نقول ابتداءً أنه يجوز لكلا الطرفين تقديم طلب رد المحكم الوحيد الذي اتفقا على تعيينه أو أي محكم في هيئة التحكيم إذا تعددوا . أو إذا اتفق الطرفان على تعيينه ثم ظهر لأحد الطرفين سبب يجعله يشكك في حياده واستقلاله.
وإذا قلنا أن الطرفين يجوز لهما تقديم هذا الطلب فهل يجوز للغير أن يقدم هذا الطلب؟ المجرد أنه يشك بحياد المحكم واستقلاله وحرصاً من الغير على سير العدالة أو أن له مصلحة معينة في حسم النزاع وفقاً لنتيجة معينة ما كان المحكم المعين ليحققها؟
لا نستطيع القول بجواز ذلك والسبب أن أحوال الرد ليست من النظام العام فلا يملك الرد هنا إلا من يملك التعيين وهو ما يفهم من أغلب التشريعات والسبب في عدم فتح هذا الباب هو أن تعيين المحكم من الأساس بني على ثقة الطرفين بمؤهلاته وقدرته على فض النزاع فهما من يقدر فعلاً تحقيق المحكم للمستوى الذي يفترض فيه تحقيقه من النزاهة والحياد والمعرفة الفنية أو العملية وليس الغير.
هل يجوز لسلطة التعيين تقديم مثل هذا الطلب
قلنا قبل قليل أن الأفراد قد يوكلون مهمة تعيين المحكم الوحيد. أو أحد المحكمين في الهيئة التي يتحدد فيها المحكمون وغالباً إلى سلطة تعيين المحكم (المرجح) فهل يجوز لهذه السلطة طلب رد المحكم؟ لم تنص التشريعات على هذه الحالة إلا أننا نرى جواز أن تقدم سلطة التعيين طلباً لرد المحكم الذي عينته إذا لم يعد هذا المحكم أهلاً للثقة التي بنت تلك السلطة اختيارها له عليها هذا من جانب ومن جانب آخر هناك على أقل تقدير التزام أدبي يقع على عاتق سلطة التعيين باختيار المحكم المناسب وهي قد تخطئ فلا بد أن نعطيها الفرصة لتصحيح هذا الخطأ وصولاً إلى حل النزاع حلاً عادلاً .
وهناك فرض أخير سنحاول معالجته هنا، وهو أننا قد رأينا في الكثير من عقود التحكيم التي تتضمنها مشارطات الايجار أن هناك صيغة تقضي بأن يعين كل طرف محكما ثم يعين المحكمان المحكم الثالث فهل نستطيع القول بأن المحكمين يستطيع أحدهما أو كلاهما طلب رد هذا المحكم؟ قياساً على ما قلناه بصدد سلطة التعيين؟ الجواب بأننا لا يمكن ان نجوز ذلك حفاظاً على هيبة هيئة التحكيم ولكي لا يندفع كل من المحكمين إلى طلب رد المحكم إذا لم يتفق مع ذلك المحكم بوجهة نظره الأمر الذي يخل مكانة المحكمين وثقة الأطراف في عدالتهم هذا من جانب ومن جانب آخر أن بعض القوانين أعطت السلطة بنظر الرد لهيئة التحكيم ففي هذه الحالة يكون الشخص خصمة وحكمة في آن واحد.
