الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / رد المحكم / الكتب / دور القضاء في منازعات التحكيم في القانونين اللبناني والعراقي (دراسة مقارنة) / رد المحكم

  • الاسم

    الدكتور / طلال محمد كاظم الزهيري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    166

التفاصيل طباعة نسخ

رد المحكم

   رد المحكم، هو نظام قانوني الغاية الاساسية منه توفير ضمانة حقيقية الأطراف المنازعة التحكيمية على حيدة واستقلالية المحكم.

  وحرص المشرع اللبناني والعراقي وجميع القوانين الوطنية والاجنبية والاتفاقيات الدولية على تنظيم رد المحكم في تشريعاتها.

وسنتناول موضوع الرد في النقاط الآتية : 

اولاً: رد المحكم في القانون اللبناني: 

   حسم المشرع اللبناني مسألة رد المحكم بنص المادة (۷۷۰) أ . م . م اللبناني: "يطلب رد المحكم للأسباب ذاتها التي يرد بها القاضي".

   الا ان المشرع اللبناني ألقى عبء إثبات سبب رد المحكم على عاتق المحكم نفسه وألزمه بأعلام الخصوم باسباب الرد.

   وأسباب رد القاضي نصت عليها المادة (۱۲۰) من نفس القانون، فتطبق على المحكم، وتشمل وجود مصلحة للمحكم أو ذويه بموضوع الدعوى، أو وجود صلة قرابة أو مصاهرة في النسب حتى الدرجة الرابعة، أو وجود عداوة مع احد الخصوم أو صلة بينه وبين احد الخصوم في قضية سابقة تفقده الحياد وعدم قدرته على اتخاذ قرار التحكيم دون ميل لأحد الأطراف، وعلى طالب رد المحكم ان يقدم طلب الرد (عريضة) بعد قبول المحكم للمهمة التحكيمية. 

   وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز اللبنانية : "وحيث ان الغرفة الابتدائية قد خلصت في قرارها إلى القول بعدم علم المميزة بسبب الرد بتاريخ توقيع العقد فيقتضي تصديق القرار الابتدائي فيما انتهى اليه لهذه الجهة انطلاقا من الاسباب المعتمدة فيه يضاف اليه السبب الذي اعتمدته المحكمة لنقض القرار والقائم على وجود اثبات هذا العلم بصورة اكيدة لا لبس فيها لما لاجتماع صفتي الوكيل والمحكم من نتائج خطيرة على صحة المحاكمة وعدالتها... ويقتضي فسخ الحكم الابتدائي والحكم مجددا برد المدعى عليه سندا للمادة (۷۷۰) معطوفة على المادة (۱۲۰) فقرة ( ٤ ) أ . م . م " .

  والتساؤل الذي يثار لمن يقدم طلب رد المحكم؟ يقدم طلب الرد إلى الغرفة الابتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم أو إلى الغرفة الابتدائية في بيروت وذلك خلال مهلة خمسة عشر يوما من تاريخ علم الطالب بتعيين المحكم أو تاريخ ظهور سبب الرد بعد ذلك، وقرار المحكمة بهذا الشأن لا يقبل أي طعن . واجاز المشرع اللبناني تطبيق إجراءات رد القضاة على رد المحكمين ، فيقدم طلب رد المحكم امام المحكمة المختصة الا اذا كان سبب الرد قد حدث أو عرف بعد ذلك وفي هذه الحالة يجب تقديمه خلال ثمانية أيام من وقوع سبب الرد أو العلم به(٤)، ويبلغ هذا الطلب إلى المحكم المعني بالرد والى الخصوم ولكل منهم ان يبدي ملاحظاته خلال ثلاثة أيام) من وقت تبليغ المحكم المعني بالرد وعليه ان يتوقف عن العمل بالمهمة التحكيمية إلى ان يفصل بالطلب وللمحكمة ان تقرر السير في المحاكمة بدون المحكم المطلوب رده. 

   وتطبيقا لذلك قضت محكمة استئناف بيروت الغرفة التاسعة : "حيث انه بموجب المادة (۷۷۰) معطوفة على المادة (۱۲۰) من قانون أصول المحاكمات المدنية يجوز لاحد الخصوم رد المحكم اذا كان بينهما عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل وحيث ان النصوص التي تسود احكام الرد هي نصوص استثنائية لحالات معينة، لأن من شأنها ان تؤدي إلى إيقاف سير العدالة لمدد مختلفة، فالطارئ خطير اذا ثبت بحق المحكم ذلك لان المشرع لا يرى انه يكفي ان تكون احكام المحكمين على غرار احكام القضاء عادلة بل يفرض ان تكون بعيدة عن مضنة التمييز في حيادهم وتجردهم المبدئيين، فسبب الرد المبني على وجود المودة أو نقيضها (العداوة) لا يخرج في مجمله عن وجود علاقات شخصية للمحكم بأحد الخصوم في القضية التحكيمية المعروضة عليه، دونما تفريق بين ان تكون علاقات عداوة أو مودة ما دامت قد تؤثر في حياده، مما يرجح معه عدم استطاعته اصدار الحكم فيها بغير ميل، فضلا عن ان قيام مثل تلك العلاقات يقتضي بحد ذاته تنحية المحكم عن نظر القضية حسبما ورد عليه النص في المادة (۱۲۱) والمادة (۷۷۰) أصول مدنية استيفاء لمظهر الحياد الذي يجب ان يظهر به امام الخصوم والجمهور.

