المحكم وهيئة التحكيم / تنحي المحكم واعتزاله / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / استقالة المحكم.. والمحكمة التحكيمية المبتورة
استقالة المحكم خلال سير اجراءات المحاكمة التحكيمية أو تمنعه عن المشاركة في سيرها، امران كانا استثنائيين واذا حصلا فيعالجا باستبدال المحكم!!!
الى ذلك ذهبت اكثر القوانين التحكيمية ولاسيما تلك المستمدة من قـانون اليونـسترال النموذجي، بينما ذهبـت القوانيـن ذات الاتجاه الفرنسي الى انهاء الدعوى التحكيميـة، فتعود المحاكمـة الى اولها وتؤلف المحكمـة من جديد. هذا اذا طرأ مثل هذا الطـارئ. الى ان بـدأت استقالة المحكم أو امتناعه يتحولان الى وسيلة للمماطلـة والتسويف في التحكيم.
وقد سبق أن استخدمت اجراءات قانونية للمماطلة والتسويف في التحكيم، فأوجد لهـا الفق والاجتهاد حلولاً تنقذ مسيرة التحكيم. فقد كان الادلاء ببطلان العقد الذي يتضمن الشرط التحكيمي مفضياً الى نزع اختصاص المحكمين الذين يستمدون سلطتهم التحكيمية من الشرط الـوارد فـي العقد الذي يطلب أبطاله، هكذا أوجد اجتهاد محكمة النقض الفرنسية نظرية "استقلالية الـشرط التحكيمي" فتوقفت المماطلة والتسويف وأصبح أمر الادلاء ببطلان العقد التحكيمي وارداً ضـمن التحكيم وغير معطل له.
ولكن الطرف الذي يريد تعطيل التحكيم توصل الى فكرة أخرى وهـي الطعـن بالـشرط التحكيمي ذاته، كالإدلاء بعيوب الرضي مثلاً التي يزعم انها تعيب الـشرط التحكيمـي كـالغش والخداع والغلط والإكراه الخ... وكان الهدف من ذلك هو تعطيل سير التحكيم لأن المحكمـين يستمدون سلطتهم من الشرط التحكيمي. وأقفل الفقـه والاجتهـاد البـاب بنظريـة اختـصاص الاختصاص Compétence compétence بحيث يبقى للمحكمين سلطة النظر باختصاصهم فيما يخص عيوب الشرط التحكيمي المزعومة وهكذا أقفل باب ثان امام تعطيل التحكيم.
اليوم اخذ يتكاثر استعمال وسيلة جديدة للمماطلة والتسويف ولتعطيل سير التحكيم عن طريق امتناع المحكم اي مقاطعته لسير الاجراءات، او استقالته من المحكمة التحكيمية، وأجمـع الفقـه والاجتهاد، على مساواة المحكم الممتنع الذي يقاطع التحكيم بالمحكم الذي لا يوقع الحكم التحكيمي بشرط ان تتوفر له كل الفرص والظروف للمشاركة في اجراءات المحاكمة التحكيمية فإذا امتنـع رغم ذلك بدون سبب مشروع فإن امتناعه لا يؤثر على سير التحكيم ويعتبر امتناعه من المشاركة مثل امتناعه عن توقيع الحكم التحكيمي أي بدون اثر قانوني.
الا ان استقالة المحكم أمر آخر.
فالإستقالة تعني أن المحكمة التحكيمية أصبحت غير مكتملة، والأمر يطرح قاعدتي الوجاهية والمساواة بين طرفي النزاع، ويطرح تشكيل المحكمة التحكيمية ومطابقتها للشرط التحكيمي، ومن هو الذي يقرر ما اذا كانت الاستقالة مشروعة أم غير مشروعة مبررة ام ليس لها أي مبرر؟
المحكمان؟ القضاء؟ ام مركز التحكيم اذا كان التحكيم مؤسساتيا؟ واذا كان تحكـيـم حـالات خاصة فمن هو الذي يعين المحكم الثالث في هذا النظام، هل المرجع هو السلطة القضائية أم أنه الطرف الذي سبق أن سمى المحكم المستقيل.
يجب تحديد المرجع الذي يقرر ما اذا كانت الاستقالة مبررة أم لا! ثم يجب تحديد ما اذا كان المحكم المستقيل يجب أن يستبدل ام ان المحكمة التحكيمية ستسير بمحكمين!! وهل يكون الحكـم التحكيمي صحيحاً اذا صدر عن محكمين؟ وفي أي مرحلة قدم المحكم استقالته، الـذي يحـصل عندما تكون الاستقالة تعسفية للمماطلة والتسويف، الذي يحصل أن يقدم المحكـم اسـتقالته المراحل الأخيرة للتحكيم، عند المذاكرة مثلاً حين يتم الحسم ويتقرر من هو الذي ربح ومن هـو الذي خسر الدعوى التحكيمية ولكن عند المذاكرة أو بعدها! لا يبقى وقت للإستبدال اذا اعتمـدت صيغة استبدال المحكم.
طبعاً المحكم المستقيل المتعسف الذي يهدف من استقالته الى المماطلة والتسويف تبقى مسؤوليته القانونية قائمة، ويمكن ملاحقته بالمسؤولية المهنية، ويبقى الأمر أمر ملاءته، ولكن التحكيم في هـذه الحالة سينتهي بدون حكم تحكيمي، الا اذا اعتمدت صيغة المحكمة المبتورة من محكمين اثنين.
هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها وتبيان كيف نشأت هذه المشكلة وكيف تطورت وما هو موقف الاجتهاد والفقه وكيف تتطور الحلول؟ والی این تتجه هذه الحلول؟
نبذة اولى- استقالـة المحكـم في التحكيمات وموقـف القضـاء:
نزاع Milutinovic في تحكيم غرفة التجارة الدولية 1987
فقرة أولى- المحكمة التحكيمية:
اول تحكيم دولي أحدث هزة جراء استقالة "تعسفية" للمحكم وكان له صـدى في أوسـاط التحكيم هو نزاع Ivan Milutinovic PIM/ Deutsche Babcock AG.
وخضع هذا النزاع لنظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، وتشكلت المحكمـة التحكيميـة مـن البروفسور Eugen Bucher والبروفسور Vladimir Jovanovic والبروفسور Karl-Heinz Böckstiegel ويتعلق النزاع بخلاف بين أعضاء من "كونسورسيوم"، وقعوا عقداً لإنشاء محطة كهربائية في حمص (سوريا) وحدد الشرط التحكيمي زوريخ كمكان للتحكيم، وجرى توقيع وثيقة التحكيم حسب نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية من أطراف النزاع، التي تشير الـى تطبيـق الاجراءات الواردة في نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، وكذلك قانون المرافعات المدنية لمقاطعة زوريخ. وتبادل الأطراف المذكرات الخطية ثلاث مرات وعقدت جلستا محاكمـة تـم خلالهمـا استماع الشهود. في الجلسة الأخيرة وبعد استماع كل الشهود، طلب محام المدعية استجواب بعض الشهود مجدداً، واستماع شهود جدد، الأمر الذي عارضه محام المدعى عليها. وقررت المحكمـة التحكيمية بالأكثرية بعد مذاكرة طويلة وبرغم معارضة المحكم المسمى من المدعية، قررت رد طلب المدعية وعدم سماع شهود جدد. وبعد ابلاغ الطرفين هذا القرار، وفي اليوم التـالي، قـدم المحكم البروفسور Jovanovic استقالته، لأنه كان "على خلاف مع قرار المحكمة التحكيميـة". وبعد ذلك رفض محام الجهة المدعية متابعة تقديم مذكراته.
