الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / التزامات المحكم وحقوقه / الكتب / دور القضاء في منازعات التحكيم في القانونين اللبناني والعراقي (دراسة مقارنة) / التدخل القضائي في تحديد حقوق ومسؤولية المحكم

  • الاسم

    الدكتور / طلال محمد كاظم الزهيري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    153

التفاصيل طباعة نسخ

التدخل القضائي في تحديد حقوق ومسؤولية المحكم

   لا ريب في ان المحكّم يستمد ولايته من اتفاق الخصوم عن تكليفه لفض النزاع القائم بينهما عن طريق التحكيم، لذلك تقع عليه واجبات ، أهمها الفصل في النزاع باعتباره قاضيا يباشر سلطانه بمقتضى اتفاق التحكيم، وله حقوق مثلما للقاضي حقوق يقع على الخصوم الوفاء بقسم منها والقسم الآخر يتكفل القانون بحمايته.

حقوق المحكم

   التحكيم من الأعمال التي تؤدى مقابل أجر وتخضع إلى أحكام العقد الملزم للجانبين، وهذا الاجر يتم الاتفاق عليه بين الخصوم والمحكم أو المحكمين، كذلك يتم الاتفاق على الطريقة التي يتم الوفاء بها، وتشمل حقوق المحكم مصاريف وأتعاب التحكيم.

   المشرع العراقي أشار إلى هذه المصاريف بنص القانون ، على أن تقدم بقائمة خاصة إلى المحكمة تربط بأوراق الدعوى.

   اما اتعاب التحكيم، فهي المبالغ المالية التي يحصل عليها المحكم كتعويض لما تكبده من عناء فكري وبدني وما بذله من جهد ووقت على أساس حاجة المهمة التحكيمية لذلك، والصعوبات والعناء اللذين لاقاهما المحكم، وقيمة الدعوى التحكيمية ومراكز الخصوم الاجتماعية والمالية مع مراعاة العرف التجاري اذا كان ثمة عرف بهذا الجانب. ويستحق المحكم حقوقه في المصاريف والاتعاب سواء كان تعيينه من قبل الأطراف أم احدهم أو مركز تحكيم أو القضاء، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك .

أولا : موقف القانون العراقي من حقوق المحكم : 

    يتمثل موقف القانون العراقي من حقوق المحكم بنص القانون ، وبهذا ضمن المشرع حقوق المحكمين قانونا. ويلاحظ من نص هذه المادة أن أجور المحكم أو المحكمين تحدد باتفاق الخصوم عليها قبل المباشرة بالمهمة، فيلتزم الخصوم والمحكم أو المحكمون بهذا التحديد ولا يملك أحد من الاطراف تعديله إلا لأسباب تجد بعدئذ. واذا تم الاتفاق مقدما على قيمة الاتعاب ثم انقضى التحكيم لأي سبب من الأسباب قبل نظر النزاع من المحكم أو المحكمين فلا يحق لهما تقاضي الاتعاب إلا إذا بذلوا جهدا لدراسة اضبارة الدعوى ويعد الخصوم متضامنين قبل المحكمين في مصاريفهم واتعابهم. 

ثانيا : موقف القانون اللبناني من حقوق المحكم:

   لم يتدخل المشرع اللبناني في كيفية حصول المحكم على حقوقه ولم يفرد لها نصا في قانون أصول المحاكمات المدنية، تاركا هذا الأمر للقواعد العامة والى اتفاق المحكم أو المحكمين مع الخصوم. يأمل الباحث من المشرع اللبناني أفراد فقرة حكمية في قانون اصول المحاكمات المدنية - باب التحكيم - يوضح فيها حقوق المحكم ومسؤلياته وتحدد اتعاب ومصاريف التحكيم بعدة طرق منها :

طريقة مراكز التحكيم

   بالإضافة إلى الطريقتين الأولى والثانية التي ورد مضمونهما في القانون العراقي، تضاف طريقة ثالثة لتحديد أتعاب المحكم وهي طريقة مراكز ومؤسسات التحكيم، حيث تدرج الأتعاب في أنظمة ولوائح هذه المراكز والمؤسسات وتأخذ بعين الاعتبار قيمة النزاع المادية فكلما كانت قيمة النزاع عالية تكون قيمة الاتعاب عالية أيضا على ان لا تقل عن الحد الأدنى لقيمة النزاع التحكيمي.

   ويثار هنا تساؤل آخر مفاده : - هل يستحق المحكم المصاريف الفعلية إذا حكم ببطلان حكم التحكيم لسبب خارج عن ارادته أو لا يعلمه ؟ ويجيب البعض على هذا التساؤل، بنعم إذ يستحق المحكم الاتعاب ورد ما أنفقه في تنفيذ المهمة التحكيمية التنفيذ المعتاد من وقت الاتفاق مع الخصوم ومباشرته المهمة إذا كان حسن النية . اما اذا كان سيء النية وتسبب عن عمد في بطلان حكمه بسبب اهماله أو لخطا ارتكبه وتسبب أيضا في ضياع وقت وجهد الخصوم فلا يرد له أية مصروفات عملا بموجبات الموكل.

   ويرى الكاتب من كل ما تقدم ان على المحكم أن يضمن حقوقه (اتعابه ومصاريفه) مع اطراف النزاع عند حصول الاتفاق عليها. والواقع العملي يشهد الكثير من حالات الاخلال بالاتفاق الشخصي عندما تكون المبالغ ذات قيمة عالية من قبل الخصم الخاسر خاصة.

