من الامور التي تتدخل فيها المحكمة اثناء اجراءات التحكيم هي حالة طلب احد اطراف النزاع رد احد المحكمين او عزله وهذا ما نصت عليه المادة (١٤٦٣) من القانون الفرنسي . كذلك نصت المادة (٢٦١) من قانون المرافعات العراقي على انه :
1- يجوز رد المحكم لنفس الاسباب التي يرد بها الحاكم ولا يكون ذلك الا لاسباب تظهر بعد التعيين.
2- يقدم طلب الرد إلى المحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع وقرارها في ذلك غير قابل للطعن».
أما عن عزل المحكم فلا يتم الا باتفاق اطراف النزاع ولكن بعض قوانين المرافعات تنص على ان عزل المحكم قد يكون بحكم من القضاء ايضا وهذا ما جاء في المادة ٧٤٩ من القانون الليبي حيث جاء فيها لا يجوز عزل المحكمين الا بتراضي الخصوم جميعا او بحكم من القضاء بناء على طلب احد الخصوم بعد سماع الطرف الاخر والمحكم او بناء على طلب جميع الخصوم. ويصدر القاضي قرارا برفض الطلب او قبوله غير قابل للطعن، ولا يجوز ردهم الا لاسباب تحدث او تظهر بعد مشارطة التحكيم، ويرد المحكم او يطلب عزله لذات الاسباب التي يرد بها القاضي او يعتبر غير صالح للحكم ولا يقبل طلب الرد او العزل اذا صدر حكم المحكمين او حجزت القضية للحكم».
اما القانون السوري فقد حصر عزل المحكم بتراضي الخصوم جميعا (المادة ٥١٥) اما عن رد المحكم فقد نصت المادة (٥١٦) على ان الرد يطلب من المحكمة المختصة ولكن حددت ميعادا لذلك وهو خمسة ايام من يوم اخبار الخصم بتعيين المحكم وسبب تحديد المدة هو لتفويت الفرصة على الخصم عندما يريد تعطيل اجراءات التحكيم وكسب الوقت ويعاب على هذا النص تحديد مدة لطلب الرد ففي هذه الحالة لا يبقى للطرف الذي كان يريد رد المحكم الا ان يطعن في حكم التحكيم، لاسباب تجعل المحكم غير محايد في حكمه. وقد تدارك القانون الكويتي هذا الأمر يا (۱۷۸) منه بنص يماثل نص القانون السوري ولكنه اضاف بأن طلب الرد يمكن ان يكون ايضا من تاريخ حدوث سبب الرد او علم طالب الرد به اذا كان تاليا لاخـبـاره بتعيين المحكم.
وهناك قوانين لم تحدد مدة لتقديم طلب الرد فيمكن لاي طرف من اطراف النزاع ان يطلب رد او عزل المحكم منذ تعيينه ولحين اصدار حكم التحكيم اما بعد اقفال باب المرافعة أو صدور الحكم فلا يجوز طلب الرد او عزل المحكم وجدير بالذكر ان نشير إلى ما جاء في المادة (۱۱) من قانون التحكيم الاردني حول اقالة المحكم المهمل او السيء السلوك بناء على طلب احد الفريقين وهي حالة من حالات العزل فقد جاء في المادة المذكورة «اذا اساء احد المحكمين او الفيصل (الرئيس) سلوكه او اهمل قصدا العمل بمقتضى اتفاق للتحكيم بعد ان طلب اليه ذلك احد الفريقين كتابة يجوز للمحكمة ان تقيله وتعين خلفا له اذا لم يقم بذلك الفريق الذي عينه او المحكمون الذين عينوه.
هذا عن نصوص القوانين الوطنية التي تعطي الحق للخصم ان يطلب من القاضي رد المحكم او عزله. ومن جهة أخرى نجد بعض قواعد التحكيم الدولية تعالج أيضا مسألة رد او عزل المحكمين فمثلا قواعد الغرفة التجارية الدولية قد نصت في الفقرة الثامنة من المادة الثانية من القواعد النافذة منذ ۱۹۸۸/۱۱/۱ على أن «طلب الرد المستند على الادعاء بعدم توافر الحيدة او لاي سبب اخر يكون تقديم الطلب المذكور بارساله إلى الامانة العامة للمحكمة - محكمة التحكيم ببيان مكتوب يتضمن على الوقائع والظروف التي يستند عليها الطلب».
والطلب الخاص بالرد يجب ان يقدم خلال ثلاثين يوما من ابلاغ الطرف صاحب الطلب بتعيين المحكم او خلال ثلاثين يوما بعد علم الطرف الذي قدم الطلب بالاسباب والظروف التي ادت إلى تقديم الطلب المذكور.
وهنا نجد ان الفقرة التاسعة من المادة المذكورة تجعل محكمة التحكيم التابعة للغرفة هي المختصة بالنظر في الطلب. كذلك الحال مع قواعد التحكيم التي وضعتها الاونسترال فهي قد فصلت في اسباب كيفية رد المحكمين ولم تجعل البت في ذلك من اختصاص القضاء بل جعلت الامر متروكا للمحكم الذي يراد رده لكي يتنحى او ان سلطة التعيين هي التي تكون مختصة في اصدار قرار الرد (المواد ۱۰، ۱۱، ۱۲).
ويلاحظ ان القانون السويسري الجديد قد جاء بنص واضح بهذا الخصوص فبعد ان حدد اسباب الرد في المادة (۱۸۰) اضاف في الفقرة الثالثة . من المادة المذكورة قوله بأنه في حالة عدم اتفاق الطرفين على اجراءات الرد فإن القاضي المختص في مكان هيئة التحكيم هو الذي له القرار النهائى في الموضوع. هذه هي اهم حالات تدخل القاضي اثناء اجراءات التحكيم وقد وجدنا في قانون الامارات العربية المتحدة للمرافعات، نصا يجيز للمحكم ان يطلب الرأي والفتوى من قبل القاضي حيث نصت المادة (۸۹) على انه (يجوز للمحكمين اذا وافقت المحكمة ان يطلبوا فتواها من اي موضوع معروض امامها للنظر فيه وتعتبر مثل هذه الفتوى جزءا من قرار المحكمين».
وهذا مثل اخر على تعاون القاضي مع المحكمين في تيسير عملية التحكيم.