إن عزل المحكم يكون فى الحالات التي قد تؤثر فى صلاحية المحكم لأداء ومباشرة مهمته، ويكون ذلك راجعا لإرادة الخصوم وليس للمحكمين . لأنه قد يتفق الخصوم جميعا على عزل المحكم، فإذا حدث العزل أثر ذلك على هيئة التحكيم، وقد يؤدى ذلك إلى انقضائها قبل أن تصدر حكمها فى النزاع المعروض أمامها.
ويعتبر عزل المحكم من الضمانات الهامة التي قررتها معظم التشريعات الوطنية الأطراف خصومة التحكيم فى مواجهة المحكم إمكانية اتفاقهم على عزله واستبداله، منها المادة (20) من القانون المصرى والمادة (2019) من القانون الأردني، والمادة (20، 21 من قانون التحكيم العماني، والمادة (25) من قانون التحكيم اليمنى، والمادة (234) من القانون البحرينى بالإضافة إلى العديد من الدول التي تنص على عزل المحكم في قوانينها.
وقد نصت على قاعدة العزل معظم التشريعات العربية والدولية :
منها ما نصت عليه المادة (2/13) من قواعد اليونسترال على أنه " في حالة عدم قيام أحد المحكمين بمهمته أو فى حالة وجود استحالة قانونية أو فعلية تحول دونه والقيام بما تطبق الإجراءات المنصوص عليها بشأن رد المحكمين وتبديلهم .
وأيضا نصت المادة (1/14) من القانون النموذجى على أنه " إذا أصبح المحكم غير قادر بحكم القانون أو بحكم الواقع على أداء وظائفه أو تخلف عن القيام بمهمته، تنتهى ولايته إذا هو تنحى عن وظيفته، وإذا اتفق الطرفان على إنهاء مهمته، أما إذا ظل هناك خلاف حول أى من هذه الأسباب فيجوز لأى من الطرفين أن يطلب إلى المحكمة أو إلى السلطة الأخرى المسماة فى المادة (6) أن تفصل في موضوع أنهاء ولاية المحكم، ويكون قرارها فى هذا الشأن نهائيا " .
وأيضا نصت المادة (20) من قانون التحكيم المصرى على أن " إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عند ادائها بما يؤدى إلى تأخير لامبرر له في إجراءات التحكيم، ولم يتنح، ولم يتفق الطرفان على عزله جاز للمحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون الأمر بانهاء مهمته بناء على طلب أي من الطرفين " .
ومن القوانين الأخرى التي نصت على عزل المحكم فى قوانين التحكيم الخاصة بها قانون التحكيم الأردني المادة (19 ،20) وقانون التحكيم العماني المادة (20) وقانون التحكيم اليمنى المادة (24) قانون التحكيم البحريني المادة (15،14) .
وأحيانا قد يتفق الخصوم على عزل المحكم قبل أن تبدأ مهمة التحكيم، أو بعد أن تبدأ مهمة التحكيم أو بعد صدور الحكم، وقد يكون بالإرادة المنفردة لأحدهم، في هذه الحالة فإنه يتم اللجوء إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر التراع لطلب العزل .
مما سبق يتضح لنا أنه لا يجوز عزل المحكم من جانب أحد الخصوم منفردا، إلا أنه يحق له أن يلجأ إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر التزاع ويطلب العزل على أن يبين في هذا الطلب الأسباب التي بناء عليها يطلب العزل، كما أنه يجب عليه أن يثبت تلك الأسباب التي يترتب عليها العزل .
وقد ذهب جانب من الفقه إلى القول بأنه لا يوجد ما يمنع من أن يلجأ أحد الخصوم إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر التراع بطلب العزل وقد استند هذا الرأى على الأسباب التالية :
1- قد ينقطع المحكم عن أداء المهمة بدون عذر مقبول، ولم يستطيع المحتكم صاحب المصلحة إثبات أنه يوجد هناك حالة من حالات الرد قد لحقت المحكم .
2- كذلك نصت المادة (20) من قانون التحكيم المصرى على أنه " إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدى إلى تأخير لامبرر له في إجراءات التحكيم، ولم يتنح ولم يتفق الطرفان على عزله جاز للمحكمة المختصة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون الأمر بإنهاء مهمته بناء على طلب أى من الطرفين ".
وبناء عليه يتضح لنا مما تقدم أنه إذا لم يتفق الأطراف على عزل المحكم، ورأى أحدهم أنه يتعذر عليه أدائه لمهمته أو تقاعس عن مباشرة مهمته أو انقطع عن أدائها على نحو يؤدى إلى تأخير الفصل فى النزاع، ولم يتنح المحكم من تلقاء نفسه جاز له أن يطلب من المحكمة المختصة بنظر النزاع الأمر بإنهاء مهمة المحكم، وللمحكمة سلطة تقديرية في إجابة الخصم إلى طلبه أو رفضه، وذلك على ضوء مدى جدية ما يقدم إليها من أسباب العزل .
وكما تنتهى مهمة المحكم ،بعزله فإنها أيضا تنتهى بسبب امتناعه عن العمل أو رده أو عدم صلاحيته، وتنتهى أيضا بسبب وفاته أو فقده الأهلية أو الحكم بشهر إفلاسه أو معاقبته بعقوبة جنائية .
وهذا هو ما ذهب عليه المشرع المصرى فى المادة (20) من قانون التحكيم والتي يترتب عليها إنهاء مهمة المحكم بل وتتدخل المحكمة المختصة بعزل المحكم بناء على طلب أحد الخصوم بإرادته المنفردة، أو فى حالة عدم اتفاق طرفي التحكيم على العزل وهو بذلك المسلك يؤكد دور القضاء المساعد والداعم للتحكيم .