يقصد برد المحكم إقالته عن التحكيم جبراً بقرار قضائي أو من مؤسسة التحكيم المعنية)، بناءً على طلب أحد أطراف التحكيم لوجود سبب من أسباب الرد، مثل عدم حيدته أو استقلاله عن أحد طرفي النزاع. وقد نصت القوانين العربية صراحة، باستثناء البحرين، على أن المحكم يتم رده لذات الأسباب التي يرد بها القاضي ويدخل ضمن ذلك أيضاً الحالات التي يعتبر بسببها المحكم غير صالح للحكم، وهي الأسباب والحالات المنصوص عليها في قوانين الإجراءات أو المرافعات المدنية.
وهذا الحكم تقليدي، وأصبح غير مقبول في التحكيم. فالمحكم، وإن كان كالقاضي بالنسبة لنظر النزاع والفصل فيه، إلا أنه في حقيقة الأمر ليس قاضياً رسمياً ، ولا يجوز اعتباره كذلك من نواح كثيرة لا مجال لبسطها هنا. ويكفي القول بشأن ذلك أن الأصل في تعيين المحكم يعود للأطراف، كما أنه يستمد صلاحياته وسلطاته من اتفاقهم. فلا يجوز أن يتولى منصة التحكيم، كقاعدة عامة، إلا محكم يرضى عنه الأطراف. لذلك، كما سنرى، يحق لهم الاتفاق على عزل المحكم في أي وقت أثناء الإجراءات دون بيان الأسباب، وعلى المحكم في هذه الحالة أن يترك منصة الحكم، حتى لو كان تعيينه قد تم من قبل المحكمة. كما أن الأطراف لا يعينون محكماً إلا إذا كانوا يثقون به وبمقدرته على تسوية النزاع وبالتالي من حقهم اختيار المحكم الذي يريدونه لتسوية نزاعهم، ما دامت تتوفر فيه الشروط العامة التي تطلبها القانون في المحكم على النحو المبين فيما سبق . وهذا كله بخلاف القاضي المعين رسمياً بحكم القانون، ولا يوجد أي دور لأطراف النزاع في تعيينه.
وعلى سبيل المثال، قد يكون النزاع حاصلاً بين شقيقين، ولا يرغبان بتسويته عن طريق القضاء، وإنما تحكيماً عن طريق أحد أقاربهما ، مثل شقيقهما الثالث، أو والدهما ، فيختارانه محكماً منفردا لتسوية هذا النزاع ومثال آخر، قد يكون هناك شخص ثالث توسط بين طرفي النزاع لتسويته ودياً، إلا أنه لم يفلح في ذلك. ورغب الطرفان بتسويته تحكيماً بواسطة الشخص نفسه، نظراً لمعرفته المسبقة بالنزاع وظروفه وثقتهم به وبأمانته ونزاهته، ومعرفتهم الأكيدة بحيدته، لدرجة أنهما استعدا لتفويضه بتسوية النزاع صلحاً، وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف وما يمليه عليه ضميره.
وقد يكون النزاع بين (أ) و (ب) ويرغبان بتسويته تحكيماً عن طريق (ج) ، بالرغم من أن (أ) يعمل عند (ج) سائقاً أو حارساً أو غير ذلك، أو كان (ج) قد إعتاد تناول الطعام معه أو مساكنته، أو كان قد تلقى منه هدية قبل إقامة الدعوى أو بعدها.
