الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / أسباب رد المحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 1 / شرط التحكيم يرد في العقد مثل سائر الشروط وليست له ای استقلالية عن العقد.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 1
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    1

التفاصيل طباعة نسخ

عدم استقلالية شرط التحكيم - مثله مثل الشروط الأخرى - بإنتهاء مدة الإتفاقية ينتهي

 

شرط التحكيم.

 

1- ... وحيث ان ما اشارت اليه محكمة الموضوع في حكمها إلى أن شرط التحكيم ببقى اثره نافذا أثناء فترة سريان الاتفاقية أو بعد انتهائها طالما ان نص البند (20) من الاتفاقية والخاص بالتحكيم جاء خاليا من أي قيد زمني لأعمال الاتفاقية هو فهم خاطئ لشرط التحكيم في مجمله بوصفه شرطا يرد في العقد مثله مثل الشروط الأخرى التي تنصرف اليها نية المتعاقدين ويرتبط وجوده بوجود الاتفاقية في حد ذاتها، ولا يمكن أن يفهم ان شرط التحكيم وجد لحكم العلاقة بين الطرفين الى الابد أو أن لا يكون مفيداً بالقيد الزمني للاتفاقية، فالغرض والهدف من نص التحكيم هو تطبيق وتنفيذ العقد وليس الهدف منه التجاوز والسمو فوق العقد. وحيث يبين مما سلف ودون التطرق إلى باقي اسباب الاستئناف ان الحكم المستأنف قد أخطأ لما اعتبر شرط التحكيم وقضى بعدم قبول الدعوى رغم انتهاء مدة الاتفاقية بين الطرفين في 2003/6/30 م، ومن المعلوم أنه بانتهائها تنتهي كافة الآثار القانونية الناتجة عنها، إذ لا يمكن أن يفهم ان شرط التحكيم وجد لحكم العلاقة بين الطرفين إلى الأبد....

 

(سلطنة عمان - مسقط- محكمة الاستئناف - برئاسة القاضي/ الطاهر مراسلو (رئيسا) والقاضي/ علي بن عبد الله الهاشمي (عضوا) والقاضي سعودي كامل السيد (عضوا) في الجلسة المنعقدة الاثنين 1426/9/13 هـ الموافق 2005/10/17م الاستئناف رقم 2005/221م - المستأنفة: شركة بديلايت اندسيترين ليمتد، المستأنف ضدها: شركة أصباغ يوم سادولین).

 

هل يمكن إعمال شرط التحكيم مع انتهاء مدة العقد الذي تضمنه؟

 

الدكتور عبدالله محمد السعيدي

 

وجهة نظر حول الحكم الصادر من المحكمة العليا بسلطنة عمان بتاريخ 17 مايو 2006م

 

في الطعن رقم 2005/226م الدائرة التجارية، ورقم 2005/221م استئناف مسقط: -

 

تتلخص وقائع هذه الدعوى في أنه بتاريخ 1992/12/21م تم توقيع اتفاقية ترخيص مدتها عشر سنوات تنتهي في 2002/12/21م بين شركة بيدلايت اند استيرز ليمتد المالكة للعلامة التجارية (فيفيكول) والعلامة (شكل قلين) والعلامة (بولبوند) وهي المسجلة في سلطنة عمان وتستخدمها في الهند وخارجها، وهذه الشركة هي المدعية ابتداء في هذه الدعوى، والمدعى عليها شركة أصباغ سادولين (عمان المحدودة) الطرف الآخر في الاتفاقية. تمنح بموجبها الشركة المدعية الشركة المدعى عليها المعرفة الفنية والتقنية والترخيص لاستخدام علامات المدعية التجارية بجانبها العلامة (فيفيكول) على المنتجات المصنعة بواسطة المدعى عليها وفقاً لهذه الاتفاقية. وقد تم تحديد هذه الاتفاقية لمدة ستة أشهر أخرى تنتهي في 2003/6/30 وقد تضمنت هذه الاتفاقية شرطاً ينص على حل اية خلافات تنشأ بين الطرفين عن طريق التحكيم، والزمت المدعى عليها وفقا للبند (8) من الاتفاقية في حالة انتهاء أو عدم تجديد الاتفاقية لأي سبب كان بالتوقف عن استعمال جميع العلامات التجارية المملوكة للمدعية التي استعملتها خلال مدة الاتفاقية.

 

بيد أنه خلافاً لما سبق قامت المدعى عليها بعد انتهاء الاتفاقية بإنتاج وبيع منتجات تحمل علامات مشابهة ومقلدة لعلامات الشركة المدعية، بل أنه قبل انتهاء مدة الاتفاقية قامت الشركة المدعى عليها بإرسال خطاب تعميم لعملائها توضح لهم فيه انه ونسبة لانتهاء اتفاقية الترخيص مع الشركة المدعية ستبدأ في انتاج منتجات بنفس جودة منتجات الشركة المدعية تحمل العلامة

 

السابقة.

