / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 34 / النظام العام وتنفيذ القرارات التحكيمية

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 34
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    14

التفاصيل طباعة نسخ

النظام العام وتنفيذ القرارات التحكيمية في لبنان:

ليس في النصوص القانونية التي تناولت مسألة النظام العام أي تعريف لهذه المؤسسة، بل إن الخوض في ذلك التعريف هو المغامرة في رمال متحركة وإرهاق للفكر أو امتطاء لجواد جامح لا نعرف مسبقا المكان الذي ينقلنا إليه أو الدخول في مضيق محاط بالأشواك الحادة؟). بتعبير آرمانجون Arminjon النظام العام هو المفهوم الأكثر غموضا في القانون أو من خلال ما قدمه Malaurie هو الأبن المخيف لذلك القانون .

إن ما هو متفق عليه فقها وقضاء إن النظام العام هو التعبير عن اسيادة الدولة، وهو أساسي لحسن تنظيم المجتمع الذي يحكمه ودوره يكمن في الإبقاء الضروري للمصلحة العامة في المجتمع، المادية والمعنوية، وهو ما اعتمدته النصوص القانونية في الموضوع وما أكدته أيضا القرارات القضائية. من هنا يكون البحث في المسألة من خلال النظرة ر الانتظام العام كفكرة وظيفية تهدف إلى تحقيق غاية معينة ومن خلال خصائص ودور النظام العام في النظام القانوني). فالنظام العام يستل اعتبارات المصلحة العامة) ويهدف إلى حماية تلك المصلحة بأوجيا المختلفة تدرجا. فهو بنیويا يهدف إلى حماية مؤسسات الدولة ومرافقها وأنظمتها والی حسن سير عملها.

وهو موضوعيا يهدف إلى حماية الأسر التي يقوم عليها المجتمع - والأسرة بالمحافظة على القواعد الجوهرية التي تحكمه.

وهو تقنيا بهدف في العلاقات الداخلية إلى الحد من مبدأ سلطان الإرادة وفي العلاقات الدولية الخاصة إما إلى الاستبعاد المسبق لكل قانون أجنبي بالاعمال المباشر للقوانين الوطنية الحتمية التطبيق وإما إلى الاستبعاد اللاحق للقانون الأجنبي عند اعمال قواعد المزاع، ففي تنارع القوانين التحليل هو التالي: عند عرض نزاع دولي خاص يطبق الفضاء قاعدة النزاع المختصة، فعلى فرض أن القانون الذي تعينه، على ضوء وقائع القضية، هو القانون الأجنبي نكون على القاضي تطبيق ذلك القانون، ولكن قد يجد القاضي في محتوى ذلك القانون ما يصدم المبادئ الأساسية، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، التي يقوم عليها مجتمعه، أو يتعارض إطلاقا مع السياسة التشريعية الوطنية أو يعتمد إجراءات تقنية لا تتفق أساسا مع التقنية القانونية التي يعتمدها نظامه القانوني، فيكون من واجبه في هذه الحالات ان يرفض تطبيق القانون الأجنبي.

من هنا توضح مسألة أساسية: أن النظام العام أمام القضاء هو غيره أمام المحكم. فهو أمام القضاء بنصف بأنه من اعداد وطني، مستقل، نسي، وهو كفكرة وظيفية متغيرة في الزمان والمكان يفضي إلى إعطاء القضاء دورا محركا لذلك المفهوم كما انه متنوع.

فهنالك النظام العام المانع والواقي الذي يطلق كليهما نوعا من القواعد الحاذفة، تفرض تطبيقا فوريا ومباشرا لقانون وطني معين مسبقا ونستبعد مسبقا -تحذف أي تطبيق القانون أجنبي، فهي بطبيعتها النقيض لنظرية التنازع التي تقوم أساسا على الإمكانية الدائمة بتطبيق القانون الأجنبي استنادا إلى قواعد نزاع غير مباشرة ثنائية الاتجاه، عکس القواعد الحاذفة التي هي افرادية الاتجاه، والتي تطلق قوانین حتمية التطبيق على العلاقة لاتصالها إرادة تشريعية ترفض بأن يطبق سواها في الموضوع الواحد. الوسيلتان لا تلتقيان إطلاقا.

القوانين الحتمية التطبيق تعمل اذن خارج المجال التطبيقي لقواعد النزاع، فعند وجود علاقات تدخل في إطار العمل العائد لقواعد التطبيق المباشر لا مجال للبحث عن أي تنازع بین القوانين لاختيار انسبها لحكم العلاقة، فتلك القواعد تملك بذاتها القدرة على حذف أي قانون سواها. قوانين النظام العام المانع هي تلك القوانين التي تضع مجموعة القواعد المنظمة للمشاريع التي يتولى المجتمع مبادرة انشائهاء .

إنها مثلاً قانون العقوبات الدولي، القانون الإداري الدولي، القانون الضريبي الدولي.

 وفي نطاق أشمل: قوانين أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي تنظم مرفقا عاما، مرفق العدالة. قوانين النظام العام المانع، كما تدل التسمية، ليس فقط لا تقبل أي تنازع مع أي قانون أجنبي وإنما أيضا تمنع سواها. فإما أن تكون شروط تطبيقها متوفرة، وإما أن لا تكون، فيكون الفراغ، فليس من قانون آخر يمكن تطبيقه كما انه لا يمكن الرجوع الى القواعد التي ينص عليها القانون العام - وذلك خلافا لقانون النظام العام الواقي " ، قوانين النظام العام الواقي هي قوانين الأمن المدني والضمان العام، ولكن استعارة هذا التعبير من المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي يعني استعارة المفهوم في القانون الدولي الخاص فهي في هذا القانون لا تعني كل قانون أمر وإنما القوانين الأمرة الحتمية لحماية دولة قاضي النزاع، هي القوانين التي تعتبر قولى قواعد النزاع وتعرض نفسها دون الاستعانة بتلك القواعد بالنظر الى مضمونها ومحتواها الذي يفرض نفسه عند كل نزاع وقد اقترح الأستاذ فرانسيسكاكيس تسميتها «بالقوانين التي يشكل التقيد بها ضرورة حتمية لحماية النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة». قد يعبر المشرع عن طبيعة هذه القوانين صراحة (المادة الثالثة من قانون الإيجارات رقم ٨٢/٢٠ التي أكدت مؤسسة التمديد لعقود الإيجار السكنية رغم كل اتفاق مخالف، كذلك بعض نصوص المرسوم الاشتراعي رقم 1967/34 المتعلقة بالتمثيل التجاري الحصري، المواد في قانون العمل المتعلقة بمؤسسة العمل وساعات العمل... المادة 16 من قانون 18 حزيران سنة 1966 في فرنسا المتعلق بعقود الايجار البحري). وقد لا يعبر المشترع عن ذلك صراحة. استخلاص هذه النزعة يكون أكثر دقة والمسألة تعود إلى القضاءيوجهه في محتوى النصوص بالمقارنة مع الغايات التي يظهرها ذلك المحتوى «فمعيار قوانين التطبيق المباشر يكمن في الأهداف التي يعبر عنها قانون القاضي الناظر في النزاع».