وبعض القوانين العربية تحظر على القاضي نظر النزاع في هذين المثالين على أساس عدم صلاحيته إبتداءً بنظر القضية. فإذا نظرها بالرغم من ذلك، يكون عمله وقضاؤه باطلين حتى لو اتفق الخصوم على غير ذلك، أي اتفقوا على نظر القضية من قبل ذلك القاضي بالرغم من توفر سبب عدم الصلاحية فيه، وبالرغم من علمهم المسبق بذلك . وفي قوانين عربية أخرى، مثل لبنان، يشكل ذلك سبباً لرد القاضي
هذه الأسباب وغيرها، إذا كانت تصلح لعدم صلاحية القضاة في نظر القضية أو ردّهم، كان من المفروض أن لا تعتبر كذلك في التحكيم، وهو قضاء خاص، يكون بموجبه الأطراف النزاع كمبدأ عام مطلق الحرية في تعيين قضاتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة. وبمعنى آخر، يقوم التحكيم على ثقة الأطراف بالمحكم الذي تم اختياره برغبتهم ومحض إرادتهم. المهم في هذا الشأن، أن يكون الأطراف على علم مسبق بالظروف المحيطة بعمله كمحكم. فإذا كانوا يعلمون بذلك، يكون تعيينه وبالتالي قضاؤه صحيحين كقاعدة عامة، ولا يجوز الطعن بالمحكم أثناء الإجراءات، ولا بحكمه النهائي بحجة وجود هذه الظروف . لذلك، ليس غريباً أن تطلب مختلف القوانين الحديثة في التحكيم، وقواعد مؤسسات التحكيم المختلفة، من المحكم عند قبوله لمهمته (أو قبل ذلك)، أن يصرح عن أية ظروف من شأنها أن تثير الشك حول حيدته واستقلاله . فإذا صرح بذلك، وعلم به الطرفان، ومع ذلك لم يعترض عليه أحد منهم قبل تعيينه، أو لم يطالب برده خلال الميعاد المحدد بعد تعيينه، ليس له بعد ذلك طلب رد المحكم .
وكذلك الأمر، ليس لأي من الطرفين رد المحكم لظروف كان يعلمها ذلك الطرف وقت تعيين المحكم، أو كان هو نفسه أي ذلك الطرف قد شارك في هذا التعيين . كأن تكون هيئة التحكيم مكونة من محكم فرد اتفق الطرفان على تعيينه في الوقت الذي يعلم أحدهما أن المحكم هو المستشار القانوني أو الوكيل للطرف الآخر ، أو كانت الهيئة تتكون من ثلاثة محكمين وكان أحد الخصمين يعمل لدى المحكم الذي عينه، وأبلغ ذلك للطرف الآخر الذي وافق أو لم يعترض على هذا التعيين بالرغم من علمه بالظرف المبرر للرد. وتمشياً مع هذا النهج، إذا لم تكن الظروف المبررة للرد موجودة عند تعيين المحكم، ولكنها نشأت فيما بعد أثناء إجراءات التحكيم، كأن يصبح المحكم مستشاراً قانونياً أو شريكاً لأحد الطرفين في أعمال تجارية، فإن من واجب المحكم التصريح بهذه الظروف للطرف الآخر.
وعلى أية حال، فإن أسباب رد المحكم في القوانين موضوع الدراسة باستثناء البحرين هي، كما ذكرنا ، ذات الأسباب المنصوص عليها لرد القاضي. والنص صريح في قوانين هذه الدول ولا مجال للاجتهاد فيه. ويضاف لأسباب الرد أسباب عدم صلاحية القاضي لنظر القضية. أي أنه لا فرق في رد المحكم بين أسباب رد القضاة وأسباب عدم صلاحيتهم، ففي كلا الحالين يكون السبب هو سبب لرد المحكم، ويجب إتباع الأصول القانونية اللازمة في دعوى رد المحكم،سواء كان السبب عدم الصلاحية أو الرد بالمعنى الضيق.
ومع ذلك، نرى عدم الأخذ بأسباب الرد كما وردت في القوانين الوطنية، على الأقل إذا كان التحكيم مؤسسياً من جهة ودولياً من جهة أخرى). فما دام اعترف المشرع بالتحكيم المؤسسي، أو أقر قضاؤه هذا النوع من التحكيم، فيفترض عندئذ قبول كل ما ورد في قواعد التحكيم المؤسسي من أحكام، ما دامت لا تخالف النظام العام بمفهومه الضيق كما سنبين فيما بعد ، ومن ضمن ذلك أحكام رد المحكمين، وهي بالتأكيد ليس ضمن هذا المفهوم. ولكن، نظراً لحساسية بعض القضاة والمحاكم، أحياناً ، تجاه التحكيم، وقد يكون لذلك ما يبرره في ظروف معينة، نرى قصر ذلك في هذه المرحلة على التحكيم الدولي.