وطلب حينئذ محام الجهة المدعية من محكمة تحكيم غرفة التجارة الدوليـة الدائمـة عـزل المحكمين البروفسور Bucher رئيس المحكمة التحكيمية والمحكم البروفسور Böckstiegel. وقررت محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية الدائمة في 29/1/1987 رد طلب عزل المحكمـين Bucher و Böckstiegel وبنفس الوقت رفضت قبول استقالة البروفسور Jovanovic مؤكـدة ان استقالته لا مبرر لها. كان يفترض اذا بالمحكم Jovanovic ان يتابع عمله كمحكم. وبالفعـل دعاه رئيس المحكمة التحكيمية مع المحكم الآخر الى جلسة مذاكرة للمحكمة فتخلف عنها المحكم Jovanovic مؤكداً استقالته.
وفي غيابه قرر المحكمان Bucher و Böckstiegel اصدار حكم تحكيمي جزئي، ودعـى المحكم الثالث Jovanovic الى توقيعه لعرضه على المحكمة التحكيمية الدائمة لغرفـة التجـارة الدولية، وقد ورد في الحكم التحكيمي الجزئي: "ان هذا الحكم التحكيمي يمكن اعلانه برغم تقـديم البروفسور Jovanovic استقالته من مهمته كمحكم، وغيابه عن الجلسة التي عقدها المحكمان في 7/2/1987 وذلك عملاً بقانون المرافعات المدنية في زوريخ، كما وبنظام تحكيم غرفة التجـارة الدولية. ان استقالة البروفسور Jovanovic التي ليست لها اي مبرر شرعي، تبقى بـدون اثـر وبالتالي فإن المحكمة التحكيمية الحالية تبقى مشكلة بشكل صحيح".
قانون المرافعات في زوريخ ينص على أنه لا يمكن للمحكم أن يستقيل بدون سبب، وبما أنه علـى ضوء هذا النص فإن محكمة تحكيم غرفة التجارة الدائمة قررت في 29/1/1987 عدم قبـول استقالة المحكم البروفسور Jovanovic واعتبرت أن المحكمة الحالية كما هي مشكلة ستتولى مهمتها.
ويضيف الحكم التحكيمي: "ان قرار رئيس المحكمة والمحكم العضو المعين من طـرف، ان هذا القرار المتخذ في غياب المحكم الثالث له ما يبرره في ظروف الدعوى وهو موافق لنصوص قانون المرافعات المدنية لزوريخ المطبق على هذا التحكيم، واذا كان رفض احد المحكمين توقيع الحكم لا يؤثر على صحته، فالمبدأ ذاته يطبق على محكم الأقلية اذا رفض المشاركة بالمـذاكرة الداخلية حتى نهايتها".
ثم يقول الحكم: "ان القاعدة التي بموجبها يجب اصدار الحكم النهائي بمشاركة كل المحكمين تتعلق بموضوع آخر: وهو وفاة احد المحكمين قبـل ان تعطـي المحكمـة التحكيميـة حكمهـا التحكيمي، وهذا المحكم هو الذي يجب استبداله، كذلك الأمر مع محكم يستقيل لأسباب مـشروعة ومبررة. في هاتين الحالتين فإن الأكثرية في المحكمة التحكيمية لا يجوز لها استبعاد الأقلية مـن المذاكرة اللاحقة للحدث اي للوفاة أو للإستقالة المبررة...".
ثم يقول الحكم: "هذه المشاكل وغيرها تفسر نص المادة 254 من قانون المرافعات المدنيـة الذي يحدد الاجراءات الواجب اتباعها لإصدار الحكم التحكيمي، ولكنها اجراءات لا تستبعد صحة الحكم التحكيمي اذا رفض احد المحكمين الالتزام بموجباته وامتنع عن المشاركة فـي المرحلـة الأخيرة من المذاكرة لأن هذه الحالة مطابقة تماماً لحالة المحكـم الممتنـع عـن توقيـع الـحـكـم التحكيمي .
واضاف الحكم التحكيمي الجزئي: "... ان الطرف المدعي حين قدم طلب عزل المحكمـين الاثنين دون المحكم الثالث المسمى منه البروفسور Jovanovic، اثبت ارادته قبول عدم مشاركة المحكم المسمى منه بالمرحلة الأخيرة من اجراءات المحاكمة، ان الطرف المدعي لا يمكنـه ان يلوم المحكمين لعدم طلبهما عزل البروفسور Jovanovic طالما ان هذا الطرف ذاته قد امتنـع عن طلب عزل المحكم المذكور".
ويضيف الحكم التحكيمي الجزئي: "... وقد شارك المحكم Jovanovic، اذ لم يكن غائباً عن نشاط المحكمة التحكيمية الذي يقتضي حضوره، كذلك شارك في المذاكرة الداخلية حتـى كـان اعلانه الاستقالة في 28/10/1986، وقبل ذلك شارك في المذاكرة التي تعرضت لأساس النزاع. ان أي قرار في المحكمة التحكيمية بطلب عزل المحكم Jovanovic (سـواء فـي زوريـخ او باريس) وبالتالي اعادة المحاكمة بكل اجراءاتها مع البديل عن المحكم Jovanovic كانت ستكون معاكسة لمتطلبات حسن سير التحكيم الدولي وكانت ستقدم للمحكم (أو للطرف الذي اثر عليـه)، امكانية تعطيل سير المحاكمة التحكيمية واعادة المحاكمة التحكيمية من أولها. ان موقفاً كهذا هـو مناقض بل يمس الثقة بالتحكيم الذي تقدمه غرفة التجارة الدولية والذي يتخذ مقراً له في زوريخ.
فقرة ثانية- موقف القضاء السويسري من الحكم التحكيمي في دعوى Milutinovic :
اولاً- محكمة استئناف زوريخ: مشاركة المحكمين الاثنين تحيز: رد الطلب:
قبل صدور الحكم التحكيمي الجزئي المشار اليه اعلاه قدمت المدعية Milutinovic دعوى أمام اللجنة الادارية في محكمة استئناف "مقاطعة زوريخ" تطلب اعتبار مشاركة المحكمين والسير بالتحكيم بمحكمين اثنين امراً يخلق قرينة تحيز. وردت محكمة الاستئناف هذا الطلب معتبـرة ان متابعة الاجراءات التحكيمية من محكمين اثنين في ظروف غير اعتيادية لها ما يبررها ولا تفضي الى قرينة التحيز.