وهنالك أيضا النظام العام الحمائي الذي يقوم بدور استبعاد القانون الأجنبي الذي أشارت قواعد التزاع الوطنية بتطبيقه عندما يصدم القواعد الأساسية التي تقوم عليها الدولة. هو ما أطلقت عليه المادة 814 أ.م.م المشار إليها تسمية النظام العام الدولي. وهنالك أخيرا النظام العام الداخلي الذي يطبق على العلاقات الداخلية ويكون دوره تعطيل الارادة في هذا النوع من العلاقات بعدم السماح بمخالفته (المادة 166 موجبات وعقود).

أمام المحكم النظام العام هو مختلف. فهو يتصف، عكس النظام العام القضائي، بخاصة الإطلاق والشمول. فالمحكم لا يرتبط بدولة ولا يعبر عن سيادة. انه قاض خاص نصبه أطراف التحكيم للقيام بمهمة معينة ومحددة يفصل فيها بقرار ملزم. فالمحكم، بخلاف القاضي، ليس له قانون خاص يلتزم بتطبيقه نزولا على أمر من مشترع دولة معينة، كما انه لا يوجد له نظام خاص، فلا تكون مهمته السهر على حماية المفاهيم الوطنية أو العمل على تحصيلها). من هنا فان النظام العام التحكيمي هو النظام العام الدولي بالمعنى الحقيقي بوصفه المجموعة القواعد الآمرة التي تقرها أكثرية الأمم المتحضرة أي التي تشكل قاسما مشتركا بين أكبر عدد ممكن من الدول مثل القاعدة التي تحرم الرشوة أو التي تمنع تهريب المخدرات والقاعدة التي تحظر التعديات على حقوق الإنسان والقاعدة التي تحظر التمييز العنصري بين الشعوب الخ... وهو ما تعززه أعراف التعامل التجاري الدولي . ولكن ذلك لا يعني أن لا يحترم المحكم النظام العام في الدولة. فاعمال المحكم لقواعد النظام الوطني يكون في حالات متعددة، منها ما هو ملزم له وذلك عندما يكون قانون هذه الدولة هو الذي اختارته الإرادة العقدية، ولا يميز في ذلك بين نظام وقائي أو نظام عام دولی او داخلي في تلك الدولة الا اذا استبعد الفرقاء تطبيق الأحكام الآمرة من القانون الذي اختاروه شرط أن لا يكون هذا الاستبعاد مخالفا للنظام العام الدولي الحقيقي الذي لا يملك الفرقاء ولا المحكم الخروج على مقتضاه. ومن تلك الحالات ما هو غير ملزم للمحكم، ولكن مع ذلك لا يسعه إلا أن يأخذ بالاعتبار النظام العام في دولة مركز التحكيم أو دولة التنفيذ وذلك تطبيقا لمبدأ الفعالية. فالروح الواقعية والرغبة في منح القرار التحكيمي الفعالية المطلوبة تحملان المحكم في بعض الأحيان على تطبيق قانون نظام عام دولي أو وقائي عائد مثلا لمكان تنفيذ العقد و علی آن بیرر ذلك التطبيق، وقد يعمد المحكم إلى تفسير نية الفريقين على أساس انهما لا يستبعدان اعمال النظام العام في الدولة يصوريته المشار اليها.

ان تجاهل المحكم لهذين النوعين من النظام العام: المانع أو الواقي والدولي في دولة التنفيذ يشكل العقبة الأساسية امام اعطاء قراره الصيغة التنفيذية في تلك الدولة

فهل الوضع هو ذاته في النظام القانوني اللبناني، أم أن هنالك مرونة في تعامل القاضي والمشترع اللبناني مع ذلك المفهوم بكامل أبعاده؟

سنبحث إذن في فقرتين:

- النظام العام المائع والواقي - الحادق - كعقبة أمام تنفيذ القرارات التحكيمية (فقرة أولى)

- النظام العام الحمائي - الاستبعادي- کعقبة أمام تنفيذ القرارات التحكيمية (فقرة ثانية)

فقرة أولى: النظام العام الواقي الحاذف کعقبة أمام تنفيذ القرارات التحكيمية آن اتفاقية نيويورك تاریخ ۱۰ حزيران ۱۹۰۸ بشأن الاعتراف

وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، والتي أبرمها لبنان في 3 نیسان ۱۹۹۷ بالقانون رقم ۱۲۹، نصت مادتها الثانية فقرتيها الأولى والثالثة على ما يأتي "1- تعترف

كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.

"3- على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها تا موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة الخصوم بناء على طلب احدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين للمي هذا الاتفاق باطل أو لا أثر له أو غير قابل للتطبيق.

