المحكم وهيئة التحكيم / التزامات المحكم عن اتفاق التحكيم / الكتب / دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي دراسة مقارنة / التزام المحكم باحترام قواعد الاثبات
محكمي غرفة التجارة الدولية فهم غير مخولين سلطة الأمر بابراز مستندات لم تحدد بشكل جيد. فنظام التحكيم غرفة التجارة الدولية لا يمنح المحكمين الحق باجبار احد الخصوم على ابراز مستند ولا ينص على اية عقوبة في حال عدم تنفيذ أمر بابرازه الا أن قانون مكان التحكيم Lex arbitri قد يوفر مساعدة قضائية للمحكم مثال ذلك المادة ١٤٦٠ من قانون أ.م.م. فرنسي التي اعطت المحكم سلطة الأمر بابراز وسيلة اثبات موجودة بحوزة احد الخصوم. وهناك عدد من البلدان الانكلوساكسونية تسمح بعملية اكتشاف Discovery عدد من مستندات معينة، وتعاقب عدم تنفيذ هذا الاجراء. الا انه في الواقع، ان هذه الاجراءات نادراً ماتتبع ويميل المحكمون الى استخلاص النتائج من جراء رفض ابراز مستند معین كاملة في الواقع، يميل الفقه في التحكيم الدولي الى اعتبار اجراءات من الـ Discovery مصدر بطء ونفقات اضافية، وهي بالتالي ليست متوافقة مع ارادة الفرقاء المفترضة او المعتادة. وخلاصة القول ان التحكيم يحتفظ بطابعه الرضائي حتى فيما يخص ابراز المستندات.
تبقى أيضا أمام المحكم امكانية التقدم بطلب الى القضاء لالزام الفريق المتخلف على ابراز المستند المطلوب. الا ان الاجراء يكون فعالا اذا كان هذا الفريق المذكور مقيما في ذات الدولة حيث مركز التحكيم والا فسيؤدي الى اطالة أمد المحاكمة لما قد ينتج انابات قضائية. ثانياً: الاثبات بواسطة الشهود ان قرار الاستعانة بالشهود يعود الى الهيئة التحكيمية التي لها حرية رفض سماع الشهود المقترحين من طرف في النزاع اذا كانت تعتبر نفسها قد كونت فكرة كافية عن وقائع النزاع من خلال وسائل الاثبات الأخرى، ورفضها هذا لا يؤثر على صحة قرارها النهائي. ان هذه القاعدة معمول بها ايضا في الأنظمة التى اعتادت ان تأخذ بشكل واسع بشهادة الشهود كوسيلة للاثبات وهي الأنظمة الأنكلوساكسونية، وبالعكس، ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان احد الفرقاء، عفوا من تلقاء نفسها، تقديم شاهد تعتبر امتثاله اساسي لفهم القضية.
ان امكانية اللجوء الى الاثبات بالشهادة تختلف بحسب الأنظمة القانونية. فبالنسبة للقانونيين في الأنظمة الأنكلوساكسونية يعتبر الاثبات بواسطة شهادة الشهود عنصرا أساسيا من وسائل الاثبات بدونه لا يمكن للهيئة التحكيمية تقدير مدى دقة ادلاءات الخصوم، اما فقهاء أنظمة القانون المدني، فهم أكثر تحفظا بالنسبة لصحة الشهادات واهمية اللجوء اليها بصورة مطلقة، فالاثبات بالوسائل الخطية يبقى بنظرهم وسيلة الاثبات الأفضل. ان الاختلاف هنا بين النظامين هو جوهري مرده الى التباين في مفهوم «الشهود كما هو مكرس في كل منهما.
