فالمحكم لا يعدو أن يكون قاضياً وقع عليه اختيار الطرفين المتنازعين للفصل في نزاع محدد بينهم بدلاً من قاضي الدولة الرسمي لحكمة توخاها المشرع عندما أقر نظام التحكيم ووضع الضوابط والقيود التي تجعله تحت رقابته ولذلك لا يمكن أن يكون المحكم إلا شخصاً طبيعياً .
والمشكلة التي تثير جدلاً. هي وجود أو عدم وجود حصانة Immunity للمحكم في مواجهة الدعاوي التي يمكن أن ترفع عليه بسبب الخسارة التي تنجم عن عجزه في أداء مهمته بمهارة وحرص وما هو معيار التمتع بهذه الحصانة .
وقد أجاب القضاء الإنجليزي على ذلك بأن معيار الحصانة هو القيام بوظيفة قضائية Performing a Judicial Function تتجلى خصائصها الأولية في أن الشخص الذي يقوم بها يطلب منه أن يصدر حكماً في نزاع قائم بالإضافة إلى حقه في تلقي وسائل الإثبات والحجج التي يقدمها أطراف النزاع .
ولأن القاضي تابع للدولة فإنها تسأل عن خطئه ويجوز اختصامها إلى جانبه تطبيقاً للقواعد العامة.
وهذا الرأي بلا شك يهز مرفق القضاء ويجعل منه ميداناً للنيل من سمعة رجال القضاء الأمر الذي يشل فاعلية هذا الجهاز القضائي، مما يحتم على المشرع التدخل بنصوص تشريعية لحماية القضاة من دعوى المسئولية المدنية وإخضاع مسئوليتهم لطرق محددة ترسم بدقة حتى يكون فيها موازنة بين الحرص على مرفق القضاء من جهة وبين الحرص على مصالح الأطراف المتنازعة أمام القضاء، ومن جهة أخرى ورغم هذا القصور التشريعي إلا أن ساحات المحاكم لم تشهد دعاوي مدنية ضد القضاة إلا ما ندر.
وتنظر التشريعات الأنجلوسكسونية إلى المحكمين نظرتها إلى القضاة وتسبغ عليهم حصانة قضائية في مواجهة ادعاءات أطراف الخصومة بشرط أن يمارس المحكم وظيفة قضائية Performing a Judicial Function تتجلى خصائصها الأولية في أن الشخص الذي يقوم بها يطلب منه أن يصدر حكماً في نزاع قائم بالإضافة إلى حقه في تلقي وسائل الإثبات والحجج التي يقدمها أطراف النزاع .
وعلى ذلك فالمحكم يتمتع بحصانة في مواجهة الدعاوي التي يرفعها أطراف النزاع عن الأخطاء التي يرتكبها في عمل سواء أكانت أخطاء قانونية أو أخطاء في تقدير الوقائع كما يتمتع بالحصانة عما يعتبر إهمالاً منه في أداء عمله .