الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / التزامات المحكم عن اتفاق التحكيم / الكتب / الأثر المانع لإتفاق التحكيم ومدى تأثيره على الاختصاص القضائي / الالتزام بالشفافية في اصدار احكام التحكيم

  • الاسم

    هات محيي الدين يوسف اليوسفي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    457

التفاصيل طباعة نسخ

الالتزام بالشفافية في اصدار احكام التحكيم:

تعد الشفافية في التحكيم الدولي إحدى أبرز السمات المستقبلية للتحكيم وهي تمثل القاعدة العامة في التحكيم الاستثماري الدولي، ولقد قام الفقه بإيراد تعريف للشفافية بأنها: (التزام بنقل المعلومات للأخرين وهو التزام جبري بقوة القانون)، ويلاحظ على هذا التعريف انه اعتبر الشفافية التزام جبري بقوة القانون في حين مبدأ الشفافية في التحكيم يقوم على اتفاق أطراف النزاع مؤكدة على ذلك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول.

وعرفها اخر بانها: ( توفر المعرفة والمعلومات عن المعايير والقواعد والإجراءات التي وضعتها معاهدة وممارسة النظام وسياسات وأنشطة الأطراف في المعاهدة وأية أجهزة مركزية للنظام فيما يتعلق بالمسائل ذات الصلة بالامتثال وفعالية النظام) ، ويلاحظ على هذا التعريف انه جاء أكثر تفصيلا، من سابقه ابیانه لطبيعة المعلومات التي يمكن الكشف عنها عند اللجوء الى التحكيم واثناء عمليات التحكيم وصولا إلى إصدار حكم التحكيم .

لماذا التوسع ي مبدأ شفافية التحكيم ؟؟؟ 

الجواب على ذلك يكون لأجل تحسين سياسة الدولة فيما يتعلق بابرام الاتفاقيات الاستثمارية الدولية ودعم الثقة الواسعة تجاه التحكيم في منازعات الاستثمار وتوفير أداة فعالة لمراقبة عمل الشركات ومؤسسات الأعمال التجارية والاهتمام بقضاياه الاستثمارية ومنازعاتها والتسهيل على المستثمرين عموما و بالحصول على المعلومات الأساسية عن السياسة الاستثمارية في الدولة المضيفة للاستثمار والتي يتم من خلالها الوصول الى رؤية كاملة عن معوقات و مشكلات الاستثمار في هذه الدولة المضيفة)، فقد اكتسب مبدأ الشفافية أهمية خاصة من قبل المجتمع الدولي والداخلي وهذا ما أكدته قواعد الشفافية في المادة ۷/۱ منها بالنص على انه (اي تضارب بين قواعد الشفافية وقواعد التحكيم تكون الغلبة لقواعد الشفافية.

أن التحكيم الاستثماري الدولي والذي تكون فيه الشفافية والإفصاح عن المعلومات هي المبدأ الأساسي فيه أما السرية فتعد استثناء وهذا ما أكدت عليه قواعد الأونسيترال بشأن الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول والتي صدرت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ۹۸ /۱۰۹ والصادر 16 ديسمبر ۲۰۱۳ بناء على تقرير اللجنة السادسة المؤكد على تطبيق تلك القواعد كما أكدت القواعد المذكورة أعلاه على انطباق مضمونها على المعاهدات المبرمة 9 نیسان/ابريل لعام ۲۰۱4 او بعد هذا التاريخ مالم تتفق الأطراف في المعاهدة على خلاف ذلك، أما بالنسبة للمعاهدات المبرمة قبل هذا التاريخ فقد اشترطت قواعد الأونسيترال لانطباقها وجوب أن يكون هناك اتفاق طرفا التحكيم على تطبيقها). 

واذا كان مبدأ الشفافية ينحصر في نطاق التحكيم الاستثماري الدولي فأنه له من الأسباب ما يبرر ذلك وهي كالآتي :

 1- تعزيز التنمية المستدامة من خلال قانون الاستثمار الدولي وهاذا بشكل وسيلة لتعزيز سيادة القانون والحوكمة الرشيدة ومراعاة الأصول الإجرائية والإنصاف والمساواة والحق في الحصول على المعلوماتا) وقد جاء التأكيد على هذه المسألة في قواعد الشفافية الخاصة بالتحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول .

 2، بما أن الدولة هي طرف في التحكيم الاستثماري ولكونها تتصرف باسم الشعب ولصالحه حسب الدستور، فمن حق الشعب إذن إعلامه بكل مراحل العملية التحكيمية وهذا الأمر يخفف على الدولة النامية المضيفة للاستثمار ضغوطات الشركات العملاقة ، ويضمن تسيير المال العام بكل شفافية وكذلك المواد الطبيعية.

