الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / الإلتزام بالفصل في حدود موضوع النزاع / الكتب / الحماية الدولية لأحكام التحكيم الاجنبية / حدود سلطة المحكمين 

  • الاسم

    د. هشام إسماعيل
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    1141
  • رقم الصفحة

    588

التفاصيل طباعة نسخ

حدود سلطة المحكمين 

  تحدد طلبات الأطراف الواردة فى إتفاق التحكيم نطاق خصومة التحكيم، بحيث لا يجوز صدور حكم التحكيم فاصلاً في مسائل لم ترد في إتفاق التحكيم، وإلا عُد ذلك تجاوزاً لسلطة المحكمين في نظر النزاع، وفى السياق ذاته يثور التساؤل حول ما إذا كان يحق لهيئة التحكيم أن تغير من تلقاء نفسها سبب الدعوى أو الأساس القانونى لطلبات الأطراف، أم أنه يجب عليها أن تقصر بحثها على السبب الذى أقيمت به أمامها . 

   كما تتسم  مسألة الحكم بفائدة دون أن يطلبها أحد من الخصوم في إطار تعيين حدود سلطة المحكمين، بأهمية خاصة، أخذاً في الإعتبار أن هناك من القوانين مايخول القضاة سلطة الحكم بها في هذه الحالة، مما يدعو إلى التساؤل عن إمكانية إمتداد نطاق سلطة المحكمين للحكم بفائدة لم يطلبها أحد الأطراف .

   كما يلاحظ أخيراً، أن المادة الخامسة (۱) (ج) لا تتناول الفرض العكسي المتعلق بإغفال المحكمين في حكمهم النهائي الفصل فى بعض الطلبات المقدمة إليهم من الأطراف، نتيجة سوء تقديرهم لنطاق إختصاصهم، والتي تندرج فعلاً ضمن نطاق شرط أو إتفاق التحكيم، ويبين إستقراء واقع التطبيقات القضائية في تناول هذه الإشكاليات أنها قد جاءت غير متناسقة تماماً

  فإذا ماصدر حكم التحكيم متناولاً بعض المسائل التي لم ترد في إتفاق التحكيم، والتي لم يطلب الطرفان حسمها بطريق التحكيم، " Ultra Petita ، فإن ذلك يُعتبر تجاوزاً لسلطة المحكمين في نظر النزاع، ومع ذلك فقد إتجهت بعض المحاكم " - إلى القول بأن "صياغة الطلب ليست هي فقط تتسم بالأهمية للفصل في مسألة تجاوز هيئة التحكيم لحدود سلطتها. 

   والثابت أن كُل من النصين الإنجليزى والفرنسي للإتفاقية لا يتضمن صراحةً أن الإحالة إلى طلبات الأطراف هى التى تعين حدود سلطة المحكمين وهو ماقد يُستفاد منه بداهةً أن نطاق تطبيق المادة الخامسة (۱) (ج) من الإتفاقية يقتصر على مسألة تجاوز المحكمين لحدود إختصاصهم، وهـو الأمر الذي أثار خلافاً في الفقه والقضاء حول هذه النقطة.

 

  وقد وجد لهذا الخلاف الفقهى نظير لدى القضاء الوطنى، ففى قضية AB Götaverken v. General National Maritime Transport Co.(GNMTC، دفع الطرف المعارض لتنفيذ حكم التحكيم - علي سبيل المثال - أثناء إجراءات التنفيذ أمام محكمة إستئناف Svea السويدية، بأن المحكمين قد تجاوزوا سلطتهم عندما قضوا بتخفيض الثمن على الرغم من أن الأطراف لم يطلبوا إليهم الفصل فيما إذا كان ينبغي إجراء مثل هذا التخفيض وقد ردت محكمة الإستئناف على ذلك مُقررة أن تعديل الثمن يدخل ضمن إطار سلطة المحكمين وأنهم بذلك لم يتعدوا حدود سلطتهم، وقد أيدت المحكمة العليا السويدية هذا الرأى.