   وعليه نقترح وضع شرط واضح وقاطع في اتفاق التحكيم حول اتعابه يحدد فيه المبلغ المتفق عليه تتضمن الفقرة المقترحة الاتية : يدفع الطرف الثاني الاتعاب والمصاريف المتفق عليها والبالغة (رقما وكتابة) متى ما طلبها الطرف الأول دون حاجة إلى اعذار أو لجوء إلى القضاء".

   وبهذا النص المقترح يتمكن المحكم من إقامة الدعوى دون عناء الإنذار (الاعذار) المتبع في محاكم البداءة عند الإخلال بالاتفاق.

 المحكم مسؤولية المحكم وحقوقه

   تقع على المحكم عند البدء بنظر النزاع ودراسة القضية المعروضة عليه جملة من المسؤوليات والالتزامات يجب عليه تنفيذها والا عد مقصرا في عمله، وتعد بالمقابل حقوقا لطرفي النزاع تترتب عليها آثار يتحمل مسؤولية الإخلال بها، ومن هذه المسؤوليات :

أولاً: على المحكم الإفصاح والكشف عن الظروف والوقائع التي من شأنها ان تثير الشك حول حياده واستقلاله وتجسيد حياده واستقلاله ونزاهته وعدالته عمليا.

ثانياً : الحفاظ على المستندات والوثائق والدفوع المقدمة اليه وعدم افشاء مضمونها للغير واحترام مبدأ المساواة بين الخصوم.

ثالثاً : الحفاظ على اسرار الخصوم وكل ما يتعلق بالمعلومات والوقائع التي بحوزته، واحترام مبدأ سرية التحكيم.

رابعاً: التعاون مع زملاءه المحكمين الاخرين حول اختيار المحكم الثالث عند تفويضه

من الخصوم بمهمة اختياره.

خامساً: الالتزام بدقة الإجراءات وفعاليتها وانطباقها على موضوع النزاع والحرص الشديد على اتمامها في الموعد المتفق عليه.

سادساً: عدم التنحي عن المهمة الا لأسباب جدية وإخطار اطراف النزاع بها في وقت مناسب ليتمكنوا من تعيين المحكم البديل .

سابعاً: عدم الاتصال بأحد أطراف النزاع في غيبة الطرف الآخر، أو قبول هدية من هذا الطرف أو ذاك، والتعامل مع الطرفين بنفس المستوى.

ثامناً: الإفصاح عند قبوله مهمة الفصل في النزاع التحكيمي بعد قبوله والمباشرة بها دون تفويض غيره من المحكمين .

تاسعاً : احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم في كل أمر يطرح أو يحتاج إلى رأي الطرف الآخر.

عاشراً: احترام قواعد النظام العام والآداب وتجاوزها يعني تعرض قراراته للطعون القانونية.

احد عشر: احترام قواعد المداولة التحكيمية والحرص على اصدار قرار التحكيم قبل انتهاء المهلة المحددة في اتفاق التحكيم والتوقيع عليه.

   ولبيان مسؤولية المحكم في القانونين العراقي واللبناني سنتناول ذلك في نقطتين وكما يأتي: -

اولاً: مسؤولية المحكم في القانون العراقي:

   القضاء العراقي رسم المسؤولية المهنية للمحكم بما يكفل التوازن بين حرية المحكم في أداء مهمته وبين حماية حقوق اطراف النزاع من تجاوز المحكم لسلطاته أو ارتكاب أخطاء من شانها الحاق الاضرار بأطراف النزاع، وذلك بنص المادة (١/٢٦٥) من قانون المرافعات المدنية التي جاء فيها: يجب على المحكمين اتباع الأوضاع والإجراءات المقررة في قانون المرافعات الا اذا تضمن الاتفاق على تحكيم أو أي اتفاق لاحق عليه اعفاء المحكمين منها صراحة أو وضع إجراءات معينة يسير عليها المحكمون". 

   يلاحظ من النص ضرورة التزام المحكم بالفصل في النزاع المعروض عليه وحصرا في المسائل المعينة في شرط أو مشارطة التحكيم، واتباع الأصول القانونية الأساسية في إجراءات المحاكمة وخاصة الاستماع إلى اقوال الطرفين واحترام حقوق الدفاع واخبار كل خصم بما يجريه الآخر لكي يتمكن من تقديم دفوعه ومعاملة الخصوم على قدم المساواة وفحص ادعاءات الخصوم وتقديرها وان يقوم بإجراءات التحكيم على النحو المعمول به امام القضاء العادي، واتباع القواعد المقررة في الاثبات من الاطلاع على الموضوع المتنازع عليه وتعيين الخبراء واستجواب الخصوم

ثانياً : مسؤولية المحكم في القانون اللبناني

  ويرى الكاتب ان القانونين اللبناني والعراقي لم يتضمنا مادة قانونية تسلط الضوء على مسائلة المحكم عند تقصيره في مهمته والاخفاق في مسؤوليته العقدية مع اطراف الدعوى التحكيمية كونه قاضياً خاصاً أختير للفصل في النزاع المعروض عليه ومنح الحق للاطراف في مساعدته عند ثبوت تقصيره في اداء واجباته أو إمتناعه عن كشف واقعة معينة من شأنها تثير الشكوك حول استقلاليته وحيادته. 

   مما يتطلب من المشرعين اللبناني والعراقي الالتفات لهذا الأمر ونأمل أضافة فقرة حكمية في القانونين اللبناني والعراقي توضح مسائلة المحكم قانونا عند ثبوت تقصيره في الإجراءات التحكيمية.