كما نصت المادة الخامسة فقرتها الثانية من الاتفاقية على انه للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحي آن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:

أ- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم

اتفاقية نيويورك كما تبين اكتفت بالنص على عدم القابلية للتحكيم ولكن دون أن تحدد المسائل التي تدخل في هذه الفئة، تبقى مسألة تحديدها متروكة إلى القانون الذي يحكم الاتفاق التحكيمي، وهو قانون الإرادة أصلا وليس ذلك إلا تطبيقا للقواعد العامة في الموضوع: مبدأ استقلال البند التحكيمي وحرية الفرقاء في اختيار القانون الواجب التطبيق على الاتفاق التحكيمي.

فاستقلال البند التحكيمي في مجال التحكيم الدولي يعني ليس فقط عدم ارتباط البند التحكيمي بمصير العقد وانما أيضا عدم ارتباطه بأي نظام قانوني من شأنه تحریم اللجوء إلى التحكيم بمعنى أن خضوع العقد إلى التحكيم arbitrabilite يشكل قاعدة مادية تفرض ذاتها وتستقل كليا عن أية قاعدة قانونية مانعة). ولكن ما يقتضي ملاحظته هو أن القرار التحكيمي في هذا الطرح لن يلقي الاعتراف به وتنفيذه في الدولة التي يطلب منها الاعتراف والتنفيذ اذا ما تحققت السلطة المختصة أن قانونها لا يجيز تسوية النزاع الذي فصله القرار التحكيمي عن طريق التحكيم، وفق ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك المشار إليها.

محكمة استئناف بيروت المدنية غرفتها التاسعة بقرارها تاریخ 7 تشرين سنة ۲۰۰4 قضية شركة تر کون کوننیئر ترنسپوریشن وشيينغ انك ضد أ. نقاش وأولاده فسرت بشكل واضح النصوص المشار إليها معتبرة 

حيث أن الفقرة الأولى من المادة الثانية ذاتها من المعاهدة المذكورة أعلاه، تنص على ما يلي:

اتعترف كل دولة من الدول المتعاقدة بالاتفاقية الخطية التي يكون الفرقاء التزموا بموجبها أن يخضعوا للتحكيم جميع او بعض النزاعات التي نشأت او قد تنشأ في ما بينهم بشأن علاقة قانونية معينة، تعاقدية او غير تعاقدية، متعلقة بموضوع يمكن تسوينه عن طريق التحكيم

أي أن معاهدة نيويورك علقت صحة بند التحكيم على شرط کون موضوع النزاع يمكن تسوينه عن طريق التحكيم، أي أن التركيز يجب أن يكون على النزاع القائم بين فريقي التحكيم، وما إذا كان هذا النزاع بطبيعته يمكن اخضاعه للتحكيم، بدون الإشارة إلى أي نظام عام دولي أو داخلي، أو إلى كون اعمال البند التحكيمي أم عدم اعماله يتعلق بالنظام العام الدولي فقط.

وحيث ان الفقرة الثالثة من المادة الثانية من المعاهدة جاءت بصورة مطلقة وتفسر على إطلاقها في ضوء فقرتها الأولى، ويفهم منها بالتالي الاتفاقية الباطلة أو غير الفاعلة أو غير القابلة للتطبيق، ان بسبب عنصر خارجي أو ذاتي أو بسبب موضوع النزاع غير القابل للتحكيم، لا تجيز الإحالة إلى التحكيم.

المادة الخامسة

وحيث ان ما يؤكد موقف المحكمة في هذا المجال هو مضمون أجازت للفريق المدلى بوجهه بقرار المعاهدة التي من تحكيمي، ان يطلب عدم الاعتراف به اذا كان موضوع النزاع غير قابل للتسوية بالتحكيم بحسب قانون البلد المفروض تنفيذ القرار فيه. وأي ان المعاهدة تشترط، ان لتنفيذ اتفاق التحكيم أو لتنفيذ القرار التحكيمي الصادر بنتيجة هكذا اتفاق ، ان يكون موضوع النزاع قابلا للتسوية تحكيميا، وفق قوانين المحكمة المطلوب منها رفع يدها عن النزاع واحالته إلى المحكم، كما والمحكمة الناظرة في استدعاء يرمي إلى اعطاء القرار

التحكيمي الصيغة التنفيذية كي يتمنع بكامل مفاعيله لدى البلد المعني. وحيث ان معاهدة نيويورك، وتبعاً للتفسير الوارد أعلاه، توجب بالتالي الرجوع إلى قانون دولة المحكمة الناظرة في الإحالة إلى التحكيم، أو في الطلب الرامي إلى الاعتراف بالقرار التحكيمي، وأسس النظام العام لديها،

للتثبت من صحة البند التحكيمي أو القرار التحكيمي المطلوب انفاذه». ولكن السؤال الذي يطرح هو الآتي: ما هي المسائل غير القابلة للتحكيم في القانون اللبناني؟ تنص المادة ٧٦٢ من قانون أصول المحاكمات المدنية على انه «تحل بطريق التحكيم جميع المنازعات القابلة للصلح، كما تنص المادة 765 منه على ان «العقد التحكيمي عقد بموجبه يتفق الأطراف فيه على حل نزاع قابل للصلح ناشئ بينهم عن طريق تحكيم شخص أو عدة أشخاص». أما ما يجوز الصلح فيه وما لا يجوز فقد تصدت لبيانه المواد من ۱۰۳۷ - 1040 من قانون الموجبات والعقود. وفي ذلك تنص المادة ۱۰۳۷ على انه «لا يجوز المصالحة على الأمور المختصة بالأحوال الشخصية أو بالنظام العام ولا على الحقوق الشخصية التي لا تعد مالا الناس. وإنما تجوز على مصلحة مالية ناشئة عن أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو عن إحدى الجرائم». وتنص المادة 1038 على انه «يجوز للفريقين ان يتصالحا على حقوق أو أشياء وان تكن قيمتها غير معلومة لديهما. وتنص المادة 1039 على انه ولا تجوز المصالحة على حق الطعام ولكنها تجوز على كيفية أداء الطعام وكيفية إيفاء الأقساط المستحقة». ووفقا للمادة 1040 اتجوز المصالحة على الحقوق الارثية المكتسبة مقابل بدل يكون اقل من الحصة الشرعية المقررة في القانون، بشرط أن يكون دور العلاقة المين بمقدار التركة