3- أن اعتماد مبدأ الشفافية في التحكيم الدولي ما بين المستثمرين والدول له مبرره كونه يختلف كلباء

عن التحكيم التجاري العادي بين الأفراد الذي يتعلق بالمصالح الفردية أكثر من تعلقه بالمصالح العامة التحكيم الأستثماري ولذلك لا بد أن تخضع كل أنشطة الحكومة التي تتعامل بالاستثمار للأحكام الخاصة بالشفافية وإتاحة المعلومات والبيانات الخاصة بهذه الاتفاقية للجمهور)، وإذا كان مجال تطبيق قواعد الشفافية ينحصر على المعاهدات المبرمة بين الدول والمستثمرين فأنه يستلزم من هيئة التحكيم أن تراعي مصالح الطرفين المتنازعين باعتمادها الإنصاف والعدالة والمساواة في تسوية النزاع كما تلتزم بمراعاة المصلحة العامة في ممارسة الشفافية.

ويلاحظ من خلال ماتقدم أن قواعد الشفافية للأونسيترال قد أشارت الى الانفتاح والكشف الإلزامي ومشاركة الأطراف غير المتنازعة الا انه في الوقت نفسه قد وجدنا فيها استثناءات نصت عليها الاتفاقية الخاصة بالشفافية ان استثنت فيها من الشفافية المعلومات السرية او المحمية لمصلحة عامة الناس وأيضا المعلومات المتعلقة بالمصالح الأمنية الأساسية كما استشف المعلومات الماسة بسلامة عملية التحكيم .

وعليه تتمثل حالات ومظاهر الشفافية في التحكيم التجاري وفقا لما ياتي :

1، ضرورة الاعلان عن الدعوى التحكيمية من خلال اتفاق التحكيم وموضوع النزاع واطرافه عبر نشرات مراكز التحكيم الدولية ليتم الوصول الى مراحل متقدمة في تقليل الاعتماد على سرية التحكيم التجاري وايصال العلم لكافة المهتمين بهذا المجال.

 ۲، على الرغم من أن المبدأ العام السائد هوسرية الوثائق والمستندات عند عرضها واطلاع الأطراف المتنازعة وهيئة التحكيم عليها الا انه وفقا لهذا المبدأ الحديث ونطاقه المطبق عليه بدا بالاضمحلال ليحل مكانه نشر وثائق والأدلة ومستقدات الدعوى التحكيمية لعامة الناس كما في طلبات التحكيم المقدمة من المدعي واشعار التحكيم وبيان الدفاع وتقارير الخبراء والشهود، وذلك من خلال الحصول على اذن وموافقة من الجهة المعنية للاطلاع على هذه الأمور. 

۳، تميز التحكيم التجاري منذ عقود طويلة بان نظر النزاع في جلسة تعد سرية ومقتصرة على اطراف النزاع وهيئة التحكيم، الا ان هذه التوجه تغير من خلال اعتماد مفهوم الشفافية في التحكيم التجاري فأصبح لزاما أن تتحول الجلسات العلانية ومتاحة العامة الناس الا ما يتم جعله وعلى سبيل الاستثناء سرية بسبب حالات خاصة تتعلق بمعلومات في الأصل محمية او سرية لا يجوز اطلاع الغير عليها الا انه مع تطور التكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين كان لزاما على المؤسسات والمشاريع التجارية والاستثمارية مراجعة اتجاهاتها في السرية، حيث أصبحت مسالة حق الجمهور في الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالتحكيم بسبب أن القضية القائمة لها علاقة كبيرة بالدولة المضيفة وافراد المجتمع وخصوصا عند تعلقها بالاستثمارات")، ونشير هنا الى قضية ( Suze-vivendi V.Argentine Republic) حيث سلطت المحكمة الضوء على الاهتمام العام بهذه القضية كونها من المنازعات الاستثمارية حول انظمة المياه والمجاري وتعد هذه الخدمات عامة الملايين الناس فالقضية تثير اعتبارات عديدة تتعلق بحقوق الانسان والقانون الدولي واي قرار يصدر لأي طرف متنازع يؤثر بشكل مباشر على الجمهور وقبول تدخل الطرف الثالث صديق المحكمة التي تكون له مصلحة في المنازعة لذا فالمحكمة شددت على أن العامل الأساس الذي يعطي اهمية للمنازعة كونها نزاع استثماري متعلق بمصلحة عامة فلا بد من وجود شفافية عند طرح النزاع ونظرها.

4. آن مساله صدور حکم التحكيم الفاصل بموضوع النزاع يعد غاية في الأهمية حيث أن الأصل أن الأحكام التحكيمية لا يجوز نشرها كلا او جزء الا بموافقة اطراف النزاعا)، الا انه ووفق مقتضيات الشفافية في التحكيم التجاري يتم نشر الأحكام التحكيمية واطلاع عامة الناس على مجريات القضية ونهايتها من خلال تقديم الطلب الى الجهة المعنية ومقابل رسوم خاصة تقدم لإدارة المركز، وان مثل هذا النشر سيحقق قدرة واسعة على التنبؤ بتوقعات معينة يريد تحقيقها المستثمرين او الدولة المضيفة وانشاء قاعدة بيانات أساسية للسوابق القضائية والتقليل من التناقضات في قرارات التحكيم في منازعات الاستثمار.

