ولو استمرت الإجراءات وصدر حكم التحكيم في حين لا زالت دعوى الرد قائمة على النحو المذكور، فإننا نرى عدم سقوط هذه الدعوى، وإنما حق طالب الرد بالاستمرار بها ما دام أنها أقيمت قبل الحكم، ولا زال للمدعي مصلحة في بقائها. فإذا صدر الحكم القضائي برد المحكم، تعتبر كافة الإجراءات التي قام بها بعد نشوء سبب الرد باطلة، بما في ذلك حكم التحكيم. وبقاء دعوى الرد قائمة بالرغم من صدور حكم التحكيم، لا يمنع المدعي من الطعن بالحكم ذاته، حسب قواعد الطعن بأحكام المحكمين والتي سنبحثها لاحقاً. وضع كهذا، يكون هناك دعويان: دعوى رد المحكم، ودعوى الطعن بحكم التحكيم. ولغايات عملية، نرى في هذه الحالة، وقف دعوى الطعن بالحكم إلى حين البت بدعوى الرد ، أو دمج الدعويين معاً في دعوى واحدة، استناداً للقواعد العامة في الإجراءات، وذلك حسب ظروف الدعويين ومقتضياتهما. ومن نافلة القول أنه يمكن للمدعي في الدعويين التنازل عن إحداهما والاكتفاء بالأخرى، إذا وجد أن مصلحته تقتضي ذلك. ونشير فيما يلي لعدة فروض، يجمعها قاسم مشترك واحد ، وهو وجود دعوى لرد المحكم.
ففي فرض معين قد لا يطعن طالب الرد (أ) بحكم التحكيم لسبب أو لآخر، وإنما يكتفي بدعوى الرد ، وهذا شأنه. في هذا الفرض، تكون أمام دعوى واحدة فقط هي دعوى الرد التي سبق له وقدمها.
وفي فرض ثان، قد تكون وسيلة الطعن المتاحة بالحكم، هــي الاستئناف فيستأنف (أ) الحكم. ويكون لـ (أ) في هذا الفرض، بسط كافة أسباب الطعن بما في ذلك الأسباب التي أوردها لرد المحكم. وإذا قبل الاستئناف شكلاً، فإننا نرى دمج الدعويين لوحدة الموضوع والأسباب.
وفي فرض ثالث، قد تكون دعوى بطلان الحكم هي الدعوى المتاحة لـ (أ) . وكما سنرى فيما بعد، فإن لهذه الدعوى أسباباً محددة حصراً لا يجوز تخطيها ). وبصرف النظر عن أي جدل نظري حول هذه المسألة، فإن سبب رد المحكم في دعوى (أ) ، قد لا يدخل ضمن حالات دعوى البطلان. في هكذا فرض تبقى كل من الدعويين قائمة بصورة مستقلة عن الأخرى، مع إمكانية وقف الإجراءات في إحداهما (غالباً دعوى البطلان ) إلى حين البت بالأخرى (دعوى الرد).