   وفي حكم المحكمة النقض المصرية، قررت أنه: "إذا كان الطرفان قد حددا في مشارطة التحكيم موضوع النزاع القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد مقاولة ونصا على تعيين المحكم لحسم هذا النزاع وحددا مأموريته بمعاينة الأعمال التي قام بها المقاول لمعرفة مدى مُطابقتها للمواصفات والأصول الفنية من عدمه، وتقدير قيمة الصحيح من الأعمال، كما نصا فى المشارطة على تفويض المحكم في الحكم والصلح، وكان ذلك التفويض بصيغة عامة لاتخصيص فيها، فإن المحكم إذ أصدر حكمه في الخلاف وحدد في منطوقه مايستحقه المقاول عن الأعمال التي قام بها جميعاً حتى تاريخ الحكم بمبلغ معين، لا يكون قد خَرَجَ عن حدود المشارطة، أو قضى بغير ماطلبه الخصوم“.

   وفي قضية Encyclopaedia Universalis, S.A. v. Encyclopaedia ,.Britannica, Inc، نازع المحتكم ضده في تنفيذ حكم التحكيم بأن: "هيئة التحكيم قد شكلت علي نحو غير صحيح، ومن ثم فإنها لاتملك سلطة الفصل في نزاع الأطراف، وبالتالي يخرج الحكم عن نطاق سلطتها، وعلى الرغم من أن مسألة تشكيل الهيئة لا تتعلق مطلقاً بمسألة سلطتها، فقد أخذت المحكمة المحلية بجنوب ولاية نيويورك الأمريكية بهذا الدفع قائلةً أنه: "لأن هيئة التحكيم قد شكلت علي نحو غير صحيح، فإنها لا تملك السلطة الملزمة للأطراف، وتعد متجاوزة الحدود سلطتها عندما تؤكد ولايتها.

  وعلي سبيل المثال، فقد قضت محكمة إستئناف شتوتجارت الألمانية، فى إحدى القضايا ، بتنفيذ حكم تحكيم صادر بمبلغ ١٢٩,٦٢١ مارك ألماني، على الرغم من أن المطالبة كانت فقط بمبلغ ١١٩,٦٢١ مارك ألماني ..، رافضةً الدفع بأن المحكمين قد تجاوزوا نطاق سلطتهم، ورأت المحكمة أن المستفاد من المستندات المقدمة مع طلب التحكيم أن المحتكم قد تقدم بالفعل بطلـــب المبلغ المحكوم به، إلا أن الثابت أن مُطالبته المحددة كانت تستند فى الواقع إلى حسابات خاطئة.

   وعلى نحو مشابه، ذهبت محكمة إستئناف هامبورج الألمانية في إحدى القضايا ، إلى القول بأنه: "ولنفس السبب، لأيُعد الحكم بسداد الفائدة عن الفترة من تاريخ صدوره وحتي تاريخ السداد .. مُتعدياً بالضرورة لنطاق إتفاق التحكيم ، وحتي إذا لم تتم المطالبة صراحةً بالفائدة عــــن هذه الفترة، وإنما كانت عبارة عن مُلاحظة بسيطة في هذه الأحوال فإن تفسير الطلب في ضوء مصلحة الأطراف عادةً ما يكشف عن ضرورة حساب الفائدة أيضاً عن الفترة التالية لصدور الحكم، لذلك، فلم تتصرف الهيئة بما يجاوز حدود سلطتها. 

  وفي قضية UNI-KOD sarl v. Ouralkali ، عارض المدعى عليه في تنفيذ حكـــم تحكيم صادر في موسكو مدعياً بأن هيئة التحكيم قد أخلت بإتفاق الأطراف المتضمن إحالة كافـــة إدعاءاتهم المتعلقة بالأنشطة الخاصة بمشروعهما المشترك إلى هيئة تحكيم واحدة، وذلك من خــلال رفضها ضم تحكيمين مُرتبطين لنظرهما معاً أمامها .