أن معظم حالات عدم القابلية للتحكيم لها اتصال وليف بفكرة السلام العام بنوعيه: المانع والواقي. كمثال من النوع الأول - السلام العام المانع - أصدر رئيس مجلس شورى الدولة بتاريخ 15 نیسان ۲۰۰۳ أضية شرگه المرافق اللبنانية ش.م.ل قرارا معللا رفض بنتيجته إعطاء الصيغة التنفيذية القرارين تحكيميين صادرين في بيروت في إطار المركز اللبناني للتحكيم وذلك أنهما تناولا عندي BOT مېرمین بتاريخ ۱۹۹۷/۷/۲ و ۱۹۹۸/۰/4 بين الشركة المستدعية وبين المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ابدال) وقد حلت وزارة النقل محل المؤسسة المذكورة التي أصبحت تسميتها بعد دمجها بوزارة الأشغال العامة وزارة الاشغال العامة والنقل.

وقد استند القرار إلى طبيعة العقدين المشار اليهما، فهما يرميان إلى المساهمة في تنفيذ المرفق العام للطيران المدني من خلال إنشاء وتشغيل واستثمار مواقف للسيارات في مطار بيروت الدولي، وهو ما يشكل معیارا كافيا لاعتبار العقدين ادارین، وانه وان تناولت العقود الإدارية أحكاما تنعكس على مصالح التجارة الدولية، الا أن الطابع الغالب للعقد يبقى الطابع الإداري وبأنه لا يمكن التسليم بوجود عقود تجارية دولية وإنما العقد الإداري هو واحد لا يتجزأ بالطبيعة مما يحول بالتالي دون تطبيق أحكام المادة ۸۰۹ أ.م.م التي أجازت للدولة وسائر الأشخاص المعنويين العامين اللجوء إلى التحكيم الدولي فيما يتعلق بمصالح التجارة الدولية لأن تطبيق أحكام هذه المادة ينحصر بالعقود التي تجريها الدولة وتخضع فيها للقانون الخاص ولا تمارس فيها امتیازاتها كسلطة عامة دون العقود الإدارية التي تخضع للقانون العام ويعود النظر فيها بصورة مطلقة للقضاء الإداري، وانه من المبادئ العامة الثابتة في العلم والاجتهاد الاداريين أنه يمنع التحكيم في العقود الادارية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك... وهو ما يندرج في إطار الاجتهاد السايق للمجلس في قضايا الخليوي قراريه تاریخ ۲۰۰۱/۷/۱۷ ) .

ومن الأمثلة على النوع الثاني - النظام العام الواقي تلك القرارات المستمرة الصادرة عن القضاء العدلي في منع التحكيم في مادة التمثيل التجاري تطبيقا للمادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم ۲۶۷/34 )، وفي المسائل النظامية في عقد العمل أثناء تنفيذ هذا العقد) وفي عقود الإيجار اعمالا للمادة ۲۱ من قانون الإيجارات رقم ۹۲/۱۹۰ التي تنيط بالقاضي المتفرد المدني صلاحية النظر في جميع دعاوى الإيجار في جميع الطلبات والدفوع  محكمة المميز المدنية عرفها الرابعة مرت في هذه الرعة بحملات واحدة ومختصرة وهالك في قرارها تاریخ ۱۹ نیوز ۲۰۰۱ أمية شركة المخطوط الجوية الفرعية الرودولف سعادة وشر كاه"، جاء في القرار:

وفي السبب الأول من أمير الشركة القبرصية الأصلي

احبك عيب الشركة الفرعية على الفرار التمهيدي المطعون فيه ايه 1 بحفظ الحمام المحكمة للمطر في الدعوى بعد إبطال اليد الحكومي الوارد في عقد الوكالة لعله محالفته النظام العام، أخطأ في تطبيق المادة و من المرسوم الاشتراعي ۱۷/۳۰، لأن صلاحية المحاكم اللبنانية هي صلاحية مكاية عصرية وتسية ترمي إلى مراعاة مصالح الممثل التجاري اللبناني يتمكنه من القاضي أمام محاكم الده، فهي لا ترتبط بمبادئ أساسية في أصول المحاكمات، ولا تتعلق بالنظام العام، وتعطيل حصرا على المراجع الفضائية ولا بعدها إلى المراجع غير الفضالية گالتحكيم الذي يخضع السلطان الإرادة ولا يجوز استبعاده إلا بموجب نص قانوني صريح ولكن حيث ان ارتباط أحكام المرسوم الاشتراكي ۱۷/۳۰ بالنظام العام الحمائي لحقوق الممثل التجاري بمنعه من العدول عنها يجعل اکتسابها بادراج بند تحكيمي في العقد بيع للمحكم، بفعل استقلاليته للتحكيم الدولي، مخالفتها عندما ينظر في النزاع اللاحق المطروح عليه، وأن محكمة الاستئناف أعتبرت عن حق آن ابلاء المادة و منه بصورة حصرية والزامية محكمة محل ممارسة الممثل التجاري نشاطه اختصاص النظر في النزاعات الناشئة عن عقد التمثيل التجاري، بالرغم من كل اتفاق مخالف، وذلك بغية تطبيق تلك الأحكام الآمرة، إنما پستبعد لزوما بنود الاختصاص القضائية والبنود التحكيمية على السواء، فيعود بالتالي لمحكمة بيروت المختصة أن تنظر في دعوى التعويض عن فسخ عقد التمثيل التجاري بالرغم من البند التحكيمي الوارد فيه، مما يجعل السبب غير مسندا.

أن القضاء اللبناني يقرعيه العدلي والإداري، في تصديه لهذه البنود التحكيمية إذن لم يجد في النصوص القانونية ما يساعد على اعمال تلك الضمانة الفضائية، عندما يصطدم أعمالها بنصوص قانونية حتمية التطبيق، لقد في ذلك القضاء من مجال التحكيم كما تبين من ناحيتين:

الأولى: نطاق التحكيم باستثناء مواد قانونية من ذلك النطاق

الثانية: الأشخاص الذين يحق لهم اللجوء إلى التحكيم باستثناء الدولة | وأشخاص القانون العام في العقود الإدارية التي تبرمها من إطار الأشخاص الذين يستقطبهم التحكيم، وهو ما ينعكس بالضرورة على التحكيم كمؤسسة وعلى القرارات التحكيمية الجهة الفعالية والنفاذ.

أن هذه النزعة القضائية الحادة وجدت تلطيفا لها في مجالين:

المجال الأول، قضائي يقوم على الاعتراف بالقرارات التحكيمية في المواد غير القابلة للتحكيم عندما يرد في إطار العقد التحكيمي اللاحق لنشوء النزاع وحتى قبل، كما كتب البروفسور براهيم نجار، أن اللجنة التحكيمي باطل في حين أن العقد التحكيمي جائزه جاء في قرار محكمة استئناف بیروت حيث أنه وجود البند التحكيمي لفسح المحاكم العادية في للنظر في الماء حتى ولو أن المشرع لهم في المادة الخامسة برا الاحترام الذي أعطى محاكم المحلي الذي يمارس فيه أمه ای نشامله اخ های النظر في النزاعات الماضية من عقد التمثيل النجی من كل اتفاق مخالف، وذلك لأن هذا الأمر وان ارتبط بقاعدة الداعية موسوعة الحماية الممثل التجاري والنحافة بالأفلام العام الذي حمید الناس دون غيرهم الذين ارتضوا أعمال البند التحكيمي فيكونون فقد تمادوا الحماية التي يوفرها لهم المشترع

وحيث أن المستأنفة قد وافقت على عرض النزاع أمام لجنة التحكي المعينة في غرفة التجارة الدولية وصدر القرار التحكيمي بتاریخ ۲۷ سال ۱۹۹۲ ، نكون قد أولت هذه الأخيرة وعملا بالبند التحكيمي أخر النظر بجميع النزاعات الناشئة عن العند...ا

الملفت في هذه القضية مسألتان:

المسألة الأولى أن القرار التحكيمي الذي اعترفت به المحكمة في الصادر عن غرفة التجارة الدولية - غرفة التحكيم الدولية - القرار رقم .. ، ياس. ك قد طبق المرسوم الاشتراعي رقم ۱۷/۳4

- قانون التمثيل التجاري على أساس النزاع الذي يتناول عمولات وتعويض عن فسخ عقد تمثيل حصري مبرم بين شركة رينولدز والسيد ابراهيم فيرجي. رغم أن ذلك العقد لم يتضمن أية إشارة إلى القانون الواجب تطبيقه وقد جاء في تلك القرار: وأنه عندما يكون العقد يتعلق باعمال سيقوم بها أحد الفرقاء فيه وتكون نتيجتها تحقيق موضوع وهدف العقد، فان القانون الواجب تطبيقه في العائد البلد الذي تمت فيه هذه الأعمال. فلهذا السبب، اذا كان على المحكمة الن تقرر تطبيق قانون داخلي فسيكون دون شك القانون اللبناني... وان الصفة الدولية العائدة للعقد والتي تؤدي إلى تطبيق الى Ler mercatoria في منه الحالية، وأنه عندما يطبق ال lex marcatoria مثل أي قانون مناسب آخر للعقد- قانه على الفاضي او المحكم، عند وجود أسباب وجيهة ومشروعة أن يأخذ بالقاعدة ذات التطبيق الآني والمتعلقة بالانتظام العام ولو كانت منتمية إلى نظام قانوني آخر، وهي بالتحديد الحالة التي تواجه الهيعة التحكيمية ، اذ أن القانون اللبناني هو إجباري ومقرر لحماية الممثل التجاري فهو متعلق بالانتظام العام. فلذلك، حتى ولو قررت المحكمة تطبيق د ما rniercatoria فليس بامكانها تجاهل هذه الأحكام...

المسألة الثانية، إن تنازل الممثل التجاري عن الصلاحية الفضائية نشي تؤمنها له المادة الخامسة من أحكام المرسوم الاشتراعي رقم ۲۹/۹۷ م تفقده الحماية التي يؤمنها له ذلك القانون. فالنتيجة أن القانون اللائي عيه هو الذي أعملته الهيئة التحكيمية فيما نصته من مسائل.

والسؤال الذي يطرح: هل سيبقى الترابط فالما بين النازل اللاحلى المتمثل باعمال البند التحكيمي ممن يعود له الحق بطلب إبطاله وبين الاعتراف بالقرار التحكيمي أو أن هذا التنازل سيمتد إلى الفترة السابقة على اعمال البند التحكيمي، وما هي تلك الفترة، وهل سيكتفي بموافقة ذلك الطرف على البند التحكيمي في العقد الأساسي لاستنتاج ذلك العدول؟

القضاء اللبناني كما تبين من القرارات السابقة هو ليس بهذا الاتجاه. ولكن ماذا لو لم تطبق الهيئة التحكيمية في حالة القبول بالعدول عن الاختصاص القضائي الإلزامي القانون اللبناني الحتمي التطبيق؟ أو أساءت في تطبيقه؟

