الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / عوارض مهمة المحكمين / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / تعيين البديل

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    216
  • رقم الصفحة

    241

التفاصيل طباعة نسخ

تعيين البديل

وإذا انتهت مهمة أحد المحكمين قبل انتهاء التحكيم وإصدار الحكم لأي سبب، فلا ينقضي التحكيم، وإنما يتم تعيين البديل بذات الطريقة التي تم ، أو كان يتوجب فيها تعيين المحكم الأصيل، حتى لو لم يكن هناك نص قانوني بذلك، ما لم يتفق الأطراف في أي وقت قبل تعيين البديل، على غير ذلك. وقد جرى العمل في التحكيم على ذلك، لدرجة القول أن هذا الأمر يعتبر من الأعراف التحكيمية، وهو ما أخذت به القوانين الحديثة في التحكيم . فلو كان المحكم الأصيل الذي انتهت مهمته معيناً من أحد الطرفين أو كليهما، يعطى ذلك الطرف الفرصة لتعيين المحكم البديل. فإذا استنكف الطرف المعني منهما عن تعيين المحكم أو عن المشاركة في تعيينه، تعينه المحكمة المختصة، ما لم يتفق الطرفان على وسيلة أخرى للتعيين ولو كان المحكم الأصيل معيناً من سلطة التعيين (جمعية المهندسين

مثلاً)،تكون هذه السلطة، هي صاحبة الاختصاص بتعيين البديل. ولكن لو أن تعيين المحكم الأصيل، كان يجب أن يتم أساساً بإتفاق الطرفين، ولم يتفقا على ذلك، أو بإرادة أحدهما المنفردة إلا أنه استنكف عن تعيين المحكم، بحيث عينته المحكمة حسب القانون ، نرى أن يعطى الطرفان أو الطرف المعني، حسب الأحوال، الفرصة لذلك. فإذا لم يتم تعيين المحكم على هذا النحو، عندئذ تقوم المحكمة بتعيينه.

وعلى ذلك، فإن انتهاء مهمة المحكم قبل الحكم لا يعني، كمبدأ عام انتهاء التحكيم وإنما بقاؤه مع وجوب تعيين البديل. إلا أن القانون اللبناني تضمن في المادة (781) حكماً مغايراً، بالنص على أن خصومة التحكيم تنتهي في هذه الحالة ويفهم من القانون اللبناني أن خصومة التحكيم تنقضي بانتهاء مهمة المحكم المنفرد أو احد المحكمين، لو كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم. ومثال ذلك، أن يكون عدد أعضاء الهيئة ثلاثة محكمين، ويتم رد أحدهم في هذا المثال، تنقضي خصومة التحكيم كلها. ويرجع ذلك إلى اعتبار هيئة التحكيم كلاً لا يتجزأ ، بحيث لا يقوم التحكيم دون وجود كامل أعضاء الهيئة بصرف النظر، مثلاً، عن جواز صدور الحكم بالأغلبية، وهي مسألة أخرى لا علاقة لها بسير التحكيم من هذه الناحية ، ووجوب تواجد كل المحكمين في العملية التحكيمية.

والنص في القانون اللبناني غير عملي، ويؤدي إلى انقضاء التحكيم كاملاً، بما في ذلك اتفاق التحكيم، لمجرد انتهاء مهمة أحد المحكمين لأحد أسباب انتهاء المهمة. إلا أن النص حاول تلافي ذلك بالقول "مع الاحتفاظ بما قد ينص عليه أي اتفاق خاص بين الخصوم". ومثل هذا الاتفاق الخاص، قد يرد في اتفاق التحكيم ذاته، أو في أي اتفاق أخر سابق على انتهاء مهمة المحكم، بما في ذلك الاتفاق في محضر التحكيم. وقد يحدد الاتفاق هذه الأسباب بالقول، مثلاً، باستمرار الخصومة حتى في حال عزل المحكم أو رده أو تنحيه أو وفاته. ولكن لا يشترط ذلك، بل يجوز أن يكون الاتفاق عاماً، كالقول مثلاً أن خصومة التحكيم تبقى قائمة، حتى لو انتهت مهمة المحكم لأي سبب قبل إصدار حكم التحكيم. ومن أمثلة ذلك أيضاً، اتفاق الأطراف على التحكيم المؤسسي، بافتراض أن قواعد التحكيم لديها تنص على بقاء شرط التحكيم، بالرغم من انتهاء مهمة المحكم لأي سبب قبل إصدار الحكم. 

وأبعد من ذلك نرى استمرار التحكيم في هذه الحالة بالرغم من عدم وجود اتفاق صريح ، وقصر تطبيق النص على الحالة التي يتم فيها تعيين المحكم لشخصه دون سواه، وأن يفسر نص المادة (781) المذكورة بأنه يعني ذلك  ، أو ما يسمى بالتفسير، بأن هـذا هـو مـا قصده المشرع ومثل هذا التفسير يتماشى مع قوانين وقواعد التحكيم ، واجتهاداته القضائية المستقرة. 

وانتهاء مهمة المحكم بالرد أو التنحي أو العزل، يفترض بداهة أن المحكم لم يصدر الحكم النهائي بعد. وبعد إصدار هذا الحكم، تكون مهمته قد انتهت نهاية طبيعية، فلا يجوز رده أو عزله، كما لا يتصور تنحيه . ولكن هناك حالات ، يعود فيها المحكم إلى منصة الحكم ثانية بعد إصدار الحكم النهائي، حسب بعض القوانين وذلك بقرار من المحكمة عند النظر في تصديق الحكم أو إبطاله، حيث أجازت هذه القوانين إعادة الحكم للمحكمين للنظـر بـأمر معين. وسنعود لهذه المسألة ثانية عند الحديث عن الطعن بالحكم.

ونشير هنا إلى أن المحكم الذي يعود ثانية لمنصة الحكم على هذا النحو، تطبق عليه في المرحلة الجديدة، كل أسباب انتهاء مهمته من رد وتنحي وعزل. فالأحكام الخاصة بانتهاء المهمة، لم يفرق فيها المشرع بين وضع وآخر. المهم في هذا الشأن أن المحكم موجود على منصة التحكيم، يمارس عمله كمحكم في القضية المعروضة عليه، سواء تم ذلك قبل إصدار الحكم، وهذا هو الأصل، أو استثناء بعد صدور الحكم في قوانين بعض الدول.