   وتوجز وقائع هذه القضية، في أنه في عام ۱۹۹۰ أبرمت كل من UNI-KOD sarl ,Ouralkali وثلاث شركات روسية أخري إتفاق يتعلق بإنشاء مشروع تجاري مشترك لصناعة مستحضرات التجميل لمدة خمس سنوات، وقد تعهدت Ouralkali، ضمن أمور أخري، بدفع مبلغ إجمالي قدره خمسة مليون دولار أمريكي لهذا المشروع المشترك من أجل شراء مــــواد خــــام ومركبات كيميائية، كما تضمن هذا الإتفاق شرطاً للتحكيم في المنازعات أمام لجنة التحكيم التجاري الأجنبي في غرفة التجارة والصناعة للإتحاد السوفيتي (السابق) . 

   وبعد مرور شهرين، وقع كل من UNI-KOD sarl و Ouralkali العقد رقم (۱)، وبموجبه دفعت Ouralkali لـ UNI-KOD قيمة شراء مواد خام و مُركبات كيميائية على نحو ماجاء بالإتفاق، وبعد ستة أعوام، شرعت Ouralkali في التحكيم أمام محكمة التحكيم التجاري الدولي في غرفة التجارة والصناعة فى الإتحاد الروسي مُطالبةً برد مبلغ ۱,۵۰۰,۰۰۰ دولار أمريكي إليها، تم دفعه بموجب العقد رقم (۱) ، وبالمقابل، شرعت UNI-KOD sarl بتاريخ ١٠ نوفمبر ۱۹۹۷ ، في التحكيم أمام ذات المحكمة مُطالِبَةً بسداد فوائد تقدر إجمالاً بمبلغ ۱,۲۸۷,۰۰۰ دولار أمريكي، وبناءاً علي طلب UNI-KOD Sarl، تم دمج مرحلة جمع الأدلة في كلا التحكميين، ومع ذلك، أصدرت محكمة التحكيم فيهما حكمين متتابعين.

  وفي عام ۱۹۹۹ ، تمكنت Ouralkali من الحصول على أمر بتنفيذ الحكم الأول من رئيس محكمة باريس الإبتدائية، فأقامت UNI-KOD sarl طعناً بالبطلان على حكم التحكيم أمــام محكمة إستئناف باريس، مُدعيةً من بين أسباب أخري أن المحكمين قد تجاوزوا نطاق مهمتهم، إلا أن المحكمة أيدت أمر التنفيذ رافضةً إعتراض UNI-KOD Sarl المتضمن أنه ينبغى على المحكمين أن يُصدروا حكماً واحداً في إدعاءين مُدمجين، مُشيرةً في ذلك إلى أن إتفاق الأطراف يشمل فقـــط مرحلة جمع أدلة مُشتركة فى إثنين من التحكيمات دون أن يكون هناك إتفاق علــي ضــم كـــلا الدعويين، وأضافت أنه في حالة عدم وجود إتفاق بين الأطراف أو نص في القواعد المطبقة بشأن ضم الدعاوى، فإنه لا يجوز فرض هيئة التحكيم لإصدار حكم واحد فقط على نحو ماتطالب بـه UNI-KOD sarl، ومن ثم يكون المحكمين قد حكموا في حدود مهمتهم. 

  إذا كانت طلبات الأطراف - كما ذكرنا سلفاً - هى التى تعين حدود سلطة المحكمين، إلا أن التساؤل يدور أيضاً، حول ما إذا كان يحق لهيئة التحكيم أن تُغير من تلقاء نفسها سبب الدعوى، أم أنه يجب عليها أن تقصر بحثها على السبب الذى أقيمت به أمامها، وبعبارة أخرى، ما إذا كانت المقدمة هيئة التحكيم تعتبر قد تجاوزت نطاق سلطتها إذا كانت قد قضت بما لا يجاوز طلبات الخصوم إليها، إستناداً إلي أسس قانونية تختلف عن تلك التي أبدوها لها تأييداً لمطالبهم.