ففي حين ان حيادية الشاهد في الدول التي تطبق نظام القانون المدني هي التي تجعل منه وسيلة اثبات يمكن الركون عليها يختلف الأمر في الدول التي تطبق النظام الانكلوساكسوني والتي تعتبر بمثابة الشاهد كل شخص يمكن من خلال اقواله ان ينير المحكمة ويساهم في فهمها للقضية المعروضة عليها. قد ينتج عن هذا التباين نتائج ،عدة أولا لجهة اعتبار الفريق الماثل أمام المحكمة التحكيمية بعدم توافر الشهود الذين قد يؤيدون طلباته. هذا اذا كان هذا الفريق ينتمي الى الدول التي تطبق النظام المدني، في حين أن الفرقاء الذين ينتمون الى الدول المعتمدة للنظام الانكلوساكسوني، يعتبرون انفسهم محرومين من الضمانات القانونية الدنيا اذا لم يتمكنوا من الادلاء بطلباتهم من خلال شهادة الشهود. علماً أن الطريقة المعتمدة من المحكمين الدوليين هي تحدد الهيئة التحكيمية منذ بداية اجراءات التحكيم مهلة للمتداعين من اجل الافصاح عن اسماء الشهود الذين يرغبون بالاستماع الى شهاداتهم. وان الهيئة التحكيمية قد تدعو الفرقاء الى تقديم الشهادات بشكل خطي witness statement). هذه الشهادة الخطية لا تستبعد بالضرورة الاستماع اللاحق لهؤلاء الشهود بل هي تسمح للهيئة التحكيمية بان تقدر بشكل افضل مدى لزوم الاستماع اليهم وتختصر مدة جلسات الشهادة. وبالعكس، قد يتفق الفرقاء، بحسب الأنظمة الأنكلوساكسونية، على الا تؤخذ الشهادة الخطية بعين الاعتبار اذا ما تخلف صاحبها عن الحضور للادلاء بها. فضلا عن ذلك ان القوانين اللانكلوساكسونية تسمح للخصوم بتحضير» شهودهم، بينما تمنع قوانين اخرى ذلك متاثرة بالقواعد السلوكية في التحكيم، وتفرض عقوبات تأديبية على مخالفتها. الا إن المنحى المتبع في التحكيم الدولي هو دعوة الفرقاء إلى التقدم إلى الهيئة التحكيمية بلوائح بأسماء الشهود وإفاداتهم الخطية. وعلى الهيئة التحكيمية ان تحرص على ذلك لا سيما عندما ينتمي الخصوم الى انظمة قانونية مختلفة. أما بالنسبة لطريقة الاستماع إلى الشهود فتختلف ايضا بحسب الأنظمة القانونية، ففي حين المدني، تطرح الأسئلة الى الشهود من خلال القاضي او المحكم، سواء اكانت هذه الأسئلة مثارة من القاضي او المحكم بالذات أو من قبل فريق في النزاع، تختلف هذه الطريقة في ممارسة النظام الانكلوساكسوني حيث يمكن تلخيصها على الشكل التالي: يسأل الشاهد من قبل المحامي الذي يعرف عنه وهذا ما يسمی به direct examination - Cross examination
٣- ثم يسأل الشاهد مجددا من قبل المحامي الذي قدمه وهذا ما يعرف بـ re-examination أو re-direct/re-cross) . وعلى المحكم ان يسهر خلال ادلاء الشاهد بشهادته الا يقدم المحامي الذي قوم الشاهد بالتأثير على هذا الأخير عن طريق منع الأسئلة التي تسمى به .leading questions. لقد استخرج الاجتهاد التحكيمي الدولي قواعد مشتركة درج على تطبيقها بمعزل عن النظام المطبق، وقد غلب مفهوم الـ "Witness" المتعارف عليه في النظام الانكلوساكسوني بحيث انه يمكن دعوة كل شخص الى الشهادة بمعزل عن صفته وحتى ولو كان هذا الشاهد وكيلا لفريق في النزاع المادة ۲۰٫۳) من قواعد الـ ICC) او عامل لديه. ان الاستماع الى الشهود لا يهدف الى الاستحصال على عناصر اثبات اضافية بقدر ما يهدف الى تفسير ادلاءات الفرقاء، مع الأخذ بعين الاعتبار وبالتأكيد مدى العلاقة التي تربط بین والفريق الذي يستند على شهادته. ويبقى للمحكم القرار النهائي للأخذ بالشهادة المدلى بها ام استبعادها.
