عزل المحكم بواسطة الأطراف، هو اتجاه إرادة أطراف خصومة التحكيم جميعا، لسحب مهمة الأصل في النزاع من المحكم.
وإذا كان يترتب على رد المحكم - الذي يتم بحكم المحكمة بناء على طلب أحد الخصوم - اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، كأن لم تكن ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل خصومة التحكيم، فمن باب أولى يترتب ذلك أيضا على عزل المحكم، نظرا لأن العزل يدل على أن أطراف خصومة التحكيم كلهم لا يرغبون في قيام المحكم بالفصل في المهمة المنوط بها.
وتخول المادة ۲۰ المحكمة المشار إليها في المادة 9 المحكمة الأمر بإنهاء مهمة المحكم بناء على طلب أي طرف من أطراف خصومة التحكيم، إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها، مما أدى إلى تأخير لا مبرر له في إجراءات التحكيم، ولم يتح ولم يتفق الطرفان على عزله وفقا لقواعد الأمر على العرائض، وبالتالي يجوز التظلم منه أمامها. وتجعل المادة ۲/ ۱د من قانون التحكيم الإنجليزي هذا السبب ضمن أسباب رد المحكم.
تنظیم موضوع أخلاقيات الحكمين:
تتبنى العديد من مؤسسات التحكيم معاييرا إرشادية لما يجب أن يكون عليه سلوك المحكم، بمجرد قبوله مهمة التحكيم، مرورا بمرحلة مباشرة إجراء، حتى صدور حكم التحكيم، فضلا عن مرحلة ما بعد صدور الحكم. مثال ذلك ما وضعه اتحاد التحكيم الأمريكي AAA بالتعاون مع نقابة المحامين الأمريكية الفيدرالية ABA من قواعد إرشادية المحكمين عن السلوك المقبول أثناء وبعد مباشرة قضايا التحكيم المختلفة.
وتتكلم هذه القواعد عن وجوب أن يكون المحكم، قادرا على حل النزاع بإتقان وكفاءة عالية، وأن يبقى حرا وطليقا من أية مؤثرات أو محاباه، وأن يوفر الوقت والجهد اللازمين للفصل في النزاع. كما يجب عليه أن يتأكد من اختصاصه بالنزاع، وأن يكون عالما بلغة التحكيم، وألا يسعی من تلقاء نفسه ليحث أي طرف على أن يختاره محكما. كما يجب ألا يكون هناك علاقات اقتصادية أو عمل، مع أي طرف أو مع الشهود أثناء مباشرة المهمة أما علاقات العمل السابقة فإنها لا تؤثر في قبول التعيين كمحكم، ما لم تكن الها تاثير في الحكم، ويجب عليه أن يكشف كناية عن المعاملات السابقة أو الحالية.
المسئولية المدنية للمحكم:
يخضع المحكم في بلاد القانون المدني عند مباشرة التحكيم للقواعد العامة في المسئولية ، إذا ارتكب خطا ما ترتب عليه ضرر باحد اطراف خصومة التحكيم ، وليس لقواعد مخاصمة القضاة ، ويسري عليه الأمر ولو كان قاضيا يباشر مهمته بإذن من مجلس القضاء الأعلى.
أما بلاد القانون الأنجلوسكسونی، فلا تعرف إلا مبدأ حصانة المحكم. وفي هذا الصدد تقضى المادة ۲۹ من قانون التحكيم الانجليزي بحصانة المحكم وتابعيه من تحمل أية مسئولية، أثناء ممارسة المهمة الموكولة إليهم، إلا إذا ارتكبوا خطا بسوء نية .
وبالرغم من وجود مبدا حصانة المحكم، إلا أنه يتحمل المسئولية الناشئة عن تنحية، إذا ترتب عنها ضرر لأي طرف (المادة 25 تحكيم انجلیزی)
وإذا تتحي المحكم بعذر مقبول عن مباشرته مهمته، فإنه يستطيع أن يطلب من القاضي المصاريف والأتعاب المستحقة له، إذا لم يتوصل إلى اتفاق مع الأطراف في هذا الصدد (المادة25 من قانون التحكيم الإنجليزي). وتعطي هذه المادة أيضا للمحكم، إذا تتحی بعذر مقبول، أن يطلب شهادة براءة ذمة من كل مسئولية. وللقاضي أن يصدر أمرا للمحكم بإعادة الأتعاب و المصاريف، التي أخذها دون حق، بناء على طلب الأطراف.
أما عن موقف منظمات التحكيم ، فنجد المادة ۳۱ من نظام تحكيم محكمة لندن للتحكيم الدولي تقضي بإعفاء المحكمة (وتشمل هذه العبارة الرئيس ونائب الرئيس والأعضاء والكاتب ونائب الكاتب والمحكمين والخبير الذي تعينه المحكمة من أية مسئولية تنشأ أثناء مباشرة المهمة الموكولة إليهم، إلا إذا كان هناك سوء نية منهم. وهذا أيضا ما أكدته المادة 36 من نظام هيئة التحكيم الأمريكية.