المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة هيئات ومنظمات التحكيم الدائمة / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / تعيين المحكمين الدوليين عن طريق هيئات التحكيم الدولى الدائمة أو شخص من الغير
تعيين المحكمين الدوليين عن طريق هيئات التحكيم الدولى الدائمة أو شخص من الغير
إذا لجأ الطرفان إلى هيئة تحكيم دولى دائمة، وهو إختيار إرادى بطبيعة الحال، فإنهما يخضعان لآلية هذه الهيئة فى تعيين المحكمين، وغالباً ما تتفاعل إرادة الطرفين مع تلك الآلية هذا التعيين، وذلك على نحو ماهو مقرر فى نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس.
فوفقاً للمادة الثانية من نظام الغرفة تتولى هيئة التحكيم الدائمة بالغرفة تعيين المحكمين أو تثبتهم وفقاً للقواعد المبينة في هذه المادة مالم يخرج عليها الطرفان كلياً أو جزئياً مراعيــــة جنسية المحكمين أو تبعيتهم أو محل إقامتهم بالنسبة للبلدان التي ينتمى إليها الطرفان أو المحكمون (الفقرة الأولى) . فإذا اتفق الطرفان على أن يفصل في النزاع محكم واحد فلهما تعيينه بإتفاق يعرض على الهيئة لإقراره . فإذا لم يتفقا خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغ الطرف الآخر طلب التحكيم قامت الهيئة بتعيين المحكم الفقرة الثالثة . وإذا اتفق الطرفان على تعيين ثلاثة محكمين قام كل طرف - في طلب التحكيم وفي الرد عليه - بتعيين محكم مستقل عنه ويعرض على الهيئة لتثبيته، فإذا امتنع أحد الطرفين عن تعيين محكم قامت الهيئة بتعيينه، وتتولى الهيئة تعيين المحكم الثالث الذى تعهد اليه رئاسة محكمة التحكيم مالم يكن الطرفان قد خولا المحكمين المعينين منهما إختيار المحكم الثالث خلال مهلة محدده وفي هذه الحالة تتولى الهيئة تثبيت المحكم الثالث ، فإذا تعذر إتفاق المحكمين المعينين من الطرفين عند إنقضاء المهلة التي حددها الطرفان أو الهيئة قامت الأخيرة بتعيين المحكم (الفقرة الرابعة).
هذا، وإذا لم يكن الطرفان قد اتفقا على تحديد عدد المحكمين قامت الهيئة بتعيين محكـ واحد مالم تقدر أن النزاع يبرر تعيين ثلاثة محكمين، وفى هذه الحالة تعطى الطرفان مهلة خمسة عشر يوما لتعيين المحكمين (الفقرة الخامسة) . فإذا عهد بتعيين المحكم أو رئيس محكمة التحكيم إلى الهيئة قامت بإختيار اللجنة الوطنية لغرفة التجارة الدولية وطلبت منها ترشيحه. فإن لم يكن ثمة لجنة وطنية للبلد المذكور كان للهيئة ملء الحرية فى إختيار الشخص الذى تراه لائقاً (الفقرة السادسة). ويتضح من ذلك أن نظام غرفة التجارة الدولية يخول للطرفين حرية كبيرة في إختيار المحكمين، فإذا اضطلع الطرفان بتعيينهم اقتصر دور هيئة التحكيم بالغرفة على تثبيتهم، أما إذا لم يتم تعيين المحكمين - كلهم أو بعضهم من قبل الطرفين أو أحدهما تولت الهيئة هذا التعيين مع الإستعانة عند اللزوم بشخص من الغير يقوم بترشيح المحكم أو المحكمين ، ويتولى هذا الترشيح - وفقاً لنظام الغرفة - اللجنة الوطنية لغرفة التجارة الدولية. وهكذا تتميز بآلية تحكيم الغرفة بحرصها على الإعتداد بإرادة الطرفين وتفاعلها مع إرادة هيئة التحكيم في ضمان تحكيم عادل وفعال وحلول إرادة هذه الهيئة محل إرادة الطرفين أو أحدهما إذا وقفت عقبة أمام تعيين المحكم أو المحكمين الذين تتكون منهم محكمة التحكيم.