   يرى البعض في مقام الإجابة على هذا التساؤل، أنه لا توجد قاعدة موحدة في التحكيم الدولي تنص علي إلتزام المحكمين بالتكييف القانونى لطلبات الأطراف، ومع ذلك، فإنه يحق للمحكمين في غالب الأحوال - ومن تلقاء أنفسهم إجراء البحث الخاص بهم، وإسباغ التكييف القانوني على وقائع القضية بدلاً من التكييف الذى أعطاه لها الأطراف، إذا لم يقم الأطراف بتحديد مضمون القانون الموضوعى الواجب التطبيق ٢٠٨٧، وترتيباً على ذلك ، وترتيباً على ذلك - ووفقاً لهذا الرأى – قد لا يكون المحكمين - كقاعدة عامة - متجاوزين حدود تكليفهم إذا قضوا بما هو مطلوب إستناداً الي أساس قانوني يختلف عما أبداه المحتكم في مذكراته.

  وقد تبنت المحكمة المحلية بولاية جنوب كاليفورنيا الأمريكية هذا الرأى في قضية "Ministry Of Defense And Support For The Armed Forces Of The ,.Islamic Republic Of Iran v. Cubic Defense Systems,Inc، حيث رفضت المحكمة طلب المحتكم ضده بطلان حكم تحكيم صادر من غرفة التجارة الدولية، بدعوى أن الهيئة قد أصدرت حكمها إستناداً إلي أُسس قانونية لم يذكرها الأطراف، بما يُخالف نص المادة الخامسة (۱) (ج) من إتفاقية نيويورك، مما يحول بالتالى دون تنفيذ حكم التحكيم.

  وبالإشارة إلى قضية Ministry Of Defense Of The Islamic Republic of ,.Iran v. Gould, Inc ، رأت المحكمة أنه يتعين عليها في ظل إتفاقية نيويورك الفصل: "فيما إذا كان حكم التحكيم يتجاوز نطاق إتفاق التحكيم، وليس ما إذا كان الحكم يتجاوز نطاق مذكرات الأطراف، ووجدت المحكمة أن موضوع إدعاء المحتكم ضده يدخل ضمن إطار العقود الملزمة للأطراف وأنه - وإلي المدي الذي يكون معه حكم التحكيم يسوي الإدعاءات والإدعاءات المضادة المرتبطة بالعقدين - ... لم يتجاوز نطاق مُشارطة التحكيم، وخلصت المحكمة من ذلك، إلي أن حكم التحكيم يسوي إدعاءات الأطراف الناشئة عن العقود المبرمة فيما بينهم، وكون أن الحكم لا يستند إلي نفس الأسس القانونية المبداة في المذكرات لا يُمكن أن يكون أساساً لرفض التصديق عليه.

  والواقع أننا لا يُمكن أن نسلم بهذا الرأى على إطلاقه، ذلك أن كل طلب أو وجــه دفـاع جوهرى يُدلى به جازماً لدى هيئة التحكيم، مما يجوز أن يتغير معه وجه الرأى في الدعوى، ينبغــي عليها أن تفصل فيه بأن تُمحصه وتُجيب عليه فى أسباب حكمها، مما لا يجب معه عليها أن تلتفت في حكمها عما قدمه لها الخصوم من مُذكرات ولا عن الأُسس القانونية الواردة فيها، بإعتبارهــا تكمل دفاع الخصوم فى الدعوى، بحسبان أن الدفاع الوارد فيها يُعد مطروحاً عليها، وكذلك، فإنه لا يجوز لهيئة التحكيم أن تقوم بتغيير الأساس القانونى لطلبات الأطراف وإصدار حكمها إستناداً إلي أساس قانوني آخر يختلف عن الأساس الذى أقيمت به الدعوى أمامها، وإلا عُد حكمها في هذه الحالة متجاوزاً لنطاق سلطتها، فضلاً عن إخلاله بقواعد المحاكمة العادلة.

  تتسم مسألة الحكم بفائدة دون أن يطلبها أحد من الخصوم في إطار تعيين حدود سلطة المحكمين، بأهمية خاصة، أخذاً في الإعتبار أن هناك من القوانين ما يُخول القضاة سلطة الحكم بها في هذه الحالة، مما يدعو إلى التساؤل عن إمكانية إمتداد نطاق سلطة المحكمين للحكم بفائدة لم يطلبها أحد الأطراف.

