تعد المواعيد الإجرائية مظهرا من مظاهر الشكلية الإجرای وفيها يهدف المشرع إلى احترام ترتيب إجرائي معين ، أو الق بالعمل قبل أو أثناء أو بعد موعد زمني محدد ، وهو ما يعرف بالمواعيد الإجرائية ، فإذا ما بوشر العمل الإجرائي دون اتباع ما تمليه قواعد المواعيد الإجرائية، فإن هذا المسلك يعد مخالفة إجرائية تستتبع توقيع جزاء إجرائي يتنوع تبعا لنوع المخالفة التي حدثت.
ومن قبيل ذلك أن المشرع استلزم إبداء الدفع الإجرائي قبل الدفع الموضوعي وقبل الدفع بعدم القبول ، إلا ماهو متعلق بالنظام العام (م / ۱۰۸ مرافعات مصري) ، فإذا قدم الخصم دفعا إجرائيا بعد سبق إبدائه دفعا موضوعيا أو دفعا بعدم القبول ، فإن هذا السلوك يشكل مخالفة إجرائية للترتيب الذي استلزمه المشرع ؛ مما يستتبع توقيع جزاء إجرائي وهو عدم قبول هذا الدفع.
أيضا قد يفرض القانون موعدا محددا ويوجب انقضاءه كاملا قبل القيام بالعمل الإجرائي أو اتخاذ الإجراء ، فإذا تم القيام بهذا العمل قبل انقضاء ذلك الموعد، فإن هذا يعد مخالفة إجرائية يتولد عنهاجزاء إجرائيانظمه القانون الإجرائي ، وهو التأجيل لاستكمال الميعاد.
كما أن المشرع قد يحدد فترة زمنية معينة و يوجب القيام بالعمل الإجرائي أو اتخاذ الإجراء قبل بدايتها ، وهو ما يعرف بالميعاد المرتد، ومن قبيل ذلك ما نصت عليهم /۲۲؛ مرافعات مصري) من وجوب تقديم الاعتراض على قائمة شروط البيع قبل الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل، وتتمثل المخالفة في هذا الفرض في أن يأتي الموعد المحدد دون القيام بالعمل الإجرائي المطلوب ، والجزاء هنا يتمثل في سقوط الحق في القيام بهذا الإجراء ، بما يستتبعه ذلك من حرمان الشخص من فوائد كان من الممكن أن يجنيها لو أنه قام بهذا الإجراء في موعده.
وأخيرا قد يتمثل قيد الموعد في ضرورة القيام بالعمل الإجرائي أو اتخاذ الإجراء خلال موعد زمني معين ، ويسمى بالميعاد الناقص ، لأن العمل يتخذ في خلاله بما ينتقص جزءا منه دائما، وتتحقق المخالفة بانقضاء هذا الموعد دون القيام بالإجراء، ويتمثل الجزاء في سقوط الحق في القيام بهذا الإجراء.
هذا : وقد يتضمن التنظيم التشريعي المواعيد الأعمال الإجرائية عدم القيام بالعمل الإجرائي خلال موعد معين ، فإذا ماتم القيام بالعمل في الزمن المذكور عد هذا المسلك مخالفة إجرائية ، وترتب على ذلك بطلان العمل الذي تم ، ومن قبيل ذلك ما تنص عليه المادة السابعة من قانون المرافعات المصري من عدم جواز الإعلان أو التنفيذ في أيام العطلات الرسمية أو قبل الساعة السابعة صباحا أو بعد الساعة الثامنة مساء وإلا كان العمل باطلا.
* التعسف في استعمال الحق الإجرائي:
عدم سماع الدعوة :
ما هو المفهوم الفقهي لعدم سماع الدعوى؟ وهل يعد عدم سماع الدعوى جزاء بالمعنى المفهوم من هذا المصطلح؟ وإذا ما ثبت لنا توافر صفة الجزاء له فهل هذا الجزاء يعد جزاء موضوعيا يتصل بالحق الموضوعي محل الدعوى أم أنه يعد جزاء إجرائيا يتعلق بإجراءات مباشرة الدعوى؟ وما هو الدافع الذي حدا بالباحث أن يعرض لعدم سماع الدعوى كأحد تطبيقات الجزاء الإجرائي لدى فقهاء الشريعة الإسلامية؟
كل هذه التساؤلات تفرض نفسها على بساط البحث ، وتقتضي ضرورة البحث عن إجابات دقيقة لها ، وهذا ما سيحاول الباحث - قدر جهده - التعرض له باتباع أسلوب تحليلي تأصيلي في محاولة لفهم عمق فکر فقهاء الشريعة الإسلامية وإسقاطه على مستحدثات العصر في سبيل الاستفادة بما خلفه لنا هؤلاء الفقهاء من تراث علمي.
