بعد توفر الأسباب التي يعتقد طالب الرد بجديتها وظهورها بعد تعيينه فإلى من يقدم هذا الطلب؟
يعقد المشرع العراقي الاختصاص في نظر النزاع للمحكمة المختصة أصلاً بنظرالطلبات وعقد المشرع الفرنسي هذا الاختصاص لرئيس المحكمة المختصة بنظر النزاع) وقد لا يظهر الفرق بين الموقف العراقي جلياً اذا كان النزاع من اختصاص محاكم الدرجة الأولى ولكنه يظهر في محاكم الدرجة الثانية حيث يختص به وفقاً للقانون الفرنسي رئيس المحكمة دون باقي الاعضاء وتختص به الهيئة القضائية وفقاً للقانون العراقي.
أما المشرع المصري فقد جاء بحكم منفرد يثنى عليه فقد عقد الاختصاص أولاً لهيئة التحكيم ذاتها ولا تفصل فيه هذه الهيئة إلا اذا لم يتنح المحكم من تلقاء نفسه بعد تقديم طلب الرد وهذا الحكم محمود من وجه أنه يحفظ لهيئة التحكيم هيبتها واستقلالها ويؤكد حيادها بأن يجعلها هي صاحبة الاختصاص في نظر الطلب هذا من جهة ومن جهة اخرى يترك المجال للمحكم بأن يتنحى قبل أن تعزله أية جهة حفاظاً على هيبة المحكم ودون عمل حق طالب الرد المحق بطلبه.
ثم يعود المشرع المصري ويجعل الطعن في قرار هذه الهيئة من اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وإذا كان التحكيم يتعلق بالتجارة الدولية فالاختصاص يكون المحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على محكمة استئناف أخرى في مصر ويكون قرار هذه المحكمة غير قابل للطعن.
بينما في التحكيم المنظم يكون الاختصاص عادة لجهة تسميها قواعد الاحتكام لدى تلك الهيئات المتخصصة فمثلا تختص محكمة التحكيم في غرفة التجارة الدولية بنظر طلب الرد بعد أن تسأل المحكم ليبين وجهة نظره بالنسبة لأسس الاعتراض .
بينما يختص المجلس الأعلى للتحكيم وفقاً لنظام الغرف العربية الأوربية في حال قدم طلب الرد للمرة الثانية بخصوص المحكم المعين من قبل الطرف الآخر لأنه يحق لكل طرف أن يرد محكم الطرف الآخر في البداية ودون إعطاء تبرير أو سبب.
وبالنسبة للمحكم الوحيد أو المحكم الثالث فيختص هذا المجلس بالنظر في أي طعن فيه ويجوز للمجلس استبداله مباشرة وهي نصوص غريبة تقلل من أهمية المحكم بأن تجعل للطرف الاخر رده دون سبب أو مبرر وهو حق قد يستعمله كل من يحتكم لدى هذه الجهة لا لشيء ولكن ليضيع على الطرف الاخر فرصة الحصول على محكم يرتاح إلى حكمه وكذلك بالنسبة للمحكم الاخر فكأن من يقدم طلب الرد بالنسبة للمحكم الوحيد أو المحكم الثالث يتنازل عن حقه في التعيين.
وتحدد قواعد الاونسترال أسلوباً مختلفاً اقترب منه المشرع المصري كثيراً حيث يتوجب على طالب الرد ابلاغ اعتراضه إلى الطرف الآخر وإلى المحكم المعترض عليه وكذلك إلى اعضاء محكمة التحكيم الاخرين ويكون الإبلاغ كتابة ويذكر فيه أسباب طالب الرد.
وقد يوافق الطرف الآخر أو أن ينسحب من مهمته بعد الاعتراض وتوضح هذه القواعد صراحة بأن ذلك لا يعني القبول الضمني بصحة الأسس التي بني عليها الاعتراض. وفي باقي الأحوال يقدم الطلب لسلطة التعيين للبت فيه.
رابعا: وقت تقديم الطلب
والسؤال الذي تجيب عنه هذه الفقرة هو هل من يملك تقديم هذا الطلب حر في أي وقت يقدمه وعلى أية حال كانت عليها إجراءات التحكيم؟
سکت المشرع العراقي والفرنسي عن تحديد الوقت الذي يقدم فيه طلب الرد، في حين حدد التشريع المصري مدة 15 يوماً من تاريخ علم طالب الرد بالظروف المبررة للرد وهي ذات الفترة التي حددتها قبل ذلك قواعد الاونسترال.