ثانياً- محكمة النقض في زوريخ: نقض حكم الاستئناف: تحيّز:
قدمت شركة Milutinovic استئنافاً لهذا الحكم التحكيمي أمام محكمة النقض في زوريـخ التي فسخت حكم محكمة الاستئناف، معتبرة ان نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية الذي يسير عليه هذا التحكيم لا يلحظ الاستقالة المنفردة لمحكم.
وكذلك فإن قانون المرافعات المدنية في زوريخ لا يجيز منح اي طرف معاملة لهـا طـابع الافضلية، أن المساواة بين الأطراف هي مبدأ أساسي والزامي، وبالتالي فإن محكمـة تحكيميـة مؤلفة من ثلاثة محكمين لا يمكنها المذاكرة بمحكمين: الرئيس وأحد المحكمين، وبالتالي فإن اتخاذ قرار في غياب المحكم الثالث وان كان قد رفض هذا المحكم توقيع الحكم التحكيمي. هذا لا يبرر اطلاقاً ان يذاكر محكم مسمى من طرف من طرفي النزاع في غياب المحكم المسمى من الطرف الآخر، في حين أن المحكمة هي جماعية. كان بإمكـان المحكمـين Bucher و Böckstiegel طلب عزل المحكم البروفسور Jovanovic بفعل رفضه القيام بوظيفته. آن امر معرفـة مـا اذا كانت استقالة البروفسور Jovanovic هي مشروعة أم لا ليس بالأمر الملائم. ان التعامل أحد الطرفين تعاملاً له طابع الأفضلية ليس مخالفاً للقانون فحسب، بل هو تصرف يشكك فـي الثقـة بالمحكمة التحكيمية، الامر الذي يخلق قرينة تحيز. هكذا فسخت محكمة النقض قـرار محكمـة الاستئناف واعيدت الدعوى أمام محكمة الاستئناف.
ثالثا- محكمة الاستئناف في زوريخ: طلب أبطال الحكم التحكيمي: رده:
قدمت شركة Milutinovic طلب ابطال الحكم التحكيمي الجزئي الذي صدر عن المحكمين مدلية بأنه مخالف لقانون اجراءات المحاكمة المدنية في زوريخ كما للمادة السادسة من المعاهـدة الاوروبية لحقوق الانسان. وردت محكمة استئناف زوريخ طلب الابطال بقـرار أصـدرته فـي 4/7/1990 معتبرة أن ما تدلي به المستأنفة مـن ان المحكـم البروفسور Jovanovic كــان استقالته لاستقالته ما يبررها من اسباب بررت استقالته، وبأن المحكمة كانت غير مـشكلة قانونـاً وعند اصدارها للحكم التحكيمي، اعتبرت محكمة الاستئناف ان هذه الحجـة لـيـس لـهـا أساس. فالمحكم ملزم بمتابعة مهمته حتى نهاية التحكيم وبالتالي فإن استقالته غير مقبولة وليس لها ما يبررها. فالبروفسور Jovanovic برر استقالته بأن المحكمين رفضا قبول اثباتات جديدة فـي تلك المرحلة من المحاكمة. ولكن كون المحكمين منقسمين على هذه النقطة ليس مبرراً لاستقالة المحكم، الذي صار موقفه من الأقلية. وبالتالي فإن استقالة المحكم لم تضع حدا لمهمتـه، وكـان بالإمكان اعتبار المحكمة مشكلة بالفعل وصحيحة، وبالتالي فليس هناك مخالفة للمـادتين 4 و 58 من الدستور الفدرالي السويسري ولا مخالفة للإتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.
واضاف الحكم: "ليس امر دعوة المحكم البروفسور Jovanovic لجلسة المذاكرة، ليس هذا الامر موضع جدل، فالمحكم أخرج نفسه من المذاكرة دون أن يقدم عذراً مشروعاً، في حين انـه كان مدعواً وفقاً للأصول لحضور المذاكرة. كذلك فالأمر الثابت أن المحكم المذكور قـد تلقـى نسخة عن الحكم التحكيمي الجزئي، ولكنه رفض توقيع هذا الحكم، وبالتالي فإن رفضه حـضور جلسة المذاكرة هو مشابه لرفضه التوقيع على الحكم التحكيمي، وبالتالي فإن المحكمـين الاثنـين الباقيين، وكذلك الطرف الآخر، لا يمكن اعتبار تصرفهم مخالفا للقانون.
رابعاً- المحكمة الفدرالية السويسرية: أبطال الحكم التحكيمي لعدم مشاركة المحكم المستقيل:
بعد كل هذه الأحكام المتناقضة أصدرت المحكمة الفدرالية السويسرية حكماً نهائياً يبت بطلب ابطال الحكم التحكيمي. وبالفعل قررت فسخ حكم محكمة الاستئناف، وحكمـت بإبطـال الحكـم التحكيمي معتبرة ان الحكم النهائي يجب أن يصدر بمشاركة كل المحكمين وبعد مذاكرة يشتركون بها معاً.
واعتبرت محكمة النقض أن عدم مشاركة المحكم بالمذاكرة امر يختلف عـن عـدم توقيـع المحكم للحكم التحكيمي. واعتبرت انه اذا كان يجب البت بأمر صحة استقالة المحكم ومبرراتها، فليس المحكمان هما اللذان يجب أن ينظر في الأمر، فالقضاء هو وحده المختص للنظر في هـذا الأمر. فإذا وجد القضاء ان الاستقالة ليس لها مبرر، فهو ينذر المحكم بمتابعة السير بالتحكيم اما اذا كان للإستقالة ما يبررها، فلا يمكن متابعة السير بالتحكيم بدون المحكم المستقيل. وفـي هـذه الحالة يجب العودة الى الشرط التحكيمي. وفي كل الأحوال وفي حال خلو الشرط التحكيمي مـن اشارة فإن المحكمة التحكيمية لا تعتبر مشكلة بشكل صحيح، الا اذا عاد المحكم المستقيل عـن استقالته بناء لأمر من القضاء المختص، أو اذا كان قد جرى استبداله. وفي حال تـابع محكمـان اثنان السير بالتحكيم بدون اجازة من الطرفين، فإن تشكيل هذه المحكمة ليس صحيحاً.
هكذا قررت المحكمة الفدرالية السويسرية ابطال الحكم التحكيمي الـصـادر عـن محكمـة تحكيمية مبتورة مشكلة من محكمين اثنين. وقد تشكلت محكمة تحكيمية جديدة بعـد هـذا الحـكـم الفدرالي وفقاً لنظام غرفة التجارة الدولية وصدر الحكم من محكمة مؤلفة من ثلاثة محكمين. وقد اعتبر البروفسور Stephen M. Schwebel نائب رئيس محكمة العدل الدولية فـي لاهـاي ان حكم المحكمة الفدرالية السويسرية ليس مطابقاً للمبادئ العامة للقـانون، اذ لا يمكـن ان يتـذرع الطرف بأخطائه أو الأخطاء التي يضمنها لحرمان طرف آخر من حقوقه، وهذا مخالف للتحكـيم الدولي. فالمحكمة الفدرالية السويسرية هي في حكمها على خلاف مع محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية الدائمة، كما يقول البروفسور Schwebel.
