لا يجوز طلب رد المحكم من الطرف الذي كان قد عينه، أو شارك في تعيينه، إلا لسبب علم به بعد التعيين ومعنى ذلك أنه لا مجال لرد المحكم لأسباب كان يعلمها طالب الرد وقت تعيين المحكم، ويعني ذلك موافقته الضمنية على هذا الوضع، وأنه قد تنازل عن حقه لطلب الرد، وإذا كان لم يعلم بأسباب الرد فعليه أن يثبت توافرها، ونفي علمه بوجودها بجميع طرق الإثبات باعتبارها واقعة مادية.
أما بالنسبة لميعاد طلب الرد فلم ينص عليه المشرع الجزائري ولكنه أكد على طابعه الاستعجالي ، كما لم يفرد المشرع الجزائري نصًا لمعالجة عبء إثبات سبب الرد في حالة رد المحكمين، والحقيقة أن مشكلة عبء إثبات عدم العلم بسبب الرد- ثارت في فرنسا-، وطبقًا للقاعدة التقليدية البينة على المدعي فإن من يدعي أنه يجهل سبب الرد عليه إقامة الدليل على ذلك، ولكن القضاء رأى أن التكليف بإثبات عدم العلم هو تكليف بإثبات واقعة سلبية وهو أمر مستحيل عملًا من وجه نظر القضاء، ومن ثم فإن عبء الإثبات يلتزم به المطلوب رده حيث يثبت أن طالب الرد كان يعلم بسبب الرد ولكنه لم يتمسك به، وميزة هذا الحل أن الإثبات سوف ينصب في هذا الغرض على واقعية إيجابية وهي علم الطرف الآخر.
وجدير بالذكر أن مسألة صعوبة الإثبات قد ناقشها مؤتمر علمي عقد في فرنسا، كما شغلت الفقه أيضًا، وقد اقترح لحل هذه المسألة أن يجنب أطراف التحكيم هذه المسألة وأن يلقى على عاتق المحكم ذاته التزام بأن يبلغ أطراف التحكيم بالظروف التي من شأنها أن تؤثر على استقلاله في أداء عمله.
( 111)