لئن كان نزاع العمل الفردي يتصف بذاته بصفة النظام العام إلى درجة يشكِّل معها مجرد اللجوء إلى التحكيم مساسًا به، إلا انه لا يمكن اعتباره نزاعًا غير قابل للتحكيم بصورة مطلقة. يكون لجوء الطرفين إلى التحكيم بعد انتهاء عقد العمل أمرًا جائزًا، إذأن المستدعية تكون قد اتضحت متحررة من أي رابطة تبعية تجاه رب عملها (المستدعى بوجهها ) ومطلقة الحرية في التصرف بحقوقها المكتسبة، فلا يشكل هذا التحكيم أي تعارض مع قواعد النظام العام. (رئيس الغرفة الابتدائية الأولى في بيروت، قرار رقم 36 تاريخ 26/9/2011 ....... ....... وحيث إنه ورد في مقدمة عقد التحكيم المنوه عنه أن الفريقين لم يتوصلا إلى حل الخلاف الحاصل بينهما بنتيجة استغناء الفريق الأول عن خدمات الفريق الثاني، بحيث اعتبر هذا الأخيرأنأنهاء عقد عمله قد تم بصورة تعسفية...؛ وحيث إنه في ضوء ما تقدم فإن المسألة التي تطرح تكمن في معرفة ما اذا كان النزاع موضوع عقد التحكيم، والذي هو نزاع عمل فردي ناشئ بين رب العمل والأجير بشأن تطبيق أحكام قانون العمل لناحية الصرف من الخدمة وتوجب التعويض ...، إنما هو نزاع قابل للتحكيم أم لا، وذلك تمهيدًا لبت طلب إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي، عملاً بالمادة 796 أ .م.م. معطوفة على المادة 800 أ.م.م. ولا سيما فقرتها الأولى؛ وحيث إنه بالنظر لكون النزاعات المتعلقة بالعمل تدخل في اختصاص مجلس العمل التحكيمي الذي يعتبر اختصاصًا حصريًا يستبعد معه اختصاص أي محكمة أخرى للنظر في هذه المنازعات، فإنه يقتضي مع ذلك معرفة ما اذا كان الأمر يبقى متاحًا لإخضاع هذه المنازعات للتحكيم؟ وحيث ولئن كان نزاع العمل الفردي يتصف بذاته بصفة النظام العام إلى درجة يشكل معها مجرد اللجوء إلى التحكيم مساسًا به، إلاأنه لا يمكن اعتباره نزاعًا غير قابل للتحكيم بصورة مطلقة، إذإن المهم أن لا يؤدي التحكيم إلى تعطيل مفعول الأحكام القانونية التي تضمن حماية الأجير والتي يجب أن تكون حماية صارمة؛ وحيث إنه في هذا السياق يقتضي التفريق بين حالتين: الحالة الأولى التي يتم فيها إجراء عقد التحكيم بعد انتهاء عقد العمل، إذ تكون للأجير حرية تامة في التصرف بحقوقه، بحيث يعتبر عقد التحكيم صحيحًا كونه عندها لا يتعارض مع النظام العام؛ أما الحالة الثانية فهي التي يتم فيها إبرام عقد ا لتحكيم أثناء وجود الأجير في خدمة رب العمل، مما يستوجب التشدد في حماية هذا الأجير نظرًا لكونه في مركز أضعف من الطرف الآخر، بحيث يكون عقد التحكيم باطلاً في هذه الحالة لتعارضه مع قواعد النظام العام الرامية إلى هذه الحماية؛ -Jean Robert, L’Arbitrage 5e éd., No. 49, p. 43, يراجع بهذا الخصوص: 44 وحيث إنه من مراجعة الأوراق كافة ولاسيما عقد التحكيم المبرم بين الطرفين، يتبين أنه قد جرى إبرامه بعد انتهاء عقد العمل، ويتأكد ذلك من خلال العبارات التالية الواردة في مقدمته: "... ولما كان الفريق الثاني قوامه الموظفون الذين يشغلون هذه الوظائف، وكان من اثر ذلك أن قام الفريق الأول بالاستغناء عن خدماته . ولما كان فريقا العقد الحاضر لم يتوصلا إلى حل الخلاف الحاصل بينهما نتيجة الإنهاء المذكور بحيث اعتبر الفريق الثاني (المستدعية) أنأنهاء عقد عمله قد تم بصورة تعسفية، واعتبر الفريق الأول أنإعادة الهيكلة للشركة (بعد الدمج ) وإنهاء عقد عمل الفريق الثاني نتيجة لذلك لا يعتبر صرفًا تعسفيًا، وبالتالي لا يتوجب للفريق الثاني أي تعويض لهذه الناحية". وحيث إنه تبعًا لما تقدم، يكون لجوء الطرفين إلى التحكيم بعد انتهاء عقد العمل أمرًا جائزًا، إذأن المستدعية تكون قد أضحت متحررة من أي رابطة تبعية تجاه رب عملها (المستدعى بوجهها) ومطلقة الحرية في التصرف بحقوقها المكتسبة، فلا يشكل هذا التحكيم أي تعارض مع قواعد النظام العام، وبالتالي يكون عقد التحكيم صحيحًا ولا يمكن اعتباره باطلاً بمفهوم المادة 1/800 ا.م.م.؛ وحيث إنه بعد الاطلاع على الأوراق كافة، وذلك في إطار الحدود التي تمكّن رئيس الغرفة الابتدائية من ممارسة رقابته على طلب رجائي في معرض إعطائه الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي، وتحققه من مراعاة أحكام المادة 800 أ.م.م. وفقًا لظاهر الأوراق والمستندات؛ وبالاستناد إلى أحكام المادة 793 أ.م.م. وما يليها؛، يقرر إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الصادر بتاريخ 7 / 9/ 2011 عن الهيئة التحكيمية المؤلفة من المحكمين المحامين الأساتذة: نديم عبود، ميشكا سليمان وأكرم المعلوف، .
والمودع أصله في قلم هذه المحكمة تحت رقم 98 قرارًا صدر في 26/9/2011 الكاتبة الرئيس فادي إلياس