التحكيم لحسم المنازعات الايرانية الاميركية هو فعلاً واحد من أكبر التحكيمات الدولية فـى التاريخ، وقد أعطى هذا التحكيم خلال 14 عاماً عدداً كبيراً من الأحكام التحكيمية التي نشرت في 27 مجلداً.
تشكلت المحكمة التحكيمية وفقاً لإعلان الجزائر من تسعة اعـضاء تعـين مـن حـكـومتي الولايات المتحدة وإيران ثلثي الاعضاء، ويعين المحكمون الذين تسميهم الدولتان بالتوافق الثلـث الأخير من المحكمين. تحسم الخلافات محكمة تحكيمية (أو غرفة تحكيمية) مكونـة مـن ثـلاثـة محكمين، وتسير التحكيمات وفقاً لنظام اليونسترال (لجنة قانون التجارة الدولية في الأمم المتحدة) مع بعض التعديلات عليه. ووفقاً لهذا النظام فإن المادة 13 منه تنص على انه: "... فـي حالـة استقالة احد المحكمين اثناء اجراءات التحكيم يعين أو يختار محكم آخر بدلاً منه باتباع الاجراءات المنصوص عليها في المواد من 6 الى 9 التي كانت واجبة التطبيق على تعيين أو اختيار المحكم الجاري تبديله". وخلال سير أعمال التحكيم طرأت مشكلة غياب أحد المحكمين المسمين من دولة ایران غياباً مقصوداً ولا مبرر ولا تفسير له. واخذ هذا الموضوع يتكـرر وفـي عـدة غـرف تحكيمية، وكان ذلك يفضى الى تأجيلات متكررة كما اعتبر المحكمان في المحكمة أن هذا الغياب ليس له ما يبرره فتابعاً السير بالدعوى رغم غياب المحكم. وأدى صدور احكـام عـن محكمـة تحكيمية مبتورة أي مكونة من محكمين اثنين وغاب عنها المحكـم الايرانـي، أدى ذلـك الـى اعتراضات ايرانية والى طلبات ايرانية قدمت لإبطال هذه الأحكام التحكيمية الصادرة عن محكمة تحكيمية مبتورة. قدمت امام القضاء الهولندي ولكن ايران عادت فتخلت عن اعتراضاتها وطلبات الابطال، ونفذت الأحكام التحكيمية الصادرة عن المحاكم التحكيمية المبتورة؟.
ودار جدل طويل حول صحة هذه الأحكام التحكيمية، فالمحكمون الايرانيون كان موقفهم أن المحكمة بكامل اعضائها التسعة ليست مشكلة قانونياً، ولا غرفها التحكيمية مشكلة قانوناً، في حال غياب أحد المحكمين الذين سمتهم احدى الدولتين. وفي حال غياب هذا المحكم فإن الطريق الوحيد الذي يجوز أن يسلكه التحكيم هو ذاك الذي نص عليه نظام اليونسترال حول عـزل المحكمـين واستبدالهم. في حين أن أكثر محكمي المحكمة التحكيمية للخلافات الايرانية الاميركية، اعتبـروا ان اعلان الجزائر حول تشكيل المحكمة التحكيمية وغرفها له طابع توصيفي، ولا يشكل شروطاً للنصاب، وبالتالي فإنه عندما يجري التحقيق والمحاكمة في قضية وتكون المـذاكرة قـد بـدأت بشأنها، فإن غياب المحكم لا يلزم باللجوء الى اجراءات عزله واستبداله لأن ذلك سيؤدي الـى تأخير التحكيم وأبطاء سيره وزيادة تكاليفه، لاسيما اذا كان ذلك سيقتضى عقد جلسات محاكمـة جديدة. أن ذهاب التحكيم في هذا الاتجاه عند استقالة المحكم واستبداله لاسيما اذا تكرر الأمر، هذا الاتجاه سيجعل عمل المحكمة التحكيمية بدون جدوى.
وأكثر ما أثير أمر المحكمة المبتورة حدة في التحكيم الايراني-الاميركي كان في تحكيمـين اثنين هما:
فقـرة أولـى- قضية James M. Saghi, Michael R Saghi and Allan Saghi :Claimants and the Government of the Islamic Republic of Iran
وقد طرح الأمر في دعوى James Saghi/Iran حيث أدلى المحكم المسمى من ايران بأن القضية غير مقبولة، وبالتالي فهو قد امتنع عن المشاركة في المذاكرة، ورفـض توقيـع الحكـم التحكيمي. واعتبرت المحكمة التحكيمية بعضويها أن محكمة دولية دائمـة مكلفـة بحـسـم عـدة منازعات لا يمكنها أن تسمح بتعطيل عملها بسبب رفض أحد أعضائها المشاركة بالمذاكرة لطلب من الطلبات أو رفضه توقيع الحكم التحكيمي .
فقـرة ثانيـة قـضية: Viterwyk corporation (et al) claimant and the :Government of the Islamic Republic of Iran (et al) Respondents
ورد في الحكم الصادر في هذه القضية ما يلي: "السيد مصطفافي (المحكم) شارك في جلسة المحاكمة كما شارك في ثلاث جلسات للمذاكرة حول مسائل تتعلق بإجراءات المحاكمة في هـذه القضية، ولكنه في الجلسة الثالثة بسبب عدم اتفاقه مع القرار المتخذ من اكثرية اعضاء المحكمـة (غرفة المحكمة) حول المسائل الاجرائية التي جرت المذاكرة حولها، فإنه قد أعرب عن رغبتـه عدم المشاركة في سائر جلسات المذاكرة. وقد أبلغ رئيس المحكمة من جهته السيد مصطفافي انه طبقاً للنظام التحكيمي المطبق وعلى التطبيق الاجرائي الذي تقوم به المحكمة، فإن المحكمة لهـا الحق رغم غياب المحكم السيد مصطفافي ان تتابع سير المذاكرة وان تحرر الحكـم التحكيمـي. وامتنع السيد مصطفافي بعد ذلك عن المشاركة في اجراءات الدعوى. تابع المحكمان فـي هـذه الدعوى المذاكرة ثم حررا الحكم التحكيمي وفقاً للطريقة العملية التي تتبعها هذه المحكمـة، هـذه الطريقة تبررها ضرورة تجنب أن يعطل احد افراد المحكمة سير مهماتها، وهذه الطريقة متفقـة مع المبادئ العامة للقانون الدولي المعترف بها. كما يذكر القاضي Stephen Schwebel فـان الفقه الدولي يميل بوضوح مع مساندة محكمة العدل الدولية، يميل الى حق المحكمـة التحكيميـة الدولية في حال حصول اشكال يسببه محكم، يميل الى حـق المحكمـة التحكيميـة فـي الـسير بإجراءات المحاكمة وبالتالي اصدار الحكم التحكيمي.
في هذه القضية اعطت المحكمة التحكيمية في النهاية حكماً لصالح المدعية وقاطع المحكـم المسمى من ايران المذاكرة ولم يوقع الحكم التحكيمي. وردت هذه المحكمة طلب تصحيح الحكـم التحكيمي النهائي بالأكثرية وهذا الحكم كان صادراً عن محكمة تحكيمية مبتورة ولكنه نفذ رغـم ذلك .