ومع ذلك، فإن صعوبة تطبيق هذه القاعدة تطبيقاً حرفياً وبصورة مطلقة، بما لا يستقيم مع الواقع العملي، أدى بالقضاء في الدول التي لم تفرق بين القاضي والمحكم، أن يخرج على هذه القاعدة أحياناً. وعلى سبيل المثال، قضي في الإمارات بأن المهندس الاستشاري في عقود المقاولة يمثل صاحب العمل، ويعتبر وكيلاً عنه في كثير من أعمال المقاولة. ومن الناحية القانونية، فإن هذا المهندس لا يصلح أن يكون قاضياً للنصل في النزاع بين صاحب العمل (موكله)، والمقاول حسب قانون الإمارات. وبناءً عليه، رفضت محكمة تمييز دبي في أحد أحكامها تعيين المهندس الاستشاري محكماً في مثل هذا النزاع، قائلة بأن النزاع مع صاحب العمل، يعتبر بمثابة نزاع مع المهندس،وبالتالي لا يجوز تعيين الأخير محكماً في هذا النزاع، لأنه لا يجوز للشخص أن يكون خصماً وحكماً في آن واحد .
ولكن المحكمة عدلت عن هذا المبدأ في وقت لاحق، حيث أجازت تعيين المهندس الاستشاري محكماً للفصل في النزاع بين المقاول وصاحب العمل، وقالت أن حكمة تشريع التحكيم، تنحصر في أن طرفي الخصومة، يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليس لهم ولاية القضاء أن يقضوا بينهما، أو يحسموا النزاع بصلح أو بحكم يقبلان شروطه. فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم. وكما يجوز لهما الصلح بدون وساطة أحد، فإنه يجوز لهم تفويض غيرهم في إجراء ذلك الصلح، أو في الحكم في ذلك النزاع. ويستوي أن يكون المحكم من المهندسين الاستشاريين المشرفين على البناء أو من غيرهم
وقضي في سوريا بأنه لا يوجد ما يمنع أن يكون المحكم وكيلاً عن أحد الطرفين.
وفي الكويت قضي بأنه لا يمنع من أن يكون المحكم وكيلاً لأحد الطرفين في أعماله الخاصة، أو إذا كان ترافع عنه في النزاع، أو كتب فيه، ما دام كان ذلك معلوماً للطرف الآخر عند التعيين ولم يعترض عليه .
أما في البحرين، فلا يوجد نص يقضي بأن أسباب رد المحكم هي ذاتها أسباب رد القاضي. لذا نرى في هذا الشأن عدم الأخذ بهذه القاعدة المتبعة في القوانين العربية الأخرى، وإنما الأخذ بأسباب الرد التي ترجع للحياد والنزاهة والاستقلالية بوجه عام، وفق ما هو معروف في قوانين وقواعد التحكيم الحديثة. وهذا المبدأ، هو ما أخذ به القانون البحريني في التحكيم التجاري الدولي . ويترتب على ذلك القول أن الأسباب المباشرة للرد ، قد تختلف من قضية لأخرى، حسب ظروفها ومعطياتها.
تتفق القوانين العربية على أن سبب الرد يرتبط بحدوث أو ظهور سببه، وتختلف بعد ذلك. فمنها من يربط ذلك بوقت تعيين المحكم، وهذا هو الوضع في كل من الإمارات والعراق والكويت ولبنان. ومنها ما يربطه بوقت إبرام اتفاق التحكيم، وهذا هو الحكم في قوانين سوريا وقطر وليبيا. وأخيراً، فإن نظام التحكيم السعودي يربط سبب رد المحكم بوقت إيداع وثيقة التحكيم لدى الجهة القضائية المختصة أصلاً بنظر النزاع.
