وفقا لنص المادة (15) من قانون التحكيم يشترط أن يكون قبول المحكم لمهمته كتابة، ويجب عليه الإفصاح كتابة عن مصلحته أو أي ظروف يمكن أن تثير شكوكا حول استقلاله أو حياده وذلك عند قبوله لمهمته أو في وقت لاحق وذات الشرط تشطره العديد من التشريعات العربية منها على سبيل المثال المصري في المادة (16) من قانون التحكيم، السوري في المادة (17)، الأردني في المادة (15/ج)، العراقي في المادة (259) أيضا اشترط قبول المحكم للتحكيم كتابة في الحالة التي لم يكن معينا من المحكمة وذات النص الليبي في المادة (747) يشابه النص العراقي والتونسي في الفصل (11) نص على أن يثبت قبول المحكم لمهمته كتابة أو بتوقيعه على الاتفاق على التحكيم أو بقيامه بعمل يدل على شروعه في المهمة، والعماني في المادة (3/16)، الفلسطيني في المادة (1/12) ، اللبناني في المادة (796) تشترط قبول المحكم للمهمة الموكولة له ويثبت هذا القبول بالكتابة، القطري في المادة (3/11)، الكويتي في المادة (178) تشترط أن يقبل المحكم القيام بمهمته ويثبت القبول كتابة.
يجب أن يكون المحكم شخصا طبيعيا، ورغما من أن المشرع السوداني لم يشير لذلك صراحة إلا أن نص المادة (13) يفترض أن يكون المحكم شخصا طبيعيا لأن الصفات التي أوردها النص لا تنصرف إلا إلى الشخص الطبيعي ومن التشريعات التي اشترطت ذلك صراحا المشرع التونسي في الفصل (10) بأن يكون المحكم شخصا طبيعيا، الجزائري في المادة (1014) لا تسند مهمة التحكيم إلا إذا كان متمتعا بحقوقه المدنية وإذا عينت اتفاقية التحكيم شخصا معنويا تولى هذا الأخير تعيين عضو أو أكثر من أعضائه بصفة محكم، الفلسطيني في المادة (10) إذا عينت اتفاقية التحكيم مؤسسة تحكيم فإنه يتم في إطار قواعدها تنظيم إجراءات التحكيم بما في ذلك صلاحية تعيين هيئة التحكيم ...الخ، الموريتاني في المادة (10) يجب أن يكون المحكم شخصا طبيعيا ،راشدا، اللبناني في المادة (768) لا تولى مهمة التحكيم لغير شخص طبيعي، وإذا عين عقد التحكيم شخصا معنويا فتقتصر مهمته على تنظيم التحكيم.
لم يشترط القانون شكلا معينا للكتابة فيمكن أن تكون من خلال اتفاق التحكيم نفسه إذا كان مشتملا على أسماء المحكمين ويمكن أن تكون من خلال خطاب من المحكم للأطراف في حالة التحكيم الحر يفيد قبوله بمهمة التحكيم في النزاع الناشب بين الأطراف أو في حالة التحكيم المؤسسي يكون موجه إلى مركز التحكيم المنظم لإجراءات التحكيم.
ويبدو ومن خلال الاستقراء أن هناك تشريعات تتفق مع هذا الاتجاه الفقهي مثل المشرع العراقي والليبي واللبناني والكويتي، إلا انه ومن جانب آخر فإن التشريعات التي اشترطت أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وان يكون قبول المحكم لمهمة التحكيم كتابة فإن ذلك يشير إلى أن الكتابة وفقا لاتجاهات تلك التشريعات تعتبر شرط صحة وانعقاد فبدون موافقة المحكم الكتابية فإن تلك الموافقة لا تكون صحيحة.
بمقارنة الفقه الإسلامي مع قانون التحكيم السوداني بشأن الصفات الواجب توافرها في المحكم نجد أن الشروط اللازمة لأهلية المحكم التي كانت محل اتفاق المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة هي الإسلام العقل البلوغ، عدم الرق وبمقارنة تلك الشروط على ما يتطلبه قانون التحكيم السوداني فإن المشرع السوداني لم يشترط في المحكم الإسلام وبالتالي فإن غير المسلم وفقا لاتجاهات المشرع يكون أهلا ليكون محكما ويصح تعيينه، أما الرق فهو أمرا لم يعد موجود في عصرنا هذا والقوانين الوطنية وغيرها لا تعترف به ومن ثم فإن سبب عدم النص عليه ضمن شروط أهلية المحكم في القانون السوداني أصبح معلوم بالضرورة لأن موجبات الشرط نفسه انعدمت مع المتغيرات الاجتماعية التي طرأت في البنيان الاجتماعي للإنسانية جمعاء من خلال انعدام الرق . في حكم تولية المرأة للتحكيم فإن المسألة خلافية فجمهور الفقهاء يشترطون أن يكون المحكم ذكرا والإمام أبو حنيفة وأصحابه يجيزون أن تلي المرأة فيما يجوز فيه أن تقبل شهادة النساء وحدهن أو مع الرجال والمشرع السوداني في قانون التحكيم لم يشترط في شروط أهلية المحكم أن يكون ذكرا وبالتالي فإنه يُجيز تولي المرأة للتحكيم والواضح أنه أخذ بما ذهب إليه الإمام أبي حنيفة وأصحابه.
وفي شرط صفة العدالة فيمن يلي التحكيم فإن المشرع السوداني وضع معيارا موضوعيا عاما هو إلا يكون الشخص قد سبق إدانته في جريمة تمس الشرف أو الأمانة والفقه الإسلامي يتوسع في مفهوم العدالة فهو يشترط أن يكون المحكم صادق اللهجة ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحارم، متوقيا للمآثم بعيدا عن الريبة مأمونا في الرضا والغضب وهي كلها صفات قد لا يكون الإخلال بها يشكل جريمة معاقب عليها لأن أغلبها يقوم على الشهرة فالبعد عن الريبة أو القرب منها في القانون السوداني لا يشكل وحده جريمة يمكن أن يعاقب عليها وكذلك الشخص المأمون في الرضا والغضب، ومسألة اتقاء المآثم مسألة صارت نسبية فما كان يعد إثما فيما سبق من العصور الأولى من الإسلام لم يعد كذلك الآن.
الخلاصة أن النطاق الذي أخذ به الفقه الإسلامي فيما يتعلق بمضمون شرط العدالة في المحكم أوسع نطاقا مما أخذ به المشرع السوداني في قانون التحكيم لسنة (2016م).