نبذة ثالثة- النظام القانوني الفرنسي ليس مع المحكمة المبتورة بعد ولـيس مـع استبدال المحكم الا اذا اتفق الأطراف على غير ذلك:
القانون الفرنسي نص في المادة 1464 من قانون المرافعات المدنية على ما يلي:
Art. 1464 (D. no 81-500, 12 mai 1981, art. 5). - L'instance arbitrale prend fin, sous réserve des conventions particulières des parties :
1º par la révocation, le décès ou l'empêchement d'un arbitre ainsi que par la perte du plein exercice de ses droits civils ;
2° par l'abstention ou la récusation d'un arbitre;
3° par l'expiration du délai d'arbitrage.
وكذلك نصت المادة 781 من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني على ما يلي:
مع الاحتفاظ بما قد ينص عليه اتفاق خاص بين الخصوم تنتهي الخصومة:
1- بعزل المحكم أو بوفاته أو بقيام مانع يحول دون مباشرته لمهامه او بحرمانه استعمال حقوقه المدنية.
2- بامتناع المحكم أو برده عن الحكم.
3- بانقضاء مهلة التحكيم.
والقانون اللبناني مأخوذ عن القانون الفرنسي في هذا الصدد. ويفسر العلامة فيليب فوشـار نص هذه المادة بأن نتيجته وضع مصير التحكيم بيد محكم واحد، كما ووضع مصير كل اجراءات المحاكمة التحكيمية، حتى تلك التي تكون موضوع مذاكرة، بمجرد أن يدلي المحكم بالامتنـاع او يقدم استقالته فجأة، هكذا فإن بإمكان محكم يمثل الأقلية ان يقضي على المحاكمة التحكيمية وكـل الجهود التي بذلت. هذا النص يجيز هذا التشدد، مع الاسف، يقول فوشار ونتيجة انتهاء الخصومة في التحكيم مضرة مرتين: من حيث المبدأ، يجب اعادة تشكيل المحكمة التحكيمية بكاملها وبعـد ذلك أعادة اجراءات المحاكمة من بدايتها أمام المحكمة التحكيمية الجديدة. ويتساءل العلامـة فوشار: ماذا لو كانت الاستقالة تهدف لتأخير سير الدعوى ولخدمة الطرف الـذي سـمـى هـذا المحكم؟ ويقترح العلامة فوشار تعديل هذا النص لقطع الطريق على المناورات الراميـة الـى تأجيل سير التحكيم.
طبعاً القانون الفرنسي كما القانون اللبناني في نص المادتين المذكورتين ترك الباب مفتوحـاً لأي اتفاق بين الطرفين يعدل أحكام المادتين المذكورتين.
بالطبع هذه القاعدة تفتح باب المماطلة والتسويف وهي واردة في التحكيم الداخلي. وليـست مطبقة في التحكيم الدولي.
فقرة أولى- محكمة النقض الفرنسية: فسخت حكماً تحكيمياً صادراً عن ثلاثة محكمين امتنع فيه المحكم ثم عين محكم مكانه ولكنها اعتبرت أن التحكيم انتهى بمجرد امتناع المحكم الاول:
وتطبيقاً لنص هذه المادة فقد تشدد الاجتهاد الفرنسي في تطبيقها في حكم تحكيمي بين طرفين فرنسيين صدر هذا الحكم التحكيمي في نزاع عيّن فيه كل طرف محكمه واختـار المحكمـان المحكم الثالث. ولكن خلال المذاكرة وبعد جلسة ختمت فيها المحاكمة، ابلغ احد المحكمين المعينين من الطرفين المحكمة التحكيمية بقيام مانع يحول دون متابعته لمهامه، وذلك لفترة غير محـددة. فعقدت جلسة محاكمة جديدة حضرها محكمان هما رئيس المحكمة والعضو المعين مـن طـرف وغير المستقيل. كما حضرها أطراف النزاع ومحاميهم. وجرى خلال هذه الجلسة اختيار محكـم بديل للمحكم المستقيل كما اتفق على تمديد مهلة التحكيم.
وبعد ذلك صدر الحكم التحكيمي فطلب الطرف الخاسر ابطاله مستنداً إلـى المـادة 1464 المذكورة أعلاه التي تعتبر التحكيم منتهياً ولا تجيز تعيين محكم بديل، بل تقضي بتعيين محكمـة تحكيمية جديدة والعودة الى اجراءات التحكيم من أولها أمام المحكمة الجديدة.
وفسخت محكمة النقض الفرنسية الحكم التحكيمي متشددة بتطبيق المـادة 1464 مـن قـانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد معتبرة ان الخصومة في التحكيم انتهت بمجرد قيام المانع الـذي يحول دون مباشرة المحكم لمهامه التحكيمية. وان الاتفاق على استبدال المحكم جاء بعد فوات اوانه.
لهذا ينصح العلامة فوشار بأن يعطي الأطراف عناية للشرط التحكيمي الذي يمكنه ان يخفف من وقع المادة 1464 (مرافعات مدنية) فإما اذا احال الأطراف الى نظام مركز تحكيمي يعـالج الامر أو يحددوا طريقة استبدال المحكم في حال استقالة أو امتناع المحكم. ويعتبـر البروفسور فوشار أن المحكمة المبتورة غير قادرة على إصدار أحكام تحكيمية فـي التحكـيم الـداخلي لأن المحكمة ستصطدم بشرط الزامي وهو صدور الحكم التحكيمي عن عدد وتر من المحكمين وفـي هذه الحالة فإن عدد المحكمين يصبح مزدوجاً.
فقرة ثانية- محكمة الاستئناف: استقالة المحكم في التحكيم الدولي تفضي الى صدور حكم عـن محكمة مشكلة بشكل مخالف للعقد التحكيمي:
وقد عاد الاجتهاد الفرنسي فأكد موقفه المتشدد، عند استقالة المحكم في تحكيم دولي ولـيس تطبيقا للمادة 1464 مرافعات مدنية فرنسي هذه المرة.
ففي نزاع تحكيمي دولي بـين - Agence Transcongolaire des communications /Chemin de fer Congo Océan/ compagnie minière de l'ogo outé (comilog)
جرى هذا التحكيم بين الشركتين في باريس، بنتيجة نزاع بينهما، وصدر الحكم بعد ان قـدم المحكم المعين من احد الطرفين استقالته بمجرد ان تبلغ صورة عن مشروع الحكم التحكيمي الذي جرت بشأنه المذاكرة وكان المحكمان الاثنان الآخرين موضوع طلب عزل عالق امـام القـضاء الفرنسي.
فطلب الطرف الخاسر من محكمة استئناف باريس ابطال الحكم التحكيمي مدلياً بأن الحكـم صدر عن محكمة تشكلت خلافاً للعقد التحكيمي.