بيد أنه إذا كان نظام غرفة التجارة الدولية لا يقرر لجوء هيئة التحكيم للغير عند اللزوم اللجنة الوطنية للغرفة إلا من أجل ترشيح محكم تتولى الهيئة تعيينه فإن الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولى الصادرة في جنيف عام ١٩٦١ تسند سلطة تعيين المحكم أو المحكمين عند اللزوم، إلى شخص من الغير هو رئيس الغرفة التجارية في الدولة التي يوجد بها الموطن المعتاد للطرف الذى لم يقم بتعيين المحكم الذي يمثله أو التى يوجد بها مركز إدارته، وذلك بناء على طلب الطرف الآخر وبشرط عدم وجود إتفاق مغاير بين الطرفين. هذا إذا كان الطرفان قد إختارا نظام التحكيم الحر، أما إذا كانا قد إختارا نظام التحكيم المؤسسي فإن تعيين المحكم أو المحكمين يتم وفقاً للقواعد التي يتضمنها هذا النظام
لكن أحياناً ما لاتلجأ هيئات التحكيم الدائمة إلى أشخاص من الغير سواء لترشيح المحكمين أو لتعينهم عند اللزوم، وهو الحال في نظام المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار المنشأ بإتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ ، حيث يتولى هذا التعيين بناء على طلب الطرف النشط وبالتشاور مع الطرف الآخر - رئيس مجلس إدارة المركز وذلك إذا لم يتم تشكيل محكمة التحكيم في المواعيد المقررة فى هذه الإتفاقية وأحيانا أخرى يخول النظام الدولي للطرفين حق اختيار شخص من الغير لإتخاذ إجراء معين قد يكون تعيين المحكم أو المحكمين، وذلك على غرار مانصت عليه المادة ٢/د من القانون النموذجي لتحكيم لجنة الأمم المتحدة من أنه حيثما يترك حكم من أحكام هذا القانون.... للطرفين حرية البت في قضية معينة تكون هذه الحرية شاملة حق الطرفين فى تفويض طرف ثالث، يمكن أن يكون مؤسسة في القيام بهذا العمل ويجوز أن يكون الطرف الثالث طبقا لهذا النص - شخصا طبيعيا أو هيئة تحكيم دائمة كهيئة تحكيم غرفة التجارة الدولية ويتميز هذا الحل بأنه ينسجم مع الطابع الإداري للتحكيم التجاري الدولي ويستجيب لحاجه هذا التحكيم لذوى الخبرة والدرايه في شئون التحكيم حيث عادة ما تتوافر هذه الخبرة والدارية في الطرف الثالث الذي يلجأ إليه الطرفين أو أحدهما لتعيين المحكم المناسب لطبيعة المنازعة وطبيعة العلاقة بين الطرفين.
- والخلاصة أن النظام الدولي للتحكيم التجارى يتبع ، في تعيين المحكمين، طرق تشابه - إن لم تطابق الطرق المتبعة فى النظام الوطني للتحكيم التجاري، حيث يعترف النظامان بحرية الطرفين في إختيار المحكم أو المحكمين الذين يمثلونهم في محكمة التحكيم. ومع ذلك يلاحظ أن النظام الدولي أحياناً ما يعترف للطرفين بحرية أكبر للطرفين، ومن جهة أخرى يلاحظ أن النظام الدولى كثيراً ما يراعى الطبيعة التجارية الدولية للمنازعة فيستعين عند تعيين المحكم أو المحكمين الذين لم يعينهم الطرفان ، بالغرفة التجارية الوطنية التى تتولى ترشيح هؤلاء المحكمين أو تعيينهم.