وبمطالعة أمهات كتب الفقه الإسالمي ، وفي محاولة للاستفادة باللؤلؤ المكنون ببواطن هذه الكتب ، وتمشيا مع موضوع هذه الرسالة يرى الباحث ضرورة التعرض لعدم سماع الدعوى في نقطتين أساسيتين هما ( أولا) ماهية عدم سماع الدعوى ، وذلك من حيث تحديد مفهوم عدم سماع الدعوى ومقترضه ، و (ثانيا) وجه اعتبار عدم سماع الدعوى جزاء إجرائيا حيث يتبين أنه قد يكون مرادفا لجزاء عدم القبول في القانون الوضعي، وفي أحيان أخرى يكون مرادفا لجزاء السقوط المعروف في هذا القانون ، ونحاول تفصيل كل هذه النقاط في العرض التالي :
أولا : ماهية عدم سماع الدعوى
ماذا يقصد بعدم سماع الدعوى في كتابات الفقه الإسلامي؟ وهل يحول علم سماع الدعوى دون تمكين المدعي من عرض دعواه على القضاء؟ أم أن أثر علم سماع الدعوى يكمن في منع القضاء من نظرها؟ أم أن عدم سماع الدعوى يتسع ليشمل الأمرين معا؟ وما هي شروط سماع الدعوى والتي إن تخلف إحداها ترتب على ذلك عدم سماع الدعوى؟ أو بمعنى آخر ما هي مفترضات عدم سماع الدعوى؟ نحاول الإجابة على هذه التساؤلات في نقطتين نعرض لهما على التوالي هما :
لكل هذه الاعتبارات الهامة وضع جمهور الفقه الإسلامي بعيش السا و ابدالی والشروط الواجب توافرها كي يتولى القاضي نظر الدعوي والمضبي و شما نشو الفصل فيها ، وقرر عدم سماع الدعوى حال عدم اكتمال هذه الشروط أو عدم توافر تلك الضوابط.
وعلى ذلك يجوز لأي شخص عرض دعواه على القضاء، نسم بینواسي هذا الأخير - وقبل الخوض في دعواه أو توجيه اليمين للمدعى عليه في موضوع الدعوى - بحث مدى توافر شروط سماع جمله اشد معنوی ، لسان وجسد را متوافرة ومكتملة طلب من المدعي إقامة الدليل على صحة د. ستواه او وجباء اليمين للد عليه المنكر بحسب الأحوال ، أما إذا لم يجد هذه الشروط متوافرة امتنع عن سماع الدعوى وفقا للتحديد السابق. , والمتأمل في كتابات الفقه الإسالمي في خصوص عدم سماع الدستوى يلاحظ أن له وجهين:
ثانيا : وجه اعتبار عدم سماع الدعوى جزاء إجرائيا:
يرى الباحث أن عدم سماع الدعوى الذي بسط فقهاء الشريعة الإسلامية شروحه في كتبهم يعد تطبيقا من تطبيقات الجزاء الإجرائي الذي عرفته النظم القانونية الوضعية ، ولا يعد هذا التصور من الباحث من قبيل تحميل المصطلحات بما لا تحتمل ، كما لا يعد من باب لي كتابات الفقه الإسلامي وتطبيعها بشروح فقهاء القانون الوضعي للقول بوجود أصول تاريخية للأفكار القانونية في مبادی الفقه الإسلامي ، بل إن تطبيقات عدم سماع الدعوي والتي أبرزتها أمهات كتب الفقه الإسلامي تقطع بما لا يدع مجالا للشك - من وجهة نظر الباحث - في أن الدعوى يعد تطبيقا واضحا من تطبيقات الجزاء الإجرائي ، ولعل هذا ما سبق ذكره من تبني الفقه الإسلامي فكرة المسئولية الإجرائية والتي يتولد الجزاء الإجرائي ، والذي نحن بصدد أحد تطبيقاته في هذا العرض.
هذا، ومن الجدير بالذكر - حال إجراء مقابلة بين مدلول عدم سماع الدعوى الدي فقهاء الشرعية الإسلامية وما يقابله من أفكار لدى تشريعات النظم القانونية الوضعية – أن عدم سماع الدعوى يعد بمثابة عدم قبول الدعوى وفقا للفكر القانوني الوضعي في بعض الفروض ، وسقوطا لحق الدعوى في فروض أخرى.
ونعرض لعدم سماع الدعوى في صورتيه - عدم القبول والسقوط - فيما يلي: 1- عدم سماع الدعوى كمرادف لعدم القبول في فكر القانون الوضعي - استعرض فقهاء الشريعة الإسلامية الشروط اللازمة لاتصال القضاء بالدعوى - والتي سبق التعرض لها منذ قليل - ورتب عدم سماع الدعوى حال تخلف أي من هذه الشروط، وهنا يعد عدم سماع الدعوى مرادفا لعدم قبولها.