واعتبرت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 1/7/1997 ان الطـابع التعـسفي المحتمل الرامي الى المماطلة والتسويف، لا تأثير له لحل النزاع الحالي الذي ينحصر في طلـب ابطال الحكم التحكيمي وبالتالي فهو ينحصر بنقطة واحدة وهي معرفة ما اذا كان الحكم التحكيمي قد صدر عن محكمة تحكيمية قانونية. واعتبرت محكمة الاستئناف أنه بغض النظر عن مسؤولية وموجبات المحكم اللتين يمكن ان تكونا أطارا لدعوى مختلفة، فإن المحكم المستقيل لم يقم بمهمته لآخر مراحلها وان هذا الأمر لا يتعلق بأطراف النزاع بل يتعلق بالمحكمة التحكيميـة وسـلطتها القضائية المنبثقة من العقد التحكيمي. وتلاحظ محكمة الاستئناف ان المحكم المستقيل قدم استقالته خلال المذاكرة بحيث أن المحكمة التحكيمية حين اتخذت قرارها، فإن هذه المحكمة كانت مكونـة من رئيسها ومن المحكم المسمى من الطرف الذي ربح الدعوى، وبالتالي فهو صادر عن محكمة تحكيمية مبتورة، مقطوع منها عضو من أعضائها، وبالتالي فإن تشكيلها لم يكن متوافقاً مع العقد الذي تستمد منه سلطتها القضائية. ويضاف إلى ذلك أن رئيس محكمة البداية في باريس قد روجع في هذا الاشكال عند صدور الحكم التحكيمي، في الوقت الذي عين فيه الطـرف الـذي اسـتقال محكمه، سمی محكماً بديلاً، واعتبرت محكمة الاستئناف ان هذا السبب وحده يكفي لإبطال الحكم التحكيمي.
نبذة رابعة- فقه التحكيم الدولي يناقش مشكلة استقالة المحكم ووسائل التسويف والمماطلة التي تجر اليها:
منح الفكر القانوني موضوع استقالة المحكم التعسفية الرامية إلى المماطلة والتسويف فـي التحكيم، منح هذا الموضوع اهتماماً كبيراً، وتصدى له كبار علماء القانون، وبدأ الفقه القانوني في العالم ميالاً للتسليم بصحة المحكمة التحكيمية المبتورة، في حين ان الاجتهاد القـضائي فـي دول القانون المدني ولاسيما فرنسا ما زال متردداً يخطو خطوة الى الامام ثم خطوة الى الخلف، بينما حسم اجتهاد دول اعراف القوانين الانكلواميركية، حسم الأمر لصالح تكـريـس صـحة الأحكـام التحكيمية الصادرة عن محاكم تحكيمية مبتورة استقال أحد المحكمين فيها.
وقد تصدى للموضوع عدد كبير من العلماء نلقي نظرة على آرائهم في الموضوع:
1- البروفسور Georges Scelle مقرر اليونسترال 1951: الاستقالة مخالفـة للقـانون والحكم الصادر عن محكمة مبتورة صحيح:
بين أوائل من تصدوا للموضوع، البروفسور G. Scelle، مقرر لجنة قانون التجارة الدولية في الأمم المتحدة (اليونسترال) سنة 1951 وكان هو الذي دق ناقوس خطـر وسـائل المماطلـة والتسويف هذه! وكان ذلك في دورات اليونسترال باكراً في الأمم المتحدة منذ خمـسينات القـرن الماضي، حيث جرت محاولات لوضع معاهدات وتضمين القوانين النموذجية معالجة لهذا الأمر، بتشريع صحة الأحكام الصادرة عن المحكمة التحكيمية المبتورة، التي استقال احد محكميها بدون مبرر. وكتب البروفسور Scelle يقول: عن محاولة تعطيل التحكيم عن طريق استقالة محكـم خلال سير التحكيم، كتب يقول:
"الأمر غير مبرر، من زاوية حسن النية وهو مخالف كلياً للقانون" وبالتالي فليس هنـاك اي قاعدة قانونية تجيز ذلك من ناحية القانون الدولي، اذا فليس بإمكـان لا المحكـم المـستقيل ولا الطرف الذي سماه أن يشكك في صحة حكم تحكيمي صادر عن باقي المحكمين.
2- البروفسور Stephen Schwebel نائب رئيس محكمة العدل الدولية في لاهـاي 1987: الاستقالة مخالفة للقانون الدولي وللمبادئ العامة للقانون والمحكمـة المبتـورة هـي الحل :
يقول القاضي Stephen Schwebel: "ان استقالة عضو في المحكمة التحكيميـة الدوليـة، بدون اجازة أو موافقة هذه المحكمة هو مخالف للقانون الدولي وللمبادئ العامة للقانون المعتـرف بها. ان استقالة تعسفية لا مبرر لها كهذه، يجب ان لا تحرم محكمة تحكيمية دولية مـن سـلطة متابعة اجراءات المحاكمة واصدار الحكم التحكيمي. ثم يقـول القاضـي Schwebel ان الفقـه القانوني الدولي يميل بشكل واضح وبمساندة محكمة العدل الدولية لصالح حق المحكمة التحكيمية الدولية في حال اشكال يخلقه محكم، يميل إلى تبني حقها في متابعة اجراءات التحكـيم واصـدار حكم تحكيمي يكون صحيحاً".
3- Alain Redfern و Martin Hunter : إذا كانت الاستقالة فـي آخـر مراحـل التحكيم، الحل المناسب هو محكمة مبتورة من محكمين اثنين:
يقف العالمان القانونيان البريطانيان أمام الوقت الذي يقدم فيه المحكم استقالة بـدون مبـرر كاف. فإذا كان التحكيم في مراحله الاولى، اذ ذاك يجري استبدال المحكم المستقيل، اما اذا كـان التحكيم في مراحل متقدمة ويتطلب فصلاً سريعاً بالنزاع لحسن سير العدالة، فإنه يجري استبدال المحكم بصورة مستعجلة، اما اذا كانت الاستقالة في مرحلة متقدمة من التحكيم فان الحل المناسب هو أن يتابع المحكمان اجراءات التحكيم ويصدرا حكمهما التحكيمي كما حصل في دعاوى طبقت نظام اليونسترال او خضعت لنظام تحكيم غرفة التجارة الدولية.
ويضيفان أن الحل الامثل هو أن يلحظ نظام مركز التحكيم او اتفاق الطرفين هـذه الحالـة ويجيز نظام المركز التحكيمي اتفاق الطرفين الذي يجيز للمحكمين ان يتابعا اجـراءات التحكـيم ويصدرا حكمهما التحكيمي واذ ذاك ليس هناك شك في أن القضاء سيعطي صيغة التنفيـذ لـهـذا الحكم التحكيمي.
E. Gaillard -4 :لا يبقى سوى مطالبة المحكم المستقيل بالعطل والضرر:
يعتبر العلامة E. Gaillard أن كل القوانين لا تقبل باستقالة المحكم التي يقررها هو وحـده دون مبررات مقبولة. ويعتبر أن صيغة القانون الفرنسي متشددة، بالنسبة لإلزام المحكم بمتابعـة مهمته، اذ ان النصوص القانونية الفرنسية تلزم "المحكم بمتابعة مهمته إلى نهايتهـا. وكـذلك القانون البلجيكي الذي يقضي بأن "المحكم الذي قبل مهمته لا يمكنه التخلي عنها، الا اذا طلب ذلك من محكمة الدرجة الاولى وهي التي ترخص له". كذلك الهولندي يذهب فـي نفـس الاتجـاه المتشدد في إلزام المحكم بمتابعة مهمته، كمـا القـانون النمـوذجي للتحكـيم الـذي وضـعته اليونسترالالذي يشترط لاعفاء محكم قبل بمهمة، اشتراط ان تقبل هـذه الاستقالة مـن كـل الاطراف، أو من السلطة الخارجة عن التحكيم، أي اذا كان التحكيم مؤسساتياً، فمركـز التحكيم والا فالقضاء المختص أو سلطة التسمية.
