ثانيا: التنظيم التشريعي لعملية الرد:
الأصل يستطيع المحكم أن يعدل قبول المهمة قبل بدء إجراءات التحكيم إذا أبدى أسبابًا جدية تمنعه من القيام بمهمته، وتبرر عدوله كما لو أصابه مرض بعجزه عن القيام بمهمته أو اضطر إلى سفر طويل يحول دون أداء مهمته في الميعاد المحدد للتحكيم، كذلك إذا علم ما يثير عدم حيدته أو استقلاله مما قد يعتبر سببًا لرده من قبل أحد الأطراف.
وإذا علم المحكم أنه قابل للرد، يخبر الأطراف بذلك ولا يجوز له القيام بالمهمة إلا بعد موافقتهم.
كذلك إذا توافر ما يؤدي على عدم حيدة المحكم أوعدم استقلاله وقيام أحد الأطراف برده ولم يتنح عن القيام بمهمته فإن الحكم الصادر منه رغم طلب تنحيته يكون باطلًا.
ويقصد برد المحكم أن يعبر أحد أطرف النزاع عن إرادته طبقًا لإجراءات معينة في عدم الامتثال أمام محكم معين في قضية معينة لتوافر أحد الأسباب التي حددها القانون.
وبعبارة أخرى فإن المحكم هو طلب يتقدم به أحد الأطراف إلى الجهة المختصة بذلك لمنع المحكم من نظر النزاع، والفصل فيه لتوافر أحد الأسباب التي حددها القانون وأيضًا لعدم توافر شرط من الشروط الواجب توافرها في المحكم غير الحيدة والاستقلالية.
وإن أهمية رد المحكم يعكس احترام مبدأ إجرائي أصيل هو حق الدفاع فمن حق كل طرف أن يمثل أمام محكم أو قاضي محايد.
وقد يستخدم أحد الأطراف هذا الحق بهدف عرقلة وتعطيل إجراءات التحكيم، كأن يعلم مسبقًا بعدم حيدة المحكم أو عدم استقلاله مما يدفع بالمشرع إلى إحالة هذا الحق بعدة ضوابط قانونية تهدف إلى جدية طلب الرد، وتحفظ للمحكم نزاهته وكرامته.
وتخضع قواعد وإجراءات رد المحكمين للقانون الذي يحكم إجراءات خصومة التحكيم.
يعترف المشرع الجزائري لقضاء الدولة بسلطة الفصل في طلبات رد المحكمين حسب نص المادة 1016 من القانون رقم 08-09 ويمر طلب رد المحكم بمرحلتين:
1- تبليغ محكمة التحكيم والطرف الآخر دون تأخير بسبب الرد.
2، في حالة النزاع إذا لم يتضمن نظام التحكيم كيفيات تسويته أم لم يسع الأطراف لتسوية إجراءات الرد، يفصل القاضي في ذلك بأمر بناء على طلب من يهمه التعجيل.
وهذا الأمر غير قابل لأي طعن.
إذا فإن القانون يمنح الاختصاص للقاضي الذي يباشر اختصاصه بصورة مستعجلة وذلك بأمر لا يقبل الطعن بأي من طرق الطعن، أما إذا صدر قرار القاضي برفض طلب رد المحكم فالمشرع الجزائري لم يتطرق إلى هذه الحالة أو أن المادة كانت تنص على الحالتين معا؟.
كما لم يبين المشرع الجزائري هل يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم؟.
لكن يذهب بعض الفقه إلى أن وقف إجراءات التحكيم في هذا الوضع يكون حتميًا على اعتبار أن المسألة يمليها المنطق القانوني فلا يجوز أن يستمر المحكم في عمله رغم تقديم طلب برده مما يؤثر على حياده ويخل بحق الدفاع، هذا فضلًا على أن الفصل في طلب الرد هو فصل مسألة أولية يخرج أمر الفصل فيها عن ولاية المحكم، كما أنه إذا حكمت المحكمة برد المحكم فإنه يترتب على ذلك اعتبار المحكم الذي حكم برده غير صالح للتحكيم في النزاع، وأن الإجراءات التي كانت قد بدأت تعتبر كإن لم تكن بما في ذلك حكم التحكيم النهائي إذا كان قد صدر، يعني ذلك أن رد المحكم وتعيين بديل له يؤدي إلى إعادة تشكيل هيئة تحكيم جديدة بالطريقة ذاتها التي كان معينًا بها الأول، ما لم يكن معينا باسمه في اتفاق التحكيم، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان اتفاق التحكيم طالما أن إرادة الطرفين اتجهت إلى قيام المحكم الذي حكم برده محدد باسمه بنظر النزاع،
أما إذا حكمت المحكمة برفض دعوى الرد بعد أن تأكدت من حيدة المحكم واستقلاله بالتالي تستمر هيئة التحكيم في نظر النزاع كما تم تشكيلها قبل تقديم طلب الرد.
( 111)