وقد أوضحت المادة ١٠٤ مرافعات مدنية وتجارية الأسباب التي يجوز رد القاضي وفقاً لأحدها :
أ ـ إذا كانت له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها أو إذا وجدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم أو مع زوجه بعد قيام الدعوى المطروحة عليه .
ب ـ إذا كان لمطلقته التي له منها ولد أو لأحد أقاربه وأصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجة ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي بقصد رده .
جـ ـ إذا كان أحد الخصوم يعمل عنده .
د ـ إذا كان قد اعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو مساكنته أو كان قد تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعده .
هـ ـ إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل .
ويقدم طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى خلال خمسة أيام من تاريخ اختيار الخصم بتعيين المحكم أو من تاريخ حدوث سبب الرد أو علمه بذلك، إذا كان تالياً لإخباره بتعيين المحكم (م ۳/۱۷۰ مرافعات).
والحكمة من تقصير ميعاد طلب الرد هي التخلص بسرعة من مسألة الرد حتى لا تتعطل إجراءات التحكيم .
وفي جميع الأحوال لا يقبل طلب الرد بعد صدور الحكم التحكيمي إقفال باب المرافعة في القضية م٤/١٧٨ مرافعات).
كما لهم أن يفسحوا عقد التحكيم لما لشخص المحكم من أهمية في اعتبارهم عند الاتفاق على التحكيم واشتراط القانون (م٢/١٧٤ مرافعات) تعيين المحكم في اتفاق التحكيم نفسه أو في اتفاق مستقل).
في حالة تقاعس أي من طرفي التحكيم عن اختيار محكمه خلال العشرة أيام التالية لتكليفه بذلك من إدارة التحكيم تعين تلك الإدارة المحكم صاحب الدور من بين المحكمين المتخصصين بموضوع النزاع لعضوية الهيئة .
كما تنص المادة السادسة من القانون رقم ۱۱ لسنة ١٩٩٥ الخاص بالتحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية على أنه : تختص محكمة التمييز بالفصل في طلب رد أي من أعضاء هيئة التحكيم ويرفع طلب الرد بتقرير يودع بإدارة كتاب محكمة التمييز خلال خمسة أيام من تاريخ إعلان طالب الرد بتشكيل هيئة التحكيم، أو من تاريخ حدوث سبب الرد أو من تاريخ علمه به إن كان تالياً لذلك. ولا يترتب على تقديم طلب الرد وقت إجراءات التحكيم، وإذا حكم بالرد اعتبرت إجراءات التحكيم التي تمت بما في ذلك حكم هيئة التحكيم كأن لم تكن، ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر برفض طلب الرد بأي طريق من طرق الطعن وفي حالة الحكم برد أي من المحكمين أو اعتزاله أو عزله لأي سبب يتم تعيين من يحل محله بذات الإجراءات التي اتبعت عند تعيينه» .
ويلاحظ على النص ما يأتي :
١ - أن المشرع جعل الاختصاص لمحكمة التمييز للفصل في طلب رد المحكم قاصداً بذلك عدم إطالة الإجراءات في منازعات التحكيم من ناحية، ورغبة في سرعة الفصل في طلبات الرد مع توفير الضمانات الضرورية لذلك من ناحية أخرى.
٢ - الحكم الصادر برفض طلب الرد لا يكون قابلا للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن حتى لا يطول أمد النزاع .
٣ - لا تقف إجراءات التحكيم بسبب تقديم طلب الرد.
٤ - إذا قضى بالرد اعتبرت إجراءات التحكيم بما فيها حكم التحكيم ذاته كأن لم تكن، لاغية ولا قيمة لها.
وفي فرنسا تعالج المحكم ورده المادة ۱۰۱٤ مرافعات التي تنص على:
Les arbitres ne Pourront se deporter si leur Operations sont com-mencées, ils ne pourront etre recuses si ce n'est pour cause survenue depuis le compromis.
فالنص لا يجيز اعتذار المحكم عن القيام بعمله إذا كان قد بدأه، أي أنه إذا اعتذر قبل البدء في التحكيم فلا يلتزم بالتعويض لأنه لا يسبب ضرراً في هذه الحالة، أما إذا اعتذر بعد البدء في التحكيم ونجم عن ذلك ضرر، التزم بالتعويض. ومع أن هذا النص يجيز التنحي إلا أنه لا يقيده بالسبب الجدي على النحو الذي رأيناه في التشريعين الكويتي والمصري ومع ذلك فقد رتب القضاء على التنحي بدون سبب جدي جواز الحكم على المحكم بالتعويض عن الضرر إذا حدث .
