أما العزل القضائي، فإن قوانين التحكيم محل البحث تقضي بجواز عزل المحكم بقرار من المحكمة المختصة فبموجب القانون النموذجي للتحكيم إذا لم يتفق الطرفان على إنهاء مهمة المحكم يجوز لأي منهما أن يطلب إلى المحكمة أو إلى السلطة الأخرى المسماة في المادة (٦) أن تفصل في موضوع إنهاء ولاية المحكم وقرارها في ذلك يكون نهائياً.
وعلى ذات السياق ينص كل من قانوني التحكيم المصري والأردني على جواز عزل المحكم من المحكمة المختصة بناءً على طلب أحد الأطراف. لكن القانون الأردني يقضي بأن : " قرار المحكمة لا يقبل أي طريق من طرق الطعن ".
وهذا النص الوارد في القانون الأردني يتفق مع ما ورد في قانون التحكيم النموذجي ولا يوجد له نص مقابل في قوانين التحكيم العربية الأخرى عدا نظام التحكيم السعودي.
نفس المبدأ في عزل المحكم قضائياً انتهجه قانون التحكيم السوري ونظام التحكيم السعودي، إلا أن كل منها أضاف بعض الأحكام.
حيث نص قانون التحكيم السوري بأنه يترتب على تقديم طلب العزل تعليق إجراءات التحكيم ومدته إلى حين صدور القرار برفض طلب العزل أو إلى حين قبول المحكم البديل مهمته التحكيمية.
ونص نظام التحكيم السعودي كذلك بأنه ما لم يكن المحكّم مُعيّناً من المحكمة المختصة، فإنه لا يُعزل إلا باتفاق طرفي التحكيم . . وللمعزول المطالبة بالتعويض إن لم يكن العزل قد حصل بسبب منه.
أما قانون التحكيم اليمني وإن كان قد نص على جواز عزل المحكم . . . إلا أنه جعل العزل الاتفاقي والقضائي مسألة اختيارية ولم ينص كباقي القوانين إلى أنه ما لم يتفق الأطراف على عزل المحكم يجوز عزله من المحكمة المختصة بناء على طلب أحد الأطراف.
ومن جانب آخر ينص القانون اليمني بأن يقدم طلب عزل المحكم من قبل أحد الأطراف إلى هيئة التحكيم أو إلى المحكمة المختصة . . . ويتضح من ذلك أن هذا النص فيه ارتباك ويمكن تأويله لأكثر من معنى. إذ أن تقديم طلب عزل المحكم إلى هيئة التحكيم لا يبين الحكمة منه . . . فالهيئة ليس من اختصاصها أن تحيل الطلب إلى المحكمة . . . وليست الهيئة هي من تقرر عزل المحكم وإنها من يقرر ذلك المحكمة المختصة. وقد قضى بأنه : " يترتب على تقديم طلب عزل المحكم إلى المحكمة أن يتوقف المحكم عن نظر الدعوى حتى يحكم في الطلب ".
ويلاحظ مما تقدم أن موضوع عزل المحكم قضائياً أجازته قوانين التحكيم محل الدراسة، وأن المحكمة لا تقوم بعزل المحكم من تلقاء نفسها لعدم ارتباطه بالنظام العام، ولكن بناء على طلب أحد أطراف التحكيم، وأنه لابد أن يستند الطلب على أسباب جدية حتى تقتنع بها المحكمة.