عما يسمى الشاهد direct JI
تجدر الاشارة الى أن النظام الانكلوساكسوني يشكل اليوم الاطار العام المتبع، بحيث انه استعيض examination والتي وبحسب النظام المذكور تتم شفاهة امام المحكم، بشهادة خطية تبرز وغالبا ما ترفق بلوائح الفرقاء. بالتالي، يصار الى الاستماع الى الشاهد انطلاقا مما هو مكتوب، أي بالبدء
الـ cross-examination . بما يسمى وان دور المحكم هو أساسي ودقيق في هذه المرحلة، اذ يكون عليه الحرص على الحفاظ على المساواة بين الفرقاء عن طريق وقتا متساويا ليقوم شهود كل منهم : بالادلاء بشهادته. اعطاء كل منهم وقد جرت العادة ان يقسم المحكم جلسة الاستماع الى الشهود الى ٣ أقسام، بحيث يمنح طالب التحكيم في مرحلة اولى بوجهه مدة مماثلة، وتكون مدة معينة ويمنح مطلوب التحكيم المرحلة الثالثة مخصصة للمحكمة التحكيمية التي تقوم بطرح اسئلتها على الفرقاء كما والفصل بالنقاط الاجرائية التي قد تثار أثناء الجلسة.
تبقى مسألة تحليف اليمين للشهود. ان القوانين الداخلية منقسمة حيال سلطة الهيئة التحكيمية ازاء تحليف اليمين للشهود الذين يمتثلون امامها.
ان سلطة الهيئة التحكيمية هذه معترف بها في انكلترا وبلجيكا مثلا، لكنها مرفوضة في ألمانيا وفرنسا والسويد. في الواقع، ان اليمين قد تشكل سببا تشديديا لتجريم شهادة الزور وهذ الجرم قد يرتكب ايضا امام المحكمين ويعاقب بغض النظر عن وجود اليمين. اما في الدول العربية، فقد نصت المادة ٢١١ من القانون الاماراتي على وجوب قيام المحكم بتحليف اليمين للشهود، وهذا ما نصت عليه ايضا المادة ۳۱ من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي. كذلك، نصت المادة (۳۲(د) من القانون الاردني على ان يكون سماع الشهود بعد اداء اليمين وفق الصيغة التي تقررها هيئة التحكيم.
اما القانون القطري (المادة (۲۰۰(۳)) والقانون البحريني (المادة ٢٣٨(٤)) فيعتبران تحليف اليمين امر جوازي لهيئة التحكيم، بحيث ان في القانون البحريني يمكن لهيئة التحكيم ان تكتفي بان تطلب من الشاهد تعهداً بقول الصدق وذلك بشكل تصريح رسمي، قبل اداء شهادته وعلى العكس، نص القانون اللبناني (المادة ۷۷۹) أ.م.م. على ان يستمع المحكم لأي شخص ثالث دون تحليفه اليمين.
وهناك اتجاه الى القبول بالشهادة الخطية Affidavit المشفوعة بالقسم سواء امام القاضي او المحكم فطالما ان غالبية القوانين العربية لم تنص عليها، لا شيء يمنع جوازها. الأحوال، في اطار التحكيم التجاري الدولي، ان في جميع التباين بين النظام المدني والنظام الأنكلوساكسوني يميل الى الاعتدال فكثيرون من المحكمين في انظمة القانون المدني باتوا يقرون بالمنفعة التي قد يشكلها الاستماع الى الشهود. وبالعكس، نجد اتجاها من قبل المحكمين الانكليز والاميركيين الى الحد من عدد الشهود ومن امكانية استجوابهم من قبل الخصوم في اي وقت. ثالثاً: الاثبات بوساطة الخبرة ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان تأمر باجراء خبرة اما بناء على طلب احد الخصوم او عفوا من تلقاء نفسها. هذا ما اقرته غالبية انظمة التحكيم منها نظام غرفة التجارة الدولية (المادة ٤/٢٠) ونظام اليونسيترال (المادة (۲۷ ونظام جمعية التحكيم الدولية AAA) (المادة ۲۱ )
الا ان الهيئة التحكيمية لا تكون ملزمة بتلبية طلب احد الخصوم : تعيين خبير.
والخبير المعين يجب ان يكون مستقلا عن الفرقاء والا كان عرضة للرد. ولضمان حياده لا يجوز ان يكون الخبير من منافسي احد الخصوم.