المحكم وهيئة التحكيم / الإلتزام بالحياد والاستقلال اثناء سير خصومة التحكيم / الكتب / حدود سلطة هيئات التحكيم تجاه وسائل الإثبات المختلفة (دراسة مقارنة) / عبء الإثبات على الخصوم والحياد الإيجابي لهيئة التحكيم
الاسم
محمد يوسف علام
تاريخ النشر
2021-01-01
اسم دار النشر
دار وليد للنشر والتوزيع والبرمجيات المركز القومي للإصدارات القانونية
وإذا كان الإثبات حقاً للخصوم ، فهو أيضاً عبءً عليهم ، وذلك نصت المادة (1/24) من قواعد اليونسترال على أن :"يقع على كل من الطرفين عبء إثبات الوقائع التي يستند إليها في تأييد دعواه أو دفاعه".
وقد أعطت قواعد اليونسترال لهيئة التحكيم سلطة إيجابية ، بحيث يكون حيادها أكثر إيجابية ، وحيدتها أكثر استقامة ، حيث نصت كما سبقت الإشارة على سلطتها في طلب الأدلة من الخصوم في أي وقت أثناء إجراءات التحكيم (م24/ 3).
وهذا ما نصت عليه كذلك قواعد التحكيم لدى مركز القاهرة الإقليمي (م24) والمادة (5/20) من لائحة التحكيم لدى غرفة تجارة باريس .
وكذلك المادة (3/30) من قانون التحكيم المصري ، والمادة (29/ج) من قانون التحكيم الأردني ، ولكن بشكل مختلف ، وهو أن تطلب الهيئة أصول المستندات المشار إليها في بيان الدعوى أو مذكرة الدفاع ، دون أن تصريح المادة بسلطة الهيئة في طلب أدلة جديدة ، ومما يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة (1/33) مصري من أنه : "لها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك " ، والمادة (32) من قانون التحكيم الأردني ، والمادة (34) من قانون التحكيم اليميني وغيرهما من قوانين التي أخذت بالقانون النموذجي.
أما اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي فقد نصت في مادتها (29) على أنه :" لهيئة التحكيم أن تأمر بوسائل التحقيق المنتجة في الدعوى متى كانت الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالمنازعة ومؤثرة فيها وجائزاً قبولها ، ولهيئة التحكيم أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول في محضر الجلسة ، ويجوز للهيئة ألا بتأخذ بنتيجة الإجراء مع بين سبب ذلك في الحكم" .
ومن ناحية أخرى أعطت قواعد اليونسترال لهيئة التحكيم سلطة قبول الأدلة المقدمة أو رفضها ، ووجود صلة بينهما وبين موضوع الدعوى أو انتفاء هذه الصلة ، وأهمية الدليل المقدم ، وهذا ما أخذت به حرفياً المادة (2/64) من مجلة التحكيم التونسية ، وقد صرحت به المادة (458 مكرر 10 ) من قانون التحكيم الجزائري .
ومما لا شك فيه أن عدم بذل الخصوم للمهمة الإجرائية الواجبة في مجال الإثبات وخاصة في خصومة التحكيم من شأنه شل فاعليتها ، وتوقياً لذلك نصت المادة (3/28) من قواعد اليونسترال على أنه :" إذا طلب أحد الطرفين على وجه صحيح تقديم أدلة للإثبات ، وتخلف دون عذر مقبول عن تقديمها خلال المدة المحددة لذلك ، جاز لهيئة التحكيم الأمر بالاستمرار في إجراءات التحكيم ، وعندئذ يجوز لها إصدار قرار التحكيم بناء على الأدلة المتوافرة أمامها" (م28/ 4) .
وقد أخذ بهذه القواعد نظام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم (م28) .
وقد نصت المادة (6/20) من لائحة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس على أن :" يجوز لمحكمة التحكيم أن تقرر الفصل في النزاع استناداً فقط إلى المستندات المقدمة من الأطراف ، إلا إذا طلب أحد الأطراف عقد جلسة " ، وهذا ما نصت عليه المادة (1/33) من قانون التحكيم المصري والمادة (32) أردني ، وقد أوضحت المادة (1/28) من مجلة التحكيم التونسية ذلك بقولها :"تتولى هيئة التحكيم جميع الأبحاث من تلقي الشهادات وإجراء الاختبارات إلى غير ذلك من الأعمال الكاشفة عن الحقيقة" ، وكذلك المادة (29) من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي.
ونلاحظ أن من مقتضيات حق الإثبات توفير الفرصة حتى اللحظة الأخيرة لكل من الخصوم لإبداء ما يعن لهم من أدلة الإثبات ، غير أن ذلك لا بد أن يكون محدداً بوقت معقول ، هو قفل باب المرافعة ، إلا أن قفل باب المرافعة لا يكون نهائياً ، بل لا بد من الاستجابة لمعطيات الواقع العملي التي قد تبرر ، وفي ظروف استثنائية تأخر الخصم في تقديم دليل ، فيمكنه تقديمه بعد قفل باب المرافعة ، وهو ما يسمى بالأعذار في الفقه المالكي أي سؤال أخير للحضور عما إذا كان لديهم ما يقولونه بعد انتهاء المرافعة ، فإن كانت الإجابة بالنفي اغلق باب المرافعة .
وهذا ما نصت عليه المادة (29) من قواعد اليونسترال ، بقولها :"لهيئة التحكيم أن تستفسر من الطرفين عنا إذا كان لديهما أدلة أخرى لتقديمها أو شهود آخرين لسماعهم أو أقوال أخر للإدلاء بها ، فإذا كان الجواب نفياً ، جاز لهيئة التحكيم أن تقرر إنهاء المرافعة .
ولهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد طرفين إعادة فتح باب المرافعة في أي وقت قبل صدور حكم التحكيم ، إذا رأت ضرورة ذلك نظراً لظروف استثنائية تقدرها هيئة التحكيم.