 

وبتاريخ 2003/12/13م ارسلت الشركة المدعية إخطاراً قانونياً للمدعى عليها تطالبها بالتوقف عن انتهاك حقوقها، وردت المدعى عليها بعدم قيامها بالتعدي. مما حدا المدعية برفع دعوى امام المحكمة الابتدائية بمسقط طالبت في ختام الصحيفة إلزام المدعى عليها بالتوقف فوراً عن تصنيع أو بيع منتجات تحمل العلامات المقلدة فيدوكول، وفيدوبوند المتشابهتين والمملوكتين لعلامات المدعية المسجلة، وعن تقليد علامات المدعية المسجلة في حقوقها الأدبية ومصادرة تلك المنتجات المقلدة لدى المدعى عليها وبالسوق المحلي مع احتفاظ المدعية بحق الرجوع على المدعى عليها عن الاضرار والخسائر.

 

دفعت المدعى عليها أمام المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وبعد عدة جلسات اصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وقالت في حيثيات حكمها أنه "وحيث انه عن الدفع بعدم قبول الدعوى من المدعى عليه لوجود شرط التحكيم فانه من المقرر طبقا لنص المادة 1/13 من قانون التحكيم العماني انه يجب على المحكمة التي يرفع اليها نزاع يوجد بشأنه تحكيم ان تحكم بعدم قبول الدعوى اذا دفع المدعى عليه قبل ابدائه اي طلب او دفاع في الدعوى، ولما كان الثابت في هذه الدعوى انه يوجد اتفاق على التحكيم في البند (20) من الاتفاقية المبرمة بين المدعية والمدعى عليها المؤرخة 1992/12/21م وهذا البند صار صحيحا فان أي خلافات تنشأ بين الطرفين تحل عن طريق التحكيم وخلا هذا البند من أي قيد زمني لإعمال الاتفاق على التحكيم ومن ثم تطرح المحكمة دفاع المدعى عليها (الصحيح دفاع المدعية) من أن شرط التحكيم نص فيه خلال مدة سريان الاتفاقية فهذه العبارة غير موجودة في هذا البند بالاضافة الى ان التحكيم اذا ما نص عليه يبقى أثره نافذاً اثناء فترة سريان الاتفاقية لو بعد انتهائها مما ترى معه المحكمة ان هذا الدفع صادف صحيح القانون جديراً بالقبول والأخذ به وعلى النحو الذي سيرد في المنطوق حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وألزمت المدعية المصاريف".

 

وحيث ان المدعية لم ترتض هذا الحكم قطعنت عليه بصحيفة استئناف أودعتها امانة سر المحكمة بتاريخ 2005/3/2م طلبت في ختامها الحكم بالآتي: الغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى بالاضافة الى طلبات أخرى... وبعد مداولات مستفيضة اصدرت محكمة الاستئناف حكمها بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية بمسقط للحكم في الموضوع". وقد عللت محكمة الاستئناف هذا الحكم بالقول "وحيث عن الاتفاقية المشار اليها في حكم المحكمة الابتدائية انتهت مدتها باتفاق الطرفين بتاريخ 2003/6/30م، ومن ثم انتهت كافة الآثار القانونية الناتجة عنها وبالتالي فان كافة الالتزامات الناشئة عن الاتفاقية قد انتهت وفقاً لمفهوم العقد ومبادئ التعاقد.

 

وحيث أن ما اشارت اليه محكمة الموضـوع في حكمهـا إلى أن شرط التحكيم يبقى اثره نافذاً اثناء فترة سريان الاتفاقية أو بعد التهائها طالما نص البند (20) من الاتفاقية والخاص بالتحكيم جاء خالياً من أي قيد زمني لأعمال الاتفاقية هو فهم خاطئ لشرط التحكيم في مجمله بوصفه شرطاً يرد في العقد مثله مثل الشروط الاخرى التي تتصرف اليها نية المتعاقدين ويرتبط وجوده بوجود الاتفاقية في حد ذاتها، ولا يمكن أن يفهم أن شرط التحكيم وجد لحكم العلاقة بين الطرفين الى الابد أو أن لا يكون مفيدا بالقيد الزمني للاتفاقية، فالغرض والهدف من نص التحكيم هو تطبيق وتنفيذ العقد وليس الهدف منه التجاوز والسمو فوق العقد.