القانون الألماني ينص على أن استقالة المحكم تكون مقبولة اذا كان استبداله يمكـن أن يـتم بدون صعوبات او لاسباب جدية. القانون النمساوي يفرض سبباً معقولاً للاستقالة.
ويضيف E. Gaillard أن انظمة قانونية أخرى، لم تنص على ذلك في قوانينهـا، ولكنهـا كرست المبدأ في اجتهادات محاكمها وبموجبه لا يحق للمحكم أن يستقيل الا لاسباب معقولة.
ويضيف العلامة Gaillard ولكن يجب أن نسلم أن الاستقالة غيـر المبـررة لا يمكـن معالجتها، اذ ليس هناك من وسائل لالزام المحكم بالقيام بعمل Obligation de faire فلا يبقـى سوى مطالبته بالعطل والضرر وتخفيض اتعابه. اذا حسب العلامة Gaillard ليس هناك وسـيلة سوى ملاحقة المحكم بالمسؤولية ومطالبته بالعطل والضرر وتخفيض أتعابـه ولكـن التحكـيم سيتعطل ولن يصدر حكماً يحسم النزاع. فهذه الوسيلة لا تفضي الى انقاذ التحكيم. فالتحكيم يمكن أن ينتهي، بأنهاء مهلته وبتعذر استبدال سريع للمحكم المستقيل. فكيف ننقذ التحكيم؟ هـل يـتـابع المحكمان الباقيان التحكيم الى نهايته؟ هل يمكن القبول بصحة الحكم التحكيمي الصادر عن هذين المحكمين؟
يجيب Gaillard انه من المشكوك فيه التسليم بنظريـة البروفسور Schwebel الـتـي تقضي بأن يتابع المحكمان وحدهما بكل بساطة سير التحكيم، لأن معظم القوانين، ولاسيما القانون النموذجي الذي وضعته اليونسترال كل هذه القوانين تقضي بأن المحكـم الـذي يـستقيل يجـب استبداله، (مع العلم ان العلامة البريطاني Veeder يختلف عن Gaillard في تفسير القـانون النموذجي اذ هو يعتبر أن القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته اليونسترال يمكن تفسيره أنـه يجيز صحة الأحكام التحكيمية الصادرة عن محكمة تحكيمية مبتورة، تابعت التحكيم الـى نهايتـه بعد استقالة غير مبررة من احد المحكمين).
فهناك اذا خلاف. فمعظم الفقه مع المحكمة المبتورة وأقلية منه تعتبر ان هذا الحل لا يتوافق مع القوانين المرعية!
ولكن العلامة Gaillard يعتبر انه بالرغم من ان الباب القانوني مقفل امـام المحكمـة المبتورة، فإن الباب يبقى مفتوحاً في كل القوانين امام اتفاق الأطراف في العقـد التحكيمـي على اي حل آخر، ومنه حل المحكمة المبتورة الذي اذا كان العقد التحكيمي ينص عليه فهو صحيح. وهكذا فإن Gaillard لا يبدو متبيناً المحكمة المبتورة الا اذا نـص عليهـا اتفـاق الطرفين.
ومن باب الأمانة يشير Gaillard الى ان القانون الهولندي في مادته 103 (قانون التحكيم) يسهل، منعاً لإضاعة الوقت بإجازة استئناف التحكيم من النقطة التي وصل اليهـا عنـد اسـتقالة المحكم، دون الرجوع الى أول اجراءات التحكيم من جديد.
5- البروفسور Thomas Clay: إذا تعذر الاستبدال فالحل بالمحكمة المبتورة
يعتبر البروفسور Thomas Clay انه أمام استقالة المحكم أو امتناعه، طرحت فكرة متابعة المحكمين لسير التحكيم بمحكمة مبتورة لتجنب تجميد التحكيم، ولكن هذه الفكرة تـصطدم بمبـدأ مساواة الأطراف، ولكن البروفسور Clay يعود فيقول – وكأنه يريد أن يقول وامرنا الله- يقـول أنه يجب استبدال المحكم، ولكن اذا رفض الطرف الذي سمى المحكم الاستبدال أو تعذر ذلك، اذ ذاك يمكن للمحكمة التحكيمية المبتورة أن تتابع التحكيم الى نهايته، ثم يـضيف Thomas Clay: وهذا الحل هو المعمول به في الوقت الحاضر.
خصص جزء هام من مؤتمر المجلس الدولي للتحكيم التجاري ICCA (الايكا) الذي انعقـد سنة 1990 لموضوع المحكمة التحكيمية المبتورة. ومن هذه المناقشات ولد التيار الفكري القانوني المساند للمحكمة التحكيمية المبتورة لقطع الطريق على هذه الوسيلة الجديدة المبتكرة من وسـائل المماطلة والتسويف في التحكيم، والتي تفضي بالفعل الى تعطيل التحكيم وأنهائـه بـدون حـسم النزاع.
تحدث القاضي Howard M. Holtzman الذي ترأس المؤتمر، فأكد ان استبدال المحك في هذه الحالة بمحكم جديد، لا يحل المشكلة، لاسيما اذا كان التحكيم في مراحل متقدمة، ففـضلاً عن المهل التي تضيق، يضاف الى ذلك أن المحكم الجديد يحتاج الى وقت ليلم بالقضية، ومن ثم فإن جلسات المحاكمة يجب اعادتها من أولها. كل ذلك لا يحل المشكلة. في هذه المرحلة "الحـل الوحيد العملي، كما يقول Holtzman هو ان يتابع المحكمـان الباقيـان اجـراءات المحاكمـة ويصدران الحكم التحكيمي في موقفه هذا كان القاضي Holtzman يلخص معظـم التقـارير القانونية المقدمة للمؤتمر والتعليقات عليها والتي بينت أن المحاكم القضائية سواء محاكم القوانين المدنية او محاكم اعراف القوانين الانكلو اميركية تحترم الاحكام التحكيمية الصادرة عن محـاكم تحكيمية مبتورة اذا اتفق الاطراف في العقد التحكيمي على ذلك أو أحال العقد التحكيمي الى نظام تحكيمي يلحظ المحكمة المبتورة. وختم بالقول انه حتى في غياب تعبير عن ارادة الاطراف، فمن الصعب تصور قضاء عصري لدولة محبذة للتحكيم التجاري الدولي، من الصعب تصور أبطـال قضاء هذه الدول للأحكام التحكيمية الصادرة عن محاكم تحكيمية مبتورة، يكون المحكم فيها قـد قاطع التحكيم في مرحلة المذاكرة. ويضيف أن القوانين الوطنية التي تشير الى مشاركة المحكمين الثلاثة يجب أن تعتبر أن حقها قد وصلها حين تكون كل فرص المشاركة قد قـدمت للمحكمـين الثلاثة .
