بعد بداية إجراءات التحكيم المؤسسي قد تطرأ بعض الظروف التي تستوجب تغيير أو إحلال المحكم. هذه الظروف قد تعود لطبيعة النزاع نفسه أو للأطراف المتنازعة أو الأسباب تتعلق بالمحكم. ومهما كان السبب ومبرراته إلا أن طبيعة التحكيم المستعجلة تستوجب اتخاذ الإجراءات السريعة لتكملة عملية التغيير أو الإحلال حتى يستمر التحكيم لنهاياته وفق الفترة الزمنية المقررة قانوناً.
لقد أولت غرفة محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس اهتماماً خاصاً بإجراءات هذا التغيير وحالاته وما يجب أن يتم إحداث التغيير، ولقد أفردت مواداً معينة وعدلتها في نظامها للتعامل مع تغيير المحكم. أكثر الحالات التي يتم فيها تغيير المحكم تعود لأسباب متعلقة بالمحكم نفسه لأنه قد يتوفى أثناء سير إجراءات التحكيم، أو قد يتعرض لمسائل أخري يجد نفسه فيها مضطرا لتقديم استقالته لأسباب شخصية كالمرض مثلاً أو لأسباب مهنية أو غير ذلك، أو قد يتبين عدم مقدرة المحكم في القيام بالتحكيم أو فشله الواضح مما يدل على عدم وجود المقدرة الفنية اللازمة أو مخالفة الأنظمة المتبعة مما يضطر أطراف النزاع للمطالبة بالإنهاء الفوري لمهمته بسبب عدم المقدرة.
ففي مثل هذه الحالات، واستنادًا على النظام، يجوز لمحكمة التحكيم وبوازع من نفسها التدخل لتغيير المحكم، وبموجب هذا التغيير والاحلال يجوز لمحكمة التحكيم اعادة تشكيل هيئة التحكيم الملائمة التغيير الذي حدث وكذلك توضيح الإجراءات المترتبة على التغيير مثل المدة المقررة لتكملة التحكيم والمكان والزمان وخلافه.
من المسائل التي تستدعي اعتباراً خاصاً من محكمة التحكيم تلك الحالات التي يتقدم فيها المحكم باستقالته للأسباب التي يراها وآثار هذه الاستقالة على مجريات التحكيم، وهل تقوم المحكمة بنفسها بقبول هذه الاستقالة أو أخذ موافقة أطراف النزاع؟ وقد يكون الأمر سهلا وسريعاً خاصة إذا اتفق أطراف النزاع على مبدأ الاستقالة - أو إنهاء مهمة المحكم - ولكن عدم الاتفاق فيما بينهما يتطلب من المحكمة الحرص والعدل في الإجراءات التي تتخذها، مع ضرورة الاهتمام بعامل الزمن حتى يتم إنجاز الأمر سريعا.
ولكن في جميع الأحوال، يجوز لهذا الطرف القيام باتخاذ إجراءات (رد المحكم الاحداث التغيير أو الاحلال بعد استنفاذ وقبول إجراءات الرد، وكما يتبين فان (الرد) ضروري في مثل هذه الحالات لأنه أمر مختلف تماما عن المطالبة بالتغيير أو الاحلال.
يجوز للمحكم، بصفة عامة، تقديم استقالته وعند قبولها بالطبع يتم التغيير والاحلال ولكن هل يجوز للمحكم تقديم استقالته في أي وقت والمطالبة بتغييره واحلاله؟ خاصة إذا وصل التحكيم لمراحل متقدمة ونهائية أو أن تقديم الاستقالة قد يكون (متعمدا) ومن غير (حسن نية) ويسبب أضراراً بالتحكيم أو أحد الأطراف أو حتى مركز التحكيم.
ولمعالجة هذا الوضع فان نظام تحكيم محكمة غرفة التجارة يشترط نظر المحكمة في أمر الاستقالة واصدار قراراً محدداً بشأنها، وهذا يعني عدم نفاذ أثر الاستقالة إلا بعد قرار المحكمة. وهنا نلاحظ اختلافاً واضحاً مع قانون (تحكيم اليونسيترال النموذجي) الذي لا يشترط الحصول على قرار بقبول الاستقالة أو الموافقة عليها حتى تصبح الاستقالة سارية، بالرغم من بعض المحاولات بتعديل القانون النموذجي في هذا الخصوص إلا أنها لم تنجح استناداً إلى مفهوم أن القانون النموذجي يضع إطاراً عاماً ويترك التفاصيل لاتفاق وإرادة الأطراف.