تنص قوانين الإمارات والكويت ولبنان، بأنه لا يجوز رد المحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد تعيينه . وظاهر النصوص يوحي بأنه إذا كان سبب الرد قد حدث أو ظهر قبل تعيين المحكم، فلا يجوز رده. ولو أخذنا بالتفسير الحرفي، لقلنا بأنه لا يجوز الرد في هذه الحالة، حتى لو لم يعلم الطرف المعني بسبب الرد إلا بعد التعيين، ويحدث هذا كثيراً في الحياة العملية.
فمن أسباب الرد في القانون الإماراتي واللبناني مثلاً، أن لا يكون أحد الخصوم سبق واختار المحكم نفسه، محكماً في قضية أخرى، وإلا جاز رده من قبل الخصم الآخر. وعليه، قد يكون (أ) اختار (ب) محكماً في نزاع بين (أ) وشخص آخر (د) ولم يكن (ج) يعلم بذلك.
وفيما بعد، أبرم (أ) عقداً مع (ج) تضمن شرطاً لتسوية النزاعات الناشئة عن العقد بواسطة التحكيم. حصل النزاع، واختار (أ) محكماً عنه هو (ب) نفسه. علم (ج) فيما بعد بأن (ب) سبق له وعمل محكماً معيناً من (أ). في هذا الفرض، قد يذهب البعض إلى القول بأنه ليس لـ (ج) رد المحكم (ب) لأن سبب الرد قد حدث، بل وكان ظاهراً قبل تعيين (ب) حسب النص. ولكننا لا نؤيد هذا التفسير، ونرى بأن العبرة في الرد ليست لوقت حدوثه وظهور سببه، وإنما لوقت العلم به.
ففي هذا المثال، لو كان تعيين (ب) محكماً في القضية الأولى معلوماً لـ (ج) قبل تعيين (ب) محكماً في القضية الثانية، دون اعتراض من (ج)، لأمكن القول بأنه ليس لـ (ج) ردّ (ب) . ولو علم (ج) بذلك، بعد تعيين (ب) ، فإن له رده. ويؤكد هذا الفهم أن المشرع في الإمارات والكويت ولبنان حدد ميعاداً لتقديم دعوى الرد ، يبدأ من تاريخ حدوث (أو ظهور ) سبب الرد أو علم طالب الرد به كما سنبين بعد قليل. وهذا يعني بوضوح أن العبرة بسبب الرد ، هو العلم بهذا السبب وليس بحدوثه فحسب، أو مجرد ظهوره .
وما يقال عن قوانين الإمارات والكويت ولبنان بالنسبة لهذه المسألة، يقال أيضاً عن القانون العراقي، الذي أجاز في المادة (1/261) رد المحكم، ولكنه حصر ذلك بالأسباب التي تظهر بعد تعيين المحكم، مما قد يفهم منه أنه لا يجوز رد المحكم لأسباب تظهر قبل ذلك، حتى ولو لم يعلم بها طالب الرد إلا بعد التعيين وهو ما لا نؤيده، ونرى أن العبرة دائماً للعلم بسبب الرد إما عند تعيين المحكم أو بعد تعيينه.
وفي القانون السوري، تنص المادة (515)، على أنه لا يجوز رد المحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد صك التحكيم. وهو ذات الحكم في المادة (2/194) من القانون القطري، الذي استخدم مصطلح "وثيقة التحكيم"، والمادة (749) من القانون الليبي الذي استخدم مصطلح "مشارطة التحكيم. ويقصد بصك التحكيم في القانون السوري، وثيقة التحكيم في القانون القطري، أو مشارطة التحكيم في القانون الليبي، والعكس. ومن حيث الزمان، فإن عبارة "بعد صك التحكيم" في القانون السوري و بعد وثيقة التحكيم في القانون القطري، وبعد مشارطة التحكيم في القانون الليبي، يقصه بها بعد تاريخ إبرام أو توقيع هذا الصك أو المشارطة، وهو ما نص عليه صراحة القانون القطري.