ويقول العلامة البريطاني V. V. Veeder ان القانون النموذجي للتحكـيم كمـا فـي دول اعراف القوانين الانكلو أميركية فإنه حين تتوصل اكثرية المحكمين الى المذاكرة التي فيها ثلاثـة محكمين، فإن استقالة المحكم المخالف لا تمنع المحكمة التحكيمية من مواصلة وختـام المـذاكرة واصدار الحكم التحكيمي في غياب هذا المحكم المستقيل. القانون النموذجي للتحكيم كما التطبيـق العملي في الولايات المتحدة يقول العلامة Veeder يجيزان للمحكمة المبتورة المتابعة الى حـين اصدار الحكم التحكيمي.
ويشير البروفسور Ivan Szasz الى ان محكمة لندن التحكيمية الدولية لحظت وضـع المحكم الذي يرفض المشاركة بتحرير الحكم التحكيمي، بعد ان تكون قد عرضـت عليـه للمشاركة في تحريرها فامتنع، فإن المحكمين الاثنين الباقيين يتابعان الاجراءات التحكيمية في غيابه.
كذلك فإن سلطة المحكمة التحكيمية المبتورة معترف بها في قرار متخذ في مؤسسة القانون الدولي سنة 1989 Institut du droit international.
نبذة خامسة- مراكز التحكيم الدولي تتبنى المحكمة المبتورة واحكامهـا والتيـار المساند لهذا الحل مجمع في فقه واجتهاد اعراف القـوانين، وهـو يميـل الـي الارجحية في فقه واجتهاد القوانين المدنية
تبنت الهيئة الاميركية للتحكيم في نظامها الذي وضع موضع التنفيذ في 1/3/1991 المحكمة التحكيمية المبتورة وتركت للمحكمين الاثنين مسؤولية تقرير ما اذا كانا يتابعان التحكيم أم لا، فإذا قررا أن للاستقالة سبب وجيه جرى استبدال المحكم، اما في خلاف ذلك، فإن لهما سلطة متابعـة السير بالتحكيم واصدار حكم تحكيمي صحيح.
كذلك أقرت محكمة لندن التحكيمية المحكمة المبتورة في نظامها في حال استقالة المحك بدون مبرر وكرست صحة الحكم التحكيمي الصادر عن المحكمة المبتورة.
كذلك فعلت المنظمة الدولية للملكية الفكرية (OMPI) التي تبنى نظام مركزهـا التحكيم المحكمة التحكيمية المبتورة واحكامها في حال استقالة المحكمة كذلك فعلـت المحكمـة الدائمـة للتحكيم في لاهاي في نظامها الذي وضع موضع التنفيذ في 6/7/1993.
وفي مشروع التعديل على قواعد تحكيم اليونسترال بعد ثلاثين سنة من الممارسـة، وضـع تعديل على المادة 13 بإستبدال الفقرة الثانية التي صار نصها كما يلي:
2- في حالة اعتبار أحد الأطراف أن محكماً قد استقال لأسباب باطلة أو أنه مقصر في اداء وظائفه، يجوز له أن يلتمس من سلطة التعيين إما تبديل ذلك المحكم أو الإذن للمحكمين الآخرين بمواصلة التحكيم واتخاذ أي قرار. واذا رأت سلطة التعيين أن ظروف التحكيم تبرر تعيين محكم بدیل وجب عليها أن تقرر ما إذا كانت ستطبق الإجراء المنصوص عليه في المواد 6 الى 9 بشأن تعيين محكم ام أنها ستعين المحكم البديل. عدم قيام أحد المحكمين بمهمته أو فـي حالـة وجـود استحالة قانونية أو فعلية تحول دونه والقيام بها، تطبق الاجراءات المنصوص عليها في المـواد السابقة بشأن رد المحكمين وتبديلهم.
فالصورة التي تبدو اليوم هي أن مراكز التحكيم الدولية الكبرى قد تبنـت فكـرة المحكمـة المبتورة واعتمدتها. ونظام تحكيم غرفة التجارة الدولية وان لم يعتمد صـراحة الفكـرة، الا ان التطبيق العملي في دعوى Milutinovic التي خضعت لنظام الـ ICC، هذه الـدعوى اصـدر فيها المحكمان حكماً جزئياً وصادقت عليه محكمة التحكيم الدائمة للـ ICC. وقد تحول الاجتهاد الفرنسي في موقفه سنة 2005 فسلم بصحة الحكم التحكيمي الصادر عن محكمين اذا تعذر تعيين الحكم الثالث ولكنه اشترط أن يكون العقد التحكيمي قد لحظ ذلك ثم عادت محكمـة اسـتئناف باريس سنة 2007 فأعطت صيغة التنفيذ لحكم تحكيمي صادر عن محكمة مبتورة في دعوى بين شركة انكليزية والدولة المصرية فالاجتهاد الفرنسي بالنسبة للمحكمة المبتورة يخطو خطوة الى الامام ثم خطوة إلى الخلف.
والحدث الكبير في هذا المضمار هو تبني التعديلات المقترحة على قواعد تحكيم اليونسترال للمحكمة المبتورة وصحة قراراتها في حال استقالة المحكم التعسفية.
في دول اعراف القوانين اعتمدت المحكمة المبتورة من قبل الاجتهاد بينما اجتهاد القـوانين المدنية مازال متردداً ولكنه بدأ يميل منذ سنة 2007 في حكم جديد اشرنا اليه سابقاً أخذ يميل الى التسليم بالمحكمة المبتورة وهذه الخطوة الى الامام تؤكد اتجاه اجتهاد القوانين المدنية للإنضمام الى تيار الفقه في العالم، والى تيار الفقه والاجتهاد في دول أعراف القوانين الدولية، لاسيما وأن اليونسترال قد اعتمدت الفكرة أو هي في طريقها الى ذلك في مشروع تعديلاتها على قواعد تحكيم اليونسترال وقد شاركت في اقرار هذه التعديلات دول القوانين المدنية في الأمم المتحدة.
ماذا عن البلاد العربية؟
الموضوع لم يطرح بعد – على حد علمنا- ولكنه حين يطرح، فإن الحلول قـد اصـبحت جاهزة ولن يتخلى ركب الاجتهاد العربي عن مواكبة سير الفقه والاجتهاد في العالم، لاسيما بعـد مشروع تعديلات اليونسترال على قواعد التحكيم بعد تطبيق ثلاثين عاماً. وقد كانت الدول العربية مشاركة في هذه الدورات التي أقرت فيها هذه التعديلات التي تسلم بالمحكمة التحكيمية المبتـورة وأحكامها وهذه الدول تبنت المحكمة التحكيمية المبتورة لقطع الطريق أمام هذا الابتكـار الجديـد الساعي الى التسويف والمماطلة في التحكيم عن طريق تقديم المحكم استقالة غير مبررة وغيـر مفهومة وغير قانونية.