 

وحيث يبين مما سلف ودون التطرق الى باقي اسباب الاستئناف ان الحكم المستأنف قد أخطأ لما اعتبر شرط التحكيم وقضي بعدم قبول الدعوى رغم انتهاء مدة الاتفاقية بين الطرفين في 2003/6/30م، ومن المعلوم أنه بانتهائها تنتهي كافة الآثار القانونية الناتجة عنها، اذ لا يمكن أن يفهم ان شرط التحكيم وجد لحكم العلاقة بين الطرفين إلى الأبد، ورغم ان الدعوى حسب الثابت من الاوراق تم تأسيسها على انتهاك المستأنف ضدها وتعديها على علامات المستأنفة التجارية بالتقليد وانتهاكها لحقوق الملكية الفكرية للمستأنفة والمنافسة غير المشروعة، مما يتعين معه الغاء الحكم المستأنف فيما قضى به، وحيث ان الحكم المستأنف قضى في الشكل ولم يقض في موضوع الدعوى ومن ثم تكون المحكمة الابتدائية لم تستنفذ ولايتها بعد، مما يتعين معه الغاء الحكم المستأنف والقضـاء من جديد بإعادة القضية الى محكمة الدرجة الاولى بمسقط للحكم في موضوعها عملا بنص المادة (228) اجراءات".

 

وقد أيدت المحكمة العليا حكم محكمة الاستئناف قائلة "وحيث يبرز بكل وضوح مما سلف ايراده من تسبيب الحكم المطعون فيه وما تبين من الاطلاع على صحيفة افتتاح الدعوى وما تبادله الطرفان من ملحوظات في درجتي التقاضي وما تضمنته الاتفاقية المبرمة بين الطرفين ان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يقوم على أساس متين علل قضاءه تعليلاً سائغاً واقعاً وقانوناً مستوفيا البيان ومستمداً مما له اصل ثابت في الاوراق فكان ما تقدم بمنأى عن شائبة الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال مما يجعل النعي عليه بما ذكر على غير اساس... فلهذه الاسباب... حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً والزام الطاعنة

 

بالمصاريف ومصادرة الكفالة".

 

مما يلاحظ على حكم محكمة الاستئناف والمحكمة العليا أنهما جانبا الصواب في ما يتعلق بتفسيرهما لمدى الزام شرط التحكيم الوارد في الاتفاقية لطرفي العقد... حيث أن هذا الشرط جاء واضحاً بإحالة جميع الخلافات التي تنشأ عن تنفيذ هذه الاتفاقية إلى التحكيم، وبالتالي فان هذا الشرط عل يد القضاء الوطني عن نظر هذه القضية طالما دفع بوجوده المدعى عليه قبل إبداء أي طلب او دفاع في الدعوى كما ينص على ذلك قانون التحكيم العماني".

 

وما أوردته المحكمتان من تعليل لحكميهما من انه ما دامت الاتفاقية التي ضمت شرط التحكيم قد انتهى أجلها فبالتالي تنتهي جميع شروط الاتفاقية بما فيها شرط التحكيم، لا يتفق أبداً مع نظرية استقلال شرط التحكيم الذي اصبح سائداً منذ مدة طويلة في معظم القوانين الوطنية ولوائح مراكز التحكيم حول العالم واحكام المحكمين الكثيرة التي أكدت على هذه النظرية. ومن هذه القوانين قانون التحكيم العماني المشار اليه، الذي أكد على هذه الاستقلالية بشكل واضح لا يقبل ولا يحتمل اي مجال للتفسير أو التأويل، حيث نص في المادة (23) صراحة على أنه "يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو انهائه أي اثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته"، فهذا النص أكد بما لا يدع مجالا لأي شك ان شرط التحكيم ما دام صحيحاً في ذاته فانه يكون مستقلاً استقلالا لا يقبل اية تبعية مع الاتفاقية التي ضمته، ويظل سارياً حتى بعد إنهاء الاتفاقية أو الغائها، مهما كانت المبررات والاسباب لأن مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الاصلي المبرم بين اطرافه يعد من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام التحكيم سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، والا كيف يتصور أن يكون هناك تحكيم اذا لم يحترم شرط التحكيم الوارد في الاتفاقية نفسها او کشرط مستقل بذاته في اتفاق مستقل اذا اتجهت ارادة أطراف العقد الى ذلك. واذا ما عدنا الى هذا الموضوع نلاحظ أن المحكمة الابتدائية قد وفقت في حكمها حيث اكدت

 

على ان التحكيم اذا ما تم الاتفاق عليه بين الاطراف يبقى ساريا ونافذاً أثناء فترة سريان الاتفاقية

 

او بعد انتهائها.

 

الدكتور عبدالله محمد السعيدي