  وتطبيقا لذلك، قضت محكمة استئناف القاهرة في أحد أحكامها برفض دعوى البطلان لقضائه بفوائد قانونية تجاوز الحد الأقصى لفوائد التأخير القانونية، مُقررةً أن الأطراف إتفقوا على تفويض هيئة التحكيم بالصلح، وبالتالي يجوز لها أن تقضى فى موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدل والإنصاف دون التقيد بالقانون.

  ويُلاحظ في هذا السياق، أن القضاء الفرنسي على سبيل المثال – إتباعاً لحكم المادة ١١٥٣ (۱) من القانون المدني الفرنسي، كان يُجيز لهيئة التحكيم – إستثناء من الأصل العام – القضاء بالفوائد دون حاجة إلى طلبها ممن يستحقها .

   وفى هذا الإطار، ذهبت محكمة استئناف باريس: إلى أنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق علي وقائع النزاع القائم بين الأطراف، فإنه يحق للمحكمين الحكم بفائدة غير مطلوبة ، أو الحكم بفائدة تحتسب من تاريخ سابق علي التاريخ الذي حدده الأطراف ، إلا أنها عدلت لاحقاً هذا الرأى حين قضت في ٣٠ يونيه ۲۰۰٥ ببطلان حكم التحكيم علي أساس أن نطاق تكليف المحكمين لا يتضمن أحقيتهم فى القضاء بفائدة غير مطلوبة ٢٠٩٥.

  وقد تعرض الحكم الأخير لمحكمة إستئناف باريس - وبحق - لنقد بعض الفقه ، على أساس أنه إذا كان يحق للقاضي أو المحكم - بحسب الأحوال - وفقاً للقانون الموضوعى الواجـب التطبيق، أو للقانون الذى إختاره المحكم - الحكم بالفائدة من تلقاء نفسه، دون حاجة لطلبها ممن يستحقها، ومن ثم فإن الحكم بفائدة غير مطلوبة لايعد سبباً يُبرر رفض تنفيذ حكم التحكيم في ظل المادة الخامسة (۱) (ج) من إتفاقية نيويورك.

  وعلى نفس نهج الحكم الأخير لحكمة إستئناف باريس الصادر في ٣٠ يونيه ٢٠٠٥، رفضت المحكمة المحلية لمنطقة شمال جورجيا الأمريكية، وذلك فى قضية - Laminoirs-Trefileries Cableries de Lens,S.A. v. Southwire Co تنفيذ جزء من حكم التحكيم الذى يتضمن معدل فائدة إضافية كجزاء عن التأخير فى السداد تزيد إلى خمسة بالمائة في العام، إعمالا للقانون الفرنسي المطبق على النزاع، لتعارضه مع النظام العام ، كما إنتهت إلى ذات النتيجة المحكمة العليا في هونج كونج فى حكمها الصادر في قضية JJAgro Industries (P) Ltd. V. Texuna Int'l Ltd

   وعلى خلاف النهج الأخير، رفضت محكمة استئناف هامبورج – وبحق – في إحدى القضايا ، الدفع المبدى من المحتكم . ضده، ببطلان حكم التحكيم على أساس أن هيئة التحكيم قضت بفائدة لاحقة علي الحكم والتي لم تتم المطالبة بها، مُقررةً في ذلك أن القانون الإجرائي الواجب التطبيق (قانون التحكيم الإنجليزي 1996) وقواعد التحكيم، تُجيز للمحكمين الحكـم بفائدة تزيد عما طالب بها المحتكم .

   وعلى نحو مشابه تقريباً، وفي قضية Aasma v. American Steamship Owners Mutual Protection and Indemnity نازع المدعي في تنفيذ حكم تحكيم علي أساس أن الحكم بالمصاريف يجاوز نطاق إتفاق الأطراف علي التحكيم، حيث أنه: "لم تتم الإشارة في أي موضع على وجه التحديد إلى المصاريف أو لأتعاب المحامين، إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع مُقررةً: أن إتفاق الأطراف تضمن النص على أن يجرى التحكيم وفقاً لقانون التحكيم لعـــام ١٩٩٦ ، وأن المواد من ٥٩ إلى ٦٤ من القانون على وجه التحديد، تنص علــي الحكــم بالمصاريف، وتُرسي نصوصاً تسري في حالة عدم وجود إتفاق بين الأطراف بشأن المصاريف.

   من الملاحظ أن المادة الخامسة (۱) (ج) لا تتناول الفرض العكسي والمتعلق بإغفال المحكمين في حكمهم النهائي الفصل في بعض الطلبات المقدمة إليهم من الأطراف، نتيجة سوء تقديرهم لنطاق إختصاصهم، والتي تندرج فعلاً ضمن نطاق شرط أو إتفاق التحكيم، وذلك خلافاً لإتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ التي عالجت هذا الوضع حين نصت في مادتها الثانية (۲) علي أن محكمة التنفيذ تستطيع في هذه الحالة، إما إرجاء إتخاذ قرار بشأن التنفيذ أو منح التنفيذ بشرط تقديم ضمان تقضى به المحكمة.

   وفى هذا الإطار، قررت محكمة الإستئناف الإتحادية بمدينة Winnipeg بمقاطعة Manitoba الكندية فى قضية Northern Sales Company Limited v. Compania Maritima Villa Nova SA الإعتراف بحكم التحكيم، معتبرةً أن حقيقة كون المحكمين لم يأخذوا بعين الإعتبار دفاعاً معيناً لايُشكل إنتهاكاً للمادة الخامسة (۱)(ج) من الإتفاقية. 

   وعلى نحو مُشابه قررت المحكمة العليا فى لوكسمبورج فى قضية Kersa Holding .Company Luxembourg v. Infancourtage et al، أن كون هيئة التحكيم لم تفصل في كافة نقاط النزاع .. لا يحول دون الإعتراف بأحكام التحكيم، حيث أن إتفاقية نيويورك لا تتناول أحكام التحكيم الناقصة.

  وفي قضية Sovereign Participations International SA v. Chadmore" .Developments Ltd قررت محكمة استئناف لوكسمبورج فيما يتعلق بسبب الطعن لعدم قيام المحكمين بالفصل في كافة المسائل محل النزاع ... لا يمكن أن يحول هذا السبب – ولو ثبتت صحته – دون الإعتراف بحكم التحكيم فى حالة إغفال الفصل فى بعض الطلبات لعدم النص عليه في الإتفاقية. 

   وبالمثل، قضت محكمة استئناف باريس بأن الطعن على حكم التحكيم بإغفاله الإجابة عن الطلبات الختامية لا يندرج ضمن أى فرض من الفروض التى عددتها المادة ١٥٠٢ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد للطعن بالبطلان، ومن ثم فإن محكمة التحكيم تكون قد إحترمت المهمة المنوط بها القيام بها.

  وعلى الجانب الآخر، تذهب بعض القوانين الأجنبية، إلى تقرير جزاء صارم في حالة إغفال هيئة التحكيم الفصل فى بعض نقاط النزاع التي تندرج ضمن إختصاصها، وذلك بالإشارة إلى إمكانية إبطال حكم التحكيم فى هذا الفرض، حيث تنص المادة (۱۹۰ (د) (ج) من القانون الدولى الخاص السويسرى على أنه : يُمكن إبطال حكم التحكيم إذا أغفل الفصل في أحد الطلبات . 

   وهذا الوضع الأخير، يُمكن أن يُفضى إلى عدم التناسق في المعاملة الوطنية لهذه الأحكــام عـلـــى المستوى الدولي، خاصةً إذا ماكان القانون الذى إختاره الأطراف للتطبيق على النزاع هو القانون الدولى الخاص السويسرى، أو كان هو القانون الذى إختارته هيئة التحكيم في حالة غياب هذا الإتفاق.