للمحكم رغم قبوله التحكيم أن يعدل عن هذا القبول قبل بدء خصومة التحكيم ، على انه يجب أن يكون هناك سبب جدي يبرر العدول أو التنحي. و يوجد هذا السبب الجدي إذا قام بعد قبول المحكم التحكيم ، أو بعد بدء إجراءاته ، مانع يمنعه من مزاولة مهمته . كما لو أصابه مرض يقعده عن ذلك أو اضطر إلى سفر طويل يحول دون أداء تلك المهمة في الميعاد المحدد للتحكيم. كذلك الأمر إذا علم بعد قبوله التحكيم أو بعد بدء اجراءاته بتوافر ما يؤدى إلى عدم استقلاله أو عدم حيدته مما قد يعتبر سببا لرده، أو حدث ما يجعله لا يشعر بالاستقلال أو الحيدة أو يستشعر الحرج في القيام بمهمته أو الاستمرار فيها.
ويرجع التنحى الى محض ارادة المحكم ، وما يراه من سبب يدعوه الى الاعتذار عن نظر القضية ، فلايجوز إجباره عليه . ولهذا فانه اذا طلب احد اطراف التحكيم من المحكم التنحى عن نظر الدعوى ، فلم يستجب المحكم لهذا الطلب ، ولم يقم الطرف برد المحكم ، فإن الحكم الصادر من المحكم - رغم طلب تنحيه - لا يكون باطلاً.
ومن ناحية أخرى ، فإنه اذا كان يمكن وفقا للمادة ۲۱ تحكيم الالتجاء إلى المحكمة المختصة وفقا للمادة (۹) تحكيم لتعيين محكم بديل، فانه في حالة إصرار محكم على التنحي ، لا يجوز - ولو كان إصراره دون عذر مقبول - الالتجاء إلى المحكمة لإجباره على الاستمرار في التحكيم.
وينتج العدول أو التنحي من المحكم أثره بمجرد إعلان ارادة المحكم دون حاجة إلى قبول الأطراف، أو باقي المحكمين .
وقد كانت المادة ١/٥٠٣ مرافعات ( الملغاة ) تنص على انه إذا كان تنحى المحكم بغير عذر مقبول ((جاز الحكم عليه للخصم بالتعويضات )).
ولم يظهر هذا النص في قانون التحكيم ٤٧ لسنه ١٩٩٤ ، رغم وروده في تشريعات أجنبية أخرى . إذ تنص عليه المادة ١٤٦٢ مرافعات فرنسي جديد، والمادة ٣/٧٦٩ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني.
ويثير تنحى المحكم مشكلة في حالة ما إذا تنحى المحكم بعد بدء المداولة، أو تعمد عدم حضور جلسات التحكيم او عدم حضور جلسات المداولة، إذ قد يفعل هذا بقصد شل التحكيم لمصلحة الطرف الذي اختاره إذا شعر بان اتجاه باقي المحكمين يميل إلى الحكم لصالح الطرف الآخر.
