فلو فرضنا أن المحكم قد قبل القيام بالمهمة الموكلة اليه بموجب اتفاق التحكيم كتابة، ثم اراد بعد ذلك التنحي وترك هذه المهمة فهل يجوز له ذلك؟ واذا كان يجوز فمتى وماذا يترتب على هذا التحي؟
نقول ابتداء ان المبدأ في هذا الأمر انه لا يجوز للمحكم أن يتنحى عن مهمته متى ماشاء لأن ذلك قد يضر بالخصوم الأمر الذي يترتب عليه نشوء حق الخصوم بالمطالبة بالتعويض.
ولكن قد يطرأ بعد قبول المحكم للمهمة عذر یری قاضي الموضوع أنه مقبول كمرض شديد يمنعه من العمل أو سفر طويل أو غير ذلك مما قد يجعل القيام بالعمل مستحيلا أو متعسرة على أقل تقديره.
فالمشرع العراقي ينص على عدم جواز تنحي المحكم بعد ان يقبل التحكيم الا اذا كان لديه عذر مقبول وترك تقدير هذا الأمر للمحكمة المختصة الموقف مشابه في التشريع الفرنسي غير انه اشترط صراحة أن يتكشف السبب أو بظهر بعد تعيين المحكم فلايجوز للمحكم في فرنسا أن يتنحى لسبب كان موجودة قبل تعيينه وانما يجب أن يطرأ هذا السبب بعد قبوله للتعيين.
وان خلا النص العراقي من هذا الشرط الا اننا نرى انه من المنطقي الأخذ به من قبل القضاء فالمحكم المتنحي لسبب كان موجودة قبل قبوله للمهمة لاشك انه بعد غير مقدر لأهمية عمله وتأثيره على الخصوم وبالتالي لايجب تشجيعه على ذلك.
ولم ينص المشرع المصري الا على حالة واحدة اجوز فيها التنحي وهي حالة تقديم طلب برده فأعطى له الحق بالتنحي قبل فصل هيئة التحكيم بطلب الرد والمترتب على هذا التنحي في العراق ومصر تعيين بديل له كما عين هو اول مرة، غير انه يترتب على التنحي . انتهاء دعوى التحكيم مالم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.