    يستفاد من النصوص القانونية والقرار القضائي ان على المحكم التزام الحياد والاستقلال في ممارسة عمله ويبتعد عن علاقات العداوة أو المودة التي تؤثران على حياده والا جاز لاحد الخصوم متى عرف بهذه المظاهر الحق ان يطلب رد المحكم. 

ثانياً : رد المحكم في القانون العراقي: 

   نظم القانون العراقي أسباب رد المحكم بنص المادة (٢٦١) من قانون المرافعات المدنية : 1 - يجوز رد المحكم لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي ولا يكون ذلك الا لأسباب تظهر بعد تعيين المحكم، ۲ - يقدم طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ويكون قرارها في هذا الشأن خاضعا للتمييز طبقا للقواعد المبينة في المادة (٢١٦) من هذا القانون.

   ويلاحظ في هذا المقام تطابق القانون العراقي واللبناني في موضوع رد المحكم وبذات الأسباب التي يرد بها القاضي. 

   وقرار التحكيم يفسح أو ينقض وتبطل الإجراءات المتخذة بصدده ، وبين القانون الحالات الجوازية لرد القاضي . وأسباب رد المحكم على ان تكون قد حصلت بعد تعيينه من قبل الأطراف أو من قبل المحكمة المختصة . وان تكون من الاسباب التي تستدعي رد المحكم.

   ويترتب على رد المحكم عدم استمراره في نظر الدعوى حتى يفصل بطلب الرد من قبل المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع . وقد قضت محكمة استئناف بغداد في قرار لها على :" … ولدى عطف النظر على القرار الممييز المتظمن رد طلب المميز بتنحية المحكم السيد (ف) المتخذ في ۱۹۸٥/٩/٥ والذي تبلغ به وكيل المميز في ۱۹۸٩/٦/١٠ وجد أنه موافق للقانون ذلك أن تنحية المحكم رد المحكم) لا تكون إلا إذا وجد سبب من الاسباب المنصوص عليها في المادة (۹۳) من قانون المرافعات المدنية. وهي ذات الاسباب التي يرد بها القاضي ذلك أن المادة ٢٦١ من قانون المرافعات المدنية ساوت بين القاضي والمحكم بالنسبة للرد وحيث لم يورد المميز أي من الاسباب التي تستدعي رد (تنحية) المحكم لا في طلبه أمام المحكمة ولا في اللائحة التمييزية، وأنما انصبت طعونه على مبدأ التحكيم عدا نقطة واحدة أثارها في لائحته التمييزية وهي (انفعال المحكم) وقد ناقشت محكمة الموضوع ذلك في قرارها المميز وخلصت إلى عدم صدور ما يؤثر على سير التحكيم من قبل المحكم المطلوب تنحيته (رده) وبنت قناعتها على الاسباب القانونية التي استندت عليها عليه ولما تقدم قرر تصديق القرار المميز ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز.

ثالثاً: المحكمة المختصة برد المحكم في القانون العراقي 

 المحكمة التي تعنى برد المحكم هي المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وهي محكمة البداءة، بعد تقديم طلب الرد اليها وتدقيقه تحيله للمحكم المعني بالرد طالبة منه الرد عليه كتابة، ثم تصدر المحكمة قرارها برد المحكم، ويكون قرارها هذا قابلا للطعن امام محكمة التمييز .

 ومن المفيد القول هنا أن بعض القوانين نظمت أسباب رد المحكم بقانون التحكيم، ولم تحدد أسبابا معينة لهذا الرد وانما اعطت الحق لكل طرف ان يثير مسألة رد المحكم عند استشعاره بشكوك جدية حول حيدة أو استقلال المحكم واستبعدت أسباب رد القاضي كأسباب لرد الحكم . 

   وصفوة القول في هذا المقام ان القانونين اللبناني والعراقي قيدا هيئة التحكيم ولم يسمحا لها بالتصرف عند وجود سبب من اسباب رد المحكم مما يسبب عائق كبير امام الهيئة في سرعة حسم القضايا التحكيمية المعروضة امامه، فيأمل الباحث من المشرعين اللبناني والعراقي مساندة هيئة التحكيم بأعطائها صلاحية رد المحكم عنـد وجود سبب من اسباب الرد دون الرجوع الى المحكمة المختصة. 

  يلاحظ أن للقضاء دور بارز في موضوع رد المحكم، أي طلب إبعاده عن النظر في النزاع المعروض عليه والفصل فيه، على أن يقدم طلب رد المحكم من أحد الأطراف عند توفر سبب من أسباب الرد التي هي ذات الأسباب التي يرد بها القاضي على أن يثبت طالب الرد أن أسباب الرد ظهرت بعد تعيين المحكم. 

  والمحكمة المختصة بنظر طلب رد المحكم في العراق هي محكمة البداءة الذي حصل النزاع في محيطها (الأختصاص المكاني)، أما في لبنان فالمحكمة المختصة بالنظر في طلب الرد هي الغرفة الإبتدائية، وذلك بعد إعلام المحكم المطلوب رده والخصوم. ويكون قرار المحكمة بقبول طلب الرد أو رفضه خاضعا للطعن بطريق التمييز ومحكمة التمييز في كل من لبنان والعراق هي صاحبة الإختصاص بنظر الطعن تمييزا.

   ويلاحظ من المشرعين اللبناني والعراقي أكدا على ان رد المحكم يؤدي الى انقضاء الخصومة التحكيمية، وهذا الحكم لا يتناسب مع دعم ومساندة القضاء اللبناني والعراقي الى التحكيم وتعطيل عمل الهيئة التحكيمية في فض النزاع ضمن المدة المحددة باتفاق التحكيم.