كما أن هناك نص يجيز رد المحكم لأسباب تحدث بعد إبرام وثيقة التحكيم دون أن يبين تلك الأسباب، إلا أن القضاء استقر على أنها ذات أسباب رد القضاة .
ويعالج القانون الإنجليزي تنحي المحكمين وردهم و عزلهم بشكل مختلف فهو يتناول حالة رفض المحكم للتحكيم وتنحيه ثم إبطال سلطاته وعزله. فالمحكم المعين يمكنه أن يرفض المهمة الموكولة إليه وبالتالي يمكن للأطراف التي عينته أن تقوم بتعيين شخص آخر مكانه، وإذا كانت الأطراف ملتزمة أصلاً بالتعيين فإنها تلتزم بالتعيين ثانية، وتملك المحكمة سلطة تعيين محكم بدلاً من المحكم الذي يرفض مهمة التحكيم سواء أكان هناك شخص ملتزم بالتعيين أم لا .
فإذا قبل المحكم التعيين فإن أطراف الخصومة لا يمكنهم إلغاء التعيين أو القيام بتعيين جديد لاستنفاد سلطتهم في التعيين ذلك أن أطراف التحكيم تلتزم باختيارها رغم أن المحكم المختار قد يتصف بعدم الأمانة أو التحيز أو المصلحة وتعلم الأطراف عنه ذلك مسبقاً وفي حالة رفض المحكم المعين القيام بمهمة التحكيم الموكولة إليه قبلها في وقت سابق فإن الأمر يجب أن يحال إلى المحكمة .
ويعول النظام الإنجليزي على أن لا يكون للمحكم مصلحة .Interest مع أحد أطراف التحكيم بشكل يؤثر على حيدته Impartiality فلا يجب أن يكون قريباً لأحدهم كما يجب أن لا يكون على علم مسبق بموضوع النزاع إلا بشكل عام يتفق مع خبرته ومهارته في هذا الشأن مما يسهل عليه عملية التحكيم كما يجب أن لا تكون له مصلحة مالية مع أحد الأطراف كما لو كان مستشاراً أو مساهماً له أو معه، ومع ذلك فالعلاقة القديمة مع أحد الأطراف أو علاقة القربى البعيدة وكذا علاقة الزواج البعيدة لا تمنع المحكم من قبول التحكيم على أن يكون المحكم على علم بأن هذه العلاقات لا تؤثر في حكمه ولكن يشترط عليه أن يخبر الأطراف بتلك العلاقة مع استعداده للانسحاب إذا اعترض حدهم على تعيينه .
فإذا علم المحكم بعلاقته بأحد أطراف التحكيم بعد قبوله التعيين كمحكم ، فإن عليه أن يتنحى إذا رأى تلك العلاقة تؤثر على حيدته في إجراء التحكيم بمجرد تكشف تلك العلاقة له .
يضاف إلى ذلك أن المحكم إذا وجد قبل تعيينه أو بعده، أن موضوع النزاع من الموضوعات التي اتصل علمه لها في مرحلة سابقة، كما لو كان قد قدم فيها استشارة خاصة أو أجرى فيها دراسة لغرض ما فعندها يجب عليه أن يتنحى عن العمل أو يرفض التعيين حسب الأحوال، وذلك لأن علمه المسبق بموضع النزاع قد يؤثر على حكمه فواجبه في التحكيم هو اتخاذ القرارات بناءً على الأدلة المقدمة إليه وليس بناءً على علمه الخاص بها .
فالحيدة المطلوبة تعني انعدام مصلحة المحكم مع أحد الأطراف سواء أكانت هذه المصلحة سابقة على تعيينه كمحكم أو لاحقة لذلك التعيين كما لو نشأت علاقة بينه وبين أحد أطراف التحكيم أو اتصل بموضوع النزاع بشكل أو بآخر، بحيث تكون هذه المصلحة سبباً في اعتراض الطرف الآخر عليه لما لها من أثر على نتيجة التحكيم.