تنحي المحكم بعد قبوله مهمة التحكيم وعدوله عن قبول التحكـيم ومدى جواز الحكم عليه بالتعويض : سبق أن أشرنا أنه لا يجبر أحد على قبول مهمة التحكيم ، وإنما إذا قبلها وجب عليه أن يتممها ولكن للمحكم رغم قبوله التحكيم أن يعدل عن هذا القبول قبل بدء خصومة التحكيم، كما أن له – بعـد بـدء خـصومة التحكيم – أن يتنحى عن التحكيم وإنما يجب أن يكون هناك سبب جدي يبرر العدول أو التنحي ويوجد هذا السبب الجدي إذا قام بعد قبول المحكم التحكيم ، أو بعد بدء إجراءاته، مانع يمنعه من مزاولة مهمتـه كما لو - أصابه مرض يقعده عن ذلك أو أضطر إلى سفر طويل يحـول دون أداء تلك المهمة في الميعاد المحدد للتحكيم .
كذلك الأمر اذا علـم بعـد قبولـه التحكيم أو بعد بدء إجراءاته بتوافر ما يؤدى إلى عدم إسـتقلاله أو عـدم حيدته مما قد يعتبر سبباً لرده ، أو حدث مما يعله لا يشعر بالاستقلال أو الحيدة أو يستشعر الحرج في القيام بمهمته أو الإستمرار فيها.
ويعود التنحي إلى محض إرادة المحكم ، وما يراه من سبب يدعوه إلى الاعتذار عن نظر القضية، فلا يجوز إجباره عليه .
ولهذا فإنه إذا طلب أحد أطراف التحكيم من المحكم التنحي عن نظر الدعوى ، فلـم يـستجب المحكم لهذا الطلب ، ولم يقم الطرف برد المحكم ، فإن الحكم الصادر مـن المحكم – رغم طلب تنحيه – لا يكون باطلاً ويلاحظ أنه إذا كان يمكن وفقاً للمادة ٢١ تحكـيم الإلتجـاء إلـى المحكمة المختصة وفقا للمادة ( 9 ) تحكيم لتعيين محكم بديل، فإنه في حالة إصرار محكم على التنحي ، لا يجوز – ولو كان إصراره دون عذر مقبول - الإلتجاء إلى المحكمة لإجبارة على الإستمرار في التحكـيم.
إذ مهمـة المحكم مهمة تتعلق بشخصه لا يجوز قانوناً إجباره على تنفيذها - وأثر العدول أو التنحي من المحكم ينتج بمجرد إعلان إرادة المحكم دون حاجة إلى قبول الأطراف ، أو باقى المحكمين .