المجال الثاني، تشريعي، فبتاریخ ۲۹ تموز سنة ۲۰۰۲ صدر القانون رقم 44 تجاوز كل ما وضعه مجلس شورى الدولة من قواعد تتناول التحكيم في عقود الدولة وأشخاص القانون العام، فلم يعد منع التحكيم على هذه الجهات مبدأ عاما راسخا أو مسلما به(؟) وإنما أصبحت الإباحة هي المعتمدة وان يضوابط لابد منها، فجاء هذا القانون متناسقا مع نزعة عالمية في التشريع والقضاء. فقد نصت المادة ۷۹۲ فقرتها الثانية والكاكة على ما يأتي: «يجوز للدولة ولأشخاص القانون العام أيا كانت طبيعة العقد موضوع النزاع اللجوء إلى التحكيم. اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون التعديلي، لا يكون البند التحكيمي أو اتفاق التحكيم نافذا في العقود الإدارية الا بعد أجازته بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء لاقتراح الوزير المختص بالنسبة للدولة أو سلطة الوصاية بالنسبة للأشخاص المعنويين من القانون العام». لقد أحدث المشرع في هذا النص انقلابا على ما صدر عن المجلس من قرارات في هذا المجال واذا كان رئيس المجلس قد بقي على الموقف السابق في قراره الذي سبقت الإشارة إليه - قضية شركة المرافق اللبنانية ش.م.ل رغم صدور ذلك القرار بتاريخ لاحق على قانون ۲۹ تموز نمرد ذلك ، هو أن هذا القانون هو تعديلي - وليس تفسير كما يحاول البعض إعطاءه هذا الطابع بصراحة المادة ۷۹۲ أ.م.م ققرتها الثالثة التي جاء فيها واعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون التعديلي... ولأن العقود تخضع، في كل ما يتعلق بتفسيرها وتنفيذها والآثار المترتبة عليها للقانون الذي كان معمولا به بتاريخ إبرامها بحيث يتم تقدير شرعية البند التحكيمي بالاستناد إلى أحكام القانون المعمول به بتاريخ ادارجه في العقد وهو ما ارتكز اليه القرار المشار اليه في رده على ملاحظات الجهة المستدعيه لهذه الناحية

فقرة ثانية: النظام العام الحمالي - الأستبعادي كلية امام تنفيذ القرارات التحكيمية

النظام العام الحمائي - الاستبعادي - أمام تنفيذ القرارات التحكيمية في لبنان نصت عليه نوعان من المواد

في اتفاقية نيويورك تاریخ ۱۰ حزيران ۱۹۰۸ وفي قانون أصول المحاكمات المدنية.

في اتفاقية نيويورك نصت المادة الخامسة فقرتها الثانية على ما يأتي: يجوز للسلطة المختصية في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد.

في قانون أصول المحاكمات المدنية وفي قسم التحكيم الداخلي نصت المادة ۷۹۹ فقرتها الأخيرة على أنه لا يجوز رفض الصيغة التنفيذية الا الأحد أسباب الإبطال المنصوص

عليها في المادة ۸۰۰، ومن هذه الأسباب مخالفة القرار التحكيمي لقاعدة تتعلق بالنظام العام. كما نصت المادة ۸۱4 منه في القسم المخصص للاعتراف بالقرارات التحكيمية الصادرة في الخارج او في تحكيم دولي وتنفيذها على أنه يعترف بالقرارات التحكيمية وتعطي الصيغة التنفيذية اذا اثبت الشخص الذي يتذرع بها وجودها ولم تكن مخالفة بصورة واضحة للنظام العام الدولي.

يتبين من هذه المواد

أ- ان اتفاقية نيويورك قد اكتفت بالنص على النظام العام في الدولة کعقبة أمام الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة في الخارج، وقد جاء هذا النص شاملا محيلا تحديد مفهوم النظام العام وحالاته إلى قانون كل دولة بعد أن ترك البحث في الحالات غير القابلة للتحكيم إلى نص المادة الثانية فقرتيها الاولى والثالثة والى المادة الخامسة فقرتها الثانية تحت رأ وفق ما تبين في الفقرة السابقة.

ب- أن قانون أصول المحاكمات المدنية قد ميز في الدولة بين نوعين من النظام العام: الداخلي فيما يتعلق بالتحكيم الداخلي والدولي فيما يتعلق بالتحكيم الدولي، أي التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية (المادة ۸۰۹ أ.م.م)

وفي الواقع أن فكرة النظام العام في العلاقات الدولية الخاصة في النظام القانوني اللبناني هي فكرة مرنة، بل هي نادرة التطبيق في فئات أساسية من تلك العلاقات، ففي مجتمع تفالع فيه مختلف الثقافات وتجتمع فيه مختلف الأديان يصعب إيجاد حالة تصدم القواعد الأساسية التي يقوم عليها ذلك المجتمع، فمن الزواج المدني في الخارج لكل اللبنانيين إلى الزواج الديني الصرف عدد الطوائف غير الإسلامية وبينهما الزواج بالشكل المدني عند الطوائف الإسلامية. ومن الطلاق بالإرادة المنفردة إلى اللاطلاق كقاعدة وميدا. كما إن الإرادة التي تلعب الدور الأساسي في العقود، تلعب كذلك دورا أساسيا في نظام الزواج في لبنان: فللفرد الحرية في تغيير دينه أو طائفته أو تجاوز الحدود بارادته المنفردة، ومع كل تحول في الدين أو الطائفة أو الحدود تحول مقابل في القانون الواجب التطبيق. بل أن نظرية التحايل على القانون في مجال الأحوال الشخصية تكاد تكون منعدمة التطبيق، فالحرية واسعة أمام الفرد في الاختيار والتعبير عن الإرادة في المواد الأخرى ومنذ المحاكم المختلطة أن النظرة القضائية إلى النظام العام الدولي هي نظرة منفتحة ومتحررة، فلا يتدخل القضاء لاستبعاد قانون أجنبي الا في حالات يتجاوز فيها القانون على الشعور الجماعي أو على المبادئ التي تشكل الأسس الجوهرية التي يرتكز اليها المجتمع. فمحكمة الاستئناف المختلطة بقرارها رقم (44 تاریخ 14 أيار 11943) اعتبرت بأن قوانين الدولة التي تنزع الجنسية بصورة جماعية هي قوانين لا تقبل التطبيق خارج حدود الدولة التي أصدرتها وبالتالي فان القانون الإيطالي تاريخ الأول من أيلول ۱۹۳۸ هو قانون اضطهاد عنصري، فلا يمكن اعتباره على الأراضي اللبنانية. كما رفضت إحدى المحاكم المختلطة في السياق نفسه تطبيق قانون أجنبي ينزع ملكية الأفراد استنادا إلى أسباب تتعلق بالانتماء العرقي أو الديني افالمصرف الذي يحتفظ بمؤسسة تشيكسلوفاكية يهودية لا يمكنه أن يرتكز إلى قرار تعيين مدير تلك المؤسسة بواسطة السلطات النارية الألمانية لرفض إعادة أموال إلى المتنازل له بصورة قانونية عن نشاطات تلك المؤسسة لذلك فان المحاكم اللبنانية لا يمكنها تطبيق قوانين أجنبية بالاستملاك الكلى الأموال الأفراد لمجرد الانتماء الديني، أو عند الاستملاك أو المصادرة دون تعويض عادل، وكذلك التأميم دون تعويض. خارج هذه المواد نادرا ما يجد القضاء اللبناني نفسه في موقف استبعاد القانون واجب التطبيق. فالمبدأ في العقود هو سلطان الإرادة، وفي التجارة هو حرية التعامل والمبادرة الفردية والانفتاح الاقتصادي. كل ذلك كان لا بد من أن ينعكس على القضاء التحكيمي كما سترى، وتحديدا في إطار الصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية وارتباط شروط إعطاء هذه الصيغة باسیاب إبطال القرار التحكيمي على ضوء ما نصت عليه المادة ۷۹۱ معطوفة على المادة ۸۰۰ أ.م.م والمادة 814 أ.م.م المشار اليهما. والفرق هو واضح في الحالتين:

النظام العام المنصوص عنه في المادة ۸۰۰ هو النظام العام الداخل المتعلق بأصول المحاكمة والمتصل كذلك بأساس النزاع بينما هو في الماد ۸۱۹ النظام العام الدولي الذي يلعب في العلاقات الدولية الخامة در استبعاد القانون الأجنبي المخالف له وفي إطار القرار التحكيمي دور المانع من الاعتراف بالقرار التحكيم في الداخل وتنفيذه. ثم أن المادة ۸۰۰ أ.م.م ال لحظها المشترع أساسا كسبب لابطال القرار التحكيمي قد عددت حالات سنة ولكنها جميعا تندرج تحت فئة النظام العام الذي لحظته هذه المادة ف فقرتها الأخيرة وان كانت الحالات الخمس الأخرى تحمل تسمية غير نسبة النظام العام وهي:

1- صدور القرار بدون اتفاق تحكيمي أو بناء على اتفاق نحكيم باطل او ساقط بانقضاء المهلة.

۲- صدور القرار عن محكمين لم يعينوا طبقا للقانون.

 ٣- خروج القرار عن حدود المهمة المعينة للمحكم أو المحكمين.

 4- صدور القرار بدون مراعاة حق الدفاع للخصوم 

5- عدم اشتمال القرار على جميع بياناته الإلزامية…

 فالحالات الخمس المشار إليها ليست سوى حالات تطبيقية للحالة السادسة الواردة في النص: مخالفة القرار لقاعدة تتعلق بالنظام العام. في حين أن المادة 814 قد اكتفت بالنص على حالة عامة وهي تطيق، وان بمفهوم أكثر مرونة ، على حالات مختلفة، وليس بالضرورة أن تشكل بعض الحالات التي نصت عليها المادة ۸۰۰ وبصفتها المجردة مخالفة للنظام العام الدولي، كما في حالة عدم تعليل القرار التحكيمي، أو في ما خص البيانات الجوهرية المتعلقة بالمداولة او بصدور القرار التحكيمي في المحل المعين للتحكيم أو بعدم توقيع احد المحكمين. فضلا عن ذلك، فان المادة ۸۱4 قد أشارت إلى مخالفة القرار التحكيمي غير المعترف به بصورة واضحة للنظام العام الدولي، وهو ما لا نجده في المادة ۸۰۰ أ.م.م وإنما هو شبيه بمفهوم الطابع الواضح المنصوص عليه في المادة ۷۹4 فقرتها الثانية أ.م.م التي أعطت رئيس الغرفة الابتدائية سلطة رفض تعيين المحكم - أي سلطة منع المحاكمة التحكيمية- إذا وجد أن البند التحكيمي هو باطل بشكل واضح. فالوضوح بين الحالتين يعني الطابع اليقيني أي المخالفة التي تسطع والتي لا تحتاج إلى التحقق منها إلى تدقيق وغوص في الأساسية. ولكن ذلك لا يعني في المقابل آن عدم نص المادة ۸۰۰ على حالة الوضوح في المخالفة للنظام العام - على غرار ما نصت عليه المادة 814 - معناه أن رئيس المحكمة الابتدائية المختص بمنح الصيغة التنفيذية عليه أن يدقق ويغوص في أساس النزاع، وإنما هو يمحص القرار التحكيمي من حيث الظاهر وحسب دون الخوض في التفاصيل. آن عدم احتواء المادة ۸۰۰ فقرتها السادسة على ما احتوته المادة 814 من وصف للنظام العام إنما مرده أنه ورد کسبب من أسباب بطلان القرار التحكيمي وهي تطرح أمام القضاء مسألة مراقبة القرار التحكيمي مراقبة عمودية وفي عمق النزاع وأفقية وفي عمق احترام القواعد والأصول الإجرائية الأساسية في الدعوى، الأمر المختلف عن حالة الصيغة التنفيذية التي يكتفي فيها القاضي المختص بالتأكد، ومن حيث الظاهر، من أن القرار التحكيمي المطلوب تنفيذه او الاعتراف به لا يخالف قاعدة أساسية تتعلق بالنظام العام في الدولة.

أن النظرة القضائية إلى النظام العام في مختلف الحالات المعروضة إنما هي نظرة مخففة كما أشرنا ان في معرض إعطاء القرار التحكيمي الصيغة التنفيذية أو في معرض البحث في الإيطال. وقد برز في المرحلة الأخيرة تطور هام تمثل بتزايد مستمر في منح الصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية وتراجع ملحوظ في قرارات الإبطال دون أن يكون في ذلك تراجع في إعمال النصوص القانونية وتطبيقها بشكل سليم، وهو ما يعكس تفهما قضائيا أفضل لمؤسسة التحكيم في الحالة الأولى، أن عدد قرارات إعطاء الصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية الصادرة عن رئيس الغرفة الإبتدائية في بيروت في 4 من اصل 34 طلبأ عن سنة ۲۰۰۲، و 2003 من أصل 34 عن منه.

في الحالة الثانية، اكتفى الاجتهاد مثلا في التحكيم الداخلي لإعلان وجود البند التحكيمي باليد الوارد في فاتورة أو مستند أو ملحق حتى ولو كان غير موقع"، وفي التحكيم الدولي لم يفرض وجود السند الخطي، كما أن المهلة التحكيمية يمكن للفرقاء تمديدها ضمنا تستخرج الموافقة الضمنية من السكوت عندما يكون مقرونا بظروف معينة(1). بل أن الاجتهاد ذهب الى أبعد من ذلك فاعتبر أن الإدلاء بالعيب الذي يطال التحكيم في موضوعه أو شكله يجب أن يتم أولا أثناء المحاكمة التحكيمية لكي يكون بالامكان التذرع به أمام القضاء الناظر في دعوى البطلان، فسكوته أمام المحكم المقرون بالعلم إنما هو دليل على تنازل له صفة ملزمة). وفي هذا السياق أسندت المحكمة العليا عدم القبول بالبطلان في الحالة المعروضة إلى القاعدة الشرعية الواردة في مجلة الأحكام العدلية التي لا يزال معمولا بها في القانون اللبناني، المادة ۱۰۰ منها، التي تنص على أن المرء لا يسعه آن بنفض ما تم من جهته، جاء في قرار الغرفة الخامسة لمحكمة التمييز رقم ۱۲ تاریخ ۲۰/ ۲۰۰۰/۱۱

شركة قطر الشركة بساط أخوان" بما يأتي:

حيث أن رئيس مجلس الإدارة يتمتع بسلطة تمثيل الشركة أمام القضاءين العادي والتحكيمي، وكان بامكانه بصفته هذه أن يتذرع ببطلان البند التحكيمي كما يفعل حاليا، الا انه وعلى الرغم من ذلك لم يتمسك به انما تمادى في السكوت عنه خافيا على الفريق الآخر أمر وجوده على الرغم من وضوح صورته فلم يعد بامكانه أمام قاضي البطلان أن يطالب به بعد أن جاء التحكيم لغير صالحه، فيرد ادعاؤه لأنه خرج بكل تأكيد من حدود حسن النية، وذلك تطبيقا للقاعدة العامة الواردة في المجلة والقائلة بأن من سعى إلى نقض ما تم من جهته يكون سعيه مردودا عليه، وهي جزء من القانون الوضعي اللبناني اذ أنها لا تخالف ولا تجاوز أية قاعدة أخرى واردة في قانون الموجبات. أنها قاعدة ال Estoppel التي يعرفها القضاء التحكيمي حاليا).

في مجال آخر: يعتبر القضاء أن عدم احترام مبدأ الوجاهية ليس سببا البطلان القرار التحكيمي الا إذا أصاب المدعي ضرر وذلك عملا بقاعدة أن لا بطلان دون ضرر وأن المخالفة لقواعد النظام العام يجب أن تقع في منطوق القرار التحكيمي لا في أسبابه اذ لا رقابة للقضاء على صحة التعليل). كما آن عدم عقد جلسات مشتركة بين الفريقين ليس من شأنه بحد ذاته النيل من حق الدفاع ومن مبدأ الوجاهية طالما أن الفريقين وهما على علم بإجراءات المحاكمة بالصورة التي تمت فيها قد أقرا بسلامة كافة الإجراءات التحكيمية وقد اسقطا كل طعن بصحتها علما بأن هذه الإجراءات، لجهة كيفية انعقاد الجلسات ليست من النظام العام وفق ما يستنتج من الفقرة الثانية من المادة ۷۷۹ أ. م. م). كذلك فان اعتبار أحد المحكمين نفسه رئيسا للهيئة التحكيمية واستخدام مكتبه مقرا للتحكيم واستخدام موظفيه لا يدخل في عداد أسباب البطلان المنصوص عنها في المادة ۸۰۰ أ.م.م حصرا) واته على غرار القاعدة المشار إليها بأن لا بطلان دون ضرر فإنه أيضا لا بطلان دون نص، من هنا فان إغفال القرار التحكيم الإشارة إلى مكان صدوره لا يترتب عليه بطلان ذلك القرار). ولا يعتبر خرقا لحق الدفاع رفض المحكم - كما القاضي - إجابة طلب احد المحتكمين بالاستجواب، فهو الذي يعود له أن يقدر وسائل الإثبات المدلى بها باعتمادها أو إهمالها"، وأنه لا خروج للمحكم عن المهمة التحكيمية عندما يحكم بالغاء العقد مع ان البند التحكيمي قد حدد مهمته بالخلافات الناشئة عن تفسير أو تنفيذ العقد. فالإلغاء يأتي نتيجة لعدم تنفيذ العقد مما يعني ان البند الذي أولى الهيئة التحكيمية النظر في الخلافات الناشئة عن التنفيذ، يكون قد أولاها أيضا البحث في المفاعيل الناشئة عن عدم التنفيذ أو سوء التنفيذ).

بالنتيجة ولا ينفع اختيار التحكيم كوسيلة لحسم النزاعات ولا ينفع أن يأتي القرار التحكيمي متوافقا مع القانون او مع العدل والإنصاف اذا لم ينفذ إن المطلوب من القضاء لإقامة تحكيم محصن وفاعل، ان يتعامل بحكمة مع الواقع.

 ذلك لا يكون بالطبع على حساب النص القانوني والمفاهيم القانونية الراسخة، وإنما بالعمل على تفسير النص بما يتناسب مع الهدف والغاية.

إن تحكيما سليما يتطلب قضاء سليما ينفتح امام التطور دون أن ي النصوص والمبادئ. ان في ذلك تحقيق للتكامل بين القضاء والتحكيم، فلا يبقى ذلك التكامل مجرد شعار يخالفه الواقع، وإنما واقعا يحقق ذلك الشعار.