والسؤال الذي أجابت عنه بعض التشريعات هو أيمكن تقديم طلب الرد بعد صدور القرار ام يتوجب قبل ذلك؟
نحن نرى أن هذا الطلب يجب أن يقدم ضمن فترة معقولة قبل إصدار قرار التحكيم لان مهمة المحكم تنتهي بإصدار القرار وتزول عنه الصفة حكمة والطعن بعد ذلك يوجه للحكم الذي اصدره لا لشخصه ثم إن التأخر بتقديم الطعن مع توافر أسبابه الجدية لغاية إصدار الحكم تقصير من قبل المتضرر.
ولا يصدق هذا فيما يتعلق بالتشريع المصري لأن ما نفهمه من الفقرة الرابعة من المادة 19 من قانون التحكيم المصري هو جواز تقديم طلب الرد حتى بعد صدور حكم المحكمين وهو أمر منتقد كما لاحظنا.
خامسا: آثار تقديم الطلب والبت فيه
أي ما الذي يترتب على تقديم طلب رد المحكم واذا بت فيه فما هو المترتب على هذا البت؟
فنقول ابتداء أيترتب على تقديم الطلب وقف إجراءات التحكيم انتظاراً لنتيجة الرد؟ أم أن الهيئة تستمر بإجراءاتها؟ ففي التشريع العراقي يرد على هذا السؤال بأن تتوقف الإجراءات ويعتبر تقديم الطلب مانعة موقفاً لسريان المدة التي اتفق عليها الطرفان حتى زوال هذا المانع بصدور القرار من الجهة المختصة وهو الحكم ذاته بالنسبة لرد القاضي.
وقد نص التشريع المصري صراحة على أنه (لا يترتب على تقديم طلب الرد إلى هيئة التحكيم ولا يترتب كذلك على الطعن في حكم الهيئة الرافض للطلب المذكور وقف إجراءات التحكيم). وهو حكم حكمته لسد الباب بوجه الطرف سيء النية الذي قد لا يريد من تقديم الطلب المذكور سوى التأخير في الفصل في النزاع وقد سكت المشرع الفرنسي عن النص على هذه الحالة فلا تنقطع دعوى التحكيم إذن.
ونحن لا نفضل قطع الإجراءات بتقديم الطلب فلا مجال لجعل هذه الإجراءات مهددة بالوقف لمجرد تقديم طلب وخصوصاً ضمن نص الإاباحة الواسع الذي تركه المشرع العراقي فهو لم يقيد الحرية للطرف، سيئ النية في تطويل حسم النزاع وتعطيل عمل المحكم بتقديم طلبات الرد المغرضة ولا أجد إمكانية لتطبيق الحماية التي قررها القانون حماية القاضي من تكرار طلبات الرد بفرض الغرامة ومضاعفتها في حال التكرار وان كنا نرى وجوب حماية المحكم من هذه الحالة.
ولا يقبل المشرع المصري طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب لرد ذات المحكم في ذات دعوى التحكيم) ويعمل هذا الحكم جنباً إلى جنب الحكم الذي يقرر عدم وقف الإجراءات في حماية المحكم وسد باب التسويف والمماطلة.
سادسا : آثار البت في طلب الرد
ينتج عن تقديم طلب الرد إما أن يقبل هذا الطلب ويعزل المحكم أو يرفض الرد ويستمر المحكم في أداء مهمته.
ففي حالة قبول طلب الرد ينص المشرع الفرنسي على انتهاء دعوى التحكيم بعزل المحكم اذا لم تتفق الأطراف على خلاف ذلك وهو موقف يبرز اهمية المحكم في دعوى التحكيم واعتباره محل اعتبار في العقد.
اما المشرع المصري فقد نص على وجوب تعيين بديل له بنفس الطريقة التي تتبع شيء اختيار محكم انتهت مهمته ويترتب على قبول الرد أيضاً ابطال كل إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين وكأنها لم تكن وقرار المحكمة برد المحكم أو رفض رده، أما الموقف في العراق فهو إذا عزلت المحكمة المحكم فيرجع لاتفاق انضرب في شل الشأن إذا كان هناك اتفاق معين فإذا لم يكن جاز لأحدهم مراجعة المحكمة لنصه و النزاع لتعيين من يخلفه ولم ينص على ابطال الإجراءات وإن كان هذا هو الحل الطبيعي ونحن ضد ابطال الإجراءات لأن في ذلك إضاعة للوقت والجهد فلم لا يستفيد المحكم من الإجراءات التي يرى أنها سليمة ويستبدل ما لا يرى فيه ذلك.