واكدت المحكمة الادارية البولندية عام ۲۰۱۲ نفي احد قراراتها بان: «قرارات التحكيم بموجب معاهدات الاستثمار تعد معلومات عامة مؤهلة للاعلان والافصاح عنها بموجب القوانين الداخلية. 

والجدير بالذكر هنا الى ان العراق ومن خلال الاتفاقيات الاستثمارية الثنائية كان قد اشار من خلال تلك الاتفاقيات الى مسائل في الشفافية قبل أن تصدر قواعد الأونتسترال بشان الشفافية التحكيم التعاهدي، ومن بين تلك الاتفاقيات اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين العراق اليابان (۲۹)، حيث تضمنت الماد (۸) من الاتفاقية الفة الذكر على التزام كل طرف متعاقد في الاتفاقية بإتاحة نشر قوانينه والأنظمة التدابير الادارية والأحكام القضائية والاتفاقيات الدولية التي تؤثر على هذه الاتفاقية واتاحتها للجمهور، واكدت المادة ايضا على قيام كل طرف متعاقد بالرد على اي اسئلة او طلبات محددة والمنصوص عليها في الفقرة (1) من المادة(۸) من الاتفاقية")، واكدت الاتفاقية انفة الذكر على عدم جواز تفسير الفقرتين (۲،۱) من المادت(۸) من هذه الاتفاقية بالكشف عن أي معلومات محمية أو سرية فقا لقوانين الدولتين.

ومما يمكن ملاحظته آن مسالة الشفافية في تحکیم حالات الاستثمار يتعلق منذ بداية دعوى التحكيم التجاري والاعلان عنها وصولا الى اصدار الأحكام والاطلاع عليها كلا او جزء ويعود السبب في ذلك بالرغبة الكبيرة في اطلاع افراد المجتمع في الدولة المضيفة للاستثمار لما تقوم به دولتهم كنشاطات استثمارية يتم من خلالها الاستثمار ومدى جديتها وفعاليتها وكأنما هي نوع من الرقابة على استثمارات دولتهم.

فضلا عن اطلاع ذوي الاختصاص على اهم التطورات والمبادئ القانونية التحكيمية التي يتم الاعتماد اليها حيث يبدي اصحاب الخبرة والاختصاص والباحثين في هذا المجال دورهم في اغناء المعرفة القانونية التحكيمية بالمبادئ الحديثة والمتطورة في هذا المجال الرحب.

قواعد الأوتسترال بشان الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول صدرت هذه القواعد وفقا لاتفاقية موريشيوس بشان الشفافية في التحكيم التعاهدي، والتي نفذت و ۲۰۱4/4/1 وفتحت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي باب التوقيع على الاتفاقية انفا ابتداء من ۲۰۱۰/۳/۱۷ حيث تضمنت هذه الاتفاقية جملة من اهم المعالجات بشان شفافية التحكيم في اطار الاتفاقيات الثانية والدولية المتعلقة بالاستثمار، لذا لابد من بيان أهم أحكام هذه الاتفاقية وقواعدها ووفقا لما أوردته.

أن الأهمية القصوى تترتب للقواعد في الشفافية عند تسوية منازعات الاستثمار القائم على أساس المعاهدات بین المستثمرين والدول ومراعاة للمصلحة العامة، وحيث أن قواعد الشفافية الصادرة عام ۲۰۱۶ ستوفر قواعد قانونية متطورة تمكن ذوي العلاقة من الوصول لتسويات دقيقة وواضحة عن منازعاتهم.

 آن اتفاقية الشفافية بدأ نفاذها فعلا بعد قيام سويسرا بالتصديق على الاتفاقية في ۲۰۱۷/۱۰/۱۸ ) علما أن الدول المصدفة بشكل كامل على الاتفاقية هي كل من (كندا وموريشيوس وسويسرا) أما بقية الدول ومن بينها العراق فقد وقع على الاتفاقية في 10 شباط ۲۰۱۷ في نيويورك واصدر مجلس الوزراء مشروع قانون التصديق على الاتفاقية وتم قرائته القراءة الأولى أمام مجلس النواب 4 تشرين الثاني من عام ۲۰۱۷، ولقد صادق العراق عليها بموجب القانون رقم ۲۵ لسنة ۲۰۲۰.

حيث جاء في مشروع القانون بالمادة(۱) على تصديق جمهورية العراق على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول ، الموقعة في بورت لويس بموريشيوس في ۲۰۱۰/۳/۱۷ والموقع عليها من جمهورية العراق في نيويورك في ۲۰۱۷/۲/۱۰ ، وكان من بين الأسباب الموجبة للتصديق بغية تطبيق قواعد الشفافية في تسوية منصفة للمنازعات في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول وتعزيز الحوكمة الرشيدة، ولغرض تصديق اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الشفافية 2 التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول.