المحكم وهيئة التحكيم / الإلتزام بالفصل في موضوع النزاع خلال مدة التحكيم / الكتب / الحماية الدولية لأحكام التحكيم الاجنبية / أثر تجاوز تجاوز هيئة التحكيم للمواعيد القانونية المقررة لبدء إجراءات التحكيم على اختصاصها:
أثر تجاوز تجاوز هيئة التحكيم للمواعيد القانونية المقررة لبدء إجراءات التحكيم على اختصاصها:
هناك مشكلة أخرى قد تثور بشأن تجاوز الحكمين للمواعيد القانونية المقررة لبدء إجراءات التحكيم على إختصاص هيئة التحكيم، حيث أن من المقرر أن الأمور المتعلقة بالمواعيد القانونية تؤثر - كقاعدة عامة - علي إختصاص المحكمين " ، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك .
وقد أثير هذا التساؤل بمناسبة الحكم الصادر فى إحدى القضايا من المحكمة العليا الألمانية " ، ففى هذه القضية كان الطرفين قد أبرما عقداً بخصوص شحم الخنزير الروماني، وقد اشتملت الشروط العامة للبيع والتسليم علي شرط ينص علي تسوية المنازعات أمام هيئة التحكيم التابعة للغرفة التجارية الرومانية، كما أضاف الطرفين إلي هذا الشرط الجملة التالية: "يُعد باطلاً طلب التحكيم المقدم بعد ستة أشهر من تاريخ وصول السلع الي المحطة النهائية أو ميناء الوصول“، وبعد أكثر من ستة أشهر من وصول السلع بدأ التحكيم، وأعلنت هيئة التحكيم في بوخارست إختصاصها بنظر النزاع ثم تولت الفصل فيه .
إلا أن محكمة الإستئناف الألمانية رفضت تنفيذ حكم التحكيم، لمخالفته نص المادة الخامسة (۱)(ج) من إتفاقية نيويورك، مُقررةً أن المحكمين قد خالفوا شروط إتفاق التحكيم، وقد فسرت المحكمة المذكورة الجملة المبينة بعاليه وبخاصةً عبارة طلب التحكيم المقدم" بإعتبارها تعني أن أي إحالة للتحكيم لأبد أن تتم فى غضون ستة أشهر من وصول السلع وبعد مرور هذه الفترة، لاتعد هيئة التحكيم مُختصة بالفصل في أي نزاع قد ينشأ عن هذا الإتفاق .
وعند طرح النزاع على المحكمة الإتحادية العليا الألمانية قررت أن الجملة المضافة إلى شرط التحكيم تتسم بالغموض، طالما أنها لا تستبعدُ - صراحةً - إختصاص الهيئة بعد إنقضاء فترة ستة أشهر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري، فإنه من غير الواضح، ما اذا كانت الفترة الزمنية المقررة تقيد هيئة التحكيم تلقائياً أم بناء علي طلب أحد الطرفين.
وفيما يتعلق بالمسألة الأولي، أشارت المحكمة إلي المادة الخامسة (۱) (ج) من إتفاقية نيويورك، وقررت أن الجملة المضافة إلي شرط التحكيم قد تعني – من بين جملة أمور- وضع عقبة أساسية أمام إختصاص هيئة التحكيم أو عقبةً تستطيع الأخيرة الفصل بشأنها، أما فيما يتعلق بالمسألة الثانية، فقد قررت المحكمة - بالإحالة إلي قواعد تنازع القوانين الواردة في المادة الخامسة (١)(أ) من الإتفاقية- ضرورة أن تقوم محكمة الإستئناف بدراسة المسألة في ظل القانون الروماني، وبالتالي، فقد أعادت المحكمة الإتحادية العليا الألمانية القضية إلى محكمة الإستئناف.
وتعليقاً على هذا الحكم، أوضح Albert Jan Van Den Berg ، أنه "قد نتساءل عما إذا كان الإعتماد علي الفقرة (ج) يعد مُلائماً بالنسبة لمسألة ما إذا كانت مخالفة المحكمين للمواعيد القانونية المقررة لبدء التحكيم في الواقع، فإن المواعيد القانونية لبدء التحكيم تؤثر علي صحة إتفاق التحكيم لا تتعلق المادة الخامسة (۱) (ج) بعدم إختصاص المحكمين بسبب بطلان إتفاق التحكيم، حيث أن هذه المسألة تقع ضمن إطار سبب رفض التنفيذ المنصوص عليه في الفقرة المادة الخامسة ومن ثم يجب أن تُحيل المحكمة العليا إلي المادة الخامسة (١)(أ) ليس فقط بهدف تحديد القانون الساري بشأن مسألة المواعيد القانونية لبدء التحكيم، ولكن أيضاً بهدف إتخاذ قرار بشأن مسألة إختصاص المحكم في مجملها.
وفى تقديرنا أنه لايمكن الإستدلال على ما إذا كانت المواعيد القانونية ترتبط بنطاق من إختصاص المحكمين أو بالقبول أو بصحة إتفاق التحكيم .. إلا من خلال تفسير إتفاق الأطراف، ما لم يتفقوا علي خلاف ذلك ... ومن خلال هذا المفهوم، فإن إنقضاء الميعاد القانوني المتطلب لتقديم دعوي لايؤدى إلي بطلان أو إنقضاء فعالية شرط التحكيم - ما لم ينص إتفاق التحكيم صراحةً علي خلاف ذلك.
وعلى هذا الأساس، فإنه يُمكن فهم الجملة المضافة إلى شرط التحكيم المشار إليه في القضية السالفة، على أن القصد منها هو حَث الطرفين على تسوية المنازعات التى تنشأ بينهما بطريــق التحكيم دون توان دون أن يكون المراد منها هو أن تكون النزاعات التي تنشأ بينهما بعد إنقضاء فترة الستة أشهر من وصول السلع، خاضعة لإختصاص القضاء الوطني.