وكما نرى، يقصد بصك أو وثيقة أو مشارطة التحكيم لغايات النصوص المذكورة، إتفاق التحكيم بوجه عام، سواء ورد هذا الاتفاق في صيغة شرط تحكيم في العقد الأصلي، أو اتفاق منفصل عن ذلك العقد ولكن قبل وقوع النزاع، أو مشارطة تحكيم يتم إبرامها بعد وقوع النزاع ولا يقصد به مشارطة التحكيم بالمعنى الضيق المشار إليه سابقاً. ويرجع ذلك، كما ذكرنا ، إلى أن التحكيم جائز ومقبول قانوناً ، حتى لو لم تبرم بشأنه مشارطة تحكيم، ما دام هناك شرط تحكيم .
ونستدل من هذه النصوص، أن المشرع في كل من سوريا وقطر وليبيا ، ربط رد المحكم باتفاق التحكيم والتفسير الحرفي للنصوص، يقودنا إلى القول بأنه لا يجوز رد المحكم لأسباب تحدث أو تظهر قبل إبرام اتفاق التحكيم. ومثال ذلك، أن يكون (أ) مستشاراً قانونياً لـ (ب) وكان (ج) يعلم بذلك. وفيما بعد أبرم عقد بين (ب) و(ج)، نص على إحالة المنازعات إلى التحكيم أمام هيئة تحكيم ثلاثية، يعين كل منهما محكماً عنه. قام (ب) بتعيين (أ) محكما عنه وأبلغ (ج) بذلك. في هذا المثال، قد يذهب رأي إلى أنه لا يجوز لـ (ج) ردّ (أ)، لأن سبب الرد بل والعلم به يرجعان إلى ما قبل إبرام وثيقة (اتفاق) التحكيم إستناداً لظاهر النصوص كما ذكرنا.
ولكننا لا نؤيد هذا التفسير الحرفي، إذ كيف يمكن لـ (ج) رد المحكم (ب) ولم يتم تعيين الأخير بعد ؟ بل لم يكن معروفاً . اتفاق التحكيم لكل من (ب) و (ج) ، أن هناك نزاعاً سينشأ بينهما في المستقبل، وأن (ب) سيعين (أ) محكماً عنه ؟ ومع ذلك، نقول بسقوط حق (ج) بالرد؟ لذلك نرى بأن التفسير المنطقي للنص والذي يتماشى مع روحه، يقتضي إعطاء (ج) الحق برد المحكم (أ) خلال المدة المحددة لذلك، من تاريخ تعيين (أ) محكماً ما دام (ج) كان يعلم بسبب الرد مسبقاً. أما إذا كان لا يعلم به، فالعبرة في الرد عندئذ ليس لوقت حدوثه، ولا لظهوره للعيان، وإنما بالعلم الحقيقي لطالب الرد بهذا السبب . وحسب القواعد العامة، فإن الأصل افتراض عدم العلم بذلك، وعلى من يدعي العكس إثباته .
والشيء ذاته يقال بالنسبة للقانون السعودي، حيث نصت المادة (11) من نظام التحكيم، بأنه لا يجوز رد المحكم، إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد إيداع وثيقة التحكيم، لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ونعود ونقول ثانية، بأنه من المفروض أن يكون الوقت المعتبر لسبب الرد ، هو العلم بهذا السبب من قبل صاحب الشأن، وليس لوقت حدوث أو ظهور سبب الرد بعد إيداع وثيقة التحكيم. فلو كان سبب الرد قد حدث وظهر للجميع قبل الإيداع، باستثناء طالب الرد الذي لم يعلم به إلا بعد الإيداع، فمن المفروض أن يشكل هذا قاعدة سليمة لرد المحكم.
وباختصار، نرى بأن العبرة برد المحكم بعد تعيينه في كافة القوانين العربية محل البحث، لعلم طالب الرد بسبب هذا الرد. وتبدأ المدة المنصوص عليها قانوناً لطلب الرد من تاريخ إبلاغ طالب الرد بتعيين المحكم، إذا كان سبب الرد معلوماً له قبل التعيين، أو من تاريخ علمه به، إذا كان هذا العلم لاحقاً للتعيين، بالرغم من عدم وضوح بعض النصوص القانونية حول هذه المسألة.