تدخل الارادة الفردية للأطراف فى اختيار المحكمين تثير التساؤل حول مدى حيدة المحكمين واستقلالهم ، خاصة بالنسبة للحالة الشائعة التى يتم فيها اختيار كل طرف من الطرفين محكما ، وهو ماحدا بالبعض إلى اعتبار المحكم الذى اختاره كل طرف يمثل هذا الطرف .
إلا أن نجاح المحكم فى أداء مهمته يتوقف على فصله بين كونه مختارا من قبل أحد الطرفين ، وبين حيدته واستقلاله عن الطرف الذى اختاره فصفته كمحكم توجب عليه الحذر والحرص على الفصل بين الأمرين ، حتى لا يتحول من محكم الى محام عن احد الطرفين.
لذا فإن عدم حيدة المحكم أو استقلاله يمكن أن تفتح الباب لإمكانية رد هذا المحكم ، ويقصد بعدم الحيدة انحياز المحكم إلى أحد الطرفين ، أو ضد أحد الطرفين لأسباب خاصة أو شخصية ، لأنه لن يكون عادلا بين الطرفين في هذه الحالات ويرجع عدم استقلال المحكم إلى وجود ارتباط بين المحكم وأحد الطرفين أو صلة مصلحة معة أو تبعية له.
كما توجب على من يرشح محكما ، إخطار الأمين العام لمحكمة التحكيم كناية بكل الظروف والوقائع التى قد يكون من شأنها التأثير على استقلاله بالنسبة للأطراف . ويتولى الأمين العام إبلاغ ذلك للأطراف كتابة ، مع تحديد مهلة لتقديم ملاحظاتهم المحتملة .
كما يجب على المحكم الإخطار عن أى ظروف أو وقائع مماثلة تطرأ منذ اختياره وحتى ابلاغ الحكم.
وتجيز لائحة الغرفة للأطراف استعمال حقهم فى رد المحكم وتوجب الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من اللائحة تقديم طلب الرد كتابة للامين العام لمحكمة التحكيم ، استنادا إلى انتفاء ، استقلال المحكم ، أو إلى أى سبب آخر، مع تحديد الظروف والوقائع التى يقوم عليها الطلب . ويشترط أيضا تقديم الطلب خلال الثلاثين يوما التالية لإبلاغ الطلب بتعيين المحكم ، أو التالية لتاريخ علمه بالظروف والوقائع التي يقوم عليها الطلب إذا كان لاحقا لإبلاغه .
وكانت الهيئة قد انشئت باتفاق بين أربعة دول عربية هي مصر والسعودية والإمارات وقطر ، إلا أن الدول العربية الثلاث السعودية والإمارات وقطر انسحبت من الهيئة اثر مقاطعة الدول العربية لمصر لاتفاقعها مع إسرائيل على السلام ، وطلبت تصفية الهيئة بتشكيل لجنة رباعية لهذا الغرض إلا أن مصر قررت الابقاء على الهيئة وإدارتها.
وشكلت هيئة حكيم ثلاثية في إطار غرفة التجارة الدولية لنظر النزاع . فرفضت شركة وستلاند أن تحل الهيئة المصرية العربية للتصنيع محل الهيئة العربية للتصنيع ، لأنها اختصمت الهيئة العربية تحت التصفية ، التى انشئت باتفاق 29 ابريل 1975 بين الدول الأربع.
وقد استجاب رئيس هيئة التحكيم لوجهة نظر الشركة الانجليزية ، وأصدر في 8 يونية سنة 1982 قرارا بعدم اعتبار الهيئة المصرية العربية طرفا في الدعوى.
ولما استأنفت هيئة التحكيم نظر القضية ، طلب الأطراف الثلاثة المدعى عليهم من المحكمين الثلاثة التنحى عن نظر القضية ، فرئيس الهيئة أصدر القرار الباطل الذي أيد القضاء السويسرى بطلانه ، كما شارك المحكمان الآخران في إجراءات إصداره.
إلا أن المحكمين الثلاثة رفضوا التنحى ، فطعن المدعى عليهم الثلاثة فى قرارهم أمام محكمة جنيف ، باعتبارها المحكمة المختصة في الدولة التى يجرى فيها التحكيم .
وتوجب المادة السابعة من نظام التحكيم الدولى لمؤسسة التحكيم الأمريكية استقلالية المحكم وحيدته ، ويلتزم بالافصاح عن كافة الظروف التى تحمل على التشكيك في استقلاليته أو حيدته.
ويلتزم من يرغب من الأطراف في رد محكم أن يبادر بطلب ذلك من المؤسسة خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ إخطاره بتعيين هذا المحكم ، أو من تاريخ علمه بهذه الظروف ، ويتعين كتابة هذا الطلب وتسبيبه وذلك وفقا - للمادة الثامنة من النظام.
كما نظم نموذج قانون لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى رد المحكم بقواعد مشابهة.
إذا توجب المادة 12 من النموذج ، على الشخص حين يفاتح بقصد احتمال تعيينه محكما أن يصرح بكل الظروف التى من شأنها أن تثير شكوكا لها مايبررها حول حيدته واستقلاله ، وعلى المحكم منذ تعيينه وطوال إجراءات التحكيم ان يفضى بلا إبطاء إلى طرفى النزاع بوجود أى ظروفا من هذا القبيل .
وقد أتاحت المادة 13 من النموذج نموذج لائحة الامم المتحدة للطرفين حرية الاتفاق على إجراءات رد المحكم ، مع مراعاة أحكام الفقرة 3 من هذه المادة وقد عالجت الفقرة الثانية من هذه المادة الأمر ، إذا لم يتفق الأطراف على هذه الإجراءات، فأوجبت على الطرف الذى يعتزم رد محكم أن يرسل بيانا مكتوبا بالأسباب التى يستند إليها طلب رد هيئة التحكيم خلال 15 يوم من تاریخ علمه بتكوين هيئة التحكيم أو من تاريخ علمه بأى ظرف من الظروف التى تثير شكوكا جدية حول حيدته أو استقلاليته.
فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده أولم يوافق الطرف الأخر على طلب الرد . تعين على هيئة التحكيم البت في طلب الرد.